"كروة موتورز" يستهدف تصنيع 5 آلاف حافلة خلال خمس سنوات.. ونجاح إنتاج 35 مركبة عسكرية بمواصفات عالمية
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
◄ مفاوضات مع شركة سويسرية لإنتاج شاحنات تجارية تغطي السوق الخليجي
◄ المصنع قادر على إنتاج مركبتين عسكريتين في اليوم الواحد
◄ إحراز 85% من أهداف المصنع.. وبدء تحقيق الربحية بحلول 2028
◄ تصدير حافلات إلى السوق الأمريكي مزوّدة بهيكل خارجي من "الفايبر جلاس"
◄ تصاميم جاهزة للتحول إلى الحافلات الكهربائية.
. وندرس مدى نجاح التجربة
◄ استخدام 100 حافلة بتقنية متطورة خلال مونديال "قطر 2022"
◄ نشارك في المعارض العالمية للتعرف على أحدث التقنيات
◄ اختيار الدقم يساعد في سرعة تصدير الحافلات لمختلف الأسواق
◄ خطط لتوطين الصناعة وخلق فرص عمل متنوعة للشباب العُماني
◄ 3 ورش رئيسية للتقطيع واللحام والصبغ وتجميع المعدات والمحركات
◄ طلاء الحافلات يتم وفقًا لاختيار صاحب الطلب.. والصنفرة تستغرق 70 ساعة
◄ الحافلات قادرة على السير في مختلف الطرقات وتتحمل أقسى ظروف الطقس
الدقم- جابر الحرمي- بدر الدين مالك
تصوير/ أحمد بركات
كشف خالد العزري مدير عام الموارد البشرية وإدارة المرافق بمصنع كروة موتورز تفاصيل بدء إنتاج مركبات عسكرية والتي تأتي بناءً على طلبيات من دول عدة، منوهًا إلى إنتاج 35 مركبة عسكرية تتطابق مع المعايير الدولية.
وقال العزري- في حوار صحفي تنشره جريدة الرؤية وصحيفة الشرق القطرية- إن "كروة موتورز" يعد أحد أبرز الاستثمارات العُمانية القطرية المشتركة، التي تسهم في جعل منطقة الخليج وجهة جاذبة في مجال تصنيع الحافلات، مبينًا أن المصنع استطاع إنتاج 100 حافلة بتقنية متطورة تم استخدامها خلال كأس العالم "قطر 2022"، متوقعًا إنتاج 5 آلاف حافلة خلال السنوات الخمس المقبلة، بخلاف حافلات مخصصة للسوق الأمريكي ويبلغ عددها 300 حافلة، وسط توقعات بارتفاع الطلب الأمريكي مستقبلًا. وأكد أن المصنع يتمتع بقدرة إنتاجية تصل إلى مركبة أو مركبتين عسكريتين في اليوم الواحد.
وأضاف أن إنتاجية المصنع لا تقتصر على الحافلات المدرسية فحسب، إنما تمتد لإنتاج 4 أنواع من الحافلات، وأن كل الحافلات التي يتم إنتاجها بالمصنع تعكس أحدث المستجدات وآخر التطورات العالمية.
وإلى نص الحوار...
◄ حدثنا عن فكرة تنفيذ المشروع؟ وأبرز التحديات التي واجهتكم؟ وكم عدد الحافلات التي أُنتجت حتى الآن؟
◄◄ «كروة موتورز» أحد أبرز الاستثمارات الإستراتيجية بين سلطنة عمان ودولة قطر؛ لإنتاج الحافلات بمختلف أنواعها، بإجمالي استثمارات تصل إلى 71 مليون دولار، تساهم قطر منها بنسبة 70%، فيما يُسهم جهاز الاستثمار العماني بنسبة 30%، وتبلغ السعة الإنتاجية للمصنع 700 حافلة سنويًا من خلال مناوبة عمل واحدة، وترتفع إلى 1000 حافلة سنويًا بمناوبتي عمل، ويقام المصنع على مساحة 650 ألف متر مربع، ويوفر المصنع- الذي يقع في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بمحافظة الوسطى، 300 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، إضافة إلى إيجاد مشاريع متوسطة وصغيرة، وتتنوع خطوط إنتاجية المصنع بين إنتاج الحافلات العامة بأنواعها المختلفة، غير أن الشركة لا تقتصر معطياتها التشغيلية على إنتاج الحافلات فحسب؛ بل تمتد إلى صناعة المركبات العسكرية التي تلقى طلبًا كبيرًا من العديد من دول العالم نظرًا لجودتها وتصميمها الهندسي المواكب للمعايير العالمية.. وإنتاج الحافلات الجديدة التي تحمل العلامة التجارية «KARWA» والمكتوب عليها «صُنع في سلطنة عُمان»، قادرة على السير في مختلف الطرق وتتحمل أقسى ظروف الطقس.
وتبلورت فكرة إنشاء مصنع للحافلات قبل مونديال قطر 2022 بسنوات؛ لتزويد السوق القطري بعدد من الحافلات التي كان من المُخطط استخدامها في كأس العالم، وطُرحت عدة خيارات مناطقية لتنفيذ المشروع بدأت أولا باختيار منطقة صحار ثم اتجه الاختيار إلى صلالة، إلى أن استقر الأمر على تنفيذ المشروع في منطقة الدقم الاقتصادية؛ بهدف إنتاج حافلات ذات تكنولوجيا متطورة تخدم بإيجابية قطاع النقل في كلا البلدين الشقيقين. وفي عام 2016، تبلورت فكرة تنفيذ المشروع، وبدأ المهندسون المعنيون بتصميم الحافلات أعمالهم إضافة الى مجهودات الاستشاري، وفي نهاية العام 2018، انتهت المرحلة الأولى للمشروع من حيث التصميم وغير ذلك من الإجراءات الإنشائية. ومن ثم تم البدء في طرح المناقصات لإيجاد مقاول لإنشاء المشروع وفق مواصفات عالمية، وبعد فترة وجيزة بدأت العمليات التشغيلية لتسوية الأرض وتجهيز الموقع. ورغم قلة عدد العاملين في المشروع إلّا أنه تم إنجاز المشروع في الربع الأخير من العام 2021، وجرى التعاقد مع شركة هايجر من الصين كشريك تكنولوجي ومورِّد للأدوات والمعدات. وفي بداية عمل المشروع واجهتنا عدة تحديات أبرزها انتشار جائحة كورونا (كوفيد-19) ما تسبب في تأخير وصول قطع الغيار ومكونات الحافلات والمعدات، وآليات عمل المصنع المختلفة، ورغم هذا التحدي إلا أن أعمال المصنع التشغيلية لم تتوقف واستمرت عجلة الإنتاج. وبموجب هذه الجهود تمكن المصنع في نوفمبر 2021 من تنفيذ النماذج الأولية للحافلات، وفي نفس الشهر أنتج المصنع 100 حافلة بتقنية متطورة، من أجل استخدامها خلال كأس العالم "قطر 2022".
◄ لماذا اختيرت منطقة الدقم لإنشاء المصنع؟ وما مدى استفادة المصنع من ميناء الدقم والدور الذي يؤديه في تنشيط المنطقة اقتصاديًا؟
◄◄ وقع الاختيار على المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم لإنشاء المشروع، بناءً على دراسات ورؤية اقتصادية متكاملة، لكن من أبرز أسباب الاختيار قرب المصنع وسهولة الوصول إلى ميناء الدقم؛ الأمر الذي يُقلل من زمن الشحن والجهد المطلوبين في عمليات نقل المواد الخام والتصدير السريع للحافلات إلى مختلف الأسواق العالمية، إضافة الى سرعة تخليص المواد والآليات وقطع الغيار وتقليل التكاليف ووقت التخزين. ومن بين أسباب الاختيار أيضًا أن منطقة الدقم منطقة واعدة وتزخر بالعديد من المساحات الواسعة التي تتيح إنشاء العديد من الخدمات المساندة للمصنع. ومصنع كروة موتورز سيساهم في انتعاش منطقة الدقم اقتصاديًا واستيعاب العديد من الشباب العُماني للعمل في المصنع.
◄ هل يقتصر إنتاج المصنع على الحافلات المدرسية فقط أم هناك أنواع أخرى يتم إنتاجها؟ وما مواصفاتها؟
◄◄ إنتاجية مصنع كروة موتورز لا تقتصر على الحافلات المدرسية فحسب؛ إنما تمتد لإنتاج 4 أنواع من الحافلات؛ أولها: الحافلات المدرسية بطول 8.99 متر وعرض 2.45 متر وارتفاع 3.36 متر، إضافة الى حافلات النقل العام التي يبلغ طولها 12 مترًا وبعرض 2.55 متر وارتفاع 3.15 متر، علاوة على الحافلات السياحية التي يصل طولها إلى 12 مترًا بعرض 2.50 متر وارتفاع 3.61 متر، فضلًا عن حافلات النقل العام داخل المدن التي يبلغ طولها 10.74 متر وبعرض 2.55 متر وارتفاع 3.40 متر. وأود أن أوضح أن كل الحافلات التي يتم إنتاجها في المصنع تعكس أحدث المستجدات وآخر التطورات العالمية المعنية بإنتاج السيارات وخاصة الحافلات.
◄ كم تبلغ مساحة المصنع المُستغلة حاليًا؟ وكم يبلغ عدد الموظفين؟ وما نسبة التعمين في المصنع؟
◄◄ مساحة البناء الإجمالية الحالية تقدر بنحو 37 ألف متر مربع، وإجمالي الطرق بمساحة 7 كيلومترات مع إنارة داخلية. أما فيما يخص محطات الخدمات المساندة؛ فهناك محطة التكييف المركزي، ومحطة معالجة المياه المستخدمة في الصناعة، ومحطة التزويد بالغازات المسالة وغاز ثاني أكسيد الكربون، ومحطة ضبط الجودة وفحص المركبات. أما محطات محولات الكهربائية الداخلية فيوجد بالمصنع 8 محولات كهربائية مُقسّمة داخل المنشآت ومرافق المصنع؛ حيث يبلغ إجمالي سعة الطاقة 6 ميجاوات. ومن المرافق أيضًا مسارات داخلية لفحص المركبات بطول مسار 1.2 كيلومتر، ومركز فحص داخلي للسرعة، ومركز فحص العزم وصوت المحرك، ومركز فحص تسريب المياه والهواء، ومحطة للتزود بالوقود بمختلف أنواع الوقود، وتصل سعة المحطة 50 ألف لتر.
ويبلغ عدد العاملين في المشروع حاليًا 205 عاملين، ونوفر في المصنع فرص عمل فنية وإدارية لعدد كبير من الشباب العماني المتخصصين في هذا المجال؛ حيث يشكل العمانيون أكثر من 22% من قوة العمل، ومن المقرر أن تزيد هذه النسبة تبعًا للتوسعات التي يشهدها المصنع مستقبلًا.
◄ كم عدد ورش المصنع؟ وكم تبلغ المساحة الداخلية المستهدفة للتوسعات المستقبلية؟
◄◄ هناك مساحات للامتداد الداخلي المستقبلي تصل الى 24 ألف متر مربع، علمًا بأن المساحة المستغلة حاليًا تمثل 60% فقط من إجمالي المساحة الكُلية. وللمصنع خطط موضوعة للتوسع مستقبلًا وليس لديه مشكلة في المساحة.. أما فيما يخص عدد الورش العاملة في المصنع؛ فالمصنع يضم 3 ورش رئيسية؛ هي: ورشة التقطيع واللحام، وورشة الصبغ، وورشة تجميع المعدات والمحركات، وعندما يؤكد المهندسون أن الحافلة أصبحت جاهزة يتم اختبار إمكاناتها في ساحة الفحص المخصصة لذلك.
◄ هل للمصنع خطوط إنتاج أخرى غير الحافلات؟ وما هي الأسواق المستهدفة لذلك؟
◄◄ تنوّعت إنتاجية المصنع خلال الفترة الماضية؛ حيث بدأ المصنع في إنتاج المركبات العسكرية؛ وهي مركبات يتم إنتاجها حاليًا وفقًا لطلبات من ألمانيا والعراق وجورجيا، ويتم تصنيعها بمواصفات ذات تقنية تتحمل الأوزان الثقيلة. وقد أنتجنا 35 مركبة عسكرية حتى الآن، وهذه المركبات العسكرية مطابقة تمامًا للمواصفات العالمية.
أما بخصوص القدرة الإنتاجية للمركبات العسكرية؛ فالمصنع يتمتع بقدرة إنتاج مركبة أو مركبتين عسكريتين في اليوم الواحد. وهناك دراسة ومفاوضات مع شركة سويسرية لتعزيز خطوط إنتاج المصنع بإنتاج شاحنات تجارية تغطي احتياجات السوق الخليجي.
◄ ما آليات وسبل التسويق لإنتاج المصنع؟ وهل تشاركون في المعارض العالمية للتعريف بجودة إنتاجكم؟
◄◄ التسويق والترويج لإنتاجية المصنع من الجوانب المهمة التي نوليها اعتبارًا خاصًا ونهتم بها كثيرًا، والمصنع يضم فريق تسويق متكامل، يتولى مهمة تعريف العالم بإنتاجيته وبدوره الكبير في جعل منطقة الخليج العربي رائدة في صناعة الحافلات والمركبات ذات التقنية العالية والجودة القيمة.. والمصنع يسعى دائمًا إلى تعزيز هذا الفريق من خلال رفده بنخبة من المتخصصين العالميين في مجال التسويق.
أما فيما يخص المشاركات في المعارض والملتقيات الترويجية العالمية؛ فالمصنع يضع على جدول اهتماته، المشاركة الفاعلة في مختلف المعارض المعنية بصناعة السيارات؛ لإطلاع الشركات العالمية بمنتجات المصنع، والالتقاء بالنظراء العالميين من شركات ومصنعين لتبادل الأفكار والمعلومات والخبرات؛ فضلًا عن التعرف على أحدث التقنيات وآخر التطورات ذات الصلة بصناعة السيارات بمختلف أنواعها.
◄ ما طبيعة المواصفات التصنيعية للحافلات لكي تتلاءم مع البيئة الخليجية؟
◄◄ الحافلات جميعها ذات مواصفات وتصاميم قياسية خليجية ودولية، وهي قادرة على السير في مختلف الطرق، وتتحمل أقسى ظروف الطقس.
◄ ما تقييمك لأداء المصنع بعد مرور نحو عامين على افتتاحه؟ وهل حقق الأهداف المنشودة منه؟
◄◄ "كروة موتورز" من المصانع المتميزة جدًا في تجميع وإنتاج الحافلات والمركبات العسكرية، ومستقبلًا الشاحنات التجارية، ونسبة نجاح المصنع 100%، رغم التحديات الكبيرة التي واجهته منذ بداية أعماله التشغيلية. والدليل على نجاح المصنع ووصوله إلى الأسواق المستهدفة بإيجابية. واستطاع المصنع حاليًا تحقيق الأهداف المرسومة له بنسبة تتجاوز 85% وسوف يصل إلى 100% قريبًا جدًا؛ نظرًا لأنَّ المصنع يسير في الطريق الصحيح؛ سواءً من حيث الإنتاجية أو من حيث تلبية الطلبيات، ومن المتوقع أن يحقق المصنع ربحية متميزة بحلول العام 2028.
◄ ما هي أبرز أهداف مشروع كروة موتورز التي يسعى إلى تحقيقها؟
◄◄ نعمل على أن يحتل المصنع مكانة متقدمة على خارطة صناعة السيارات العالمية، كما نستهدف نقل تقنية صناعة الحافلات إلى سلطنة عمان، وخلق مشاريع صغيرة ومتوسطة مساندة لأعمال المصنع وتوطين الصناعة؛ للإسهام في تحقيق التنمية وفرص عمل في قطاع صناعة الحافلات. وفي هذا الإطار نتعاون بشكل كبير مع الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج الحافلات من خلال تزويدها لنا بالمحركات والبطاريات والمكيفات، وغير ذلك من قطع الغيار الدقيقة، ويتولى المصنع تصميم وتركيب الهيكل الخارجي.
◄ ما توقعاتكم للمستقبل، خاصة فيما يتعلق بالتصدير إلى الأسواق البعيدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية؟
◄◄ وفقًا لمُعطيات التشغيل الحالية للمصنع، نتوقع إنتاج 5 آلاف حافلة خلال السنوات الخمس المقبلة؛ بخلاف حافلات مخصصة للسوق الأمريكي والتي تبلغ 300 حافلة، ونتوقع ارتفاع الطلب الأمريكي مستقبلًا. وخطوط الحافلات الأمريكية وإنتاجها مختلفة عن باقي الحافلات؛ نظرًا لاشتراط السوق الأمريكي أن يكون الجسم الخارجي للحافلات من الفايبرجلاس (أي اللدائن المدعمة بألياف زجاجية)، ولذلك خصصنا ورشة كاملة لإنتاج الفايبرجلاس وفق أعلى المعايير التصنيعية، وتُنفذ عمليات الطلاء الخارجي والصنفرة وفق المواصفات العالمية. وما يؤكد حرصنا على الجودة، فإن عمليات الصنفرة للحافلة الواحدة تستغرق أكثر من 70 ساعة. وألوان الطلاء تُنفذ بناءً على اختيارات العميل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: المرکبات العسکریة الحافلات المدرسیة تنفیذ المشروع الحافلات التی على الحافلات متر وارتفاع 3 کروة موتورز فی المصنع فی مختلف مستقبل ا قطر 2022
إقرأ أيضاً:
مشروع صفر نفايات في تركيا.. 7 سنوات من النجاح
دشنت تركيا عام 2017 مشروع "صفر نفايات" بمبادرة من أمينة أردوغان عقيلة الرئيس التركي، لتضع أساسا لرؤية طموحة تهدف إلى تقليل التلوث البيئي وتعزيز الاقتصاد الدائري.
يستهدف المشروع تقليص حجم النفايات وإعادة تدويرها عبر تغيير السلوكيات المجتمعية، مع تحقيق مكاسب بيئية واقتصادية طموحة. فمنذ انطلاقه، شهد المشروع ارتفاع معدل إعادة التدوير من 13% عند إطلاقه إلى 35% في عام 2023، مع خطط للوصول إلى 60% بحلول عام 2035، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
والهدف من هذه الحركة هو تجنب إرسال القمامة إلى مكبات النفايات أو محارق النفايات أو المحيطات أو أي جزء آخر من البيئة، في خطوة تهدف لتقليل التلوث والحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال تقليل الطلب على المواد الخام.
كما أن هذا السيناريو يساهم في تقليل انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري المرتبطة بتحلل النفايات، ويقلل من التعرض للمواد الكيميائية الضارة في المنتجات التي تستخدم لمرة واحدة وللتغليف.
دشنت تركيا عام 2017 مشروع "صفر نفايات" بمبادرة من أمينة أردوغان عقيلة الرئيس التركي (الأناضول)ولم تقف حدود المشروع عند الداخل التركي، بل امتدت عالميا حين اعتمدت الأمم المتحدة يوما عالميا لـ"صفر نفايات" في 30 مارس/آذار 2023، استجابة لمقترح تقدمت به تركيا بدعم 105 دول، وهو ما أكد مكانة المشروع كمنصة للتعاون الدولي في مواجهة تحديات التغير المناخي، وجعله نموذجا يحتذى به للدول التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة.
إعلانوتقول المبادرة إنها تعتمد على 6 مبادئ وهي: منع الإسراف، وتقليل نسبة النفايات، وفصلها وتصنيفها، والاستخدام الإنتاجي للموارد الطبيعية، وجلب الفائدة للاقتصاد عبر إعادة التدوير. وأخيرا، ترك عالم نظيف وصالح للعيش للأجيال القادمة.
وفرعا لهذا المشروع، أطلقت تركيا برنامج "صفر نفايات زرقاء" في يونيو/حزيران 2019، لحماية البحار وموارد المياه وتنظيفها من أطنان النفايات التي تضر الكائنات التي تعيش في المياه وحماية الإنسان المستهلك من الأضرار التي قد تنجم عنه بسبب نفايات المياه.
7 قارات في 7 سنواتوفي 27 سبتمبر/أيلول الماضي، احتفل مشروع "صفر نفايات" التركي بمرور 7 سنوات على انطلاقه تحت شعار "7 قارات في 7 سنوات"، مؤكدا مكانته كواحد من أبرز المبادرات البيئية عالميا.
ووصفت السيدة الأولى في تركيا أمينة أردوغان، صاحبة المبادرة، المشروع بأنه "نسمة أمل للإنسانية"، مشددة على أن تركيا أصبحت رائدة في هذه "الصحوة البيئية" التي تهدف إلى بناء مستقبل مستدام.
وفي بيان أصدرته وزارة البيئة والتحضر والتغير المناخي التركية نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكدت أن المبادرة تسعى إلى "منع توليد النفايات من المصدر، وزيادة إعادة التدوير، وتحسين كفاءة الموارد".
وأشار البيان إلى أن 193 ألف مبنى في تركيا اعتمدت نظام إدارة النفايات الصفرية منذ إطلاق المشروع، بينما ساهمت المديرية العامة لبنك "إيللر" التركي في إنشاء 46 منشأة متخصصة لتخزين النفايات وفصلها ونقلها في أنحاء البلاد، وتم إعادة تدوير 60 مليون طن من النفايات حتى الآن.
كما أوضح البيان أن مرافق النفايات الصلبة في تركيا تفصل يوميا 9 آلاف طن من النفايات وتحولها إلى منتجات أو طاقة، مما يعكس نجاح المشروع في تحقيق مكاسب بيئية واقتصادية ملموسة.
وساهم مشروع "صفر نفايات" التركي منذ انطلاقه في تحقيق إنجازات بيئية واقتصادية غير مسبوقة، تمثلت في إنقاذ 498 مليون شجرة من القطع، وتوفير 819 مليون متر مكعب من المياه و127 مليون برميل من النفط، إضافة إلى منع انبعاث 5.9 ملايين طن من الغازات الدفيئة، بحسب بيانات الوزارة.
إعلانوعلى صعيد الطاقة، أسهم المشروع في توفير 2.6 مليار كيلووات/ساعة، واستعادة 185 مليار ليرة تركية إلى الاقتصاد عبر عمليات إعادة التدوير. كما وفر المشروع 104 ملايين متر مكعب من مساحة التخزين، مما يعكس تأثيره المباشر على تقليل العبء البيئي وتحقيق مكاسب اقتصادية مستدامة.
وعُقد الاجتماع الثالث للجنة الاستشارية رفيعة المستوى لمبادرة "صفر نفايات" التابعة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وشارك فيه أعضاء اللجنة إلى جانب عدد من الشخصيات الدولية المتخصصة في مجالات الاستدامة وإدارة النفايات.
وخلال الاجتماع، ناقش الأعضاء خطط تنفيذ مبادرات "صفر نفايات" على المستوى العالمي لعامي 2025-2026، مع التركيز على تعزيز الوعي البيئي وتقليل النفايات من المصدر.
وحاز المشروع على العديد من الجوائز الدولية المرموقة، في حين كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول الموقعين على إعلان النوايا الحسنة العالمي لصفر نفايات، تأكيدا على التزام تركيا الراسخ بقيادة الجهود البيئية على المستوى الدولي.
يستهدف المشروع تقليص حجم النفايات وإعادة تدويرها عبر تغيير السلوكيات المجتمعية (الأناضول) إهدار الغذاء أزمة ملحةمن جانبها، أكدت لارا فان دروتن، عضو المجلس الاستشاري لمبادرة "صفر نفايات"، في تصريحات لوكالة الأناضول، أن قطاع النفايات يمثل مصدرا رئيسا لانبعاثات غاز الميثان، وهو غاز أكثر تأثيرا على المناخ من ثاني أكسيد الكربون. وشددت على أهمية الحد من هذه الانبعاثات خلال العقدين المقبلين لتجنب الوصول إلى نقطة اللاعودة في تغير المناخ.
وأوضحت فان دروتن أن البنك الدولي يتوقع زيادة حجم النفايات عالميا بنسبة 73% بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2020، مشيرةً إلى أن النفايات العضوية، مثل بقايا الطعام ومخلفات الحدائق، تشكل الجزء الأكبر من النفايات التي تسبب انبعاثات الميثان.
إعلانووصفت فان دروتن مشكلة إهدار الغذاء بأنها "التحدي الأكثر إلحاحا في إدارة النفايات"، مشيرة إلى أن ثلث الغذاء المنتج عالميا يصبح نفايات. وقالت إنه إذا كانت نفايات الغذاء دولة، لكانت ثالث أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بعد الولايات المتحدة والصين. وأكدت أن التخلص من كيلوغرام واحد من نفايات الطعام يعادل انبعاثات 25 ألف زجاجة بلاستيكية. وأضافت: "إذا أردنا إحداث تغيير حقيقي، يجب أن نركز فورا على مشكلة نفايات الطعام".
في السياق، أكدت إيليف غوربوز، الإدارية في مشروع "صفر نفايات"، أن المبادرة تهدف إلى تحقيق بيئة مستدامة وتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية من خلال إعادة استخدام النفايات كموارد اقتصادية. وقالت: "نطمح للوصول إلى نسبة إعادة تدوير 60% بحلول عام 2035، وجعل تركيا نموذجا عالميا في إدارة النفايات بحلول عام 2053، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة".
وأضافت غوربوز في حديث لـ"الجزيرة نت"، أن المشروع يعزز الاقتصاد الدائري من خلال دمج النفايات في النظام الاقتصادي كمواد خام، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويوفر فرص عمل جديدة في قطاعات إعادة التدوير.
وفيما يتعلق بخطط التوسع، أشارت غوربوز إلى أن المشروع يستهدف قطاعات جديدة، مثل البناء والزراعة، مع التركيز على المناطق الريفية التي تعاني نقصا في البنية التحتية لإدارة النفايات.
وحول التحديات التي تواجه المشروع، أوضحت غوربوز أن أبرزها يتمثل في نقص البنية التحتية المناسبة في المناطق الريفية وصعوبة تغيير السلوكيات المجتمعية نحو إعادة التدوير، وأضافت: "نعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال توفير موارد إضافية، وتنظيم برامج توعية مكثفة، وتطوير حلول تقنية تناسب هذه المناطق".