العائدون من زامبيا.. والله وعملوها الرجالة!
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
لا أعرف سبباً موضوعياً لرفع ثلاثة على الأقل من العائدين من زامبيا "علامة النصر"، بعد قرار إخلاء سبيلهم وعودتهم إلى مصر، لا سيما وأن هذا الشعور بالانتصار لم يسر على الجميع، فمن بينهم من أخفى وجهه عن الكاميرات على نحو كاشف أن المشاعر التي انتابته على النقيض تماماً، فلم يشعر مثلهم بالفخر الوطني!
مبلغ علمي أن الثلاثة لم يعودوا من موقعة حربية انتصروا فيها، حتى يشعروا بالزهو والفخر، ولكي يكون لائقاً استقبالهم بأغنية "حمادة هلال": "والله وعملوها الرجالة"، وإذا كانت دعاية اللجان الإلكترونية صورت هذا الظهور بأنه انتصار على الإخوان المسلمين، الذين سعوا للإساءة إليهم، فلماذا لم يمتد هذا الشعور الوطني إلى رفقاء الرحلة وشركاء المحنة!
لقد استدعت الدعاية المضادة لأهل الحكم في مصر "شماعة الإخوان" بعد الإعلان عن أزمة الطائرة، حتى صارت "تريند" بعنوان "طائرة الخرفان"، الأمر الذي يوحي بأن الموضوع برمته هو من خيال الأعداء، الذين هم بطبيعة الحال من الإخوان، وكأن الإعلان عن القضية لم يكن من قبل السلطات في زامبيا، وكأن رأس السلطة لم يتصدر المشهد ويتخطى الرقاب ويعلن عن القضية بنفسه، أو كأن الإخوان يحكمون زامبيا، وألا وأننا قد رأينا متهمين جاءوا من زامبيا يرفعون "علامة النصر"، فالقضية هي من تلفيق الحكم الإخواني في زامبيا!
لقد استدعت الدعاية المضادة لأهل الحكم في مصر "شماعة الإخوان" بعد الإعلان عن أزمة الطائرة، حتى صارت "تريند" بعنوان "طائرة الخرفان"، الأمر الذي يوحي بأن الموضوع برمته هو من خيال الأعداء، الذين هم بطبيعة الحال من الإخوان، وكأن الإعلان عن القضية لم يكن من قبل السلطات في زامبيا، وكأن رأس السلطة لم يتصدر المشهد ويتخطى الرقاب ويعلن عن القضية بنفسه، أو كأن الإخوان يحكمون زامبيا
دعاية أهل الحكم، بواسطة لجانهم وأبواقهم على منصات التواصل، مارست الإنكار في البداية، فهي "طائرة الخرفان"، أي من وحي خيالهم، ثم استغلوا الحديث عن المتهم السادس لتعزيز هذه الدعاية!
فتنة المتهم السادس:
ولا شك أن هناك دعاية للبعض ممن يحسبهم النظام الحاكم في مصر على الإخوان، باعتبار أن الكوكب كله ما عداهم إخوان، وتم توظيف موضوع المتهم السادس في الفبركة والتأليف، ومن فعل لم يكن موفقاً في هذا، فالممارسة الجادة للإعلام تستدعي الابتعاد عن "التخمين" والتعامل مع هذا "التخمين" على أنه خبر، وقد وقعوا ضحية ما قاله "ناشط سيناوي"، أن من بين المحتجزين رجل الأعمال المقرب من أهل الحكم "إبراهيم العرجاني"، وفي اليوم التالي قال بل ابنه، ولا شك أن ظهور "العرجاني" ونجله يكفي لفقد من أشاع ذلك مصداقيته.
ولا بد من الضرب على يد من يروجون مثل هذه الأكاذيب في كل أزمة، للفت الانتباه إليهم، ثم يكررون الأمر مع أي أزمة أخرى، ومع الإثارة في طرحهم لا يهتم أحد بالكلام الجاد. وهذه هي آفة منصات التواصل، التي جعلت كثيرين يفتون بغير علم، ويتحدثون عن مصادر سرية، أو خاصة، أو مطلعة، في وقت اختلط فيه الحابل بالنابل، وتبادل فيه الإعلاميون المواقع مع نشطاء هذه المنصات!
بيد أن المهم هنا القول إن الحديث بأن المتهمين ستة، ومن تم احتجازهم هم خمسة فقط، هو من جانب السلطات في زامبيا، وسنسلم تماماً بأن حكام زامبيا لم يقولوا الحقيقة، وأن من قاموا بترديد الأكاذيب حوله هم من الإخوان، وإن كان من قاد التصورات لضرب الودع، سمعت من يقول عنه أنه تقريبا يتبنى خزعبلات في العقيدة!
لا بأس فكل من هم على ظهر البسيطة عدا السيساوية هم من الإخوان، وأنهم وراء فتنة المتهم السادس، ولدي رغبة حقيقية في إسقاط موضوعه، لأني لا أسمح لنفسي أن يشطح خيالي إلى حيث شطح خيال البعض ونطح، ومثل هؤلاء يفسدون أي قضية عندما يمسكون في جانب يمكن الطرف الآخر من إثبات كذبه، كما فعل الناشط السيناوي، عندما قال "العرجاني"، ثم قال بل ابنه، ثم تبين أنه لا يستند لمصادر ولكنه يقرأ الفنجان!
اللهو الخفي:
فلنسقط موضوع "الراكب السادس"، فقد يكون أمره من تأليف السلطات في زامبيا، من باب الإثارة والتشويق والإجبار على التسوية المطلوبة، ومنذ البداية قلت إنها ستتم، ولم أكن بهذا أقرأ الطالع، لأن الفاصل بين وصول الطائرة والإعلان عما وصفه الرئيس هناك بـ"الجريمة" هما يومان، ومما قلته إن هذا الإعلان المتأخر يقول إن هناك مفاوضات فشلت، أو أنهم فوجئوا بعدم الاكتراث من الطرف الآخر، الذي لن نسميه لأننا لا نعرفه، لعله "اللهو الخفي"!
فلم يعد أحد ينكر أن هناك طائرة "مجهولة الملكية"، أقلعت من مطار القاهرة وحطت في مطار زامبيا وهناك جرى ما جرى، ولم يعد أحد ينكر أن هناك جناة، رفع ثلاثة منهم علامة النصر بينما أخفى آخران وجهيهما عن الناس، لكن في المقابل نتذكر أن هناك إنكاراً مصرياً وصل لحد الانفراد بعدم ذكر الموضوع في وسائل الإعلام، وعندما نشرت المواقع المصرية الخبر تم حذفه، فلماذا التجاهل ولماذا الحذف؟!
وعندما أُحكم عليهم الخناق قالوا إن الطائرة كانت ترانزيت من مطار القاهرة، مع أن رحلتها قبل الأخيرة كانت من الأردن للقاهرة، ومع أنها مكثت في مطار القاهرة أكثر من عشر ساعات، والأصل أن الترانزيت، الذي لا يلزم بتفتيش الطائرة لا يتجاوز الساعتين، وبالتالي نحن أمام رحلة جديدة، لكن لدي رغبة في تبرئة أمن مطار القاهرة!
بيد أن الشاهد هنا، ومع هذه العودة المظفّرة التي تتجلى في رفع "علامة النصر"، أن هناك طائرة، وأن هناك موضوعاً، وأن هناك خمسة أشخاص مصريين تم احتجازهم في زامبيا، وإذ تم إسقاط الاتهام الذي لا محل له من الإعراب في القضية وهو التخابر، فإن المعلن من قبل السلطات في زامبيا أنه تم ضبط أكثر من خمسة ملايين دولار بجانب (127) كيلو ذهب، وإذا كان المعلن أن الذهب تبين أنه نحاس، فلم يعلنوا حتى الآن أن الدولارات مزورة، وقد تم إيداعها في البنك المركزي في زامبيا، "عملت الخائبة للغائبة"!
وإذ أخلى القضاء هناك سبيل المتهمين، فلا معنى لاستيلاء زامبيا على هذا المبلغ الكبير، ومن هنا فإن الذين رفعوا "شارة النصر" مطالبون بالكشف عن حقيقة هذه الملايين من العملة الصعبة، وهل عادوا بها أم تمت مصادرتها وعلى أي أساس؟!
سؤال الطائرة يحتاج إلى إجابة، وقد كانوا على متن طائرة خاصة، والمعنى أنهم إما أنها إيجار (فمن قام بتأجيرها ولماذا يصمت مالكها رغم احتجازها)، أو أن المالك واحد منهم، وأنهم كانوا بصحبته في رحلة صيد للغزلان في زامبيا. وفي جميع الأحوال ومع افتراض البراءة التامة، فإن الأمر ليس سراً حربياً
اللافت هنا أن السلطات المصرية لم تجب على أسئلة المال المصادَر، ويمكن لي أن أقدم دفعاً يبعد أي شبهة عنها، يتمثل في أن هذه الدولارات، بجانب النحاس، يمكن أن تكون في الطائرة من رحلات سابقة، وأنها كانت في مصر ترانزيت، فلم تخضع للتفتيش في مطار القاهرة، لكن سيكون جيداً أن تخلي السلطات مسؤوليتها بأن تمكن الإعلام من استضافة المتهمين الثلاثة الذين تملّكهم الإحساس بالنصر، ليجيبوا على سؤال هذه الملايين من الدولارات، وقد تكون بغرض إتمام "صفقة بصل" مثلاً بغرض التجارة، مع ارتفاع أسعار البصل بشكل غير مسبوق، الأمر الذي جعل الجنيه المصري لا يساوي بصلة!
فلن يكون لطيفاً أن يقولوا إنهم كانوا في زامبيا للسياحة، أو للإقامة واللجوء، بديلاً عن الهجرة إلى مدينة الضباب مثلاً!
ثم إن هناك سؤال الطائرة يحتاج إلى إجابة، وقد كانوا على متن طائرة خاصة، والمعنى أنهم إما أنها إيجار (فمن قام بتأجيرها ولماذا يصمت مالكها رغم احتجازها)، أو أن المالك واحد منهم، وأنهم كانوا بصحبته في رحلة صيد للغزلان في زامبيا. وفي جميع الأحوال ومع افتراض البراءة التامة، فإن الأمر ليس سراً حربياً، إلا في حالة واحدة وهي الخوف من الحسد، والعين فلقت الحجر، والمالك لا يريد أن يفصح عن أملاكه خوفاً من العين، فإن سؤالاً آخر يمكن أن يعوّض سؤال المالك: هل عادت الطائرة أم أن زامبيا وضعت يدها عليها، قوة واقتداراً؟ وإذا كانت لم تفعل، فهل عادت بهم، أم اضطروا للعودة في طائرة أخرى؟!
لاحظ أننا لم نتطرق للحديث عن الأسلحة، التي قالت سلطات زامبيا إنها ضبطتها في الطائرة، لأنني لا أستبعد أن حاكم زامبيا قد مارس الابتزاز بروايات مثيرة، أو ليعزز من أهمية الموضوع، ليكسب به بنطاً لدى الناخب هناك، والرجل سياسي محترف، ومعارض سابق، ويهمه زغزغة العواطف الوطنية الجياشة لأبناء شعبه!
فليتكلم الأبطال الذين عادوا من زامبيا يرفعون شارات النصر فأشعرونا بالفخر الوطني!
تحية للرجال!
twitter.com/selimazouz1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه زامبيا مصر طائرة خاصة مصر زامبيا تهريب فضائح طائرة خاصة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات رياضة صحافة صحافة اقتصاد سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطات فی زامبیا المتهم السادس مطار القاهرة الإعلان عن من الإخوان من زامبیا عن القضیة أن هناک فی مصر
إقرأ أيضاً:
طائرة تصطدم بمبنى قرب مطار في ليتوانيا
تحطّمت طائرة شحن كانت متّجهة من ألمانيا إلى ليتوانيا صباح الاثنين قرب مطار العاصمة فيلنيوس، ما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل وفق ما أفاد جهاز الإنقاذ.
وقال رئيس جهاز الإطفاء والإنقاذ ريناتاس بوزيلا لوسائل إعلام "كان يفترض أن تهبط الطائرة في مطار فيلنيوس وتحطمت على مسافة كيلومترات قليلة من المطار"، مشيراً إلى أنه عُثر على أحد أفراد الطاقم الأربعة متوفياً.