قائد انقلاب الجابون يؤدي اليمين رئيسا مؤقتا.. ويتعهد بنقل السلطة للمدنيين
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
أدى قائد انقلاب الجابون، رئيس الحرس الجمهوري السابق الجنرال، بريس أوليجي إنجيما، اليمن، رئيسا انتقاليا لبلاده، مساء الإثنين، متعهدا بـ "إصلاحات دستورية" تفضي إلى تسليم السلطة للمدنيين.
ولدى أدائه اليمين، أمام مقر المحكمة الدستورية في بالعاصمة بريفل، اعتبر إنجيما أن حل المؤسّسات "أمرًا مؤقتًا يستهدف إعادة هيكلتها وإصلاحها لتصبح أكثر ديموقراطية واتساقا مع المعايير الدولية"، وفقا لما أورده تليفزيون الجابون الرسمي.
ووصف إنجيما انقلاب الحرس الجمهوري على الرئيس عمر بونجو، بأنه انحياز لمصالح الشعب في الجابون، معللا الانقلاب، جاء نتاج "التلاعب الفج" بنتائج الانتخابات.
وتعهد قائد الانقلاب بالعمل على دستور جديد للجابون يجرى الاستفتاء عليه وجمعية وطنية جديدة، مؤكدا أن "وحدة البلاد شرط رئيسي لضمان الحريات"، وأن حل مؤسسات بلاده يستهدف إصلاحها لتتماشي والمعايير الدولية.
اقرأ أيضاً
بوريل: انتخابات الجابون غير نزيهة.. وسنفرض عقوبات على انقلابيي النيجر
كما تعهد إنجيما بإعادة جميع اللاجئين السياسيين الجابونيين من الخارج إلى البلاد، الذين فروا من بلادهم جراء القمع وكبت الحريات في عهد بونجو، على أن يجري إعداد دستور جديد للجابون "يلبّي تطلعات الشعب بقانون انتخابي جديد، لكن دون تسرع"، حسب تعبيره.
وأضاف أن الجابونيين سيذهبون مباشرة إلى انتخابات ذات مصداقية، عقب الفترة الانتقالية، دون أن يحدد موعدها، متهما السياسيين الغربيين بالتزام الصمت إزاء ما شاب انتخابات الجابون من خروق؛ "في حين يسارعون لإدانة الانقلابات العسكرية" حسب قوله.
وجاءت تصريحا إنجيما تزامنًا مع إعلان المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا "إيكاس" لعقد قمة طارئة في غينيا الاستوائية لبحث الأوضاع في الجابون عقب الانقلاب على الرئيس بونجو، ومناقشة سبل استعادة النظام الدستوري في الجابون.
وتعد إيكاس من أكبر التجمعات الاقتصادية في إفريقيا، وتأسست عام 1983، وتضم الجابون، وأنجولا، وبوروندي، والكاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو، وغينيا الاستوائية، ورواندا، وتشاد، وجمهورية ساوتومي وبرينسيب.
اقرأ أيضاً
انقلاب الجابون.. لهذا يرجح "ستراتفور" موقفا دوليا "خافتا" ضد العسكر
المصدر | الخليج الجديد + تليفزيون الجابونالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الجابون على بونجو
إقرأ أيضاً:
خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
شهد السودان بعد انقلاب الجيش في أكتوبر 2021 انحدارًا غير مسبوق في مستوى الخطاب السياسي، حيث لم تقتصر التفاهة والانحدار اللغوي على الإسلاميين فحسب، بل شملت أيضًا القوى المدنية بمختلف تياراتها، إضافة إلى المؤسسة العسكرية التي حاولت تبرير استحواذها على السلطة عبر خطاب يقوم على التخويف والتبرير السياسي المراوغ. يعكس هذا التدهور أزمة أعمق في الفكر السياسي السوداني، حيث أصبح الخطاب أداةً للتعبئة العاطفية والتخوين بدلًا من أن يكون وسيلةً للحوار العقلاني وبناء التوافق الوطني.
الخطاب السياسي كأداة للهيمنة والإقصاء
لم يعد الخطاب السياسي في السودان وسيلةً لنقل الأفكار أو النقاش الموضوعي، بل تحول إلى سلاح لإقصاء الخصوم وإحكام السيطرة السياسية. الإسلاميون، الذين وجدوا أنفسهم خارج السلطة بعد ثورة ديسمبر 2019، استخدموا خطابًا دينيًا متشددًا، متهمين القوى المدنية بالعمالة للخارج والسعي لتدمير هوية البلاد الإسلامية. في المقابل، لم يكن خطاب القوى المدنية أكثر نضجًا؛ إذ لجأت إلى التخوين المتبادل وانقسمت بين مناصري الانقلاب ومعارضيه، مما أضعف موقفها وسهّل على العسكر الاحتفاظ بالسلطة.
الكتلة الديمقراطية التناقض بين الخطاب والممارسة
برزت الكتلة الديمقراطية، التي ضمت قوى سياسية وحركات مسلحة مثل حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، كلاعب رئيسي في المشهد السياسي بعد الانقلاب. هذه الكتلة سعت في البداية إلى تبرير الانقلاب واتهام قوى الثورة بالفشل في الحكم، لكنها عادت لاحقًا لتبني خطابًا مدنيًا يطالب بعودة الديمقراطية، رغم دعمها السابق للحكم العسكري. هذه الازدواجية أضعفت موقفها السياسي وكشفت عن غياب رؤية واضحة، حيث بدت مواقفها محكومة بالمصالح المرحلية أكثر من المبادئ الديمقراطية.
خطاب العسكر التخويف والتبرير السياسي
من جهته، لجأ الجيش إلى خطاب يركز على حماية الأمن القومي والاستقرار، محاولًا تصوير الانقلاب كخطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى. استخدم القادة العسكريون لغة التخويف من "الفراغ السياسي" و"الانزلاق نحو الفوضى" لتبرير بقائهم في السلطة. كما عمل الإعلام الرسمي على الترويج لرواية مفادها أن الجيش هو الضامن الوحيد لوحدة السودان، متجاهلًا حقيقة أن الانقلاب هو الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية.
مقارنة بين خطاب الإسلاميين، القوى المدنية، والعسكر
الفاعل السياسي
أبرز سمات الخطاب
الإسلاميون خطاب ديني متشدد، تخوين الخصوم، تصوير المدنيين كعملاء للغرب
القوى المدنية (الكتلة الديمقراطية) تناقض في المواقف، خطاب مزدوج بين دعم الانقلاب والمطالبة بالديمقراطية
المؤسسة العسكرية خطاب التخويف، تبرير الانقلاب، احتكار الوطنية
تأثير الخطاب السياسي على المشهد العام
ساهم هذا الخطاب المشوه في عدة نتائج خطيرة-
إضعاف فرص التحول الديمقراطي - لا يمكن بناء دولة مدنية في ظل خطاب يقوم على التخوين والإقصاء.
تعميق الانقسامات داخل القوى المدنية- التشرذم أضعف موقف القوى المناهضة للانقلاب وأطال أمد الأزمة.
إفقاد الجماهير الثقة في النخب السياسية- عندما يصبح الخطاب السياسي مجرد شعارات خاوية، يفقد المواطنون إيمانهم بالعملية السياسية برمتها.
كيف يمكن تصحيح المسار؟
لإصلاح الخطاب السياسي، لا بد من -وقف حملات التشويه المتبادل: الحوار بين القوى المختلفة ضرورة لإنهاء حالة الاستقطاب.
إعادة تعريف الأولويات - التركيز على القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد والأمن بدلاً من الصراعات الأيديولوجية.
ضبط الإعلام السياسي- يجب أن يكون الإعلام منصة توعوية بدلاً من أداة للتحريض والتضليل.
إن تفاهة الخطاب السياسي في السودان اليوم ليست مجرد أزمة لغوية، بل انعكاس لأزمة سياسية وفكرية أعمق. وكلما استمر هذا الانحدار، زادت صعوبة الوصول إلى حل سياسي حقيقي يعيد الاستقرار إلى البلاد.
المطلوب اليوم هو خطاب سياسي مسؤول، يعكس التحديات الحقيقية التي تواجه السودان، بدلاً من الاكتفاء بإعادة إنتاج نفس المفردات التخوينية والمواقف المتناقضة.
zuhair.osman@aol.com