جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-16@11:14:17 GMT

نحن ما نأكله!

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

نحن ما نأكله!

 

مرفت بنت عبدالعزيز العريمي

آخر ما كنت أتوقعه أن يكون نمط الحياة- والغذاء بشكل خاص- سببًا في بلوغنا مرحلة السلام والتصالح مع الذات، كثيرًا ما قرأتُ عن الأغذية التي تسبب السعادة وتحقق الهدوء، لكنني كنت أعتقد أنها محض اجتهادات لا صحة لها، لكن التجربة أثبتت لي أنَّ للطعام أثرًا كبيرًا في حياتنا، وأننا من نصنع تعاستنا أو سعادتنا بما نأكل أو نشرب أو نفكر؟!

قبل أعوام أردتُ أن أجدّد من نمط حياتي، فقصدت مُعلمًا للتأمل الذي أصرّ على أهمية أن يكون أول درس لي كيف آكل وماذا آكل! اندهشت من إصراره بضرورة اتباع نظام غذائي طبيعي خالٍ من المواد المُصنّعة، والعودة إلى حضن الطبيعة والتعرف أكثر على المنتجات المحلية من البيئة المحيطة، فحسب قوله إن الإنسان ابن بيئته، وعليه أن يأكل من بيئته؛ لأن الاحتياجات الغذائية للإنسان الذي يقطن في بيئة صحراوية حارة ليست كاحتياجات من يسكن المناطق الباردة أو الاستوائية.

بدأتُ أول درس للتأمل بعد أن التزمت بنظام غذائي خاص لمدة شهر، نظام يعتمد على الأكل الصحي الخالي من المواد المصنعة، حاولت أن أتملص من البرنامج، إلّا أنه أصرَ وقال لي فقط حاولي لمدة أسبوعين وبنفسك سترين النتائج. وبعد أسبوعين من اتباع النصائح والإرشادات المتعلقة بتغيير نمط الحياة وساعات النوم وشرب المياه، أحسست باختلاف وكأنما ثقلًا كبيرًا أُزيل عن كاهلي، شعرتُ بهدوء ومرونة لدرجة أن مستوى التوتر والقلق والغضب تناقص بشكل كبير، كان إحساس السلام النفسي والروحي يلازمني في تلك الفترة.

منذ ذلك الحين، أدركتُ أن جلّ مشكلاتنا الصحية بسبب اختياراتنا الخاطئة وعاداتنا الغذائية المكتسبة، فقد أكدت دراسات عديدة وجود ارتباط بين النظام الغذائي والصحة النفسية والعقلية، وأن تناول بعض الأطعمة تحديداً قد يساهم في تحسين المزاج، أو حتى يساعد في علاج مشاكل الخمول والذاكرة. يقال إن الشكولاتة الداكنة تحسّن المزاج لما تحتويه من عناصر غذائية وفيتامينات، ويقال أيضاً إن السكر المكرّر عدو الصحة الأول، فلا خير في قليله أو كثيره. والماء لم يسلم من التصنيع؛ فبعض الدراسات تقول إن الوعاء الذي يوضع به الماء قد يؤثر في تركيبه الكيميائي وبالتالي لن نستفيد منه كما لوكنا نشرب من مياه الينابيع الصافية أو مياه جوفية نقية .

أما الهواء، فلا أدري إن كان مليئًا بالأكسجين النقي بينما يحيط التلوث بنا من كل صوب مع تقلص ملحوظ في المساحات الخضراء التي تساعد على فلترة الأجواء وتنقيتها. ومنذ عقود ونحن لا نعلم ماذا نأكل؛ فطعامنا ليس من صنع أيدينا فهو يعبُر القارات وآلاف الأميال ويخضع للعديد من المعالجات حتى يبدو طازجًا ولذيذًا يسيل معه اللعاب، حتى بتنا لا نعلم هل ما نأكله طعام يصلح للاستهلاك الآدمي أو مجرد مواد مصنعة كي تبدو كطعام؟!

لا أستغرب إن كنَّا في العقود الماضية أكلنا أشياءً لا تمت لمفهوم الطعام بصلة، فكل يوم نسمع عن اختراعات جديدة في صناعات الأغذية، وخلط عجيب بين المكونات المختلفة وتجميلها بالكثير من المواد المنكهة حتى تستساغ.

إذا كنَّا نعتقد أن المعدة بيت الداء، فإنَّ معدتنا غدت مُختبرًا لتجارب الشركات المصنعة للأغذية وللمروجين على منصات التواصل وقنوات الطبخ. الغريب أن صيحات الموضة أصبحت تغزو بطوننا، وساهم الإنترنت في انتشار تلك الصيحات حتى الغريبة منها والمضرة صحيا الذي تتسبب في وفاة الكثير من المراهقين والشباب حول العالم الذين اختاروا أن يشاركوا في تحديات الطعام كتناول الطعام بكميات كبيرة دون توقف أو تناول نوع واحد من الطعام أو تناول لون معين من الطعام. فمن كان يتخيل أن البث أثناء تناول الطعام يصبح وظيفة أو مصدر دخل للكثيرين حول العالم؛ فمثلًا صيحة "موكبانغ" التي نشأت بكوريا الجنوبية، قبل عقد من اليوم، حققت للفاشينستا كينوشيتا ملايين الدولارات، من خلال بثها لمقاطع فيديو أثناء تناولها الطعام؛ حيث يبلغ ربحها السنوي ما يقارب 3 ملايين دولار وأكثر ولديها ما يزيد عن 5 ملايين مشترك ومتابع. هذا الهوس انتقل لدول عديدة في العالم حتى أن البعض ترك وظيفته واشتغل بتناول الطعام!

في مقابل هذا، نرى رواج تجارة الطعام الصحي والطبيعي غير المُعالج في السنوات الأخيرة، ومع زيادة مشكلات المناخ أصبح هناك من يدعون إلى تناول الطعام المحلي الصنع الذي ينتج منزليًا أو في محيط القرية طعام لم ينقل بمواصلات استخدمت الوقود الأحفوري، وجاءت من محاصيل القرية والأسر المنتجة. الفكرة في حد ذاتها جميلة، واعتقد أنّها ستكون مثمرة على المدى البعيد لأنها سوف تنشط الحركة الاقتصادية بالقرى الزراعية وقرى الصيد وتطور من جودة المنتجات وتخلق فرص عمل للسكان وتحدّ من الهجرة إلى المدن.

إن انتاج الطعام والعناية بما نغذي به أجسادنا استثمار صحي على المدى البعيد، ولا يقل أهمية عن الاستثمارات في المجالات الأخرى، فلماذا لا نولي اهتمامًا أكبر بجودة الغذاء والمشروعات الغذائية التي تغذي أجسادنا وعقولنا، حتى ننعم بصحة جيدة؟ فلا صحة جيدة بلا غذاء صحي!

إنَّنا بحاجة إلى تغيير فلسفة الغذاء ومفهومنا للطعام؛ فالمؤشرات الصحية وانتشار أمراض المتعلقة بنمط الحياة، تؤكد ضرورة وضع استراتيجيات جديدة لحياة صحية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صفقة بـ 6 ملايين جنيه.. احباط محاولة ترويج حشيش وأقراص مخدرة بمطروح

تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط عنصرين إجراميين تخصص نشاطهما الإجرامى فى جلب المواد المخدرة والإتجار بها وبحوزتهما كمية من المواد والأقراص المخدرة بقيمة مالية بلغت أكثر من 6 مليون جنيه.

أكدت معلومات وتحريات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بقطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة قيام (عاطلان "لهما معلومات جنائية" – مقيمان بمحافظة مطروح) بجلب المواد المخدرة والإتجار بها ، مُتخذان من دائرة قسم شرطة الحمام بمطروح مسرحاً لمزاولة نشاطهما الإجرامى.

عقب تقنين الإجراءات تم ضبطهما ، وبحوزتهما (42 كيلو جرام لمخدر الحشيش - 30 ألف قرص مخدر لعقار "ترامادول").

تقدر القيمة المالية للمضبوطات بحوالى ( 6,4 مليون جنيه)، و تم إتخاذ الإجراءات القانونية.

وذلك إستمراراً لجهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة جرائم الإتجار فى المواد المخدرة وملاحقة وضبط العناصر الإجرامية القائمة على عملضية ترويجها.

مقالات مشابهة

  • مخدرات بأكثر من 4 ملايين جنيه.. القبض على عصابة تجارة «الكيف» بالقليوبية
  • جمال شعبان يحذر من 10 عادات غذائية خاطئة في رمضان
  • سقوط عنصرين إجراميين بحوزتهما مخدرات بقيمة 4 ملايين جنيه في القليوبية
  • ضبط عنصرين إجراميين بالقليوبية بحوزتهما مخدرات بقيمة 4 ملايين جنيه
  • 9 عادات صحية وغذائية سيئة ينبغي تجنبها في رمضان.. تعرف عليها
  • صحة الجهاز الهضمي أثناء الصيام
  • استشاري: تناول الطعام بكميات صغيرة ومتوازنة سر الحفاظ على الوزن في رمضان
  • إحباط محاولة جلب مخدرات بقيمة 6 ملايين جنيه بمطروح
  • أسباب وطرق علاج الصداع بعد الإفطار في رمضان
  • صفقة بـ 6 ملايين جنيه.. احباط محاولة ترويج حشيش وأقراص مخدرة بمطروح