سابقة عالمية في مهرجان البندقية مع عرض فيلم بتوقيع إسرائيلي إيراني
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
متابعة بتجــرد: شهد مهرجان البندقية السينمائي المقام حالياً بدورته الثمانين، سابقة عالمية مع عرض فيلم “تاتامي”، وهو ثمرة تعاون غير مسبوق بين سينمائيَّين متحدّرَين من بلدين عدوّين، إيران وإسرائيل.
يروي هذا الفيلم، الذي عُرض في فئة “آفاق” الموازية، قصة كفاح لاعبة جودو إيرانية تُدعى ليلى ومدّربتها مريم اللتَين ترفضان خلال بطولة العالم في جورجيا الامتثال لطلب حكومتهما الانسحاب من البطولة تفادياً لمواجهة لاعبة إسرائيلية.
وقالت زار أمير (42 عاما)، واسمها الحقيقي زهرا أمير ابراهيمي، المشاركة في إخراج العمل الذي تلعب فيه أيضًا دور مريم، لوكالة فرانس برس الأحد “تعلّمت في المدرسة أن إسرائيل غير موجودة”.
وأضافت “لذلك، لا يُسمح لنا بالعمل سويًا أو الالتقاء أو نسج صداقة أو منافسة هذا العدو الوهمي”.
تعيش زار أمير، المولودة في طهران، في المنفى في فرنسا، لذلك فهي “حرّة في اختيار هذه المواضيع” التي تتحمل “مسؤولية” سردها، وفق قولها.
وتابعت “سيحمل الفيلم أيضًا بعدًا سياسيًا لكن هذه ليست مشكلتي”.
وفازت زار أمير بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي في العام 2022 عن دورها كصحافية مشاكسة في فيلم التشويق “عنكبوت مقدّس” حول قاتل متسلسل لعاملات الجنس في مدينة مشهد الإيرانية.
وقالت أيضًا “في إيران، لا يمكن للسينمائيين قول الحقيقة فعليًا، يمكنهم معالجة (هذه المواضيع) لكنها ستُظهر دائمًا نصف الحقيقة”.
وسبق أن احتجزت طهران مخرجين اتّهمتهم بالدعاية ضد النظام مثل جعفر بناهي ومحمد رسول آف.
وحُكم على المخرج سعيد روستايي ومنتج فيلمه “إخوة ليلى” بالسجن ستة أشهر لعرض الفيلم (الممنوع عرضه في إيران) في مهرجان كان السينمائي في العام 2022 “من دون إذن”.
وندّد هذا الأخير بـ”اعتداء خطير على حرية التعبير للفنانين والسينمائيين والمنتجين والفنيين الإيرانيين”.
لا يترّد السينمائي الإسرائيلي المشارك في إخراج فيلم “تاتامي” غاي ناتيف، مخرج فيلمَي “سكين” (2018) و”غولدا” (2023) الذي تؤدي فيه الممثلة هيلين ميرين دور رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مئير، في رسم مقارنة جريئة بين إيران وإسرائيل.
وقال لوكالة فرانس برس، جالسًا إلى جانب زار أمير على مقربة من قصر السينما في جزيرة الليدو “في ما يشبه المعجزة، يحصل ما يمكن وصفه بالثورة في إسرائيل وإيران. في إسرائيل، الثورة ضدّ ما يفعله بنيامين نتانياهو بحقّ الديموقراطية”.
وأضاف “نحن بلدان متشابهان بعض الشيء ويعيشان العملية نفسها بطريقة ما”.
من جهتها، قالت الممثلة الإيرانية إلى جانبه إنها “مغمورة بالأمل والإيجابية” حيال الحركة الاحتجاجية التي بدأت قبل عام بعد وفاة الشابة مهسا أميني (22 عامًا) بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران لعدم امتثالها لقواعد اللبس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وأضافت “أعتقد أن النساء يعملن على تغيير الوضع وأن العودة إلى الوراء غير ممكنة. تأثرتُ بشجاعتهنّ، خصوصًا شجاعة الأجيال الشابة”.
وتابعت “إنها ثورة مستمرة (…) أحبّ فكرة أن باستطاعنا أخيرًا اختيار ما سنرتدي وكيف سنتصرّف”.
وقالت أيضًا “الرجال باتوا يدعمون النساء، وهذا جديد”.
ووُزّع فيلم “تاتامي”، الذي سيُعرض في العام 2024، في دول أوروبية عدة.
وأشار المخرج غاي ناتيف إلى أن الفيلم أثار ردودًا كثيرة في إسرائيل لأن “الناس ترى هذا التعاون فعلًا ثوريًا”.
وتابع “آمل أن يمهد ذلك الطريق لتعاون آخر بين الإسرائيليين والإيرانيين في مجالات أخرى مثل الموسيقى”.
main 2023-09-04 Bitajarodالمصدر: بتجرد
إقرأ أيضاً:
من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير 2025، استشهاد قائدها العام محمد الضيف، بعد مسيرة طويلة، توجها بعمليتي "سيف القدس" (2021) و"طوفان الأقصى" (2023).
ولم توضح القسام، في كلمة مصورة لمتحدثها أبو عبيدة، ظروف استشهاد الضيف الملقب بـ"أبو خالد"، واكتفت بالإشارة إلى أنه ارتقى في ساحات القتال بقطاع غزة ضد إسرائيل "مقبلا غير مدبر".
ونعاه أبو عبيدة قائلا إنه "استشهد هو وثلة من الرجال العظماء أعضاء المجلس العسكري العام للكتائب في خضم معركة طوفان الأقصى حيث مواطن الشرف والبطولة والعطاء".
وأضاف أن هؤلاء القادة "حققوا مرادهم بالشهادة في سبيل الله التي هي غاية أمنياتهم كختام مبارك لحياتهم الحافلة بالعمل في سبيل الله، ثم في سبيل حريتهم ومقدساتهم وأرضهم".
وشدد على أن "هذا ما يليق بقائدنا محمد الضيف الذي أرهق العدو منذ أكثر من 30 سنة، فكيف بربكم لمحمد الضيف أن يُذكر في التاريخ دون لقب الشهيد ووسام الشهادة في سبيل الله؟".
وعلى مدى سنوات، نفذت إسرائيل محاولات عديدة لاغتيال الضيف، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، رغم إصابته في إحدى تلك المحاولات.
آخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة آمنة"، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.
لكن "القسام" نفت آنذاك صحة اغتياله، قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة".
** فمن محمد الضيف؟
ولد محمد دياب إبراهيم الضيف عام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة عايشت كما آلاف العائلات الفلسطينية آلام اللجوء عام 1948؛ لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وفي سن مبكرة، عمل الضيف في أكثر من مهنة ليساعد أسرته الفقيرة، فكان يعمل مع والده في محل "للتنجيد".
درس الضيف في كلية العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وخلال هذه الفترة برز طالبا نشيطا في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح، وتشبع خلال دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي.
وبدأ نشاطه العسكري أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انضم إلى حماس في 1989، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل في ذلك العام ليقضي في سجونها سنة ونصفا دون محاكمة بتهمة "العمل في الجهاز العسكري لحماس".
وأوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة "القسام" في قطاع غزة، ومكث فيها مدة من الزمن، وأشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك.
في عام 2002، تولى قيادة كتائب القسام بعد اغتيال قائدها صلاح شحادة.
** مدافع عن القدس والأقصى
وعلى مدار حياته وقيادته في القسام، انشغل الضيف بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في مواجهة اعتداءات إسرائيل.
هذا الأمر جعل اسمه يترد في الهتاف الشهير "إحنا رجال محمد ضيف" الذي بات يردده الفلسطينيون بالمسجد الأقصى في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية له، رغم أنهم لا يهتفون عادة لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية.
وبدأ الشبان الفلسطينيون في ترديد هذا الهتاف بمنطقة باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان عام 2021 الذي وافق آنذاك 13 أبريل/ نيسان، حينما كانوا يحتجون على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.
وبعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخا من غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل وأزالت حواجزها من باب العامود.
وآنذاك، حذر الضيف إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها في القدس.
ولاحقًا، تكرر اسم الضيف في مظاهرات تم تنظيمها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، احتجاجا على قرارات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في الحي لصالح مستوطنين.
وعلى إثر ذلك، خصّ الضيف، في بيان صدر في 4 مايو/ أيار 2021، سكان الشيخ جراح بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.
إذ قال إنه يحيي "أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة"، مؤكدا أن "قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب”.
ووجه "تحذيرا واضحا وأخيرا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليا”.
وبعد أكثر من عامين من ذلك التاريخ، عاد الضيف للدفاع عن المسجد الأقصى، عبر عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي يُعتبر من مهندسيها.
إذ كان من أبرز مبررات إقدام "القسام"، على تلك العملية، تمادي إسرائيل في العدوان على القدس والمسجد الأقصى.
وعلى مدى نحو عقدين من الزمن، جاء الضيف على رأس قائمة الأشخاص الذين تريد إسرائيل تصفيتهم، حيث تتهمه بالوقوف وراء عشرات العمليات العسكرية في بداية العمل المسلّح لكتائب القسام.
ويفتخر جل الفلسطينيين بالضيف وبما حققه من أسطورة في التخفي عن أعين إسرائيل عقودا من الزمن، ودوره الكبير في تطوير الأداء العسكري اللافت لكتائب القسام، وخاصة على صعيد الأنفاق والقوة الصاروخية.
ويعزو جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" فشله لسنوات طويلة في تصفية الضيف إلى شخصيته، وما يتمتع به من حذر، ودهاء، وحسن تفكير، وقدرة على التخفي عن الأنظار، لدرجة أنه سماه "ابن الموت".
** "كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا"
وسابقا، نجا الضيف من عدة محاولات اغتيال منها في أغسطس/ آب 2014، حيث قصفت إسرائيل منزلا شمالي مدينة غزة بخمسة صواريخ، ما أدى إلى مقتل 5 فلسطينيين بينهم زوجة القيادي الضيف (وداد) وابنه علي.
كذلك، حاولت إسرائيل اغتيال الضيف عام 2006، وهو ما تسبب، وفق مصادر إسرائيلية، في خسارته لإحدى عينيه، وإصابته في الأطراف.
وحاولت إسرائيل اغتياله للمرة الأولى عام 2001، لكنه نجا، وبعدها بسنة تمت المحاولة الثانية والأشهر، والتي اعترفت إسرائيل فيها بأنه نجا بأعجوبة وذلك عندما أطلقت مروحية صاروخين نحو سيارته في حي الشيخ رضوان بغزة.
وكان آخر المشاهد المسجلة للضيف ظهوره ضمن وثائقي "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة، وهو يضع اللمسات الأخيرة لعملية "طوفان الأقصى".
وحينها ردد كلمات لخصت مسيرته وهو يشير إلى خريطة فلسطين، جاء فيها:
كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا
ولِي في هذه الأرض آلافُ البُذُور
ومهما حاوَل الطُّغاةُ قلعَنَا ستُنبِتُ البُذُور
أنا هنا في أرضِي الحبيبة الكثيرة العطاء
ومثلُها عطاؤُنا نواصِلُ الطَّريق لا نوقفُ المَسير