جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-12@14:20:36 GMT

نحن ما نأكله!

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

نحن ما نأكله!

 

مرفت بنت عبدالعزيز العريمي

آخر ما كنت أتوقعه أن يكون نمط الحياة- والغذاء بشكل خاص- سببًا في بلوغنا مرحلة السلام والتصالح مع الذات، كثيرًا ما قرأتُ عن الأغذية التي تسبب السعادة وتحقق الهدوء، لكنني كنت أعتقد أنها محض اجتهادات لا صحة لها، لكن التجربة أثبتت لي أنَّ للطعام أثرًا كبيرًا في حياتنا، وأننا من نصنع تعاستنا أو سعادتنا بما نأكل أو نشرب أو نفكر؟!

قبل أعوام أردتُ أن أجدّد من نمط حياتي، فقصدت مُعلمًا للتأمل الذي أصرّ على أهمية أن يكون أول درس لي كيف آكل وماذا آكل! اندهشت من إصراره بضرورة اتباع نظام غذائي طبيعي خالٍ من المواد المُصنّعة، والعودة إلى حضن الطبيعة والتعرف أكثر على المنتجات المحلية من البيئة المحيطة، فحسب قوله إن الإنسان ابن بيئته، وعليه أن يأكل من بيئته؛ لأن الاحتياجات الغذائية للإنسان الذي يقطن في بيئة صحراوية حارة ليست كاحتياجات من يسكن المناطق الباردة أو الاستوائية.

بدأتُ أول درس للتأمل بعد أن التزمت بنظام غذائي خاص لمدة شهر، نظام يعتمد على الأكل الصحي الخالي من المواد المصنعة، حاولت أن أتملص من البرنامج، إلّا أنه أصرَ وقال لي فقط حاولي لمدة أسبوعين وبنفسك سترين النتائج. وبعد أسبوعين من اتباع النصائح والإرشادات المتعلقة بتغيير نمط الحياة وساعات النوم وشرب المياه، أحسست باختلاف وكأنما ثقلًا كبيرًا أُزيل عن كاهلي، شعرتُ بهدوء ومرونة لدرجة أن مستوى التوتر والقلق والغضب تناقص بشكل كبير، كان إحساس السلام النفسي والروحي يلازمني في تلك الفترة.

منذ ذلك الحين، أدركتُ أن جلّ مشكلاتنا الصحية بسبب اختياراتنا الخاطئة وعاداتنا الغذائية المكتسبة، فقد أكدت دراسات عديدة وجود ارتباط بين النظام الغذائي والصحة النفسية والعقلية، وأن تناول بعض الأطعمة تحديداً قد يساهم في تحسين المزاج، أو حتى يساعد في علاج مشاكل الخمول والذاكرة. يقال إن الشكولاتة الداكنة تحسّن المزاج لما تحتويه من عناصر غذائية وفيتامينات، ويقال أيضاً إن السكر المكرّر عدو الصحة الأول، فلا خير في قليله أو كثيره. والماء لم يسلم من التصنيع؛ فبعض الدراسات تقول إن الوعاء الذي يوضع به الماء قد يؤثر في تركيبه الكيميائي وبالتالي لن نستفيد منه كما لوكنا نشرب من مياه الينابيع الصافية أو مياه جوفية نقية .

أما الهواء، فلا أدري إن كان مليئًا بالأكسجين النقي بينما يحيط التلوث بنا من كل صوب مع تقلص ملحوظ في المساحات الخضراء التي تساعد على فلترة الأجواء وتنقيتها. ومنذ عقود ونحن لا نعلم ماذا نأكل؛ فطعامنا ليس من صنع أيدينا فهو يعبُر القارات وآلاف الأميال ويخضع للعديد من المعالجات حتى يبدو طازجًا ولذيذًا يسيل معه اللعاب، حتى بتنا لا نعلم هل ما نأكله طعام يصلح للاستهلاك الآدمي أو مجرد مواد مصنعة كي تبدو كطعام؟!

لا أستغرب إن كنَّا في العقود الماضية أكلنا أشياءً لا تمت لمفهوم الطعام بصلة، فكل يوم نسمع عن اختراعات جديدة في صناعات الأغذية، وخلط عجيب بين المكونات المختلفة وتجميلها بالكثير من المواد المنكهة حتى تستساغ.

إذا كنَّا نعتقد أن المعدة بيت الداء، فإنَّ معدتنا غدت مُختبرًا لتجارب الشركات المصنعة للأغذية وللمروجين على منصات التواصل وقنوات الطبخ. الغريب أن صيحات الموضة أصبحت تغزو بطوننا، وساهم الإنترنت في انتشار تلك الصيحات حتى الغريبة منها والمضرة صحيا الذي تتسبب في وفاة الكثير من المراهقين والشباب حول العالم الذين اختاروا أن يشاركوا في تحديات الطعام كتناول الطعام بكميات كبيرة دون توقف أو تناول نوع واحد من الطعام أو تناول لون معين من الطعام. فمن كان يتخيل أن البث أثناء تناول الطعام يصبح وظيفة أو مصدر دخل للكثيرين حول العالم؛ فمثلًا صيحة "موكبانغ" التي نشأت بكوريا الجنوبية، قبل عقد من اليوم، حققت للفاشينستا كينوشيتا ملايين الدولارات، من خلال بثها لمقاطع فيديو أثناء تناولها الطعام؛ حيث يبلغ ربحها السنوي ما يقارب 3 ملايين دولار وأكثر ولديها ما يزيد عن 5 ملايين مشترك ومتابع. هذا الهوس انتقل لدول عديدة في العالم حتى أن البعض ترك وظيفته واشتغل بتناول الطعام!

في مقابل هذا، نرى رواج تجارة الطعام الصحي والطبيعي غير المُعالج في السنوات الأخيرة، ومع زيادة مشكلات المناخ أصبح هناك من يدعون إلى تناول الطعام المحلي الصنع الذي ينتج منزليًا أو في محيط القرية طعام لم ينقل بمواصلات استخدمت الوقود الأحفوري، وجاءت من محاصيل القرية والأسر المنتجة. الفكرة في حد ذاتها جميلة، واعتقد أنّها ستكون مثمرة على المدى البعيد لأنها سوف تنشط الحركة الاقتصادية بالقرى الزراعية وقرى الصيد وتطور من جودة المنتجات وتخلق فرص عمل للسكان وتحدّ من الهجرة إلى المدن.

إن انتاج الطعام والعناية بما نغذي به أجسادنا استثمار صحي على المدى البعيد، ولا يقل أهمية عن الاستثمارات في المجالات الأخرى، فلماذا لا نولي اهتمامًا أكبر بجودة الغذاء والمشروعات الغذائية التي تغذي أجسادنا وعقولنا، حتى ننعم بصحة جيدة؟ فلا صحة جيدة بلا غذاء صحي!

إنَّنا بحاجة إلى تغيير فلسفة الغذاء ومفهومنا للطعام؛ فالمؤشرات الصحية وانتشار أمراض المتعلقة بنمط الحياة، تؤكد ضرورة وضع استراتيجيات جديدة لحياة صحية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

استشاري تغذية يوضح أفضل توقيت لتناول وجبة السحور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الدكتور عماد فهمي، استشاري التغذية العلاجية، إن السحور وجبة مهمة، ولكن لا يجب تناول الطعام والنوم بصورة مباشرة، معقبًا: "حاول تأكل قبل النوم بساعتين عشان تعرف تنام".

وأضاف "فهمي"، خلال حواره مع الإعلامي إبراهيم عثمان، ببرنامج "مساحة حرة"، المذاع على فضائية "الشمس"، أن السحور يتدرج من شخص لآخر على حسب الصحة، ويتدرج من أول تناول الفاكهة والزبادي، والموز والزبادي، والفول والسلطة، والبيض والسلطة، وتناول رغيف مع سلطة مع زبادي، موضحًا أن عدم تناول السحور سيؤدي إلى حالة من الإرهاق طوال اليوم. 

وأوضح أن وضع الكركم بمفرده على الطعام يؤدي إلى قتل البكتيريا الضارة، وزيادة البكتيريا النافعة، أما وضع الفلفل الأسود مع الكركم فهذا يزيد من سرعة امتصاصه، وهذا يُساهم في فقدان القيمة الغذائية للكركم.

مقالات مشابهة

  • وداعا للتعب.. روشتة لعلاج المشاكل الصحية في رمضان
  • الخبراء يكشفون: هل يجب تناول الطعام قبل التمرين أم بعده؟
  • كيف يتجنب الصائم زيادة الوزن؟
  • صحة الصائم في خطر.. حسام موافي يحذر من الوجبة الأساسية عند الإفطار
  • الشواء بين الفوائد والمخاطر.. استشاري تغذية يوضح
  • كوكتيل مخدرات بـ 9 ملايين جنيه.. الداخلية تداهم بؤرا إجرامية في 3 محافظات
  • نصائح لتجنب انتفاخ البطن وعسر الهضم في رمضان
  • استشاري تغذية يكشف عن أفضل طريقة للإفطار في رمضان
  • استشاري تغذية يوضح أفضل توقيت لتناول وجبة السحور
  • استشاري تغذية يكشف عن التوقيت المثالي للسحور