موقع النيلين:
2024-11-18@17:49:51 GMT

حكاية حميدتي ..البعاتي وزفة الموت!

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

حكاية حميدتي ..البعاتي وزفة الموت!


البعّاتي وزفة الموت!
بقلم: أويس الجلبي – إعلامي
في عام 2006 كنت أتجول في بعض الأحياء القديمة ببغداد، كانت الحرب الطائفية تستعر ورائحة الموت تعم العاصمة وبقية المدن، في هذا الجو سمعت صوتا لموسيقى شعبية تُعزف عادة في الأعراس، وقد استغربت الأمر لأن الضحى ليس وقتًا مألوفاً لمثل ذلك.

قادني الفضول لتتبع الصوت ولما اقتربت كانت المفاجأة، جنازة محمولة على الأكتاف تتقدمها فرقة العزف الشعبي مؤدية أهازيج الفرح ومعزوفاته الراقصة!.

سألت أحد الأصدقاء عن سر الأمر فقال: إن بعض العائلات في الأحياء القديمة البغدادية إن مات ابنها قبل الزواج أشفقوا على وفاته دون أن يشهد زفافه ولذلك يزفون جنازته كنوع من إمتاعه والوفاء له قبل دفنه!.

حضرتني هذه القصة وأنا أتابع منذ مدة الجدل حول حياة حميدتي، وصولا للتصريح الذي أدلى به أحد السفراء وعبارة #البعاتي التي استخدمها خلال مقابلة مع الجزيرة ثم مقابلة البرير التي عبر فيها عن قناعته بحياة الرجل، وللمفارقة فإن فرضية موت حميدتي يتبناها كثيرون ومنهم شخصيات كبيرة أستغرب سلوكهم هذا الاتجاه.

الشاهد في الأمر أن الحكم على حياة حميدتي وموته غير مرتبط بظهوره في الإعلام من عدمه، بل إن الشخصيات التي يكون لها أثر أمني غالباً ما يصاحب موتها زفة على غرار زفة الجنازة المذكورة أعلاه، وغير بعيد عنا حدث مقتل يفغيني بريغوجين وطبيعة التغطية الإعلامية التي رافقته. فحقيقة هذه الشخصيات أن وجودها الفعلي أو عدمه ليس هو المهم بل المهم هو انفضاض الشركاء والداعمين واتخاذ القرار بإبعاد الشخصية عن مسرح الأحداث، فلا يهمنا الآن هل مات بريغوجين حقيقة أم لا، ولكن المهم هو أن دوره كقائد لفاغنر قد انتهى، وأن فاغنر نفسها تجري الإجراءات لتحييدها عن المشهد في مواقع كثيرة لتحل محلها جهات أخرى.
مثال آخر للتقريب هو بن لادن – مع الفارق بينه وبين حميدتي- فعلى الرغم من التقارير الكثيرة التي كانت تتحدث عن وفاته بالمرض، أو أنه لم يعد قادراً على قيادة تنظيمه لفترة طويلة، إلا أن خطاب أوباما في مايو 2011 وحديثه عن قتل الرجل بعملية عسكرية في باكستان وما صاحبه لاحقا من توقف الإعلام الأمريكي عن مناقشة دور بن لادن هو الذي مثل نهاية قصة الرجل.
إذن بالنسبة لحميدتي يبقى الرجل حيًّا حُكمياً ما دام الرعاة الإقليميون يتعاملون مع وجوده كحقيقة ويستقبلون ممثليه، أما موته فلابد أن تتم له زفة معتبرة يُسدل فيها الستار على الرجل. وما سوى ذلك فكل ما يُقال تهويمات وأمانٍ يُخدَّر بها الناس، في الوقت الذي ينبغي عليهم أن يتهيؤوا لأشكال أخرى، فماذا لو أُعلنت وفاة حميدتي الشخص مع بقاء حميدتي المتمرد كمنظومة يقودها أي أحد من الناس ويفاوض ليفرض أجندة معينة!.

ربما يرى البعض بأن شخصية حميدتي القبلية هي الفاصلة في موضوع الدعم السريع، والصحيح أن الفاصل هو المال الذي كان يوزعه حميدتي، فلو توفر شخص آخر يتمتع بنفس المقدرات المالية حين ذلك يكفي جميع مقاتلي الدعم السريع وواجهاته السياسية أن يقرؤوا الفاتحة على المرحوم ثم يواصلوا مع الراعي الجديد.

ملاحظة لغير السودانيين: البعاتي هو الشخص الذي يعود من الموت وأقرب توصيف معروف له في الأفلام هو الزومبي!

بقلم: أويس الجلبي – إعلامي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

المرأة.. ذلك الكاىٔن المحير!!

فى رائعة أناتول فرانس، «الرجل الذى تزوج امرأة بكماء»، نجد أحد القضاة ذوى السمعة الحسنة والعقل الراجح قد تزوج بإحدى النساء ذوات الحسب الرفيع، لكنها للأسف كانت بكماء لا تنطق بكلمة، فتمنى من شغاف قلبه أن يعالجها، فقد كانت غاية فى الفتنة والأنوثة، وكل ما كان ينقصها هو صوتها الذى تخيله عذباً رقراقاً وكان على استعداد أن يضحى بالغالى والنفيس فى سبيل أن تستعيد قدرتها على التحدث، وبالفعل حقق الله أمنيته إذ عثر على مبتغاه فى صورة طبيب بارع استطاع أن يعالج تلك الزوجة الفاتنة.

ولكن -واأسفاه- فقد تبخرت أحلام الزوج فى السعادة، إذ فوجئ بأن زوجته الفاتنة تلك ما إن استعادت صوتها حتى  تحولت إلى كائن ثرثار أنانى، إذ كل ما كان يشغل عقللها زينتها وملابسها وأحدث الصيحات.. إلخ. وطفقت تثرثر طوال الوقت فيما ينفع وما لا ينفع فبدت له كائناً أجوف يعذبه بالثرثرة الفارغة التى كاد يفقد عقله على أثرها!! ولم يجد حلاً  لإنهاء عذابه هذا سوى بأن جعل الطبيب الذى عالج زوجته من قبل يعطيه دواء  أصابه بالصمم، كى لا يسمع زوجته الثرثارة إلى الأبد!!

وبعيداً عن سخرية «أناتول» اللاذعة فى روايته تلك وإظهاره للمرأة فى تلك الصورة التى قد تغضب عزيزاتى ذوات تاء التأنيث، نجد أن المرأة كاىٔن محير منذ أن خلقه الله من  ضلع آدم الأعوج،  وبغض النظر عن أنها كانت سبباً رئيسياً فى خروج آدم من الجنة، فإنه لا يمكن أن تختزل كل مثالبها في مجرد الثرثرة.

فالمرأة قد تكون سبباً في أن يعيش الرجل حياة أشبه بالنعيم وتزخر بالنجاح بما حباه الله لها من الفطنة والعقل والذكاء يصدق فيها قول رسولنا الكريم: «خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة»،  أو تكون على النقيض من ذلك، إذ تحول حياة الرجل إلى عذاب مقيم، فتكون سبباً فى شقاىٔه الأبدى، بكثرة طلباتها ونزواتها وغيرتها ممن حولها من النساء، وتكون غير قنوع بما رزقها الله به، للدرجة التى قد يجن معها الزوج، خصوصاً فى هذا الزمان الأغبر الذى طال فيه الغلاء كل شىء وتحول الرجل إلى مجرد كائن مسكين إزاء متطلبات المعيشة التى تكوى الجباه وتحنى الظهور، ما جعل حديث رسولنا الكريم «رفقاً بالقوارير» ينطبق على الرجال قبل النساء!!

وقد شاع العديد من النظريات والافتراضات الطريفة فى محاولة لفهم المرأة ومدى اختلافها عن الرجل، ولعل أطرفها ما تصوره الطبيب النفسى الأمريكى جون جراى من أن النساء قادمات من كوكب مغاير للذى جاء منه الرجال، فالنساء جئن من كوكب «الزهرة»، فى حين أن الرجال أتوا من «المريخ»، لذا فهما كائنان من كوكبين مختلفين صفاتهما مختلفة ومشاعرهما مختلفة رغم تشابههما فى نسق التكوين العام، فعقل المرأة يختلف كلياً عن الرجل ومشاعر المرأة جياشة تختلف تماماً عن الرجل الذى يميل إلى التفكير بعقله لا من خلال العاطفة، لذا يجب ألا تقاس الأمور من خلال منظور واحد لأى منهما، فهما كائنان مختلفان تمام الاختلاف ينتميان إلى كوكبين مختلفين، التقيا على كوكب ثالث وهى الأرض، لذا فكل منهما يجب أن يقدم على فهم الآخر باعتبار أنه كائن مغاير له فى كل شىء ومن هنا يتلاقيان فى نقطة مشتركة يسودها التفاهم والود والتعاطف ما يحقق السعادة لكل منهما على السواء.

لذا لا تجزع أيها الرجل، فبعيداً عن تلك الثرثارة فى رائعة أناتول فرانس التى أفقدت زوجها عقله، فثمة فرصة سانحة كى تحيا بسعادة مع ذلك المخلوق الزهرى المحير المسمى بـ«المرأة» دون أن تصيب نفسك بالصمم!!

 

مقالات مشابهة

  • حكاية فيلم جمع «النمر الأسود» ومنى زكي رغم رفض محمد خان
  • أنفاس ثقيلة في سماء بغداد… حكاية التلوث الذي لا ينام
  • ماذا قالت الاستخبارات التركية في تقريريها المهم عن ترامب؟
  • بيراميدز يرد علي الأهلي.. إيه حكاية مروان حمدي وخالد عبد الفتاح
  • نزال تاريخي ينتهي بخسارة الأسطورة .. حكاية ملاكمة تايسون وجيك بول
  • حكاية بنت اسمها حسنات
  • المرأة.. ذلك الكاىٔن المحير!!
  • حكاية للتاريخ.. مدبولي يشاهد فيلمًا تسجيليًا عن شركة النصر للسيارات
  • «حكاية للتاريخ».. رئيس الوزراء يشاهد فيلما تسجيليا عن شركة النصر لصناعة السيارات
  • «العمارة وقعت».. حكاية ابنة خال حسن الرداد المأساوية