جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-30@18:15:03 GMT

التطبيع الرسمي والرفض الشعبي

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

التطبيع الرسمي والرفض الشعبي

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في عام 1986م، عُقدت بالعاصمة التونسية ندوة ثقافية إعلامية موسّعة عن مخاطر البث التلفزيوني الفضائي على الوطن العربي، حضر الندوة عدد كبير من المعنيين بالإعلام في الأقطار العربية، وعدد آخر من الإعلاميين الأوربيين، وأجمع الحضور حينها على أن عام 2000؛ سيكون انطلاق البث الفضائي التلفزيوني وسيكون سببًا رئيسًا في الغزو الثقافي والفكري للشعوب وهوياتها.

خرجت الندوة وكعادة الندوات بجملة من التوصيات، في مقدمتها: أهمية تعزيز الخطاب والإنتاج الإعلامي العربي والارتقاء به؛ ليستقطب المشاهد والمستمع العربي، ويُلبي حاجاته من المعرفة والمتعة معًا وبالتالي يعزز من قيمه وموروثه ويرسخ ثوابته وهوياته. ومن أغرب استنتاجات بعض الحضور وملاحظاتهم عن جزئية التحصين الطبيعي للمتلقي العربي، كانتا نقطتان؛ وهما: انتشار الجهل اللغوي في الوطن العربي، وبالتالي حصانة المشاهد العربي من متابعة القنوات الأجنبية الناطقة بغير اللغة العربية، وتفشي الفقر في المجتمعات العربية؛ الأمر الذي سيجعل الحصول على الأطباق اللاقطة للبث الفضائي نخبوية ونوعًا من الترف.

تفاجأ الحضور لاحقًا والعالم معهم بأسبقية تاريخ البث الفضائي وتقدمه على التاريخ المتوقع في الندوة، كما تفاجأ الكل بحرص القنوات الفضائية الغربية على مخاطبة المشاهد العربي بلسانٍ عربيٍ مبينٍ، ولم تتوقف المفاجآت عند هذا؛ بل تخطتها إلى وجود فضائيات عربية تتبنى الخطاب الغربي والثقافة الغربية وتحقق ما لم يحلم الغرب من مجانية اختراق ثقافي وفكري للمتلقي العربي، مستغلة عنوان العولمة وذريعة هشاشة منتج الخطاب الإعلامي العربي وجموده وضعف محتواه.

المُراد من هذا المثال هو الربط بين استراتيجية الغرب في الاختراق الإعلامي للعقل العربي، تمهيدًا لبسط التطبيع مع الكيان الصهيوني لاحقًا، تحت ألف مسمى ومسمى؛ ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، وأهمية الرهان على الشعوب ووعيها غير المُعلن.

عَلِمَ الكيان الصهيوني وتيقَّنَ، ومن وراؤه صانعوه وداعموه، أن وظيفته وأهدافه لا تتحقق إلا باختراق الأقطار العربية وتطويعها وإعادة إنتاجها لتقبل به كعضو طبيعي في جسد الأمة، وبعد تجربته اليتيمة في التطبيع مع نظام السادات في مصر، تيقن بأن التطبيع مع نظام السادات لم يكن تطبيعًا مع الدولة المصرية؛ حيث رفضه الشعب المصري وعاندته المؤسسات الحرجة في الدولة المصرية وعلى رأسها مؤسسة الجيش والأزهر، وامتد الأمر إلى الجامعات والنقابات بأنواعها، وتكرر ذات السيناريو بالاستنساخ مع الأردن في اتفاقية "وادي عربة".

كشف التطبيع الصهيوني مع مصر والأردن أن التطبيع كان رسميًا فقط، ولم يمتد أو يُثمر أبعد من ذلك، كما كشف التطبيع حجم النوايا والمخططات الخبيثة للكيان الصهيوني ووظيفته الحقيقية في المنطقة لهذا أحجمت العديد من الأقطار العربية عن التطبيع وتردد بعضها فيما تخوف بعضها الآخر.

مأساة الكيان الصهيوني أنه لم يتمكن من اختراق الشعوب العربية ويكون جزءًا من نسيجها، وهذه المأساة عبَّر عنها بمرارة الصهيوني بنيامين نتنياهو رئيس حكومة العدو تلميحًا وتصريحًا وفي أكثر من مناسبة، وقال بكل وضوح إن التطبيع يجب أن يكون مع الشعوب، فتجربتنا مع النظم الرسمية غير مُثمرة ولا مُجدية.

هاجس وهوس الكيان الصهيوني في التطبيع مع الشعوب العربية ليس وليد اليوم، فقد سعى الكيان بعد احتلاله هضبة الجولان السورية عام 1967م إقناع سكانه بالاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل اقتطاعه من الجغرافية السورية وإعلانه دولة مستقلة للدروز، ولكنه قوبل برفض قطعي مطلق وتبددت أحلامه.

مشكلة الكيان الصهيوني هي انكشاف حقيقته الهشة، وجلاء وظيفته في قلب الأمة العربية كل يوم، في ظل تزايد الوعي العربي، واشتداد المقاومة ضده واتساعها في أوساط الشعوب العربية كثقافة وسلاح معًا؛ حيث أصبحت ثقافة المقاومة العربية ثقافة عابرة للأجيال والحدود، كما أدركت بعض الأقطار العربية أن ثمن التطبيع مع الكيان الصهيوني باهظ التكاليف؛ لأنه يعني على الأرض الالتزام بحماية الكيان مقابل فقد الأوطان وولاء الشعوب.

قبل اللقاء.. يقول الرئيس الأمريكي جو بايدن في لحظة تجلٍ: "لو لم تكن هناك إسرائيل لصنعنا إسرائيل خدمة لمصالحنا في الشرق الأوسط".

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خامنئي: غزة جعلت الكيان الصهيوني يجثو على ركبتيه.. وحزب الله ازدادت عزيمته

شدد المرشد الإيراني علي خامنئي، الثلاثاء، على أن قطاع غزة أجبر دولة الاحتلال الإسرائيلي على أن تجثو على ركبتيها بعد العدوان الوحشي الذي استمر 15 شهرا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن حزب الله في لبنان ازدادت عزيمته بعكس ما ظنون "الأعداء والأصدقاء".

وقال خامنئي، حسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم"، إن "المقاومة التي انطلقت من إيران أيقظت الشعوب المسلمة، وجعلت بعضها تتحرك على الساحة، كما أيقظت ضمائر الكثير من غير المسلمين".

وأضاف أن "نظام الهيمنة كان مجهولا لدى الكثير من الشعوب، لكن المقاومة أسهمت في كشفه وتعريفه للعالم".


وتطرق إلى قطاع غزة، قائلا "انظروا إلى غزة، هذه المنطقة الصغيرة والمحدودة استطاعت أن تُركع الكيان الصهيوني، وهو كيان مدجج بالسلاح ويحظى بدعمٍ كاملٍ من أمريكا"، متابعا "غزة جعلت الاحتلال يجثو على ركبتيه، فهل هذا أمر بسيط؟! هذه هي بركة المقاومة".

تجدر الإشارة إلى أنه بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير الجاري، انطلق سريان وقف إطلاق النار بين حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وسيستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.

ولليوم الثاني على التوالي، يواصل مئات آلاف النازحين الفلسطينيين العودة من محافظات الجنوب والوسطى إلى محافظات غزة والشمال، بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من شارع الرشيد الساحلي، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.


وفي سياق متصل، تحدث المرشد الإيراني عن اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله في لبنان، حسن نصر الله، على أيدي الاحتلال الإسرائيلي بالعاصمة بيروت، عقب قصف استهدف الضاحية الجنوبية في نهاية أيلول /سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أن الحزب "تكبد خسارة عظيمة برحيل نصر الله".

لكن خامنئي استدرك بالقول إن "الأعداء والأصدقاء ظنوا أن استشهاد السيد حسن نصر الله سيؤدي إلى نهاية حزب الله، لكن الحزب أثبت العكس، بل ازدادت عزيمته واستطاع أن يواجه الكيان الصهيوني بثبات أكبر"، وفق وكالة "تسنيم".

مقالات مشابهة

  • شاهد | بلدة الخيام أسطورة الصمود أمام الكيان الصهيوني
  • الكيان الصهيوني يقتحم بلدة الخضر جنوب بيت لحم
  • الكيان الصهيوني يعتقل شابًا شرق جنين
  • يديعوت أحرونوت: اليمن يشكّل تهديداً متصاعداً على الكيان الصهيوني
  • استراتيجية الأمن السيبراني ضرورة وطنية في ظل المواجهة مع الكيان الصهيوني
  • الكيان الصهيوني يعتقل مواطنين غرب رام الله
  • يديعوت احرنوت : اليمن بات خطرا على الكيان الصهيوني
  • مرشد الثورة في إيران: غزة أركعت الكيان الصهيوني المدجج بالسلاح والمدعوم أمريكا
  • خامنئي: غزة جعلت الكيان الصهيوني يجثو على ركبتيه.. وحزب الله ازدادت عزيمته
  • الكيان الصهيوني يقتحم عدة مدن فلسطينية مساء اليوم