عكست شهادات عدد من الذين خرجوا من معتقلات طرفي النزاع في السودان “الجيش والدعم السريع” وشهود العيان والناشطين، عن واقع مأساوي يقاسيه المعتقلون الذين يتعرضون لأسوأ معاملة، فضلاً عن التعذيب المفضي للوفاة.

التغيير- الخرطوم: سارة تاج السر

تقول (ن. ك): بمجرد وصولي إلى المعتقل التابع لقوات الدعم السريع بإحدى مزارع المرسى في شمبات شمالي العاصمة الخرطوم، تم خلع جميع ملابسي وظللت اتعرض للتهديد بالاغتصاب طوال فترة اعتقالي، بينما كان التاجر (س.

ب) الذي قضي 28 يوماً محتجزاً في مركز يتبع للجيش السوداني بالثورة الحارة العاشرة، شاهداً على تصفية معتقل نتيجة مقاومته.

سجن كبير

شهادات (ن. ك) و(س. ب) وغيرها من تفاصيل انتهاكات وجرائم جسيمة جرت بعد حرب 15 ابريل بمعتقلات الجيش والدعم السريع ضد مدنيين وأسرى عسكريين وثقتها مجموعة “محامو الطوارئ” الحقوقية المستقلة، في تقرير صدر الأحد بعنوان “معتقلات الموت بالخرطوم”- وفقا لشهادة 22 مصدراً و42 معتقلاً وشهود عيان.

وأعد التقرير بناءً على العمل الميداني على الأرض بواسطة الهيئة الحقوقية ومتطوعين متعاونين خلال شهرين ليشمل ولاية الخرطوم بمحلياتها السبع ومدنها الثلاث.

وأكد محامو الطوارئ أن العاصمة، بمدنها الثلاث الخرطوم، الخرطوم بحري وأم درمان تحولت إلى سجن كبير لمن تبقى فيها من المدنيين، وأن عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والاحتجاز غير المشروع في سجون الدعم السريع والقوات المسلحة، تصاعدت على نحو مروع، حيث يتعرض المحتجزون لأصناف واسعة من التعذيب والمعاملة القاسية، تشمل التجويع الاعتداء الجنسي وتصل إلى حد الموت داخل تلك المعتقلات.

52 معتقلاَ للطرفين

وبلغ عدد دور الاحتجاز الدائمة الموثقة لدى “محامو الطوارئ”، 44 مركز اعتقال يتبع لقوات الدعم السريع و8 مراكز اعتقال تابعة للجيش، كما توجد مراكز اعتقال مؤقتة ويمكن تعريفها بأنها مواقع صغيرة لتجميع المعتقلين يتم فيها الاستجواب الأولي ومن ثم فرز المعتقلين ونقلهم إلى المراكز الدائمة.

والمراكز المؤقتة تكون دائماً في الأحياء والمباني السكنية أو المدارس أو أقسام شرطة، أما مراكز الاعتقال الدائمة فهي مواقع ومقار كبيرة ينقل إليها المعتقلون وتكون دائماً في المقار العسكرية ومباني المؤسسات الحكومية البعيدة نسبياً عن الأحياء السكنية، وتقام هذه المراكز داخل أعيان مدنية ومناطق عسكرية.

وحدد التقرير معتقلات الدعم السريع داخل مدينة الخرطوم في مناطق: “المدينة الرياضية، مقر هيئة العمليات ومعهد الاستخبارات العسكرية، سجن سوبا، ارض المعسكرات سوبا، جامعة السودان المفتوحة، الأدلة الجنائية بري، مباني غرب مول عفراء، مقر هيئة العمليات- السوق العربي، معسكر طيبة تابع للدعم السريع، مقر الحرس الجمهوري، قسم شرطة ابو ادم مربع 4 “النظام العام”، بدروم مبنى سكني مقابل المستودعات، مبنى رئاسة محلية جبل اولياء”.

وتركزت دور الاحتجاز في مدينة بحري بمناطق: “شمبات معسكر المظلات، شمبات الأراضي وراء مستشفى البراحة “حوش كبير”، شمبات الاراضي ميدان السالم مربع 4، معسكر كافوري “الرئيسي” جوار محطة كهرباء مربع 3، مدرسة الدروشاب جنوب الثانوية بنين، كبري الحلفايا مطعم سيزر، الاملاك بالقرب من المحكمة وكبري المك نمر، مبانٍ سكنية “عمارات، محطة الكيلو مبنى سكني “عمارة” جوار “البنشر”، مبانٍ سكنية بالقرب من مصنع ويتا كافوري مربع واحد، المزاد جنوب في منزل بالقرب من الدفاع المدني يوجد به “مدنيون وأسرى قوات نظامية”، شمبات الاراضي جوار مسجد الرفاعي مربع 3 منزل عقيد في الدعم السريع”.

وشملت معتقلات قوات الدعم في  شرق النيل مناطق: “مكتب صينية (13) الذي يقع بمقربة من مستشفى شرق النيل، مكتب الوحدة الادارية بالحاج يوسف شارع واحد بالقرب من المدارس، عدد غير محدد من المعتقلات باحياء الجامعة/  النصر/ الفيحاء، مزرعة بالسليت، معتقل في الطريق الشرقي مرابيع الشريف”.

كما يتم استخدام نقاط استجواب مؤقتة في أقسام الشرطة أو أي مؤسسة خدمية تحت سيطرتهم، وتستخدم مباني المؤسسات العامة والخاصة المتاخمة لارتكازاتهم المنتشرة على امتداد شوارع المحلية كنقاط استجواب وتحرٍّ وكمعتقلات مؤقتة.

فيما تمركزت معتقلات القوات المسلحة في الخرطوم بمناطق: “الشجرة العسكرية “سلاح المدرعات”، سلاح الذخيرة، الدفاع الجوي بجبل اولياء”.

وفي أم درمان تمثلت دور الاحتجاز التابعة للجيش في مناطق: “مكتب استخبارات وجهاز الأمن- الثورة الحارة التالثة، مكتب استخبارات وجهاز الأمن- الثورة الحارة العاشرة، مكتب استخبارات وجهاز الأمن- سوق صابرين، منطقة وادي سيدنا العسكرية، منطقة سلاح المهندسين العسكرية.

253 مدنياً و48 عسكرياً في مقار احتجاز الدعم السريع جنوب أم درمان

253 مدنياً و48 نظامياً

وقدر التقرير أعداد المحتجزين بالفتيحاب قسم الـ18 الواقع غربا بمنطقة المربعات في أم درمان بحوالي 150 معتقلاً، وحوالي 103 مدنياً و48 أسيرا من القوات نظامية المختلفة (شرطة، جيش، جهاز أمن) بقسم 50 الواقع في مربع 50 بالصالحة الذي حول الى معتقل.

وفي مقر هيئة العمليات السابق للجهاز (خارج جنوب منطقة صالحة بقليل) يوجد معسكر لتدريب قوات الدعم يستخدم كمعتقل خاصة لاستجواب المسافرين على طريق جبل أولياء، إلى جانب مركز صحي ماجد كامل ويقع بمنطقة هجليجة وتم تحويله من مركز صحي علاجي إلى معتقل أولي يتم احضار المقبوضين إليه وبعد ذلك يتم عزلهم وأخذ البعض إلى قسم 50، إضافة إلى قسم شرطة أمبدة الحارة 18، مدرسة اليقين أمبدة الحارة 12.

واتخذ الدعم السريع منازل مدنيين بالقرب من ارتكاز قواته بكبري ود البشير، معتقلات، فضلاً عن عمارة سكنية غرب كبري ود البشير، مدرسة عثمان بن عفان بالحارة الخامسة امبدة، مدرسة الرخاء بالحارة الخامسة امبدة، مسجد الرخاء بالحارة الخامسة، عمارة سكنية شرق مسجد الرخاء، عمارة الزيتون امبدة سوداتل، عمارة سكنية شمال تقاطع الصهريج.

فيما شملت معتقلات الدعم السريع في منطقة امدرمان القديمة “مستشفى المناطق الحارة- الملازمين، مبنى سكني بود نوباوي جنوب، مبنى سكني بحي العمدة”.

شهود عيان: اكثر من 700 شخص معتقلون في بدروم جامعة السودان المفتوحة بحي الرياض

أوضاع المعتقلات

بناءً على إفادات المعتقلين فإن أوضاع معتقلات طرفي النزاع تختلف حسب ما إذا كان المعتقل دائم أم مؤقت، ففي معتقلات الدعم السريع، التي تكون غالباً عبارة عن عمارات سكنية أو مبانٍ حكومية، يعتقل المدنيون أسفل المبنى “البدروم” في المساحة ما بين 200- 300 متر.

وأفاد المعتقل (ن. أ) أن معتقل الدعم السريع في الخرطوم الرياض كان في بدروم عمارة سكنية وصل فيه عدد المعتقلين فيه إلى 200 شخص، وفي افادة اخرى للمعتقل (ك.ع)، فإن عدد المحتجزين في معتقل الدعم  بجامعة السودان المفتوحة يصل تقريباً إلى ما بين 700- 800 شخص.

أما معتقلات القوات المسلحة فهي عبارة عن هناكر أو مبانٍ مهجورة في هوامش المناطق العسكرية، وفق المعتقل (ط. ب) الذي قضى شهرين في هنكر بسلاح المهندسين.

وتعاني المعتقلات من عدم التهوية والرطوبة العالية والتي تؤدي إلى صعوبة في التنفس، ما تسبب في وفاة عدد من المعتقلين حسب إفادة (ن. ص) المعتقل بالخرطوم داخل عمارة سكنية بشارع الستين، وتتطابق هذه الإفادة مع إفادات أخرى لمعتقلين لدى القوات المسلحة والدعم السريع- حسب التقرير.

بالإضافة إلى ذلك لا توجد مراحيض داخل المعتقلات وإن وجدت لا يتم استخدامها فيلجأ المحتجزون لاستخدام جرادل عند الدخول، في بعض الأحيان ودون استخدام مياه في أحيان أخرى.

ابرز أساليب التعذيب التعليق من الأرجل والصعق بالكهرباء وإطفاء أعقاب السجائر والإجبار على أعمال شاقة وحفر القبور

التعذيب

وأكد شهود عيان ومعتقلون لـ”محامو الطوارئ”، أن التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة هي القاسم المشترك لجميع مراكز دور احتجاز الطرفين في مواجهة المدنيين والأسرى العسكريين، وذكر التقرير أنه أصبح من المؤكد أن المعتقلين يخضعون للاستجواب تحت عمليات تعذيب بشعة مثل التعليق من الأرجل والصعق بالكهرباء وإطفاء أعقاب السجائر، كذلك إجبار المعتقلين على القيام بأعمال شاقة وحفر القبور لقتلى الطرفين، إلى جانب استخدام التجويع كوسيلةللتعذيب من قبل طرفي النزاع، حيث أفاد (ك. م) الذي كان معتقلاً بمركز كافوري التابع للدعم السريع بأنهم طوال ستة أسابيع ظلوا يتلقون حصصاً ضئيلة من الأكل والمياه.

كما كشف تحرير عدد كبير من الأسرى والمعتقلين المدنيين من المنطقة العسكرية بالشجرة عن نموذج مروع لاستخدام التجويع كوسيلة للتعذيب.

وقال (ن. ص): تقدم وجبة واحدة في اليوم في أفضل الأحوال وعادة ما يتناول المعتقلون رغيفة خبز واحدة في اليوم أو بلحات، وأوضح (و. ط) المعتقل بشمبات في إحدى المزارع بواسطة الدعم السريع، كذلك أن المعتقلين يعانون من قلة مياه الشرب، وفي بعض المعتقلات يتناول بعضهم 3 أكواب يومياً وفي البعض الآخر كوب واحد يومياً.

يأكل المحتجزون رغيفة واحدة أو بلحات ويتناولون 1 – 3 أكواب ماء في اليوم

اعتداءات جنسية بحق المعتقلين/ات

تمارس داخل مراكز اعتقال طرفي النزاع جميع الجرائم، فبالإضافة للتعذيب والسخرة هناك اعتداءات جنسية شملت الذكور والاناث كما وثق التقرير.

وأفاد (خ. ع) موظف كان معتقلاً لدى الدعم السريع بمبنى هيئة العمليات في الرياض أنه كان من ضمن المعتقلين امرأة متزوجة وفتاة تم الاعتداء عليهما أكثر من مرة.

وفي مركز الثورة الحارة العاشرة الذي يتبع للقوات المسلحة وتتم إدارته بواسطة الاستخبارات العسكرية وأفراد هيئة العمليات التي كانت تتبع لجهاز المخابرات العامة قبل حلها سابقاً قضى (س. ب)- تاجر أكثر من 28 يوماً معتقلاً ضمن 18 آخرين، وكشف عن التعدي على اثنين من المعتقلين بينما تم تصفية ثالث نتيجة لمقاومته.

ورصد التقرير معتقلين من النساء والأطفال في عدد من المراكز التي تتبع للجانبين في ظل اختلاطهم مع بقية المعتقلين، وشهدت (ر. ح) بائعة شاي، اعتقلت ومعها 8 نساء وهم ينتمون لمجموعات سكانية من غرب البلاد من سوق صابرين بتهمة التعاون مع الدعم السريع، وأطلق سراحها بعد مضي 36 يوماً، وهي لا تعلم شيئا عن مصير البقية.

وشاهد (م. ح)- محاسب تم اعتقاله في مركز احتجاز جامعة السودان المفتوحة، وجود حوالي 12 امرأة وعدد كبير من القصر الذكور بالمعتقل.

بائعة شاي: اعتقلت ضمن 8 نساء ينتمين لمجموعات سكانية من غرب البلاد بتهمة التعاون مع الدعم السريع وأطلق سراحنا بعد 36 يوماً

الفدية مقابل الإفراج

وثق التقرير حالة طلب فدية مقابل إطلاق سراح المعتقل (م. ح) والذي تم اعتقاله بقرب مسجد العشرة من قبل الدعم السريع، ومن ثم قام بعض الأفراد بالاتصال بأسرته طالبين مبلغ 10 ملايين جنيه سوداني مقابل الإفراج عنه، ولفت التقرير إلى أن المذكور ما يزال معتقلاً لعجز الأسرة عن سداد المبلغ.

ونبه التقرير إلى انعدام الخدمات الصحية داخل المعتقلات، واعتبرها من أبرز أسباب وفاة المعتقلين الذين يمكثون أشهر عديدة دون تلقي الرعاية الطبية للإصابات الناجمة عن التعذيب أو عدم تناول أصحاب الأمراض المزمنة العلاج والأدوية المنقذة للحياة.

وكشف (ج. م) الموقوف في معتقل الدعم السريع بالخرطوم الرياض، عن وفاة اثنين من المعتقلين أحدهما نتيجة أزمة تنفس والثاني مريض سكري، فضلاً عن تكدس دور الاحتجاز بأعداد كبيرة من المعتقلين. حيث بلغ عدد المعتقلين في بدروم جامعة السودان المفتوحة بحي الرياض في الخرطوم، اكثر من 700 شخص، ولفت التقرير إلى أن المساحات الضيقة تتسبب في انتشار كثير من الأمراض الفيروسية.

وبشأن المياه قال التقرير إن في جميع دور الاحتجاز يتناول المعتقلون مياهاً غير صالحة للشرب، مما أدى لكثير من الأمراض المعوية.

في نهاية التقرير أوصى “محامو الطوارئ”، طرفي النزاع، بإطلاق سراح جميع المعتقلين دون مسوغ قانوني والكشف عن قوائم المعتقلين والمخفيين قسرياً والسماح لهم بالتواصل مع ذويهم، والسماح بدخول مراقبين مستقلين إلى جميع مراكز الاحتجاز، وتسهيل التحقيقات الفعالة والمستقلة من خلال السماح للخبراء المعنيين من “اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب” والأمم المتحدة بما في ذلك الفريق المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي.

وشدد على شركاء السودان الدوليين والإقليميين والأمم المتحدة بضرورة تكثيف الضغط على الجيش والدعم السريع من أجل إطلاق سراح المعتقلين دون قيد أو شرط والسماح بدخول مراقبين مستقلين إلى جميع مراكز الاحتجاز، ووقف الانتهاكات بحق المدنيين العزل، رصد وتوثيق جميع الانتهاكات بخصوص المعتقلين والمخفيين قسرياً بنية الضغط للكشف عن أماكن اعتقالهم والوصول للعدالة، إضافة إلى تشكيل لجنة أممية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في السودان على خلفية حرب 15 أبريل، وتشجيع حملات المناصرة للتعريف بقضية المعتقلين والمخفيين قسرياً.

الوسومأم درمان الجيش الخرطوم الدعم السريع الرياض بحري حرب 15 ابريل محامو الطوارئ معتقلات

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أم درمان الجيش الخرطوم الدعم السريع الرياض بحري حرب 15 ابريل محامو الطوارئ معتقلات القوات المسلحة هیئة العملیات محامو الطوارئ والدعم السریع من المعتقلین الدعم السریع طرفی النزاع عمارة سکنیة بالقرب من مبنى سکنی أم درمان

إقرأ أيضاً:

الحكومة السودانية: الدعم السريع أحرقت 270 قرية في شمال دارفور

دارفور- قال وزير التنمية الاجتماعية السوداني أحمد آدم بخيت إن "مليشيا" الدعم السريع "أحرقت 270 قرية من قرى شمال دارفور في منطقتي طويلة وشقرات"، حيث دخلت قواتها مناطق أم كدادة وعمدت إلى "تصفية الرجال والنساء -على حد سواء- من منزل إلى آخر"، حسبما ذكر في مؤتمر صحفي لعدد من الوزراء في الحكومة السودانية اليوم الأربعاء بمدينة بورتسودان.

وأضاف بخيت في تصريح خاص للجزيرة نت أن "المليشيا عمدت إلى قتل المواطنين ونهب ممتلكاتهم في عدد من المناطق في شمال دارفور، ومن ذلك قتل 11 من الكوادر الطبية في منطقة أم كدادة، وإلى حرق أكثر من 50 قرية غرب وجنوب الفاشر"، مما تتسبب في نزوح السكان إلى منطقتي الفاشر وطويلة، وأكد أن الناس يعيشون أوضاعا إنسانية غاية في السوء.

وأوضح أن هذه القوات اجتاحت منطقة المالحة وقتلت وشردت المئات من مناطق صياح ومليط، واعتدت على المواطنين العزل وهجّرتهم قسرا في مناطق جبل حلة وبروش وأم كدادة، و"ألقت بعض الأسر في آبار المياه"، في حين يواجه الذين فروا منهم في الوديان والجبال انعدام مصادر المياه.

الوزير بخيت: كل المناطق التي هاجمتها قوات الدعم السريع خالية من أي وجود عسكري (الجزيرة) قتل وتهجير

ووفق بخيت، فإن كل المناطق التي هوجمت خالية من أي وجود عسكري، مما يعني "أن المليشيا وجهت حربها نحو المواطنين".

بدوره، أكد وزير الصحة في إقليم دارفور بابكر حمدين أن نحو 450 ألف شخص فروا من معسكر زمزم نحو منطقتي الفاشر وطويلة عقب هجوم قوات الدعم السريع عليه، تاركين ممتلكاتهم ومدخراتهم.

وأفاد حمدين بأن نحو 500 شخص من بين النازحين تعرضوا للقتل أثناء فرارهم، في حين مات عدد من الأطفال في رحلة النزوح تلك وهم محمولون على ظهور أهاليهم، قبل أن "تلاحقهم المليشيا بالقصف والقتل أثناء نزوحهم".

الوزير حمدين: نحو 450 ألفا فروا من معسكر زمزم بعد هجوم الدعم السريع عليه (الجزيرة)

وقال حمدين -في تصريح خاص للجزيرة نت- إن الأطباء بوزارة الصحة في شمال دارفور يعملون على اختيار مواقع بديلة غير مكشوفة لإجراء العمليات الجراحية وتقديم الخدمات الصحية بسبب الاستهداف الممنهج للمنشآت الصحية ومواقع تقديم الخدمة العلاجية، الأمر الذي أدى إلى توقف عدد من المستشفيات عن العمل.

إعلان

وأضاف أن الأسباب التي أدت إلى تهجير النازحين قسرا من معسكر زمزم جراء الهجوم الذي قامت به "المليشيا" تمثلت أساسا في استهداف المركز الصحي في المعسكر، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 9 من الكوادر الطبية العاملة فيه، وأن منع وصول الاحتياجات الأساسية والوقود إلى مدينة الفاشر أدى إلى بلوغ تكلفة "جركانة" الوقود (إناء بلاستيكي توضع فيه الوقود بسعة 4 غالونات) إلى مليون جنيه.

عبد الوهاب (يسار): قوات الدعم السريع هجّرت أكثر من 400 قرية في مناطق شمال دارفور (الجزيرة) سلاح التجويع

ووفقا لحمدين، فإن الإدانة التي صدرت الأسبوع الماضي للدعم السريع وحدها لا تكفي، حيث "لا تزال المليشيا تواصل انتهاكاتها ضد المدنيين، إذ تمت مهاجمة مناطق أم كدادة، وقد أحرقت هذه القوات الأسواق وقتلت الناس، مما أدى إلى فرارهم نحو القرى المجاورة، قبل أن تلاحقهم في تلك المناطق التي فروا إليها".

وأشار حمدين إلى أن "المليشيا لاحقت الأطباء والكوادر الصحية ومنعتهم من تقديم الخدمة، وتستخدم سلاح التجويع من خلال استهداف المدنيين كجزء من الحرب الحالية".

وتشهد الفاشر حاليا -وفقا لحمدين- وضعا إنسانيا متأزما، إذ تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء وانعدام فرص العلاج، مع نقص كبير في الإمداد المائي بعد أن عطلت قوات الدعم السريع كل مصادر المياه بالمنطقة.

وطالب حمدين المجتمع الدولي بالتعامل بجدية وحسم تجاه "مليشيا الدعم السريع" بخصوص تواصل إمدادها بالسلاح الذي يساهم في استمرار الحرب ويفاقم من معاناة المدنيين.

من جانبه، صرح حمد عبد الوهاب مدير الإدارة العامة للطوارئ وممثل مفوض عام العون الإنساني بأن قوات الدعم السريع هجّرت أكثر من 400 قرية في مناطق شمال دارفور التي شهدت موجات نزوح عالية، وتحدث عن وجود جرحى بدون رعاية صحية، وعن ممارسة سياسة التجويع الممنهج وترويع المواطنين العزل بـ"قسوة شديدة".

العمدة ضو البيت: قوات الدعم السريع قتلت 111 من كادر مستشفى أم كدادة (الجزيرة) وضع متأزم

وأكد عبد الوهاب استعداد الحكومة السودانية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق في شمال دارفور في حال فتح الطرق.

إعلان

وطالب عبد الوهاب بحماية المدنيين وتوفير التغذية والمياه لإنقاذهم، و"بإعلان الدعم السريع مليشيا إرهابية والضغط على داعميها الأساسيين لإيقاف الدعم".

كما طالب بتطبيق قرار مجلس الأمن القاضي بفك حصار الفاشر "الذي لم يلتزم المجلس بتفعيل آليات لتطبيقه"، مع إيصال مساعدات إنسانية عاجلة.

من جهته، قال العمدة محمد شرف الدين ضو البيت وكيل ناظر عموم قبائل شرق دارفور في تصريح للجزيرة نت إن منطقة أم كدادة شهدت مقتل المدير والطاقم الطبي في مستشفاها، بالإضافة إلى إعدام مرافقي المرضى، وقد بلغ عدد الضحايا نحو 111 شخصا، وإن كثيرا من الأهالي نزحوا نحو مناطق أم سدرة.

سمير محمد أحمد حذر من وضع إنساني كارثي في شمال دارفور (الجزيرة)

وأضاف أن هناك أكثر من 80 مواطنا "استشهدوا" عقب اجتياح منطقة جبل حلة من قبل قوات الدعم السريع، وأن منطقة بروش شهدت نزوحا كاملا بعد تعرضها للهجوم الثالث من قبل هذه القوات التي قامت بـ"إفقار الأهالي ونهب ممتلكاتهم وتعطيل مصادر المياه هناك".

أما ممثل المجتمع المدني بشمال دارفور سمير محمد أحمد فيقول في تصريح للجزيرة نت إن محليات أم كدادة ومليط والمالحة والفاشر وطويلة والطويشة واللعيت تمثل المناطق الأكثر تأزما في الوضع الإنساني، إذ يعاني الأهالي من انعدام الغذاء والدواء ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، مع غياب الرعاية الصحية بسبب إغلاق الطرق التي تؤدي إلى تلك المناطق.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم جابر : ستتوقف الحرب بتوقف إمداد الدعم السريع بالسلاح والمرتزقة
  • الدعم السريع: لم نقصف أيّ مرفق خدمي من قبل ولو بالخطأ
  • الحكومة السودانية: الدعم السريع أحرقت 270 قرية في شمال دارفور
  • ناشطون: الدعم السريع تصعد الانتهاكات ضد المدنيين في أم درمان
  • اعتداءات "جنسية".. شهادات مروعة لأسرى من غزة في سجني النقب وعوفر
  • تحاول فرض “الموازية” بقوة السلاح.. الدعم السريع تواصل قصف المدنيين في الفاشر
  • السجن 10 سنوات لمتعاون مع الدعم السريع في فداسي
  • الدعم السريع يستهدف ود الزاكي بالمدفعية الثقيلة
  • هجوم جديد للدعم السريع على الفاشر وتقارير أممية عن انتهاكات مروعة
  • “كمين المندرابة”.. الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بقوات الدعم السريع وضباطه وجميع قواته