الجدل حول الاتصالات الليبية -الإسرائيلية .. مجرد حلقة !
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
في ظل المشكلات العديدة والمتفاقمة التي تعاني منها الدول العربية في هذه الفترة على المستويين الفردي والجماعي جاء إعلان الخارجية الإسرائيلية يوم 27 أغسطس الماضي عن عقد ما أسمته، «لقاء تاريخيا ومثمرا» بين نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية وبين نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما، وذلك قبل أيام من ذلك التاريخ؛ ليكون بمثابة إضافة أخرى للحالة المزرية التي تعيشها دول وشعوب المنطقة العربية سياسيا، وعلى أكثر من مستوى لأسباب عديدة تفاعلت وتتفاعل على مدى نحو عشر سنوات على الأقل وهو ما أدى إلى أن ترى إسرائيل وحكومتها اللقاء على أنه حدث تاريخي مثمر، في حين يمر اللقاء بقدر قليل من الاهتمام على الصعيد العربي العام، باستثناء قلة ممن يريدون استثماره في الصراع الداخلي في دولهم أو لتصفية حسابات أو خوض مزايدات محسوبة فيه، حتى وإن كان البعض لا يتورع عن تطبيق المثل القديم الذي يطبقه بعض السياسيين عربا وأجانب وهو «يقتل القتيل ويمشي في جنازته»، وإن كان الرئيس الروسي بوتين قد ترفع عن ذلك في ظل وجود مجرد شكوك أو اتهامات لم تثبت حول شبهة تورطه أو بعض العاملين في إدارته في إسقاط طائرة يفجيني بريفوجين رئيس مجموعة فاجنر الروسية ومقتله وعدد من مساعديه في أواخر الشهر الماضي.
على أي حال فإن لقاء نجلاء المنقوش وإيلي كوهين وملابساته يختزل إلى حد كبير الحالة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية في الظروف الراهنة وما وصل إليه التعامل العربي أو بعضه على الأقل معها، ورحم الله الأمس وقياداته بغض النظر عن الاتفاق أو الخلاف مع مواقفهم وأسبابها ودوافعها.
وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة إلى بعض الجوانب لعل من أهمها ما يلي:
أولا: إنه في ظل الانتشار الواسع، المعروف والمستتر بدرجات متفاوتة، للاتصالات الإسرائيلية مع عدد كبير من الدول العربية وبوساطات وأساليب مختلفة تتطوع أطراف مختلفة بشكل أو بآخر للقيام بها لصالح إسرائيل أكثر منه لصالح العرب ومن منطلق «وهم» بنته وغذته إسرائيل، ونميل نحن العرب للاعتقاد فيه وتصديقه ومفاده أن الطريق إلى خدمة المصالح الذاتية العربية خاصة على مستوى الزعامات الفردية المتطلعة أو ذات الحسابات إنما تمر عبر بوابة إسرائيل بشكل أو بآخر من ناحية، وأن من يقيمون اتصالات ومفاوضات من الحكومات العربية لخدمة مصالحها مع إسرائيل باتوا واثقين تماما من أن الأوضاع العربية تغيرت وتتغير على نحو أصبح مجرد إعلان أو بيان يتضمن إشارة ولو عابرة لاعتبارات السيادة والمصالح الوطنية أو العمل لخدمة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني كافية لوقف الجميع عند حده من ناحية، ولتغطية أي خطوة من جانب أي حكومة عربية تريد ذلك في الوقت الذي يراه، أصحابها مناسبًا لخدمة مصالحها وفق اعتقادها وتصورها هي بالطبع من منطلق هذا الاعتقاد العربي القائم، ومن ثم لم تكن الاتصالات التي أجرتها نجلاء المنقوش بوساطة أمريكية وإيطالية لن تحرم فرنسا نفسها منها أمرا جديدا بقدر ما كانت إعلانا عن واقع ليبي بدأ قبل نحو خمس سنوات تقريبا.
ولعل ما يدعم ذلك أن صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» نقلت يوم 26 أغسطس الماضي عن «رافائيل لوزون» رئيس اتحاد يهود ليبيا» قوله إنه تم عقد لقاء في جزيرة رودس اليونانية يوم 30 يونيو عام 2017 حضره من الجانب الليبي «عمر القويري» وزير الإعلام والثقافة والآثار السابق، ومن إسرائيل وزير الاتصالات الإسرائيلي السابق «أيوب قرا» ورافائيل لوزون أيضا الذي زعم أنه شارك في لقاءات ليبية - إسرائيلية غير رسمية وشارك فيها أكاديميون ودبلوماسيون.
وبالتالي فإن لقاء روما هو بمثابة لقاء آخر أدت ملابساته الإسرائيلية والليبية إلى النهاية الدرامية التي أطاحت بأول وزيرة خارجية في ليبيا في حكومة عبد الحميد الدبيبة التي جعل منها بمثابة كبش فداء لخطوة تحدثت مصادر عدة عن أنه هو شخصيا من ساهم ونظم الاتفاق بين نجلاء المنقوش وإيلي كوهين برغم إنكاره -الدبيبة- معرفته باللقاء كما ألقت تصريحاته ومواقفه والسرعة التي تمت بها قدرا من الظلال على الأقل على الموقف برمته.
ثانيا: إنه في حين تجعل حكومة نتنياهو، وأي حكومة إسرائيلية أخرى، إقامة علاقات أو على الأقل اتصالات مع أي حكومة عربية، حتى ولو كانت مجرد اتصالات «كوريدور» أو في أحد مقاهي نيويورك أو فيينا أو غيرها أمرًا إيجابيًا لصالح إسرائيل في حالة حدوثه، لما يترتب عليه من توسيع للاتصالات والعلاقات مع العرب وزيادة رقعة التطبيع فإن الأزمات التي تمر بها إسرائيل سواء بالنسبة لزيادة التصعيد مع المقاومة الفلسطينية وارتفاع أعداد الضحايا من الإسرائيليين، أو بالنسبة للآثار التي لم تنته بعد لقانون إصلاحات القضاء الذي يواجه معارضة لم تنته رغم إقرار الكنيست للقانون، تجعل من تسريب اللقاء بين المنقوش وكوهين بمثابة إنجاز لحكومة نتانياهو، صحيح إن نتانياهو أبلغ وزراء حكومته بعدم الدخول في اتصالات سرية أو تنسيقها مع أطراف عربية إلا بالتنسيق معه أولا، وهذا أمر مفروغ منه بحكم أهميه تلك الاتصالات في كل مراحلها، ولكن الصحيح أيضًا أن انتقادات المعارضة الإسرائيلية لوزير الخارجية الإسرائيلي إنما تنبع أساسا من الصراع بين المعارضة وحكومة نتانياهو خاصة أن الاتصالات تفيد نتانياهو وحكومته برغم ما قد يكون هناك من انعكاسات سلبية على مصداقية إسرائيل لأي اتصالات سرية معها في المستقبل.
على الجانب الآخر، فإنه من المعروف أن الوضع الداخلي في ليبيا يتسم بالكثير من التعقيدات سواء في العاصمة طرابلس أم في بنغازي وأن محاولات عديدة لاستكمال الإعداد للانتخابات الرئاسية والنيابية الليبية تجري على مدى الأشهر الأخيرة ولكنها تتعثر حتى الآن على الأقل بسبب تمسك الدبيبة بالبقاء في الحكم ورفضه ترك السلطة إلا لحكومة منتخبة لا يريد إن يفسح الطريق أمامها.
وفي ظل الخلافات بين حكومة الدبيبة وبين مجلس النواب الليبي فمن المفترض بشدة أن يكون الدبيبة أراد الاستعانة بإسرائيل لدعم بقائه في السلطة بشكل أو بآخر من خلال لقاء المنقوش مع إيلي كوهين في روما بغض النظر عن الحديث عن الانتخابات. وما ستؤول إليه عملية الإعداد لها إذا اكتملت.
وإذا كان من الواضح أن الدبيبة انزعج بشدة بسبب بيان الخارجية الإسرائيلية حول اللقاء وسارع في اليوم نفسه بإقالة، أو بمعنى أدق وقف نجلاء المنقوش عن العمل وتعيين «فتح الله الزني» وزير الشباب لتسيير أعمال وزارة الخارجية الليبية مؤقتا، كما قام في خطـوة مفاجئة بزيارة سفارة فلسطين في طرابلس في اليوم التالي مباشرة حيث أكد «على رفضه وإدانته التطبيع مع إسرائيل وأنه يجرّم أي اتصال بين أي مسؤول ليبي وأي مسؤولين إسرائيليين». وبينما حرص الدبيبة على إلقاء المسؤولية في اللقاء على عاتق المنقوش وتقديمها كبش فداء لمواجهة انتقادات مجلس النواب الذي عقد جلسة طارئة لمناقشة ما أسماه في بيانه «الجريمة القانونية والأخلاقية» كما أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي أن اللقاء «لا يعبّر عن السياسة الخارجية للدولة الليبية ويعد خرقًا لقانونها» فإن مما له دلالة أن نجلاء المنقوش غادرت ليبيا إلى تركيا سريعا وعلى متن طائرة تابعة لحكومة الدبيبة بعد احتجاجات الليبيين ضدها. وحتى إذا كان الدبيبة قد أشاد بها ووفر لها مكانا آمنا فإنها قد قامت بدور كبش الفداء على طريقة السياسة العربية، ولكن هل انتهت المسألة، وهل ستكون الانتخابات نفسها أو على الأقل طريقة إجرائها ثمنًا ومجالًا للمساومة خاصة أن الدبيبة لن يترك السلطة إلا بشروط معينة، وهل تنجح محاولة واشنطن وباريس انضاج خيار تشكيل حكومة تكنوقراط لإجراء الانتخابات القادمة؟ على أي حال الأمر لم ينته بعد ولا تزال تداعياته قائمة واحتمالات إجراء الانتخابات قبل نهاية العام تقل فرصها مع كل يوم يمر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: نجلاء المنقوش على الأقل
إقرأ أيضاً:
حلقة النار ضدّ إسرائيل وأساسها لبنان.. هل انتهى دورها؟
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيليّة تقريراً جديداً تساءلت فيه عمّا إذا كانت إسرائيل تمكنت من إنهاء التهديد المُتعدّد الجبهات في الشرق الأوسط. ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه منذ عام 2021، عندما أطلقت حماس الصواريخ على إسرائيل "للرد" على الإجراءات الإسرائيلية التي لم تكن راضية عنها في ما يتعلق بالحرم القدسي والقدس الشرقية، واجهت إسرائيل تهديداً متزايداً على جبهات متعددة، وأضاف: "لقد توسع هذا التهديد ليشمل حزب الله وسوريا في نيسان 2023، عندما تمَّ إطلاق الصواريخ على إسرائيل من غزة ولبنان وسوريا في نفس الوقت تقريباً للرد على النزاعات بين إسرائيل والمتظاهرين الفلسطينيين على الحرم القدسي". وأردف: "لكن ذروة هذا التهديد المُتعدّد الجبهات كانت مذبحة السابع من تشرين الأول التي أجبرت إسرائيل على خوض حروب كبيرة وممتدة في وقت واحد ضد حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، و5 جبهات أخرى وهي إيران، ووكلاء إيران في سوريا، قوات الحوثي في اليمن، وكلاء إيران في العراق، والمسلحون في الضفة الغربية". وسأل التقرير: "هل أنهى وقف إطلاق النار مع حزب الله في 27 تشرين الثاني الماضي وطرد إيران من سوريا مع سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في كانون الأول، ووقف إطلاق النار مع حماس في 15 كانون الثاني الجاري، التهديد المتعدد الجبهات؟". وأكمل: "كانت النظرية وراء التهديد متعدد الجبهات، أو حلقة النار، بسيطة جداً، وهي إغراق إسرائيل في وقتٍ واحد على العديد من الجبهات. وللعلم، فإن هذه النظرية صاغها وهندسها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني سابقاً قاسم سليماني، في عام 2017، قبل اغتياله في عام 2020". وتابع: "كان سليماني وأعداء إسرائيل الآخرون يدركون أن أياً منهم لن يتمكن من إلحاق الهزيمة المباشرة بإسرائيل أو حتى تحديها بشكل جدي في مواجهة فردية. ولكن إذا بدأوا جميعاً في الهجوم في وقت واحد، وضربوا كل أجزاء الجبهة الداخلية في وقت واحد، فقد يتمكنون من سحق إسرائيل من خلال إجبارها على تقسيم قواتها، كما كانوا يأملون. فعلياً، قد تتمكن حماس من قصف الجنوب وحزب الله في الشمال، ولكن من المشكوك فيه أن يتمكن أي منهما من إلحاق أضرار جسيمة بالبلاد بأكملها". وأضاف: "بشكل جماعيّ، قد يتمكن وكلاء إيران من هزيمة إسرائيل فقط من خلال العدد الهائل من التهديدات المتحركة من مواقع مختلفة، أو على أقل تقدير، قد تتمكن من إجبار القدس على تقديم تنازلات استراتيجية مختلفة من شأنها أن تعمل على تحسين قوة ومكانة محور طهران". وقال: "بحلول شباط 2023، علمت صحيفة جيروزاليم بوست من مصادر دفاعية أنه من المتوقع أن تتخذ الجمهورية الإسلامية إجراءات أكثر عدوانية ومخاطرة لاستغلال التهديد متعدد الجبهات ضد إسرائيل. وفي نقاط مختارة على مدى الأشهر الـ15 الماضية، ربما تصورت إيران ووكلاؤها أن استراتيجيتها متعددة الجبهات قد أثمرت". وأكمل: "لم يكن الأمر يتعلق فقط بـ 1200 إسرائيلي قتلتهم حماس و250 آخرين احتجزتهم كرهائن في 7 تشرين الأول 2023، بل كان الأمر يتعلق أيضاً بـ 10600 صاروخ أطلقتها حماس على وسط وجنوب إسرائيل، بما في ذلك أحياناً مئات الصواريخ يومياً على تل أبيب، من تشرين الأول 2023 حتى كانون الثاني 2024، مع استمرار إطلاق الصواريخ من وقت لآخر طوال عام 2024". وقال: "لقد قررت إسرائيل السماح لحزب الله بتدمير أجزاء من الشمال، بما في ذلك إجلاء أكثر من 60 ألف مواطن من منازلهم لمدة 13 شهراً للهروب من نيران الصواريخ. ومن منتصف أيلول إلى أواخر تشرين الثاني 2024، قضى ثلث شمال إسرائيل وقتاً كبيراً تحت الإغلاق بسبب إطلاق الصواريخ من حزب الله". وأضاف: "على مدى عام، تعرضت إسرائيل لهجمات باليستية دورية من الحوثيين في اليمن، وكان العديد منها قادراً على إرسال ما بين مليونين إلى 3 ملايين شخص في وسط البلاد إلى الملاجئ في منتصف الليل".وأكمل: "لقد كان عام 2024 أفضل إلى حد ما من عام 2023 في هذا الصدد، فالمستوى الإجمالي للهجمات الفلسطينية على الإسرائيليين من الضفة الغربية في عامي 2023 و2024 كان خارج المخططات. وبطبيعة الحال، قُتل جنود بشكل دوري بواسطة طائرات من دون طيار تمّ إطلاقها من سوريا والعراق". وأردف: "في نهاية المطاف نجحت إسرائيل في إحداث انتكاسات عند حزب الله، فبعد 13 شهراً من الوعد بعدم الانسحاب من الحرب ما لم تنسحب إسرائيل من غزة، انسحب الحزب من المواجهة وهي في حالة صعبة لاسيما بعد اغتيال أمينه العام السّابق السيد حسن نصرالله". وتابع: "لا يزال حزب الله القوة الأقوى في لبنان، ولكنه على الأقل يوافق حالياً على تسويات سياسية مع قوى أكثر اعتدالاً في لبنان لم يكن ليحلم بها أبداً قبل الحرب". على صعيد آخر، يقول التقرير إنَّ "إيران هددت بمهاجمة إسرائيل على الفور للمرة الثالثة بعد أن دمرت طائرات الجيش الإسرائيلي معظم دفاعاتها الجوية المميزة، وبعض إنتاجها من الصواريخ الباليستية، وموقعاً نووياً واحداً في 26 أكتوبر. ولكن حتى الآن، فإنَّ إيران لم تنفذ تهديدها". وأضاف: "لقد وعدت حماس بأنها لن تتفاوض بشأن إعادة الرهائن إلا إذا انسحب الجيش الإسرائيلي أولاً من غزة، ولكنها في نهاية المطاف توصلت إلى اتفاق وقف إطلاق النار حيث سيبقى الجيش في جزء من غزة حتى عودة جميع (أو على الأقل معظم) الرهائن". وأكمل: "كذلك، تمَّ تفكيك كل كتائب حماس الـ24 على يد الجيش الإسرائيلي بحلول شهر حزيران الماضي. وللإشارة، فقد قد قُتل مهندسا حرب حماس، يحيى السنوار، ومحمد ضيف، إلى جانب إسماعيل هنية ومعظم قيادات الحركة قبل الحرب. ولكن هناك أسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت حماس سوف تحتفظ بالسيطرة الكاملة على غزة بعد وقف إطلاق النار، أو ما إذا كانت ستحتاج، من أجل الحصول على المساعدات لإعادة الإعمار، إلى قبول نوع من الحكم الهجين مع السلطة الفلسطينية وغيرها من الأطراف الإقليمية والعالمية". وأمام كل ذلك، طرح التقرير سؤالاً أساسياً وهو على النحو التالي: "هل كل هذه الأمور كافية لإقناع حماس وحزب الله وإيران والقوى الأخرى المعادية لإسرائيل بأن استراتيجية الجبهات المتعددة أيقظت الأسد الإسرائيلي النائم وانفجرت في وجههم؟". هنا، يتابع التقريرُ قائلاً: "بالإضافة إلى تجنب أي نزاع كبير مع إسرائيل خلال العام المقبل، وربما سنوات أخرى، كمسألة تكتيكية لإيجاد الوقت لإعادة البناء وإعادة التسلح، فهل يتوصل بعض هؤلاء الأعداء المختلفين على الأقل استراتيجياً إلى استنتاج مفاده أنه ينبغي لهم الحد من أي صراع مع إسرائيل؟". وقال: "بعبارة أخرى، ونظراً لأن إسرائيل تتمتع بمزيد من القوة والنفوذ على كل الجبهات تقريباً مقارنة بما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول، فهل تم دحض نظرية الحرب متعددة الجبهات مع إسرائيل؟". واستكمل: "قبل هجوم السابع من تشرين الأول، كانت إسرائيل تخشى القتال مع حزب الله خشية أن يؤدي صراع صغير إلى إشعال فتيل هجوم صاروخي أكبر من جانب حزب الله. ولكن هل من الممكن أن تتوصل الأطراف المختلفة إلى استنتاجات مختلفة، مع اهتمام أقل بالصراع مع إسرائيل؟ كذلك، هل من الممكن أن تقوم إيران ببساطة بتغيير استراتيجيتها في الصراع إلى مسارات جديدة، بما في ذلك مسار الأسلحة النووية، والإرهاب العالمي، والحرب السيبرانية؟". وتابع: "من السابق لأوانه القول بأي أمر، والكثير مما ستستنتجه الأطراف المختلفة يعتمد على ما إذا كان التهديد الذي تشكله حماس من غزة لا يزال منخفضاً". وقال: "يعتقد بعض المراقبين أيضاً أن بعض أعداء إسرائيل، حتى بعد الضربات التي تلقوها، ما زالوا ينظرون إلى الأخيرة باعتبارها أكثر قابلية للهزيمة في ضوء هجوم السابع من تشرين الأول والعقاب الذي تحملته الجبهة الداخلية لمدة 15 شهراً". وختم: "في المُقابل، هناك على الأقل أمل في أن يكون التغيير الاستراتيجي الإيجابي الناجم عن هذه الحرب هو دفع أعداء إسرائيل إلى التفكير مرتين بشأن ما إذا كان الانضمام إلى حرب طرف آخر مع إسرائيل يصب في مصلحتهم". المصدر: ترجمة "لبنان 24"