لجريدة عمان:
2024-07-05@06:17:17 GMT

نثر على وتر

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

ما الكلِم إن لم يكن نثرا وما البيان إن لم يكن سحرا وما الشجن إن لم يكن نغما يُتلى على وتر، ومن نحن إن لم نكن حنينا أبديا للفردوس الخارجين منها عنوة. هذا ما تفعله الكلمات فينا حين تمتزج المفردة باللحن، وحين تفرد المعاني أجنحتها للتحليق بعيدا. هكذا انبجست الكلمات بعد الأمسية الشعرية والفنية التي أقيمت الأسبوع الماضي في مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة ضمن فعاليات موسم ظفار الثقافي والرياضي 2023.

أحيا الأمسية الشاعر علي العامري وعازف العود المصري الشاعر أحمد الواحي، قدمتُ الضيفين للجمهور فبين الكلمة ورنين الوتر تسلطنتُ وحدي، ناهيك عن تحقيق هدف الأمسية عبر اقتران الكلمة بترانيم العود، الآلة التي اكتشفت منذ حوالي خمسة آلاف عام وواكبت أشجان الناس وأفراحهم في الحضارات الغابرة. أما الحدث الأهم في الأمسية فكان عودة الشاعر علي العامري إلى منصات الإلقاء الشعري، بعد انقطاع لظروف العمل عن المناسبات الثقافية، إذ كانت آخر مشاركة له في صلالة في عام 2006، ضمن فعاليات مسقط عاصمة للثقافة العربية. بعدها انقطع (أبو قصي) عن الساحة مرة أخرى اللهم إلا مشاركة يتيمة ضمن الأيام الثقافية العمانية بإسبانيا عام 2013. وكان علي العامري متألقا في الفعاليات الثقافية في جامعة السلطان قابوس إبان افتتاحها. قرأ العامري بعض القصائد من ديوانه الأول (نقطة في الظلام) وقصائد أخرى من ديوانه قيد النشر (نجمة الصباح) يقول في إحدى قصائده:

«سأمسح هذه الدموع

التي تهطل على خديكِ

سوف آوي إلى ركن شديد

لأتمكن من العبور

إلى مرافئ حزنك النبيل

في منتصف الليل

حين ينعس القمر الساهر

تجوب الطرقات والمسالك

بين الأتربة وحوافي الطين الأزرق

بلون القلق المتماسك

بين أنياب الذكرى والحنين

وكما تفعل الراعيات القديمات

وقد تمنطقت بالأتعاب حول خصرها

عقصت شعرها بالخمار

في الهزيع الأخير من الليل

حين تلتف البتلات بقطر الندى».

أما الشاعر المصري وعازف العود أحمد الواحي، فقد كان اكتشافا جميلا لي شخصيا والجمهور، وتفاجأت أنه مقيم في صلالة منذ عدة سنوات، هو القادم من واحات مصر الغربية محملا بروح البدوي الأصيل وأضاف لها إبداعا على دندنة العود وشجن اللحن المصري وبلاغة الكلمات. سرني الأمر حين تحققت أمنية شخصية بمشاركة المبدعين العرب المقيمين في السلطنة في الفعاليات الثقافية، لأن الثقافة مظلتنا التي نستظل بها جميعا من عُمان إلى المغرب، ومساهمة المقيمين العرب يُعزز من التفاعل بين الأشقاء ويجوّد الإنتاج الثقافي الأدبي والفني.

يبقى عزوف الجمهور عن حضور الفعاليات الثقافية العنوان الأبرز لكل مناسبة، رغم الترويج المسبق للأمسية إلا أن الجمهور لم يحقق التوقعات، وخاصة الكتاب والأدباء والفنانين ممن يبحث عن بيئة ومساحة يلتقى فيها مع شركاء الفكر والإبداع، قد نبرر غياب الجمهور بسبب هطول الفعاليات في صلالة كالرذاذ خلال الفترة الماضية إلى درجة التشبع ربما، وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة تنظيمية بحيث لا يكثر العرض ويقل الطلب. صحيح أن الفعاليات الثقافية في أي مكان لها جمهورها النخبوي إن صح القول، ولكن السؤال المطروح أين النخبة؟ وما مبرر غيابها عن المشاركة، إذ تحولت إلى ظاهرة ليس في السلطنة فحسب بل في دول عربية أخرى ذات كثافة سكانية أكثر وتتواجد بها مرافق ثقافية وعلمية عديدة، فعلى سبيل المثال حضرت ذات مرة ندوة ثقافية في إحدى الدول العربية لكاتب عربي معروف، فلم يحضر إلا الضيف ومقدم الأمسية وكاتب هذه الأسطر. وأُجلت الفعالية نتيجة لغياب الجماهير. كان جمهور أمسية نثر على وتر متفاعلا مع النغمات والكلمات إلى درجة أنهم تمنوا مواصلة العزف وإلقاء النثر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفعالیات الثقافیة

إقرأ أيضاً:

معلقة “غزة على أسوار القدس” للشاعر الراحل خالد أبو خالد في محاضرة باتحاد كتاب حمص

حمص-سانا

سلط الأستاذ في كلية الآداب بجامعة البعث الدكتور عصام الكوسى في محاضرة استضافها فرع حمص لاتحاد الكتاب اليوم الضوء على معلقة “غزة على أسوار القدس” للشاعر والمناضل الفلسطيني الراحل خالد أبو خالد الذي حمل القلم إلى جانب السلاح دفاعاً عن القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب المناضلة ضد الاحتلال.

وأوضح الكوسى في محاضرته التي جاءت بعنوان “تحولات النخلة في معلقة الشاعر خالد أبو خالد” أن المعلقة التي تعد من نفائس الشعر العربي الحديث استحقت تسميتها بالمعلقة تمثلاً بالمعلقات التي كانت تعلق على جدران الكعبة عند العرب القدماء لأن “أبو خالد” أصر على إبراز مدينة غزة العصية على الغزاة عبر التاريخ والتي تشابه المدن الفلسطينية الأخرى من النواحي الجغرافية والتاريخية والسياسية.

وعرج على السمات الأسلوبية والدلالية لمفردة “النخيل” التي تقصد الشاعر تكرارها في أبيات المعلقة لأسباب لم تأت عن عبث، فهو يرى فيها مجموعة من الثوابت والمبادئ والقيم التي تمثل صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الجائر فكانت مفتاحاً رئيساً للمعلقة وتشابكت مع تراكيبها وصورها في إشارات ودلائل أراد خالد أبو خالد أن يفجر من خلالها طاقة إيجابية واسعة تجعل المتلقي يشاركه في العملية الإبداعية.

ورأى الكوسى أن الشاعر اختار رمز النخلة في معلقته لأنها تمثل سيدة الأشجار والصحراء ورمز العطاء والخصوبة والعطاء والجمال عند الفينيقيين والعرب القدماء، كما ورد ذكرها في الكتب المقدسة، وانبثق هذا الاختيار من مبدأ أن النخيل صاحب موقف ثابت لا يقبل الانحياز، فهو كالشعب الفلسطيني الأصيل عاهد نفسه بأن يبقى مدافعاً عن قضيته متمسكاً بحقه في الحياة والعودة إلى دياره السليبة، كما أن النخيل شاهد على كل ما يجري في غزة وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو حامل للذاكرة والهوية ويملك أبجدية ولغة كجزء من الهوية جعلها تعلم لغة الكفاح والسلاح والقوة في سبيل تأكيد الحق وكشف الحقائق وكتابة التاريخ.

وأضاف الكوسى إن الشاعر “أبو خالد” حاول في المقطعين الأخيرين للمعلقة أن يحمل النخيل وظيفتين مهمتين، الأولى فضح العدو وكشف زيف ادعاءاته وإسقاطها بالحجة والبرهان، والثانية أن يكون المؤرخ الصادق لنضال شعبه رافضاً أن يعطي عدوه الغازي أو أعوانه هذا الحق لأنهم سيكذبون وسيزيفون الحقيقة التي سطرها المناضلون بأسلحتهم ودمائهم.

واستشهد الدكتور الكوسى بباقة من المقاطع الشعرية في معلقة الشاعر “أبو خالد” والتي يكرر فيها مفردة النخيل في إشارة إلى نخيل غزة وصموده في وجه الجرائم الإسرائيلية الوحشية.

وختم المحاضر بأن الشاعر “أبو خالد” يمتلك عدة سمات تدفع للاهتمام بشعره، أولها أنه شاعر فدائي وثانيها وفاؤه العظيم لسورية التي أوصى بأن يدفن في عاصمتها دمشق وثالثها رفضه القاطع لكل المهادنات مع العدو الإسرائيلي ورابعها أن معلقته جاءت مرآة لما يحدث اليوم في غزة الصامدة.

والراحل خالد محمد صالح الحمد الملقب بـ “خالد أبو خالد” وفتى كنعان” هو شاعر وفنان تشكيلي وصحفي فلسطيني من مواليد ألف وتسعمئة وسبعة وثلاثين، شغل عدداً من المهام كمحرر في إذاعة الكويت ومناضل التحق بالفصائل الفلسطينية، وكان عضواً في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين وعضواً مؤسساً في اتحاد الكتاب في سورية، وجمعت أعماله باسم “العوديسا الفلسطينية”، توفي في دمشق عام ألفين وواحد وعشرين.

حضر المحاضرة لفيف من الأدباء والمثقفين.

حنان سويد

مقالات مشابهة

  • حلم حياتي إن صوتي يطلع حلو وأتعلم العود.. أبرز تصريحات أحمد حلمي ببرنامج "بيت السعد"
  • بطولة تامر هجرس وهيدي كرم.. مفاجأة في دور عرض فيلم «جوازة توكسيك»
  • رايات الشمس البنفسجية
  • ثلاثة شعراء يتغنون بالحب والطبيعة بـ«بيت الشعر» بالشارقة
  • أما آن؟.. أمسية سينمائية تجمع 15 فيلما
  • سبب وجيه للفرح
  • التراث يجذب الزوار في بيت حائل
  • معلقة “غزة على أسوار القدس” للشاعر الراحل خالد أبو خالد في محاضرة باتحاد كتاب حمص
  • انطلاق البرامج الصيفية في «سالم بن حم الثقافي»
  • الخميس.. ندوة نقدية وأمسية شعرية فى سبعينية الشاعر محمد الشحات بنقابة الصحفيين