بوابة الوفد:
2025-04-30@16:10:27 GMT

ظاهرة غير عابرة

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، أصبحت منطقة غرب ووسط أفريقيا، مُحَاطَة بـ«حِزام انقلابات عسكرية»، ما يجعل من الصعب توقع ما ستُسفر عنه الفترة القادمة من تحولات دراماتيكية في المشهد الأفريقي.

ما يحدث في القارة السمراء، يؤكد أن الانقلابات العسكرية باتت حَدَثًا منتظِمَ التكرار خلال العقود التي تلت الاستقلال، لكن ما نتابعه مؤخرًا ـ في أبعاده وحقيقته ـ ليس سوى امتداد لحالة «العدوى الانقلابية»، بانتظار «البيان الأول» في بلدان أخرى.

لعل أكثر ما يلفت الانتباه هو إصرار العسكريين الأفارقة على إحداث تغيير سياسي بالاستيلاء على السلطة، وعدم الاكتراث لسجل العقوبات التي فرضتها العديد من الدول الكبرى والمنظمات الإقليمية والدولية.

ما حدث في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر والجابون، يمكن اعتباره «ظاهرة غير عابرة»، تفرض واقعًا جديدًا، بتجاهل ردود الأفعال الدولية «المتطابقة» و«المتكررة»؛ لأن قادة الانقلاب يُدركون جيدًا أن تلك المواقف سرعان ما تتبدل.. فقط مسألة وقت، وسيتعاطى الغرب مع الواقع الجديد، وكأن شيئًا لم يكن!

نتصور أن ما تشهده منطقة غرب أفريقيا ووسطها، من انقلابات عسكرية متعاقبة، ربما يمثل رفضًا حقيقيًّا لانتهاج سياسات ظلت تسير عليها أنظمة ما بعد «الحِقبة الاستعمارية»، من اضطهاد سياسي وأخلاقي ونَهْب الثروات وتغلغل الفساد.

كما نعتقد بأنه ما جاع شعبٌ في أفريقيا أو أي مكان حول العالم، إلا وكان السبب المباشر هو نَهْب دول الاستعمار «الاحتلال» الغربي لمقدراته وثرواته، ومحاولاتها خَلْق الأزمات، لإبقائه تحت الفقر والفاقة والحروب والصراعات والاقتتال الداخلي، لكي تكون هي «المنقذ» للديمقراطية، و«الحامية» لحقوق الإنسان.

في تلك الدول الأفريقية التي لم تتحرر بشكل كامل من «الاحتلال» أو ما يُسمى «الاستعمار» الغربي، خصوصًا فرنسا ـ ينتشر فيها الفقر المدقع، كما تُعاني شعوبها الويلات، رغم أنها تكتنز من الثروات الطبيعية ما يجعل شعوبها تعيش في ترفٍ ورخاء، وفي مستوى معيشي يفوق الشعب الفرنسي ذاته.. فقط لو كانت حُرّةً في التصرف بثرواتها.

لذلك لم ولن نستغرب ذلك الاهتمام المبالَغ فيه من جانب فرنسا وأمريكا، والقوى الأوروبية الأخرى مثل بلجيكا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال، حيث أثارت تلك الانقلابات انفراط «عقْد التبعية»، وبالتالي قد يجف «ضَرْع» تلك الدول الأفريقية، وبالتالي حرمان «المستعمرين» من ثروات الطاقة والغاز والنفط والمعادن والذهب واليوارنيوم.

أخيرًا.. لم يعد مقبولًا أن يُتاجر الغرب «المنافق» بقضية الديمقراطية، والتباكي على حقوق الإنسان والحريات؛ لأنه «حَلَبَ» القارة السمراء على مدار عقود طويلة، ووضعها في غياهب سجون الفقر والجوع والعَوَز، وأحاطها بأسوار شائكة من الهيمنة والتبعية والخوف، عبر قواعده العسكرية المنتشرة هنا وهناك.

فصل الخطاب:

يقول المفكر الجزائري «مالك بن نبي»: «نحن لا نستطيع أن نصنع التاريخ بتقليد خُطا الآخرين في سائر الدروب التي طرقوها».

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اليورانيوم ثروات افريقيا القارة السمراء محمود زاهر النيجر والجابون الاستعمار فرنسا

إقرأ أيضاً:

هجرات ضاعفها الفقر والجفاف والحروب... لماذا أصبح اليمن نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة؟

هجرات ضاعفها الفقر والجفاف والحروب... لماذا أصبح اليمن نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة؟

مقالات مشابهة

  • استمرار وصول وفود الدول المشاركة في البطولة الأفريقية للكونغ فو إلى القاهرة
  • لافا جاتو.. قضية فساد عابرة للحدود بدأت من مغسلة سيارات
  • هجرات ضاعفها الفقر والجفاف والحروب... لماذا أصبح اليمن نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة؟
  • امتعاض في العراق.. تبرع ومساعدات خارجية رغم الفقر والأزمة المالية
  • كاتب أميركي: روسيا تتفوق على الغرب بالمعركة الإعلامية في أفريقيا
  • جاك فوكار.. أمير الظلام الذي أرسى سياسة فرنسا الأفريقية
  • هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
  • تركيا.. خط الفقر يتجاوز 26 ألف ليرة
  • نيوزويك: عطلة نهاية الأسبوع التي صنعت ظاهرة ترامب وغيرت التاريخ
  • مصر تتسلم رئاسة مجلس وزراء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)