كنوز البحر لا تنتهي.. اكتشاف بقايا سفينة غارقة من 142 عامًا بأمريكا و3 ملايين أخرى تنتظر نفض الغبار عنها "تفاصيل"
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
تم بناء مركب شراعي يسمى ترينيداد في عام 1867 بغرض نقل الحبوب والفحم والحديد بين الغرب الأوسط والشمال الشرقي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الافتقار إلى الصيانة قضى على السفينة التي غرقت في بحيرة ميشيغان خلال رحلتها الأخيرة في عام 1881، وعلى مدار 142 سنة، لم يتم اكتشاف حطام تلك السفينة، ولكن في 15 مايو الماضي، تم الآن تحديد موقع حطام سفينة ترينيداد للمرة الأولى منذ سقوطها قبل قرن ونصف تقريبًا.
وقد اكتشف المؤرخان البحريان بريندون بايلود وبوب جاك حطام السفينة في 15 يوليو بالقرب من ألغوما بولاية ويسكونسن، على عمق 300 قدم تقريبًا من الماء، حسبما كتب بايلود في منشور على موقع ShipwreckWorld.com، وكانت قذيفة ترينيداد المغمورة "سليمة بشكل ملحوظ"، حيث لا يزال سطح السفينة في مكانه والذي يحتوي على مجموعة متنوعة من ممتلكات أفراد الطاقم، إلى جانب المراسي والأجراس.
رغم مرور تلك الأعوام .. ذهول من سلامة المركب
ووفقا لما قاله بايلود لصحيفة نيويورك تايمز: "لقد أذهلنا عندما رأينا أن سطح السفينة لم يكن موجودًا عليها فحسب، بل كان لا يزال يحتوي على جميع الخزانات التي تحتوي على جميع الأطباق المكدسة فيها وجميع متعلقات الطاقم، فإنها حقًا مثل سفينة في زجاجة، وكأنها كبسولة زمنية"، وقد تم تشييد السفينة ترينيداد التي يبلغ طولها 140 قدمًا في جراند آيلاند بنيويورك لاثنين من تجار أوسويغو، وهما جون كيلر وآرون بي ميريام، الذين استخدما السفينة في تجارة الحبوب مع ميلووكي وشيكاغو.
بخل الملاك سببا في الغرق
كانت السفينة ذات الساريتين هي ما كان يُعرف باسم "canaller"، وهو نوع من السفن تم بناؤه لاجتياز قناة ويلاند التي تربط بحيرتي إيري وأونتاريو، وعلى الرغم من أن تجارة الحبوب كانت مربحة، إلا أن مالكي ترينيداد لم يستثمروا في صيانة السفينة، وقد ابتليت السفينة في سنوات الشفق بالتسريبات والتزوير المتدهور وغيرها من المشاكل.
ووفقًا لبايلود، فقد انطلق الكابتن جون هيغينز وطاقم مكون من ثمانية أفراد من بورت هورون في ربيع عام 1881 واتجهوا شمالًا عبر مضيق ماكيناك فيما ستكون الرحلة الأخيرة للسفينة، وفي مرحلة ما، احتاجت السفينة إلى مساعدة من زورق قطر للإبحار عبر الجليد السميك، ولم يثير التسرب في مخزن الأمتعة إنذارات بين أفراد الطاقم، نظرًا لحالة ترينيداد، ولكن في وقت مبكر من يوم 11 مايو، بدأت السفينة فجأة في الغرق.
هكذا فر طاقم السفينة قبل الغرق
وفيما يخص طاقم السفينة، فقد هرب هيغينز وطاقمه في قارب صغير، وظلوا يجدفون لمدة ثماني ساعات تقريبًا في طقس بارد قبل أن يصلوا إلى الشاطئ في أهنابي، والتي تُعرف الآن باسم ألغوما، أما "تميمة السفينة" ، وهي كلب كبير من نيوفاوندلاند كان نائماً بجوار موقد الكابينة، لم يهرب، وقال بايلود إنه جمع العشرات من المقالات الإخبارية التاريخية حول ترينيداد، ودرس ممرات الشحن وعثر على صورة للقارب لم تُعرض من قبل، ثم استخدم هو وجايك سونارًا مخصصًا لسمكة القطر للبحث عن ترينيداد في المياه حيث اشتبه الزوجان في غرق السفينة.
وبعد أن حددوا موقع ما اعتقدوا أنه ترينيداد، تم قياس هيكل السفينة باستخدام السونار التطلعي، وقام فريق البحث بعد ذلك بمقارنة أبعاد الحطام بالأبعاد المدرجة في وثائق التسجيل الأصلية في دار الجمارك في ترينيداد وأكد هويته، ويقول المشاركون في الاكتشاف إنهم سيرشحون ترينيداد لإدراجها في السجل الوطني للأماكن التاريخية وسيعلنون في النهاية عن الموقع الدقيق لحطام السفينة للجمهور.
تلك أشهر حوادث السفن المكتشفة
ووفقاً لإحصاءات منظمة اليونسكو، فإن هناك نحو 3 ملايين من حطام السفن الغارقة على كوكب الأرض، وتعد المحيطات، صاحبة النسبة الأكبر من أعداد السفن الغارقة حول العالم، وأن أعماق البحار مليئة بالأسرار التي يمكن أن يتم كشفها في أي وقت، وقد يصاحب تلك الأسرار الكثير من الكنوز.
وهنا نرصد لك أيها القارئ أبرز حوادث السفن في القرون الثلاثة الماضية، وما مر من القرن الحالي.
1875 .. سفينة الذهب .. قد لا تكون الأقدم، ولكنها صاحبة الزخم الحالي بعد الإعلان عن اكتشافها في الأيام الماضية، إنها سفينة الذهب التي غرقت قبل 147 عاما ومات 325 على متنها، حيث عثر اثنان من علماء الآثار البحريين الأمريكيين بعد بحث لـ30 عاما، وعلى متنها كمية كبيرة من الذهب تقدر بملايين الدولارات، وغرقت السفينة SS PACIFIC أثناء سفرها من كولومبيا البريطانية إلى سان فرانسيسكو الأمريكية في عام 1875، ما أسفر عن مقتل 325 شخصا ونجا شخصان فقط من الكارثة، وكان على متن السفينة أيضا كمية كبيرة من الذهب بقيمة 180 ألف دولار، وهو ما يساوي اليوم 4.8 مليون دولار، وهي سفينة شراعية غرقت جنوب كيب فلاتري في واشنطن الأمريكية في 4 نوفمبر 1875، ووصف الحادث بـ"الكارثة البحرية الأكثر دموية في تاريخ غرب الولايات المتحدة".
1707 .. كارثة سيلي البحرية .. حدثت كارثة سيلي البحرية 1707 - وفي 22 تشرين الأول 1707، التابعة لأسطول البحرية الملكية في طريقها من جبل طارق إلى بورتسموث حيث أبحرت أربع سفن من خلال الشعاب الخطرة غرب جزر سيلي، وقد غرقت السفن، ولكن العدد الدقيق للطاقم المفقود غير معروف، وبيانات الضحايا تختلف بين 1400 إلى2000 شخص، وتقرر لاحقا أن السبب الرئيسي كان عدم قدرة الملاحين حساب خط الطول الخاص بهم بدقة.
1782 .. رويال جورج بالمملكة المتحدة .. ومن الغريب في تلك الحادثة، أن السفينة كانت راسية في بورتسموث بينما كان يجري سحب السفينة لاجراء اصلاحات على الجانب السفلي، وذلك في 29 أغسطس 1782، وكان على متنها طاقم كامل وعدد كبير من الزوار، ولكن السفينة انحرفت بعيدا جدا وبدأ الماء يتسرب من فتحات السفينة وغرقت، وفقد أكثر من 800 شخص، بما في ذلك اللواء ريتشارد كيم بنفيلت، وتقريبا 300 امرأة و 60 من الأطفال من الذين كانوا يزورون السفينة.
1807 .. سفينتا جافا وبلينهايم .. كانتا قد أبحرتا من الممكلة المتحدة في قافلة إلى الهند، وفقدت كل السفن دون أثر في عاصفة ويفترض أنهما تعثرتا في مكان ما من رودريغز، وذكر أن السفينة بلينهايم كانت في حالة سيئة ويقال إن جافا قد غرقت أثناء محاولتها إنقاذ طاقم بلينهايم ' في العاصفة، وفقد نحو 280 من رجال جافا و 590 من بلينهايم.
1822 .. السفينة نفاية الصينية .. "الصين تيك سينغ"، سفينة الصينية، وهي تدعى نفاية السفينة نفاية، وهي تابعة لباتافيا، جزر الهند الشرقية الهولندية في 6 فبراير 1822 حاولت الاختصار من خلال مضيق غاسبار بين بيليتونج وجزر بانجكا وترتكز على الشعاب المرجانية. وغرقت السفينة في حوالي 100 قدم (30 م) من الماء، مما أسفر عن مقتل حوالي 1600 شخص.
1823 .. المركب الشراعى جينى .. فى 4 مايو عام 1823، عثر على رسالة بخط يد قبطان المركب الشراعى جينى البريطانية، مكتوب فيها "أنا الوحيد المتبقى على قيد الحياة بدون أى طعام لمدة 71 يوما"، وقد عثر على جثمان القبطان جالسا على كرسى وفى يده القلم الذى كتب به رسالته الأخيرة، واحتفظت المركبة الشراعية "جيني" بشكلها بسبب حالة الطقس، لأنها تجمدت فى القطب الجنوبى، وقد كانت تعمل فى صيد الحيتان.
مجهولة تاريخ الغرق .. مركب مارى سيليست .. اكتشفت مركب مارى سيليست فى 4 ديسمبر 1872، فى المحيط الأطلسى، حيث كانت السفينة تحتوى أشياء ثمينة، وكانت معبأة الغذاء والماء، ورغم أنها كانت غارقة إلا أنها كانت صالحة للإبحار، ولكن لا أحد يعلم ما هو سر غرق المركبة حتى الآن، وتعد مركب مارى سيليست من ضمن أسرار التاريخ البحرية الأكثر شهرة وحيرة.
1912 .. سفينة تايتانك .. تعد سفينة تايتانك من أشهر السفن العالمية التى غرقت نتيجة الاصطدام بجبل جليدى، عام 1912 فى شمال المحيط الأطلسى، وكان على متنها ما يزيد عن ألف راكب وفرد من طاقم السفينة، ومات كل من قفز أو سقط فى المياه فى غضون دقائق نتيجة لانخفاض درجة حرارة المياه لدرجة التجمد.
1948.. كينجري الصينية .. باخرة الركاب انفجرت وغرقت في مصب نهر هوانغبو 50 ميلا (80 كـم) جنوب شنغهاي في 1948، وكان السبب اشتباه في انفجار السفينة عبر لغم خلفته البحرية الإمبراطورية اليابانية في الحرب العالمية الثانية، وعدد القتلى الدقيق غير معروف، ومع ذلك، يعتقد أن ما بين 2750 و 3920 شخصا متوفى، وذلك بعد نجاة ما يقارب الـ1000 شخص آخرين.
1955 .. سفينة أم تى فى جوتيا .. عرف عن السفينة أنها من السفن غير القابلة للغرق، لكنها لم تكن فى مأمن من المشاكل الأخرى، حيث إنها اختفت فى المحيط الهادئ عام 1955، وكان يتواجد بالسفينة ما يقرب من 25 راكبا، كما أنها كانت محملة بحوالى أربعة أطنان من البضائع بما فى ذلك الإمدادات الطبية والأخشاب والمواد الغذائية ومواد النفط، وعندما تم العثور على السفينة تواجد بها الراديو الذى كان يعمل على استغاثة البحرية الدولية، أما قوارب النجاة فقد اختفت وتم العثور على ضمادات ملطخة بالدماء، ويعتقد البعض أن القبطان أصيب أو قتل، وأن الركاب والطاقم لم يكن أمامهم سوى التخلى عن السفينة.
1975 .. سفينة جيانييس دى .. تعد من أكبر سفن الغطس المفضلة للسائحين والغطاسين فى مصر، غرفت السفينة فى البحر الأحمر، صنعت فى اليابان عام 1966 وكانت اسمها جيانيس، وعندما بيعت فى عام 1975، تم تغيير اسم السفينة إلى ماركوس، هذا بالإضافة إلى أنها بيعت إلى شركة يونانية بخمس سنوات واكتسبت اسمهما النهائى جينايس دى، وعن سبب غرق السفينة، أثناء رحلتها من كرواتيا إلى ميناء جده بالسعودية اصطدمت بالشعب المرجانية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السفینة فی على متنها سفینة فی
إقرأ أيضاً:
كيف تحدد أزمة حظر السفن في البحر الأحمر مصير الاستقلال الأوروبي؟
عادت تهديدات جماعة الحوثي في البحر الأحمر من جديد، بعد إعلان استئناف دعمها للمقاومة في غزة، وحذر مرور سفن الاحتلال الإسرائيلي والموالية للاحتلال.
ونشر موقع "فورميكيه" الإيطالي، تقريرا، سلّط فيه الضوء على تصاعد التهديدات الحوثية في البحر الأحمر، وتأثيرها على الأمن الجيوسياسي والاقتصادي الأوروبي؛ حيث هدّدت القيادة الحوثية باستئناف الهجمات البحرية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي إذا لم يتم تسهيل دخول المساعدات إلى غزة.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "حالة عدم الاستقرار في منطقة الهندو-متوسط التي تسبّب بها الحوثيون؛ قد تعود إلى التصاعد مجددًا اليوم. ويمثل هذا الوضع اختبارًا حقيقيًا لقدرة أوروبا على إدارة أمنها في بيئة معقدة، خاصة في ظل الحديث المتزايد عن الاستقلالية الاستراتيجية. ويأتي ذلك أيضًا ردًا غير مباشر على المواقف السياسية لدونالد ترامب، ما يجعل التحدي أكثر إلحاحًا لأوروبا في هذا التوقيت الحساس".
ووفقا للموقع؛ فإنّ: "زعيم الحوثيين يوجّه إنذارًا نهائيًا: مهلة تنتهي اليوم قبل استئناف الهجمات؛ إذ وجّه زعيم الحوثيين إنذارًا واضحًا: إذا لم تسهل دولة الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بحلول 11 آذَار/ مارس فستستأنف الجماعة اليمنية عملياتها البحرية ضدها".
"تمثّل هذه تهديدًا جديًا، بالنظر إلى حصيلة الهجمات التي نفذها الحوثيون منذ نهاية 2023 وحتى الهدنة قبل شهرين، والتي تضمنت عشرات العمليات، أدت في بعض الحالات إلى تدمير، وإغراق أو تعطيل السفن التجارية الكبرى المستهدفة" تابع التقرير نفسه، مبرزا أنّ: "ناقلة النفط "سونيون" نموذج للهجمات البحرية الحوثية وتداعياتها الدولية".
ولفت الموقع إلى أن ناقلة النفط "سونيون" قناة السويس تحت السحب مؤخرًا، بعد تعرضها لهجوم حوثي في 21 آب/ أغسطس الماضي؛ وهي فرقاطة فرنسية، كانت تعمل ضمن عملية "أسبيديس"، وهي مهمة دفاعية أوروبية ذات إمكانيات محدودة لضمان الأمن في البحر الأحمر".
وأبرز أن: "طاقم السفينة قد أُنقذ عقب الضربة الأولى التي نفّذتها القوات اليمنية، لكن مجموعة من المقاتلين الحوثيين صعدت لاحقًا على متن الناقلة وزرعت نحو عشر عبوات ناسفة، ما أدى إلى اندلاع حريق هائل، ما جعل وزارة الخارجية الأمريكية تحذر من كارثة بيئية محتملة بحجم أربعة أضعاف كارثة "إكسون فالديز"، مما استدعى تحركًا دوليًا واسع النطاق".
وتابع: "بعد سبعة أشهر من إدارة الأزمة، تم إنقاذ الناقلة وجزء كبير من شحنتها البالغة مليون برميل من النفط، لكن تكلفة العملية بلغت ملايين الدولارات"، مشيرا إلى أنّ: "هذه القضية تعكس حجم الهجوم الحوثي وتأثيره المباشر على استقرار اللوجستيات العالمية وعدم الاستقرار الجيو-اقتصادي العالمي".
ووفقًا لتحليلات إحدى شركات الاستخبارات الخاصة؛ أدّت الهجمات الحوثية إلى زيادة زمن تسليم البضائع بنسبة 25 في المئة على طول طريق آسيا-أوروبا-أمريكا، والمعروف بالممر الهندو-متوسطي، الذي يربط بين الهند وباسيفيكي والمحيط الأطلسي عبر البحر المتوسط.
إلى ذلك، اضطرت شركات الشحن الكبرى إلى تجنب المرور عبر البحر الأحمر وتحويل مساراتها حول رأس الرجاء الصالح، ما أدّى إلى ارتفاع التكاليف وزيادة الضغوط على معدلات التضخم وسلاسل التوريد العالمية. وتكشف هذه الأزمة اليمنية عن أهميتها النظامية، حيث تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي لدول مثل إيطاليا، وتؤكد مدى تشابك الأمن البحري مع الاقتصاد العالمي.
ولفت الموقع إلى أنه: "تم تصعيد العمليات ضد الحوثيين دون ردع فعال منذ كانون الثاني/ يناير، فقد كثّفت إدارة ترامب عملياتها ضد مخازن الصواريخ ومنصات الإطلاق التابعة للحوثيين، لكنها لم تتمكن من ردعهم؛ بل على العكس، واصل الحوثيون، الذين يُعتبرون أكثر الفصائل نشاطًا ضمن "محور المقاومة" المدعوم من إيران، تصعيد تهديداتهم والاستعداد لاستئناف العمليات العسكرية".
وأضاف: "بسبب المسافة الجغرافية التي تفصلهم عن دولة الاحتلال الإسرائيلي، كانت الردود الإسرائيلية أقل تأثيرًا عليهم مقارنة بحزب الله، ما جعلهم أقل عرضة للهجمات المباشرة. حتى اليوم، وعلى عكس حزب الله، يرفض الحوثيون هدنة طويلة الأمد، مؤكدين أنهم سيواصلون الهجمات حتى يتم التوصل إلى وقف دائم للحرب في غزة".
"بل ذهبوا إلى حد المطالبة بحل الدولتين في بعض تهديداتهم، رغم معرفتهم بأن ذلك يعني استمرار حالة عدم الاستقرار نظرًا لتعقيد القضية الفلسطينية-الإسرائيلية" استرسل التقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".
وأوضح أنّ: "الوضع أصبح أكثر تعقيدًا مع إعادة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية من قبل واشنطن، إلى جانب فرض عقوبات جديدة ومحاولات منعهم من تعزيز علاقاتهم مع موسكو؛ حيث سعوا للحصول على إمدادات عسكرية ومعلومات استخباراتية لتحديد أهدافهم. ولم تقتصر الهجمات على السفن الإسرائيلية كما وعدوا في عملياتهم".
وأردف: "استهدفت أيضًا سفنًا مرتبطة بمُلاك غربيين، متهمين إياها بدعم الاحتلال الإسرائيلي. يُعرف الحوثيون بمواقفهم الأيديولوجية المعادية للصهيونية وأمريكا، لكنهم وسّعوا نطاق عدائهم ليشمل الغرب بأكمله، متماشين مع السردية الروسية-الصينية-الإيرانية. وأعلنوا صراحة استعدادهم الكامل لخوض "حرب شاملة ضد المصالح الأمريكية" بالمنطقة، ما يزيد احتمالية التصعيد العسكري بالبحر الأحمر وخارجه".
الرد الأوروبي و"النموذج" الإيطالي
أكد الموقع أنّ: "هذا المشهد يمس الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر، حيث لا يزال الربط عبر البحر الأحمر في حالة جمود، كما أوضح الخبير الأمنى والمحلل لدى شركة آيوس ريسك للاستشارات الأمنية، مارتن كيلي، لموقع ديكود 39، ما يثير مشكلة جيو-اقتصادية خطيرة".
"في هذا السياق، تحاول إيطاليا إرسال رسالة واضحة، حيث تعتمد نهجًا مزدوج المسار يمكن تفسيره كنموذج لمشاركة أوروبية أكثر وعيًا ومتعددة المستويات، يعكس مقاربة إستراتيجية أكثر شمولية تجاه الأزمة" وفقا للتقرير.
وأضاف أنّ: "المحور الأول: المشاركة العملياتية في المهمة البحرية الأوروبية "أسبيديس"؛ حيث يشغل أميرال إيطالي منصب قائد القوات. في نهاية الشهر الماضي، تم تنظيم اجتماع تقني في قاعدة "تشينتوشيلي" (روما)، حيث تم عرض تطورات المهمة في إطار مشروع المراقبة البحرية الأوروبي "مارسور"، تلاه سلسلة اجتماعات بين قيادة " أسبيديس " والقيادة العملياتية العليا المشتركة (COI)، بقيادة الجنرال جيوفاني ماريا يانوكي".
وأوضح: "هذا يؤكد الاهتمام الاستراتيجي لإيطاليا في ضمان الأمن البحري، ليس فقط لأسباب دفاعية، ولكن أيضًا لحماية سلاسلها التجارية والاقتصادية"، فيما تابع: "المحور الثاني: الدبلوماسية والسياسة؛ حيث نظمت وزارة الخارجية الإيطالية اجتماعًا جمع بين مسؤولي مهمة "أسبيديس" والسفيرة اليمنية في إيطاليا أسمهان الطوقي".
وأبرز: "شارك في الاجتماع كبار مسؤولي الوزارة، بمن فيهم نائب مدير الشؤون السياسية، ماوريتسيو غريغانتي، والمبعوث الخاص لليمن وأفغانستان، جيانفرانكو بتروزيلّا. تم خلال اللقاء مناقشة الوضع الداخلي في اليمن والتطورات السياسية المحتملة، في خطوة تعكس التزام إيطاليا بالمسار الدبلوماسي إلى جانب الجهود العسكرية".
أيضا، كشف الموقع عن: "رؤية إيطاليا: ربط الأزمة البحرية بالصراع اليمني الأوسع، فبهذه الطريقة، تربط روما الأزمة في الممر البحري بالإطار الأوسع للحرب الأهلية اليمنية، متجنبة مقاربة أمنية بحتة. إنها مقاربة واعية وبراغماتية، لأن تحركات الحوثيين ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوضع الداخلي في اليمن".
وبيّن أنّ: "المنظمة التي تسيطر على شمال اليمن تستخدم الهجمات في منطقة الهندو-متوسط كوسيلة لإظهار القوة، بهدف تعزيز موقفها على طاولة المفاوضات بشأن الحرب. هناك، يواجه الحوثيون المجتمع الدولي، لا سيما دول الخليج، في اختبار معقد لقدرتهم على بناء الاستقرار والتفاوض السياسي".
واختتم التقرير مؤكدا أنّ: "أزمة الحوثيين:؛ هي تهديد إقليمي بتداعيات عالمية وهي ليست مجرد تهديد إقليمي، بل مثال على كيفية ارتباط الصراعات الهامشية بالهشاشة العالمية. لهذا السبب، لا تستطيع أوروبا تحمل مستوى منخفض من المشاركة، حيث إن البحر الأحمر شريان أساسي للتجارة العالمية، وأمنه يمس المصالح الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي بشكل مباشر".
واستطرد: "تُظهر مهمة "أسبيديس" والنهج المزدوج -العملياتي والدبلوماسيـ أن لأوروبا فرصة للعب دور أكثر فاعلية في إدارة الأزمة. لكن عدم الاستقرار في منطقة الهندو-متوسط بسبب الحوثيين يمثل اختبارًا لقدرة أوروبا على إدارة أمنها الذاتي، خاصة في ظل النقاش المتزايد حول "الاستقلالية الإستراتيجية"، التي تتأثر أيضًا بتوجهات دونالد ترامب السياسية".