مرفت بنت عبدالعزيز العريمي
آخر ما كنت أتوقعه أن يكون نمط الحياة- والغذاء بشكل خاص- سببًا في بلوغنا مرحلة السلام والتصالح مع الذات، كثيرًا ما قرأتُ عن الأغذية التي تسبب السعادة وتحقق الهدوء، لكنني كنت أعتقد أنها محض اجتهادات لا صحة لها، لكن التجربة أثبتت لي أنَّ للطعام أثرًا كبيرًا في حياتنا، وأننا من نصنع تعاستنا أو سعادتنا بما نأكل أو نشرب أو نفكر؟!
قبل أعوام أردتُ أن أجدّد من نمط حياتي، فقصدت مُعلمًا للتأمل الذي أصرّ على أهمية أن يكون أول درس لي كيف آكل وماذا آكل! اندهشت من إصراره بضرورة اتباع نظام غذائي طبيعي خالٍ من المواد المُصنّعة، والعودة إلى حضن الطبيعة والتعرف أكثر على المنتجات المحلية من البيئة المحيطة، فحسب قوله إن الإنسان ابن بيئته، وعليه أن يأكل من بيئته؛ لأن الاحتياجات الغذائية للإنسان الذي يقطن في بيئة صحراوية حارة ليست كاحتياجات من يسكن المناطق الباردة أو الاستوائية.
بدأتُ أول درس للتأمل بعد أن التزمت بنظام غذائي خاص لمدة شهر، نظام يعتمد على الأكل الصحي الخالي من المواد المصنعة، حاولت أن أتملص من البرنامج، إلّا أنه أصرَ وقال لي فقط حاولي لمدة أسبوعين وبنفسك سترين النتائج. وبعد أسبوعين من اتباع النصائح والإرشادات المتعلقة بتغيير نمط الحياة وساعات النوم وشرب المياه، أحسست باختلاف وكأنما ثقلًا كبيرًا أُزيل عن كاهلي، شعرتُ بهدوء ومرونة لدرجة أن مستوى التوتر والقلق والغضب تناقص بشكل كبير، كان إحساس السلام النفسي والروحي يلازمني في تلك الفترة.
منذ ذلك الحين، أدركتُ أن جلّ مشكلاتنا الصحية بسبب اختياراتنا الخاطئة وعاداتنا الغذائية المكتسبة، فقد أكدت دراسات عديدة وجود ارتباط بين النظام الغذائي والصحة النفسية والعقلية، وأن تناول بعض الأطعمة تحديداً قد يساهم في تحسين المزاج، أو حتى يساعد في علاج مشاكل الخمول والذاكرة. يقال إن الشكولاتة الداكنة تحسّن المزاج لما تحتويه من عناصر غذائية وفيتامينات، ويقال أيضاً إن السكر المكرّر عدو الصحة الأول، فلا خير في قليله أو كثيره. والماء لم يسلم من التصنيع؛ فبعض الدراسات تقول إن الوعاء الذي يوضع به الماء قد يؤثر في تركيبه الكيميائي وبالتالي لن نستفيد منه كما لوكنا نشرب من مياه الينابيع الصافية أو مياه جوفية نقية .
أما الهواء، فلا أدري إن كان مليئًا بالأكسجين النقي بينما يحيط التلوث بنا من كل صوب مع تقلص ملحوظ في المساحات الخضراء التي تساعد على فلترة الأجواء وتنقيتها. ومنذ عقود ونحن لا نعلم ماذا نأكل؛ فطعامنا ليس من صنع أيدينا فهو يعبُر القارات وآلاف الأميال ويخضع للعديد من المعالجات حتى يبدو طازجًا ولذيذًا يسيل معه اللعاب، حتى بتنا لا نعلم هل ما نأكله طعام يصلح للاستهلاك الآدمي أو مجرد مواد مصنعة كي تبدو كطعام؟!
لا أستغرب إن كنَّا في العقود الماضية أكلنا أشياءً لا تمت لمفهوم الطعام بصلة، فكل يوم نسمع عن اختراعات جديدة في صناعات الأغذية، وخلط عجيب بين المكونات المختلفة وتجميلها بالكثير من المواد المنكهة حتى تستساغ.
إذا كنَّا نعتقد أن المعدة بيت الداء، فإنَّ معدتنا غدت مُختبرًا لتجارب الشركات المصنعة للأغذية وللمروجين على منصات التواصل وقنوات الطبخ. الغريب أن صيحات الموضة أصبحت تغزو بطوننا، وساهم الإنترنت في انتشار تلك الصيحات حتى الغريبة منها والمضرة صحيا الذي تتسبب في وفاة الكثير من المراهقين والشباب حول العالم الذين اختاروا أن يشاركوا في تحديات الطعام كتناول الطعام بكميات كبيرة دون توقف أو تناول نوع واحد من الطعام أو تناول لون معين من الطعام. فمن كان يتخيل أن البث أثناء تناول الطعام يصبح وظيفة أو مصدر دخل للكثيرين حول العالم؛ فمثلًا صيحة "موكبانغ" التي نشأت بكوريا الجنوبية، قبل عقد من اليوم، حققت للفاشينستا كينوشيتا ملايين الدولارات، من خلال بثها لمقاطع فيديو أثناء تناولها الطعام؛ حيث يبلغ ربحها السنوي ما يقارب 3 ملايين دولار وأكثر ولديها ما يزيد عن 5 ملايين مشترك ومتابع. هذا الهوس انتقل لدول عديدة في العالم حتى أن البعض ترك وظيفته واشتغل بتناول الطعام!
في مقابل هذا، نرى رواج تجارة الطعام الصحي والطبيعي غير المُعالج في السنوات الأخيرة، ومع زيادة مشكلات المناخ أصبح هناك من يدعون إلى تناول الطعام المحلي الصنع الذي ينتج منزليًا أو في محيط القرية طعام لم ينقل بمواصلات استخدمت الوقود الأحفوري، وجاءت من محاصيل القرية والأسر المنتجة. الفكرة في حد ذاتها جميلة، واعتقد أنّها ستكون مثمرة على المدى البعيد لأنها سوف تنشط الحركة الاقتصادية بالقرى الزراعية وقرى الصيد وتطور من جودة المنتجات وتخلق فرص عمل للسكان وتحدّ من الهجرة إلى المدن.
إن انتاج الطعام والعناية بما نغذي به أجسادنا استثمار صحي على المدى البعيد، ولا يقل أهمية عن الاستثمارات في المجالات الأخرى، فلماذا لا نولي اهتمامًا أكبر بجودة الغذاء والمشروعات الغذائية التي تغذي أجسادنا وعقولنا، حتى ننعم بصحة جيدة؟ فلا صحة جيدة بلا غذاء صحي!
إنَّنا بحاجة إلى تغيير فلسفة الغذاء ومفهومنا للطعام؛ فالمؤشرات الصحية وانتشار أمراض المتعلقة بنمط الحياة، تؤكد ضرورة وضع استراتيجيات جديدة لحياة صحية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تفسير حلم أكل الخبز الساخن لابن سيرين.. سعادة في هذه الحالة
بعد يوم طويل يخلد الإنسان للنوم، وحينها ينتقل إلى عالم مليء بالأحلام، ويرى فيه الأشخاص كثير من الأشياء التي تكون لها تفسيرات ودلالات خاصة كل على حسب حالته، وبعضها يكون مرتبطًا بما مروا به في يومهم من متاعب وضغوط، وأخرى تكون بشرى أو تحذير من شيء معين، ومن بين تلك الأحلام التي يراها كثيرون هي الطعام، لذا يتساءلون عن دلالة رؤية الخبز.
وخلال السطور التالية نستعرض تفسير حلم أكل الخبر الساخن، وما دلالاته للفتاة العزباء.
تفسير حلم أكل الخبز لابن سيرينفّسر ابن سيرين في كتاب «تفسير الأحلام»، أن الطعام في المنام مثله مثل الحقيقة، يرمز للخير والرزق والبركة، لكن بشرط أن يكون الطعام أو الأكل طيب وخير وحلال، وألا يكون نتيجة لاتباع خطوات الشيطان، وحال حلم الشخص أنه يأكل طعام جميل الهيئة ويستمتع بطعمه؛ تكون رؤيته محمودة دليل خير أما كان الطعام سيء فهو دليل شؤم وشر، ولكن الطعام في المنام بشكل عام خير وبركة لقول الله تعالى: «يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ».
يدل أكل رغيف الخبز السميك في الحلم على طول العمر وخاصة إن أكله الرائي دون صعوبة أو غصة، وأكل الخبز الناضج يدل على الرزق الوفير والكثير، وتناول الخبز الأبيض في المنام دليل على هناء العيش ورغده، ورؤية أكل الخبز الأسود في الحلم تدل على نكد العيش وخاصة إن كان فيه شوائب وأتربة.
أكل الخبز للعزباء يشير إلى حصولها على عمل جديد تنال منه الخير والمال الوفير، وإذا رأت العزباء أنها تأكل رغيف كامل من الخبز في الحلم فذلك دليل على تعلمها أحكام الشريعة والدين، ورؤية تناول الخبز الطازج في المنام للعزباء تدل على زواجها من شخص ذو حالة مادية جيدة وأخلاق رفيعة، وإذا رأت شخصا يعطيها الخبز الطازج وتأكله في الحلم فذلك دليل على نيلها المساعدة والمعونة من المقربين.
تفسير حلم أكل الخبز الساخن للعزباءوأشار ابن سيرين إلي أن حلم أكل الخبز الطازج الساخن في المنام للعزباء يدل على نيلها الراحة والسعادة في حياتها، وأكل الخبز الأبيض للعزباء يدل على رخائها بمعيشتها وأخلاقها الرفيعة، ورؤية شراء الخبز الأبيض وأكله في المنام للعزباء تدل على سعيها في كسب الرزق وتناله.
أما حال رأت الفتاة العزباء أنها تأكل الخبز اليابس، فذلك دليل على تأخر في الزواج والاستقرار، وقد يدل حلم تناول الخبز الناشف للعزباء على العقبات الكبيرة التي توجهها في حياتها، وأكل الخبز واللبن للعزباء يدل على نيلها المساعدة من والدها أو رب المنزل.
وقد تدل رؤية أكل الخبز باللبن الرائب في المنام للفتاة العزباء على نيلها نصيحة أو حكمة تنال منها السعادة والرضى، وإذا رأت الفتاة العزباء أنها تتناول الخبز واللبن على سفرة الطعام في الحلم فإنها تجد مصدر دخل جديد.