جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@12:14:32 GMT

التطبيع الرسمي والرفض الشعبي

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

التطبيع الرسمي والرفض الشعبي

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في عام 1986م، عُقدت بالعاصمة التونسية ندوة ثقافية إعلامية موسّعة عن مخاطر البث التلفزيوني الفضائي على الوطن العربي، حضر الندوة عدد كبير من المعنيين بالإعلام في الأقطار العربية، وعدد آخر من الإعلاميين الأوربيين، وأجمع الحضور حينها على أن عام 2000؛ سيكون انطلاق البث الفضائي التلفزيوني وسيكون سببًا رئيسًا في الغزو الثقافي والفكري للشعوب وهوياتها.

خرجت الندوة وكعادة الندوات بجملة من التوصيات، في مقدمتها: أهمية تعزيز الخطاب والإنتاج الإعلامي العربي والارتقاء به؛ ليستقطب المشاهد والمستمع العربي، ويُلبي حاجاته من المعرفة والمتعة معًا وبالتالي يعزز من قيمه وموروثه ويرسخ ثوابته وهوياته. ومن أغرب استنتاجات بعض الحضور وملاحظاتهم عن جزئية التحصين الطبيعي للمتلقي العربي، كانتا نقطتان؛ وهما: انتشار الجهل اللغوي في الوطن العربي، وبالتالي حصانة المشاهد العربي من متابعة القنوات الأجنبية الناطقة بغير اللغة العربية، وتفشي الفقر في المجتمعات العربية؛ الأمر الذي سيجعل الحصول على الأطباق اللاقطة للبث الفضائي نخبوية ونوعًا من الترف.

تفاجأ الحضور لاحقًا والعالم معهم بأسبقية تاريخ البث الفضائي وتقدمه على التاريخ المتوقع في الندوة، كما تفاجأ الكل بحرص القنوات الفضائية الغربية على مخاطبة المشاهد العربي بلسانٍ عربيٍ مبينٍ، ولم تتوقف المفاجآت عند هذا؛ بل تخطتها إلى وجود فضائيات عربية تتبنى الخطاب الغربي والثقافة الغربية وتحقق ما لم يحلم الغرب من مجانية اختراق ثقافي وفكري للمتلقي العربي، مستغلة عنوان العولمة وذريعة هشاشة منتج الخطاب الإعلامي العربي وجموده وضعف محتواه.

المُراد من هذا المثال هو الربط بين استراتيجية الغرب في الاختراق الإعلامي للعقل العربي، تمهيدًا لبسط التطبيع مع الكيان الصهيوني لاحقًا، تحت ألف مسمى ومسمى؛ ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، وأهمية الرهان على الشعوب ووعيها غير المُعلن.

عَلِمَ الكيان الصهيوني وتيقَّنَ، ومن وراؤه صانعوه وداعموه، أن وظيفته وأهدافه لا تتحقق إلا باختراق الأقطار العربية وتطويعها وإعادة إنتاجها لتقبل به كعضو طبيعي في جسد الأمة، وبعد تجربته اليتيمة في التطبيع مع نظام السادات في مصر، تيقن بأن التطبيع مع نظام السادات لم يكن تطبيعًا مع الدولة المصرية؛ حيث رفضه الشعب المصري وعاندته المؤسسات الحرجة في الدولة المصرية وعلى رأسها مؤسسة الجيش والأزهر، وامتد الأمر إلى الجامعات والنقابات بأنواعها، وتكرر ذات السيناريو بالاستنساخ مع الأردن في اتفاقية "وادي عربة".

كشف التطبيع الصهيوني مع مصر والأردن أن التطبيع كان رسميًا فقط، ولم يمتد أو يُثمر أبعد من ذلك، كما كشف التطبيع حجم النوايا والمخططات الخبيثة للكيان الصهيوني ووظيفته الحقيقية في المنطقة لهذا أحجمت العديد من الأقطار العربية عن التطبيع وتردد بعضها فيما تخوف بعضها الآخر.

مأساة الكيان الصهيوني أنه لم يتمكن من اختراق الشعوب العربية ويكون جزءًا من نسيجها، وهذه المأساة عبَّر عنها بمرارة الصهيوني بنيامين نتنياهو رئيس حكومة العدو تلميحًا وتصريحًا وفي أكثر من مناسبة، وقال بكل وضوح إن التطبيع يجب أن يكون مع الشعوب، فتجربتنا مع النظم الرسمية غير مُثمرة ولا مُجدية.

هاجس وهوس الكيان الصهيوني في التطبيع مع الشعوب العربية ليس وليد اليوم، فقد سعى الكيان بعد احتلاله هضبة الجولان السورية عام 1967م إقناع سكانه بالاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل اقتطاعه من الجغرافية السورية وإعلانه دولة مستقلة للدروز، ولكنه قوبل برفض قطعي مطلق وتبددت أحلامه.

مشكلة الكيان الصهيوني هي انكشاف حقيقته الهشة، وجلاء وظيفته في قلب الأمة العربية كل يوم، في ظل تزايد الوعي العربي، واشتداد المقاومة ضده واتساعها في أوساط الشعوب العربية كثقافة وسلاح معًا؛ حيث أصبحت ثقافة المقاومة العربية ثقافة عابرة للأجيال والحدود، كما أدركت بعض الأقطار العربية أن ثمن التطبيع مع الكيان الصهيوني باهظ التكاليف؛ لأنه يعني على الأرض الالتزام بحماية الكيان مقابل فقد الأوطان وولاء الشعوب.

قبل اللقاء.. يقول الرئيس الأمريكي جو بايدن في لحظة تجلٍ: "لو لم تكن هناك إسرائيل لصنعنا إسرائيل خدمة لمصالحنا في الشرق الأوسط".

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مشاهد الانتحار في دراما رمضان تثير غضب التونسيين

أثارت مشاهد الانتحار، التي عرضتها بعض المسلسلات الرمضانية في تونس، حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر عدداً من المغردين أن هذه المشاهد المروّعة تروّج للظاهرة وتترك أثراً سلبياً على المشاهدين.

وأحد هذه المشاهد كان مسلسل "الرافل" الذي تبثه إحدى القنوات التونسية، إذ ظهر طفل صغير وهو في وضعية انتحار، بينما كان يمثلّ على والده أنّه منتحراً لإخافته.
فيما تضمنت الحلقة الأولى من مسلسل "الفتنة" مشهداً لرجل غارق في دمائه، بعد انتحاره بإلقاء نفسه من شرفة منزله، ما أغضب العديد من مستخدمي المنصات. 

جرأة زائدة وكوميديا إنسانية.. أولى حلقات "أم 44" تثير ضجة - موقع 24مع انطلاق موسم دراما رمضان 2025، تصدر مسلسل "أم 44"، قوائم النقاشات على منصة "إكس" ومواقع الإنترنت المختلفة، حيث أثار العمل الدرامي الاجتماعي السعودي موجة واسعة من ردود الفعل المتباينة، بسبب جرأة تناول الأحداث والمشاهد.

وسرعان  ما طالب مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، بضرورة فرض رقابة أكثر صرامة على المضامين التي يتم بثها خلال الشهر الكريم، معتبرين أن مثل هذه المشاهد قد تساهم في تطبيع فكرة الانتحار بدلاً من معالجتها بطرق أكثر وعياً ومسؤولية.

خبراء 

كما عبّر بعض المختصين في علم النفس والاجتماع عن قلقهم من تأثير هذه المشاهد على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو يعيشون أوضاعاً صعبة.

أحمد سعد يثير الجدل بـ8 أغان رمضانية ويتصدر الترند - موقع 24واجه الفنان أحمد سعد انتقادات واسعة خلال الساعات الأولى من الموسم الرمضاني الحالي، وذلك بعد تصدره مشهد الإعلانات في مصر، حيث أطل في ثماني حملات إعلانية دفعة واحدة.

في المقابل، دافع بعض صنّاع هذه الأعمال الدرامية عن خياراتهم، مؤكدين أن تناول قضايا حساسة مثل الانتحار يهدف إلى تسليط الضوء على هذه الظاهرة ومعالجتها ولا الترويج لها.

وشهدت تونس، في الفترة الأخيرة، ارتفاعاً مقلقاً لحالات الانتحار، حيث رصدت إحصائيات صادرة عن منظمات حقوقية 12 حالة انتحار انتهت 8 منها بالوفاة.

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: حالة من الإجماع العربي ستُترجم في القمة العربية عمليًا
  • وهدان: القمة العربية تعكس دور مصر في قيادة العمل العربي لمواجهة التحديات
  • برلماني: القمة العربية تعكس دور مصر المحوري في قيادة العمل العربي المشترك
  • مختار غباشي: القمة العربية اليوم الأخطر في تاريخ العالم العربي
  • الاتحاد العربي للجولف يطلق سلسلة بطولات الجولف العربية (AGS)
  • المرض الخبيث يتفشى .. فمتى تستفيق الشعوب العربية؟
  • ألمانيا تطالب الكيان الصهيوني برفع القيود على دخول المساعدات لغزة
  • مشاهد الانتحار في دراما رمضان تثير غضب التونسيين
  • عقبال عندكوا الحلقة 2.. إيمي سمير غانم قائد المكوك الفضائي
  • مصر تستضيف القمة العربية الطارئة 4 مارس.. نواب: نأمل توحيد الموقف العربي ضد التهجير