ولي عهد رأس الخيمة: فخورون بما حققه سلطان النيادي ونهنئ قيادتنا بعودته سالما
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
رأس الخيمة في 4 سبتمبر/وام/ رفع سمو الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي، ولي عهد رأس الخيمة، أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، بمناسبة نجاح مهمة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، وعودته سالما إلى الأرض.
وعبر سموه عن عميق مشاعر الفخر والاعتزاز بما حققه النيادي من إنجازات علمية غير مسبوقة أثناء مهمته في محطة الفضاء الدولية التي استمرت لمدة 6 أشهر، والتي أثبتت أن أبناء الإمارات قادرون على تحقيق الإنجازات الاستثنائية والإسهام بفاعلية في مسيرة التطوّر الإنساني ورفد البشرية باكتشافات علمية تعزز جودة حياة الإنسان على هذا الكوكب، وتدعم سعيه نحو استكشاف النواميس الكونية وتسخير كل ما أودعه الله تعالى من أسرار فيها لمنفعته.
وقال سموّه إن أبناء الإمارات حققوا طموح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي آمن بقدراتهم ووضع اللبنات الأساسية لدولة الحضارة والتقدم والإنجاز، وخطط منذ وقت مبكر لدخولها هذا القطاع الحيوي، فتمكنوا من سبر أغوار العلم وامتلاك ناصيته، وخاضوا حقوله المختلفة والمتنوعة حتى باتت بصماتهم واضحة يشهد لها القاصي والداني، وأثبتوا للعالم كله بأنهم لا يعرفون المستحيل ولا يقبلون إلا بالقمم.
وأضاف سمو ولي عهد رأس الخيمة أن ما أنجزه سلطان النيادي ومن قبله زميله هزاع المنصوري، وزملاؤهما من العاملين في برنامج الإمارات الوطني للفضاء، يشكل مصدر فخر ليس لأبناء الإمارات فحسب، بل للأمة العربية جمعاء، لأنهم أعادوا لها ماضيها المجيد ومجدها التليد، وبعثوا في نفوس أبنائها العزيمة والحماس والأمل بأن القادم أجمل، وبأن هذه الأمة ولادة وقادرة على رفد المسيرة الإنسانية بكفاءات متميزة وعقول قادرة على الإبداع والابتكار، وهمم جبارة تستطيع الوصول إلى حيث لم يصل الآخرون.
ولفت سموّه إلى ما حققه سلطان النيادي من إنجازات نوعية وتاريخية، رفعت اسم الإمارات ورايتها عالية بين الأمم؛ إذ أصبحت أول دولة عربية تنجز أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب، وتجري في الفضاء تجارب علمية رائدة تسهم في خدمة البشرية والمجتمع العلمي، فضلا عن كونه أول رائد فضاء عربي يخوض مهمة "السير في الفضاء" خارج محطة الفضاء الدولية، مؤكدا سموّه أن هذه النجاحات لم تكن لتتحقق لولا رؤية ودعم قيادة رشيدة آمنت بأبنائها وغرست في نفوسهم طموحات لا حدود لها، ووفرت لهم الإمكانات كافّة لتحقيق هذه الطموحات وتحويلها إلى واقع يعيشونه في حياتهم اليومية.
ودعا سمو الشيخ محمد بن سعود القاسمي، أبناء الإمارات، إلى استلهام التجارب الناجحة لرواد الفضاء الإماراتيين لشحذ الهمم والعزائم وتجديد العهد للقيادة الرشيدة على العمل بكل جدّ وإخلاص لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تنقش اسم الإمارات في سجلّات الأوائل، والسير على نهج القيادة الرشيدة والاقتداء بها في تسخير كافة الطاقات وتوجيه الإمكانات لخدمة الوطن، وتوطيد أركانه وتعزيز منعته وتحقيق المزيد من أسباب السعادة لشعبه. زكريا محي الدين
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: سمو الشیخ محمد بن سلطان النیادی رأس الخیمة
إقرأ أيضاً:
وصية المخدوم الأعظم سلطان بن مسعود بن سلطان
تُعَدُّ الوصايا من بين أكثر أصناف الوثائق انتشارًا في التراث الوثائقي العماني، ولعل ما رأيناه من أمثلة سابقة في هذه السلسلة إنما هو من المنقول منها في كتب الفقه في سياق استفتاء الفقهاء عمّا ورد فيها وما يثبت منها وما لا يثبت. أما السواد الأعظم من الوصايا الباقية فهي محفوظة ضمن المجموعات الوثائقية الخاصة، لكنها لا تتعدى في الغالب من حيث تأريخها القرون الثلاثة الأخيرة. ومن بين الأمثلة على المنقول من الوصايا القديمة وصية مشحونة بالعجيب من الموصى به، مثيرة للاهتمام، محفِّزة للبحث والسؤال، وهي وصية نُقِلت في بعض مخطوطات كتاب (بيان الشرع)، مما زِيدَ على الكتاب. وهي وصية سلطان بن مسعود بن عدي بن شاذان، وهو فيما يظهر من أمراء بني صلت الذين كانت لهم زعامة خلال القرنين التاسع والعاشر الهجريين، وآثار معقلهم ومقبرتهم باقية في ناحية من وادي بني خروص.
وقد جاء في النص المنقول أن الوصية عُرِضت على الفقيه أحمد بن مدّاد (ق10هـ) وهي بخط الفقيه محمد بن عبدالسلام، من فقهاء النصف الثاني من القرن التاسع وأول القرن العاشر الهجري، ومن تلامذة الفقيه صالح بن وضّاح المنحي (ت:875هـ)، وعلى هذا كان عرض الوصية على ابن مدّاد بعد زمان صاحبها، ومن قرائن ذلك أن الذي عرضها عليه فيما يظهر تلميذه محمد بن سعيد بن محمد بن عبدالسلام، ويُفهم ذلك من قوله في جوابه على كتابه: «وفهم المُحب ما شرحتَه في كِتابك الشريف، في حال وصية السُّلطان الأعظم، سُلطان بن مسعُود بن سُلطان، التي هي بخط جدك الفقيه محمد بن عبد السلام».
وقد وُصِف الموصي في النص وملاحقه بـ«المخدوم» و«السلطان» وفيهما إشارة إلى السلطة والنفوذ، كما يُفهَم من النص أيضًا أن مقرّه كان بمدينة نخل، في عبارة: «وأوصى بخمسمائة ألف دينار هرموزي يفرق على كل من يُؤدي القلم من أهل داره نخل، الغني والفقير». ولعل أكثر ما يلفت النظر في الوصية كثرة ما أوصى به وتنوّعه وتفرّعه، وما يترتب عليه من أموال مُعيَّنة بـ«الدينار الهرموزي» نسبة إلى مملكة هرمز، وهو نقد كان -فيما يظهر- متداولًا في عُمان.
ولسنا بصدد نقل نص الوصية هنا فهو طويل وتتخلله عبارات الفقيه أحمد بن مدّاد معلقًا بـ«يثبت» أو «لا يثبت» مع بيان العلّة في بعض المواضع، ثم علّق ابن مدّاد بعد نص الوصية مبيّنًا منهجه وطريقته، وعلى عدم ثبوت بعض ما في الوصية، ثم تلت ذلك زيادة بخط عبّاد بن محمد بن عبدالسلام وهو ولد كاتب الوصية، وقد جاء في أول الزيادة: «لقد حضرنا عند المخدُوم الأكرم سُلطان بن مسعُود بن سُلطان، وقد أثبت وصيته التي أوصى بها، بخط والدي محمد بن عبد السلام، فهي ثابتة في السقم والحضر والسفر، والمحيا والممات، وقد جدد التوبة بمحضرنا...الخ»، ثم ذكر ما زاده الموصي في وصيته، ونقرأ في تلك الزيادة تعليقات أحمد بن مدّاد أيضًا على ما يثبت منها وما لا يثبت وفق رأيه، ثم جاء بعد ذلك ردّ أحمد بن مدّاد على محمد بن سعيد بن محمد بن عبدالسلام، حفيد كاتب الوصية الأصل، وهو الذي عَرَض عليه الوصية فيما يظهر.
ومما يُدهِش في هذه الوصية أنها استغرقت كثيرًا من الضمانات فيما يبدو، وهي منتشرة في نواحي وبلدان عمان، ولعل ذلك يوحي بأن نفوذ صاحبها قد بلغ أماكن بعيدة عن داره ومقرّه، كما أن الأموال الموصى بها بالدينار الهرموزي تصل إلى ملايين، ناهيك عن حقوق كثير من الناس ممن ذكرهم بأسمائهم أو ببلدانهم.
وإذا ضربنا صفحًا عن الشِّق الفقهي المتمثل في تعليقات أحمد بن مدّاد، فإن مجموع ما أوصى به مثير للدهشة بحق، والعجب أن كل تلك الضمانات من «ثلث ماله» فحسب، وقد جاء في أول الوصية: «هذا كِتاب ما أقر به وأوصى، المخدوم الأعظم، سُلطان بن مسعُود بن سُلطان بن عدي بن شاذان، وهو صحيح العقل والبدن، ومُقر بجُملة الإسلام. أوصى المُقدم ذِكره ابتداءً بعطره وكفنه، وما يحتاج إليه الميت من رأسماله وجميع الضمانات التي عليه من رأسماله ووصيته من ثلث ماله». ومما أوصى به ثلاث حجات، وأجرة كل حجة سبعون ألف دينار هرموزي. وممن أوصى لهم من أصحاب الحقوق وذُكِروا بأسمائهم: خلف بن راشد، وعبيد بن شمخيل، وعمر بن أحمد السيباني، وسلطان بن عدي بن دهمان، وبَهم بن سرحان بن نمر، وورثة راشد بن عاصم الباطني، وراشد بن فضيل بن فضل الباطني، وابن هدّاب صاحب فنجا، وسالم بن سبت، وغسان بن محمد بن سعيد، وراشد بن مجنب، وغسان بن عبدالله، وابنة مسعود بن مالك، وراشد بن محمد البحري.
ومن الضمانات التي أوصى بأدائها للناس بالجملة: أوصى لأهل داره نخل، وأهل المسلمات (مسلمات) وأفي وحبراء وهي من بلدان وادي المعاول، للغني والفقير منها، وفيها إشارة إلى أنهم كانوا يؤدون الخراج له. ولبعض البلدان التي خُشِي منها مال أي أُتلِف شيء من نخلها أوصى كذلك، ومن تلك البلدان سمائل ومنح، كما أوصى للفقراء في العديد من البلدان منها: إزكي، وسيفم (غربي بهلا) وسُونِي وعِيني، والمربا، ومناقي، والقلعة، ووبل، وباطنة السويق «كذا»، وأوصى لبعض الجماعات من الناس ومنهم: بنو صبح، والنعب، والسريريون، والبدو. وأوصى لمسجد جامع نخل، وبأن تفرَّق غلة مال من أمواله يوم الحج سنة في مسجد الجامع من الغريض، وسنة في جامع مسجد المُسلمات، وسنة في جامع أفي، وسنة في جامع الطو. والحق أن في هذه الوصية مادة تاريخية جديرة بالدراسة والتأمل.