لجريدة عمان:
2024-12-27@04:00:17 GMT

سد الفجوة في مجال التكنولوجيا النظيفة

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

بنديكت كوني ـ

​​​​​​​توني لانجينجين -

عندما تُناقش حلول الحد من الانحباس الحراري العالمي، غالبا ما يتم الخلط بين العمل المناخي والعدالة المناخية. وقد لجأت العديد من الدول الأوروبية (بما في ذلك المملكة المتحدة) إلى جلد الذات بالتكفير عن تاريخها الطويل في حرق الوقود الأحفوري، وذلك عن طريق سعيها لإزالة الكربون من اقتصاداتها المحلية في أسرع وقت ممكن، بغض النظر عن عما سيكلفه ذلك.

ولا شك أن الحكومات الأوروبية يجب أن تحقق أهدافها فيما يتعلق بخفض الانبعاثات. ولكن تغير المناخ مشكلة عالمية، ويتعين على البلدان الصناعية أن تحقق هذه الأهداف عن طريق سن سياسات عملية، وتطوير حلول تكنولوجية تدفع بالنمو الاقتصادي المحلي قُدما بينما تدعم التحول إلى الطاقة الخضراء خارج حدودها.

ومن المؤكد أن العالم المتقدم كان مسؤولا منذ أزل عن قدر كبير من الأضرار البيئية التي لحقت بكوكب الأرض، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التصنيع المبكر. فحتى عام 2000، أطلقت الولايات المتحدة وأوروبا ما يقرب من 70 بالمائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. ومع ذلك، فإن أكبر الدول المصدرة للانبعاثات السنوية تغيرت بسرعة في السنوات الأخيرة، حيث فضلت العديد من البلدان النمو الاقتصادي عن الانبعاثات.

فعلى سبيل المثال، تمثل المملكة المتحدة -وهي مهد الثورة الصناعية- الآن، ما يقارب 1 بالمائة من الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون، في حين أن الصين تسبب أكثر من 30 بالمائة. وتشير تقديراتنا إلى أن الانبعاثات في المملكة المتحدة ستنخفض إلى 0.6 بالمائة من الإجمالي العالمي بحلول عام 2030، مع ارتفاع حصة الصين إلى أكثر من 36 بالمائة. ولا ينبغي لخطايا الماضي أن تحل محل استراتيجية واضحة الرؤية فيما يتعلق بالمناخ، خاصة في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. إن إظهار الالتزام الجاد بالتحول إلى صافي الصفر يعطي إشارة مهمة لبقية العالم، ولكن يتعين على هذه الحكومات أيضا أن تضمن أنها تعتمد نهجا يرسم الطريق إلى مستقبل أفضل للجميع. وإلا فإنها قد تتخلف عن الركب بينما تتولى بلدان أخرى القيادة العالمية بشأن التحديات المناخية، وهي تحديات علمية وتكنولوجية بقدر ما هي سياسية. وقد أدركت الولايات المتحدة هذا الأمر، وأصدرت قانون خفض التضخم بقيمة بلغت مليارات الدولارات، وهو ما أدى إلى التعجيل بالاستثمار في تكنولوجيات الطاقة النظيفة، بما في ذلك مشاريع البحث والتطوير. وخلال العام الذي أعقب إقرار مشروع القانون، أعلِن عما يقرب من 80 مصنعًا رئيسيًا للطاقة النظيفة.

كذلك، تهيمن الصين على سلسلة توريد التكنولوجيا النظيفة، وخاصة في المواد الحاسمة الأهمية مثل الغاليوم، وأشرفت على تطوير مكونات للألواح الشمسية منخفضة التكلفة، وتوربينات الرياح، وغير ذلك من التكنولوجيات.

ولكن بدلا من اتباع سياسات صناعية عدوانية لبناء تكنولوجيا نظيفة، ركز الساسة في المملكة المتحدة على أمور ثانوية، بما في ذلك تفاهات مثل عادات رئيس وزراء المملكة المتحدة، ريشي سوناك، عندما يكون في رحلة على متن طائرة. ومن ناحية أخرى، أهدر الساسة الأوروبيون الكثير من الوقت في الخلافات بخصوص الطاقة النووية: ردّا على إغلاق ألمانيا لمحطاتها النووية، قالت ميلاني فوجل، وهي عضو في مجلس الشيوخ الفرنسي والرئيسة المشاركة لحزب الخضر الأوروبي، في تغريدة لها: «هل حاولت أن تجعل بلدك يغلق آخر محطاته للطاقة النووية خلال 30 دقيقة؟ ومع أن الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنها ليست طموحة كما يجب. وفضلا على ذلك، لم تتقدم الدول الأوروبية بالصورة المطلوبة في مجال الإبداع العلمي والتكنولوجي، في حين ظلت الولايات المتحدة رائدة على مستوى العالم. ولا تزال المملكة المتحدة، من جانبها، تكافح من أجل العثور على موطئ قدمها الاقتصادي بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. ويتعين على الدول الأوروبية والمملكة المتحدة أن تضع الابتكار في مجال التكنولوجيا النظيفة على رأس جدول أعمالها، إلى جانب الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية. ويتعين على صانعي السياسات أن يركزوا على التكنولوجيات والحلول -بما في ذلك توليد الكهرباء وتخزينها، واحتجاز الكربون، والانشطار والاندماج النووي- التي من شأنها أن تساعد البلدان في مختلف أنحاء العالم على الاستعاضة عن الوقود الأحفوري بالطاقة المتجددة المنخفضة التكلفة والمريحة. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على المملكة المتحدة والدول الأوروبية زيادة الإنفاق الرأسمالي وتخصيصه بصورة أفضل (ومن الواضح أن ميزانية البحث والتطوير لشركة أمازون تتجاوز ما يُنفق على البحث والتطوير في كل دولة أوروبية). وتشكل زيادة التمويل، فضلا عن إصلاحات التخطيط والبحث، ضرورة أساسية لبناء نظام بيئي للإبداع يعزز «الشركات الحدودية» (الشركات المائة في كل قطاع التي تتمتع بأسرع نمو في الإنتاجية).

إن القدرة التنافسية لأوروبا كقاعدة للصناعة ما زالت تتراجع، وهو ما يؤكد الحاجة إلى العمل المتضافر. ونظرا لريادة الصين في تصنيع التكنولوجيات الخضراء ذات التكلفة المنخفضة، كما يتضح من العدد المتزايد من السيارات الكهربائية الصينية على الطرق الأوروبية، ينبغي للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يسعيا إلى استغلال الفرص في حلول «الميل الأخير». فعلى سبيل المثال، سيكون للإزالة الكاملة للكربون من قطاع الطاقة في المملكة المتحدة تأثير طفيف نسبيا على الانبعاثات. ولكن تطوير طرق مبتكرة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة من شأنه أن يمكن البلدان الأخرى من القيام بنفس الشيء بسهولة أكبر وبتكلفة أقل.

إن التحديات التي يواجهها علم المواد، وخاصة في القطاعات التي يصعب انتقالها إلى صافي الصفر مثل الأسمنت، ينبغي أن تثير حماس الباحثين ورواد الأعمال الشباب. ومن شأن هذا التحول في التركيز أن يسهم في تطوير أدوات جديدة لمكافحة تغير المناخ في جميع أنحاء العالم. ومن شأنه أيضا أن يحول تركيز المناقشات المحلية من التضحيات الشخصية إلى إمكانات العمل المناخي لتعزيز المصادر الداخلية للإبداع، ودفع النمو الاقتصادي قدما، وخلق فرص العمل، مع الاستفادة من زيادة التأثير على الصعيد العالمي. ورغم التحديات المتمثلة في معالجة تغير المناخ، فإن التكنولوجيا والابتكار يعملان على تسريع عملية التحول إلى صافي الصفر. ولكن يتعين على المملكة المتحدة والحكومات الأوروبية أن تركز على المساهمة في هذه الحلول، وهو ما يعني التركيز على النمو بدلا من التضحية، وتعزيز التأييد على نطاق واسع بدلا من إلقاء اللوم.

إن النهج الحالي القائم على التقليل من أهمية الجهود العالمية للحد من الانبعاثات وتضخيم تأثير العمل المناخي المحلي، والمُتخذ بمعزل عن العالم الخارجي، يضعنا جميعا على المسار الخطأ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المملکة المتحدة الدول الأوروبیة بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029

أكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن استضافة المغرب لكأس العالم لسنة 2030 بالاشتراك مع كل من البرتغال وإسبانيا، ستكون لها آثار تنموية على عدد كبير من المدن المغربية حتى تلك التي لن تستضيف مباريات في هذه البطولة.
وخلال مشاركته في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، سجل بركة أن نحو 35 مدينة ستشملها مشاريع مرتبطة بكأس العالم، وليس فقط المدن الست التي ستحتضن المباريات.
وأشار بركة إلى وجود مشاريع لتطوير تجهيزات طرقية لتقليص الضغط على مدن الدار البيضاء وطنجة والرباط ومراكش.
وأكد المسؤول الحكومي، أن أغلب المدن ستستفيد من كأس العالم، لاسيما المدن المجاورة للمدن المستضيفة للمباريات، من خلال تداريب الفرق في المدن القريبة، فضلا عن الطرق السيارة التي سترقى إلى المستوى المطلوب.
كما أشار بركة إلى أنه وبالنسبة للملعب الكبير في بنسليمان، يتم الاشتغال على طريق سيار قارية تربط الدار البيضاء والرباط، لتكون جاهزة في 2029 بثلاثة ممرات.

مقالات مشابهة

  • السعودية تحتفل بفوز المملكة باستضافة كأس العالم 2034 بتجارب استثنائية على متن رحلاتها «فيديو»
  • تعاون مصري سعودي للاستفادة من خبرات المملكة في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة
  • بينما نعيش عصر التكنولوجيا المتطورة يبقى الإنسان سيد هذا العالم بفضل روحه وعقله وإبداعه.
  • أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم
  • الفجوة الرقمية.. 2.6 مليار شخص ما زالوا خارج عصر الإنترنت
  • بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029
  • سحر التكنولوجيا وفتنتها
  • "بسيوني": الشائعات تهدف إلى التأثير على الصورة التي تقدمها مصر في مجال حقوق الإنسان
  • دعاوى بريطانية لرفض عودة أسماء الأسد إلى المملكة المتحدة
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم