صندوق النقد: غسل الأموال جريمة وجدت لتبقى.. وهذه المخاطر وتوصيات للمواجهة
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
مباشر: أكد صندوق النقدي الدولي في تقرير حديث نشر، اليوم الاثنين، أن الجرائم المالية العابرة للحدود وجدت لتبقى.
وأشار التقرير، إلى أنه بينما يستمتع الناس في كل مكان بالراحة التي يوفرها النظام المالي المتصل عالمياً، يستغل المجرمون هذه الشبكة المعقدة لنقل الأموال غير المشروعة عبر الحدود والتهرب من الاستيلاء عليها.
وبينما يقوم هؤلاء المجرمون بحماية ثرواتهم غير المشروعة المستمدة من التهرب الضريبي، والفساد، والاتجار بالمخدرات، من بين أمور أخرى، - بحسب تعبير التقرير- تزدهر الجرائم المالية، في عصر لا توجد مؤسسة مالية أو دولة محصنة ضد هذه الجرائم بشكل كامل.
وألمح صندوق النقد الدولي، إلى تسبب فضائح غسيل الأموال في انهيار البنوك وصدمات لللدول، وفي نهاية المطاف، يدفع المجتمع التكلفة من خلال تآكل الثقة في سلامة النظام المالي، وهو ما يدفع دافعي الضرائب غالبا إلى دعم البنوك الفاشلة والحد من قدرة العملاء على الوصول إلى الائتمان.
البنوك والمواجهة
وأكد التقرير، أن البنوك باعتبارها حارسة النظام المالي، تكافح بلا توقف ضد غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتابع التقرير، لكن الجهود الوطنية لمكافحة غسيل الأموال تركز في المقام الأول على المخاطر المحلية، ونتيجة لذلك فإنها غالبا ما تتأخر.
وتلعب الهيئات التنظيمية للبنوك أيضاً دوراً بالغ الأهمية، ولكنها في كثير من الأحيان لا تستغل الموارد المحدودة على أفضل وجه، كما تعمل الأساليب المتباينة على إعاقة التعاون العالمي الفعال.
توصيات لـ8 دول
وأشار التقرير، إلى دخل خبراء صندوق النقد الدولي في شراكة مع ثمانية من بلدان الشمال الأوروبي ودول البلطيق - الدنمارك، وإستونيا، وفنلندا، وأيسلندا، ولاتفيا، وليتوانيا، والنرويج، والسويد - في مشروع المساعدة الفنية الأول من نوعه لمكافحة غسل الأموال.
وتكشف النتائج التي توصلنا إليها أن مكافحة غسل الأموال تتجاوز قدرة أي دولة بمفردها، وأنه يجب على البلدان أن تبتكر معًا لإيجاد حل.
ويعمل خبراء صندوق النقد الدولي باستمرار على توسيع مجموعة الأدوات لمساعدة أعضاء الصندوق على التركيز على التدفقات غير المشروعة عبر الحدود، باستخدام تقنيات التعلم الآلي وتحليل البيانات، يتم فحص الحركات المالية، واكتساب نظرة ثاقبة للمشهد العالمي وتحديد مؤشرات السيناريوهات المحتملة لغسل الأموال ذات الأهمية الكلية.
وتابع التقرير: "يظهر تحليلنا في فحوصات السلامة السنوية للاقتصادات الأعضاء في صندوق النقد الدولي (على سبيل المثال، مشاورات المادة الرابعة في سنغافورة 2022) وفي إطار برنامج تقييم القطاع المالي (على سبيل المثال، برنامج تقييم القطاع المالي في المملكة المتحدة 2022).
وبالتعاون مع دول الشمال ومنطقة البلطيق، استخدمنا هذه الأدوات لتحسين فهم البلدان للتدفقات المالية غير العادية التي تستحق التدقيق".
وتعمل هذه الأدوات على تعزيز قدرة البلدان على فحص التدفقات المالية غير المشروعة المحتملة والتركيز على التهديدات الناشئة، ويسمح التعاون أيضًا للدول بتحديد وربط تهديدات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب عبر الحدود التي تبدو منفصلة،
تتضمن متابعة الأموال أيضًا النظر في البلدان التي اختارها المجرمون لتطهير المكاسب غير المشروعة.
ويسمح لوكالات مكافحة غسل الأموال الرئيسية بوضع تدابير لتعزيز التدقيق في المعاملات غير العادية التي تمر عبر أنظمتها المالية والتي تنشأ في ولايات قضائية عالية المخاطر ومعرفة نقطة الانهيار
في حين أن تركيز الصندوق على الاقتصاد الكلي والارتباط بين الاستقرار المالي ومخاطر السلامة المالية.
وألمح التقرير: "مشروعنا مع دول الشمال والبلطيق يوسع جهودنا من أجل تحديد تأثير صدمات غسل الأموال على الاستقرار المالي بشكل أفضل".
ويكشف فحص البيانات المتعلقة بقضايا غسيل الأموال الإقليمية عن التالي:
- عانت البنوك التي تتصارع مع المخاوف المتعلقة بالسلامة المالية من انخفاضات حادة في أسعار الأسهم، وارتفاع مخاطر الائتمان المتوقعة، وانخفاض الودائع مما أثر على سيولتها.
- أدت صدمات غسيل الأموال إلى انخفاض أسعار الأسهم وزيادة تكلفة التأمين ضد تخلف الشركات عن السداد، كما يتضح من أسعار مقايضة العجز عن سداد الائتمان، وهذا فقط ما حدث على مستوى البنوك الفردية.
- بالنظر إلى التأثير الإقليمي، فإن الآثار غير المباشرة الكبيرة أثرت على البنوك الإقليمية الرئيسية الأخرى، مما يشير إلى ديناميكية العدوى بين البنوك المتضررة ونظيراتها.
ومن خلال منظور أوسع، أدت دراستنا للأطر الإشرافية داخل منطقة الشمال والبلطيق إلى توصيات على المستويين القطري والإقليمي.
وأكد التقري، أنه يجب على البنوك منع وكشف غسيل الأموال، مشيرا إلى أن المجرمين يجدون البنوك مغرية بسبب شبكاتها الواسعة عبر الحدود، والعلاقات بين البنوك، والمنتجات والخدمات التي تعرض نفسها لخطر غسل الأموال، فضلا عن ظهور الأصول المشفرة، مما يوفر تحويلات عالمية سريعة جذابة للمجرمين.
ولهذا السبب، من الضروري أن تكون الجهات التنظيمية الوطنية التي تشرف على جهود مكافحة غسيل الأموال التي تبذلها البنوك قادرة على النظر إلى الصورة الأكبر عند الإشراف عليها.
ومع الافتقار إلى آلية إشرافية عالمية، يتعين على الجهات الإشرافية توسيع منظورها، والتدقيق في المخاطر غير المقيمة والتدابير المضادة لغسل الأموال عبر الحدود، وهذا يدعو إلى تعاون دولي أقوى.
للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا
المصدر: معلومات مباشر
إقرأ أيضاً:
هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
تستقبلُ العاصمة الأميركية واشنطن هذا الأسبوع اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدوليّ والبنك الدوليّ لعام 2025، حيث يشارك وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم؛ لمناقشة القضايا الاقتصادية العالمية.
وبينما تُعدّ هذه الاجتماعات فرصة جيدة لمناقشة التّحديات الاقتصادية الراهنة، والتي تشمل المتاعب المتصاعدة مؤخرًا في العديد من الاقتصادات الكُبرى، على خلفيّة فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربًا تجارية على العديد من حلفائه وخصومه، لا نتوقع أن نسمع كثيرًا عن المشكلة الأكثر إلحاحًا، والمتعلّقة بإلغاء ديون الدول النامية، أو إعادة هيكلة بعضها.
وعلى مدار سنوات شهدت العديد من الاجتماعات الأخيرة، تكرار مشهد خروج الوزراء ورجال المال والأعمال من السيارات الفارهة أمام بوابات مباني مجموعة البنك الدولي وسط العاصمة الأميركية، يرتدون بزاتهم الداكنة، وتفوح منهم الروائح العطرة، بينما يترقّبهم بعض المشردين والمتسولين من حديقة صغيرة، يفصلها عن مباني البنك الدولي أمتار معدودة، وقد اعتاد هؤلاء نصب خيامهم أمام المؤسسة المالية العريقة في توقيت الاجتماعات، لتذكيرهم غالبًا بالظروف القاسية التي يعيشونها وملايين غيرهم في الدول النامية، التي تزعم المؤسسة المالية سعيها لتقديم العون لها، لمساعدتها في تحسين أوضاع مواطنيها.
إعلانويقدّم الاقتصادي الأميركي ديفيد غرايبر، الذي كان أستاذًا في جامعة ييل الأميركية وكلية لندن للاقتصاد، نقدًا جذريًا للطريقة التي تعمل بها المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، في تعاملها مع الدول النامية، حيث يرى أن القروض المقدمة منها لم تكن في تاريخها الطويل أداة اقتصادية فحسب، بل كانت في كثير من الأحيان عصا سياسية للهيمنة وإخضاع الشعوب، وهو ما اعتبره مجسدًا بوضوح في سياسات صندوق النقد الدولي في العقود الأخيرة، خصوصًا من خلال ما يسمى ببرامج التكيّف الهيكلي.
وفي كتابه عن الدَّين "Debt: The First 5000 Years"، بيّن غرايبر كيف تؤدي شروط صندوق النقد، التي تُفرض على الدول المقترضة، إلى تدمير النسيج الاجتماعي لتلك الدول، لا سيما حين يتعلق الأمر بخفض الإنفاق العام على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.
ورغم أنّ هذه السياسات يتمّ الترويج لها باعتبارها خطوات ضرورية للإصلاح المالي، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، فقد أثبت الواقع أنها كانت، في كثير من الأحيان، السبب المباشر في كوارث إنسانية لا تُمحى.
ومن بين الأمثلة التي أوردها في كتابه، أشار غرايبر إلى زامبيا التي اضطرت في أواخر التسعينيات إلى خفض ميزانيتها المخصصة للرعاية الصحية بنسبة بلغت 50% تنفيذًا لشروط صندوق النقد.
وأدى ذلك إلى نقص حادّ في الأدوية والأطباء، وتراجع أعداد حملات التلقيح، وهو ما تسبَّب في وفاة ما يقرب من 30 ألف طفل سنويًا لأسباب كان يمكن الوقاية منها.
وفي تلك الفترة، كانت زامبيا تنفق أكثر من 40% من دخلها القومي على خدمة الدين الخارجي، بينما كانت المستشفيات تفتقر لأبسط أدوات التشخيص، وكان المرضى يُطلب منهم شراء الشاش والمضادات الحيوية من السوق السوداء إن أرادوا تلقي العلاج.
أما في تنزانيا، فقد أدّت سياسات خفض الإنفاق التي فُرضت ضمن برنامج التكيّف الهيكلي إلى تخفيض ميزانية التعليم بنسبة 40% خلال عقد واحد فقط، وهو ما تسبّب في إغلاق مئات المدارس، وتراجع نسبة الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى أقل من 50% بحلول منتصف التسعينيات.
إعلانوتراجعت قدرة الأسر الفقيرة على إرسال أبنائها إلى المدارس بعد فرض رسوم دراسية ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها العذاب، خاصة للفتيات. وقدّر البنك الدولي نفسه تسبب هذه السياسات في فقدان أكثر من 10 ملايين طفل أفريقي فرصة التعليم بين عامي 1985 و2000.
وفي بيرو، وهي من الدول التي خضعت لإصلاحات قاسية تحت إشراف صندوق النقد، أُجبرت الحكومة في بداية التسعينيات على تقليص ميزانية الصحة بنسبة 25%، ممّا تسبب في كارثة صحية، خاصة في المناطق الريفية، إذ تم إغلاق أكثر من 1.000 وحدة رعاية صحية أولية في أنحاء البلاد، وانخفضت نسبة التلقيح ضد الحصبة من 80% إلى أقل من 50%، الأمر الذي أدّى لتفشي المرض مجددًا وموت الآلاف من الأطفال.
يربط غرايبر في كتابه، كما في العديد من مقالاته ومحاضراته، بين هذه الكوارث وبين طبيعة النظام المالي العالمي، الذي لا يعامل الدول النامية كشركاء، بل كمذنبين يجب تأديبهم.
ويشير غرايبر إلى أن هذه السياسات صُمّمت بالأساس لحماية مصالح البنوك والدائنين في دول الشمال، على حد تعبيره، خصوصًا الولايات المتحدة، وبريطانيا، حيث تم توجيه الأموال التي أُقرضت لدول الجنوب في أغلب الأحيان إلى إعادة جدولة ديون سابقة، وسداد الفوائد المتراكمة، دون أن يستفيد المواطن العادي من دولاراتها.
ولا يكتفي غرايبر بالتحليل الاقتصادي، بل يربط هذه الظواهر بتاريخ طويل من استخدام الدَّين كوسيلة للسيطرة، ففي العصور القديمة، كما يذكر، كانت فترات تراكم الديون الكبيرة تنتهي غالبًا بإعلان ملوك تلك العصور "عفوًا عن الديون" لحماية المجتمع من الانهيار. أما في النظام النيوليبرالي الحديث، فإن العكس هو ما يحدث، إذ يتم التضحية بالشعوب من أجل إنقاذ الدين.
المفارقة التي يشير إليها غرايبر هي أن الدول الغنية التي تفرض هذه السياسات على الدول الفقيرة، مثل الولايات المتحدة، لم تكن لتنشأ أساسًا لولا إلغاء ديونها الخاصة في مراحل مبكرة من تاريخها، أو من خلال إعادة جدولة ميسّرة تم تقديمها لها في فترات لاحقة.
إعلانوفي المقابل، تُفرض على الدول النامية شروط قاسية، تجبرها على بيع أصولها العامة، وتفكيك شبكات الحماية الاجتماعية، وفتح أسواقها بشكل غير متكافئ.
فقدت القروض المقدمة من المؤسسات الدولية وبعض الدول المانحة، في صيغتها المعاصرة، أيَّ معنى أخلاقي، وتحوّلت إلى وسيلة لإعادة إنتاج الفقر والتبعية، الأمر الذي يفرض إعادة التفكير في الأسس التي يقوم عليها النظام المالي العالمي، حيث أثبتت الخبرات العالمية الأخيرة أن تحرير الشعوب لا يمكن أن يتم دون التحرر من قبضة الدائنين، ومن منطق السوق الذي يقيس كل شيء بالربح والخسارة، حتى الأرواح.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline