الغرب فشل في الوفاء بِوعود المساعدات
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
بعد اجتماع مجموعة البريكس بجنوب أفريقيا في الشهر الماضي السؤال الذي يبحث عن إجابة هو: ما الذي يمكن أن يقدمه الغرب لعالم جديد متعدد الأقطاب؟ في الواقع ليس هنالك مكان آخر هذا السؤال أكثر إلحاحا فيه من إفريقيا.
انقلاب النيجر مدَّد الهزيمة الشاملة للإستراتيجية الغربية عبر منطقة الساحل (جنوب الصحراء الكبرى) وإخفاق التدخل العسكري الغربي خصوصا من جانب فرنسا مربك.
هذه المجموعة المتعددة الجنسيات (مجموعة تحالف الساحل) التي روجت لها كل من فرنسا وألمانيا نسَّقت العون ومشروعات التنمية في أرجاء المنطقة. لقد تم تدشينها في عام 2017. وحتى عام 2023 كان لديها أكثر من 1100 مشروع بتعهدات تمويلية متراكمة بلغ إجماليها 22.97 بليون يورو. وتتجاوز الالتزامات المالية لمشروعات النيجر بموجب تحالف الساحل 5.8 بليون يورو.
هذا جزء فقط من المساعدات المالية التي كانت تتلقاها النيجر في السنوات السابقة للانقلاب. فحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2021 بلغ إجمالي مساعدات التنمية الرسمية للنيجر 1,78 بليون دولار.
هذه الأرقام تبدو كبيرة إلى أن تقارنها بحجم احتياجات تنمية بلدان الساحل. فالجزء الغربي من الساحل يقطنه 100 مليون نسمة بعضهم من أفقر الناس على ظهر الكوكب. والنيجر بسكانها الذين يبلغ عددهم 25 مليون نسمة تحتل المرتبة الثالثة قبل الأخيرة في مؤشر التنمية البشرية على نطاق العالم ولديها أعلى معدل للمواليد. وحوالي ثلثي سكانها تقريبا أميون لا يقرأون وهي التي اعتبرت منذ فترة طويلة معقلا غربيا في المنطقة.
النيجر في حاجة ماسّة للاستثمار في التعليم والرّي والخدمات الصحية الأساسية. للوفاء بهذه الأولويات بلغ العون الأجنبي الذي حصلت عليه في عام 2021 مقابل الفرد الواحد من سكانها 71 دولارا أمريكيا أو 1.37 دولارا في الأسبوع. ومن إجمالي هذا المبلغ الشحيح تم إنفاق 7 سنتات تقريبا على التعليم و15 سنتا على الصحة و30 سنتا على الإنتاج والبنية التحتية. وخصص 26 سنتا على ضروريات الحياة.
بالطبع المال ليس كل شيء. فالتنمية تتطلب حلولا ومؤسسات هندسية عملية أو قابلة للتطبيق. وبدون الأمن لا يمكن أن يكون هنالك تقدم. في منطقة الساحل كل ذلك أمر صعب. لكن لا يمكن أن تنجح أي من هذه الجهود بدون التمويل. فالعون الغربي يتقاصر كثيرا حتى الآن عن الوفاء باحتياجات النيجر وجيرانها بحيث يثور الشك حول جدِّية مساعي الجمع بين التنمية والأمن.
وفقا لأحدث تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بلغ حجم الفجوة بين الإنفاق الضروري لمقابلة أهداف الأمم المتحدة في التنمية المستدامة بحلول عام 2030 والتمويل المتاح من العون والأسواق المالية حوالي 272 بليون دولار في العام لإفريقيا كلها.
والرقم المتزايد (المبلغ الإضافي المطلوب سنويا) بحلول عام 2025 يبلغ حوالي 1.3 تريليون دولار في العام، حسب أحدث تقدير للإنفاق المطلوب للوفاء بأهداف التنمية المستدامة لكل بلدان الدخل المنخفض والاقتصادات الناشئة.
هذا مبلغ كبير. لكن يمكن تدبيره بسهولة قياسا إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي الذي يبلغ حوالي 100 تريليون دولار. لكن السؤال هو كيف يمكن حشد التمويل؟
لأكثر من عقد قدمت الصين تريليوني دولار في شكل قروض مصرفية وائتمان تجاري والتزامات ديون لمجموعة من البلدان النامية.
خاطر المستثمرون الصينيون بضخ أكثر من 5 بلايين دولار في النيجر في مشروعات النفط واليورانيوم. لكن التدفقات الخارجية الصافية من بيجينج بلغت الآن نهايتها إلى حد بعيد.
برنامج «البوابة العالمية» الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي ويقصد به أن يكون ردا على مبادرة الحزام والطريق الصينية ابتكار لبروكسل. إنه يهدف إلى جمع 150 بليون يورو. وهذا يفوق كثيرا ما فعله الاتحاد الأوروبي من قبل وإذا تركز في منطقة الساحل سيقطع شوطا بعيدا في مقابلة احتياجات بلدانها. لكنه في الوقت الراهن أقل مما يكفي وفات أوانه.
في الشهر الماضي ذكرت الأخبار الواردة من واشنطن أن إدارة بايدن سترمي بثقلها وراء إصلاح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في اجتماع مجموعة العشرين الذي ستستضيفه الهند هذا الشهر.
في إيجاز صحفي عرض مستشار الأمن القومي هذه الخطوات كبديل غير ملزم وشفاف لمبادرة الحزام والطريق.
لكن الحجم مهم وأكثر ما أمكن أن يقدمه سوليفان من دعم أمريكي لإقراض البلدان النامية كان 50 بليون دولار تقريبا. وحتى بافتراض أن «حلفاء وشركاء» أمريكا سيحذون حذوها لا يمكن لسوليفان الوعد بأكثر من 200 بليون دولار. وهذا المبلغ لا يشكل سوى جزء ضئيل من المطلوب.
في عام 2015 صاغ البنك الدولي شعار «من بلايين الدولارات إلى تريليونات الدولارات» كتعبير مختصر عن الإدراك بأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة الطموحة للأمم المتحدة يتطلب تغييرا عالميا للعقليات والمقاربات والمسؤوليات. الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بعد ثمانية أعوام لاحقا، لم يقتربا حتى من الوفاء بذلك الطموح. لذلك لا عَجَب أن صِدقيَّتهما تنحسر في العديد من أفقر أجزاء العالم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هل أنفقت إدارة بايدن 50 مليون دولار على "الواقيات الذكرية" في غزة؟
بعد أن زعمت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن 50 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين قد تم صرفها لتمويل شراء "الواقيات الذكرية في قطاع غزة"، أكد نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية أن هذا الأمر لم يحدث إطلاقاً.
وقال الدبلوماسي البارز أندرو ميلر في تعليق له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "إكس" مساء أمس الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لم تنفق 50 مليون دولار على الواقيات الذكرية في قطاع غزة.
وأضاف ميلر "إما أن البيت الأبيض لا يستطيع قراءة جدول الإنفاق البسيط، أو أنه يكذب".
وقالت المتحدثة الجديدة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفات خلال مؤتمر صحافي إن "هذا التبرع تم كشفه في الأسبوع الأول من إدارة ترامب".
وأضافت "وجدت وزارة كفاءة الحكومة، نحو 50 مليون دولار أمريكي من أموال دافعي الضرائب، مخصصة لتمويل الواقيات الذكرية في غزة".
وأمر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الجمعة الماضي، بوقف جميع المساعدات الخارجية الأمريكية تقريباً، مستثنياً تمويل إسرائيل ومصر، وفق مذكّرة داخلية. وتستثني المذكرة المساعدات الغذائية الطارئة.
No, the Biden Administration did NOT spend $50 million on condoms for Gaza. White House either can’t read a simple spend table or it’s lying. My quotes in @TimesofIsrael @JacobMagid https://t.co/lbHXUIhRcB
— Andrew Miller (@AndrwPMiller) January 29, 2025ويتوقع أن يكون لتجميد المساعدات الأمريكية تداعيات كبيرة، مع كون الولايات المتحدة هي أكبر مانح إنساني في العالم.