يقول وائل حلاق في مقدمة "الدولة المستحيلة" أن أطروحة الكتاب بالغة البساطة. وهذا القول وإن صح من وجه، يجب ألا يُخْفي أننا، من وجه آخر، أمام أطروحة معقدة من حيث كونها تريد أن تُفسّر كل شيء، شأنها في ذلك شأن أطروحات مشاريع النهوض الفكرية على امتداد القرن العشرين، هذه المشاريع التي كانت تصبو إلى تفسير أسباب التخلف وسبل الخروج منه تفسيرا منطقيا مفحما جامعا مانعا.

فبساطة الأطروحة قد تقوم دليلا على نزعتها التفسيرية الشمولية، هذه النزعة التي هي جزء لا يتجزأ من ثقافة سياسية شمولية.

ويقول حلاق إن معضلة المسلمين اليوم تكمن في رغبتهم في عودة الشريعة مع قبولهم، "بمن فيهم كبار مفكريهم، بالدولة الحديثة كأمر مفروغ منه وكحقيقة طبيعية". ويضيف بأنهم، أي المسلمين، "افترضوا في أغلب الأحيان أن هذه الدولة لم تكن قائمة على مر تاريخهم الطويل فحسب، بل ساندتها أيضا سلطة القرآن نفسه. ذلك أن هؤلاء يرون أن القومية، وهي ظاهرة غير مسبوقة وفريدة كعنصر تكويني من مكونات الدولة الحديثة، قد دشنت وأطلقت في العالم عبر الدستور الإسلامي المقدس الذي وضع في المدينة المنورة منذ 14 قرنا. كما اعتبرت مفاهيم المواطنة والديمقراطية وحق الاقتراع من إنجازات المجتمعات الإسلامية الباكرة".

ويعزز حلاق كلامه هنا بإحالات تجعلنا نحس بأننا أمام عمل علمي لا ينطلق من فراغ، بل يتأسس على معرفة واطلاع وتوثيق لما قاله ويقوله المسلمون أنفسهم. والواقع أن حلاق لا يزيد على أن يعتمد حيلة من حيل البلاغة، يقوم بموجبها باستدعاء شخوص من عالم الأذهان لا من عالم الحقائق الخارجية. فنحن لا نُسَلّم لحلاق بأن غالبية المسلمين يفترضون بأن مفهوم الدولة الحديثة تسانده سلطة القرآن نفسه وأن مكونات هذه الدولة ذات صلة بالدستور الإسلامي المقدس. ومن الناحية المنهجية نجد في كتاب حلاق نزعة اختزالية تقفز على الحقائق الخارجية لتقر أحكاما ذهنية مجردة.

ومن يقرأ "الدولة المستحيلة" يحصل له انطباع بأن سؤال الدولة مركزي في حياة عامة المسلمين وعلمائهم اليوم. وفي هذا الأمر مجانبة للصواب. لماذا لا نقول، مثلا، إن المسلمين، في عمومهم، لا يتعاملون مع الدولة كمفهوم، يربطونه بمرجعية فكرية دينية أو لا دينية، وإن قبولهم للدولة الحديثة كأمر طبيعي هو من جنس قبولهم للدولة ما قبل الحديثة، يدخل في إطار خضوعهم لسلطة متغلبة قاهرة لا يَأْمَنون جانبها ويخشون بطشها؟

تصطبغ دعوة حلاق المسلمين إلى الخروج على الدولة الحديثة بصبغة "البلاغة الطهرانية الكالفينية"، والخطورة أنها تساهم في بلورة طهرانية إسلامية تقوم على أساس الاعتقاد في وجود ظاهرة نموذجية مقدسة. والحاصل أن الشريعة كانت في أصلها نتاج تفاعل المسلمين الأوائل مع "روح الدين" من جهة، ومع "روح عصرهم" من جهة أخرى

وقد يعترض حلاق على هذا بالقول إن في مرحلة ما قبل الدولة الحديثة الغربية لم تعرف المجتمعات الإسلامية دولة، وإنما سلطة أو قوة إسلامية (Power) تنضبط بأخلاق الشريعة فينضبط لها المسلمون. وفي هذا القول اختزال كبير يتحول بموجبه الحكم في تاريخ الإسلام إلى مجرد علاقة بين الإيمان من جهة والسلطة من جهة أخرى، كما أن فيه تهميشا للمحاولات التي كان أصحابها يسعون إلى تقنين هذه العلاقة لتفادي الوقوع في آفة استغلال الدين وتوظيفه لأغراض سلطوية محضة. وهنا يقفز حلاق على الواقع التاريخي، موظفا ترسانة من المفاهيم الحديثة من قبيل "الظاهرة النموذجية". والواقع أن في لجوء حلاق لهذه المفاهيم ما يوحي بخلل منهجي كبير في التوفيق بين الأحكام الذهنية والحقائق التاريخية. ويعود هذا الخلل، في نظرنا، إلى بساطة الأطروحة وشمولية الطرح.

ومن الحيل البلاغية الأخرى التي يوظفها حلاق هو أنه يحدد سلفا وجوه الاعتراض التي قد ترد على أطروحته، في محاولة منه لتسويغ مذهبه في النقد والتحليل. ومن أنواع الاعتراض التي يندب نفسه للتصدي لها الاعتراض الذي قد يذهب أصحابه إلى القول إن أطروحة حلاق تستبطن دعوة ماضوية. وللرد على هؤلاء يَسُل سيف نقد التقدم ويحمل معاول هدم المنظومة الحديثة، مُشيِّدا في مقابل هذا التقدم وهذه الحداثة صرحا نظريا يقوم على استقراء لتاريخ الشريعة وقوانينها.

ويغفل حلاق أن هناك أوجه اعتراض أخرى، لا حصر لها، قد تأتي من أناس يتفقون معه في نقد التقدم والحداثة ويختلفون معه في تشخيص واقع الشريعة التاريخي؛ أو يتفقون معه في تشخيص هذا الواقع ويختلفون معه في نقد التقدم والحداثة؛ أو يتفقون أو يختلفون مع نقده وتشخيصه بدرجات. وما يقلق في أطروحة حلاق البسيطة هو اعتمادها على نوع من الفصل الثنائي "المانوي" (الذي يقيم سدا منيعا بين مجالات لا يفصل بينها إلا فكر متعصب متطرف، ويجمع بين مجالات لا يجمع بينها إلا فكر متساهل ملفق).

ويمكن للقارئ أن يقف عند تفاصيل كثيرة يمر عليها حلاق مرور الكرام، وهي في الواقع تفاصيل تحتاج إلى تمحيص. غير أنه يكتفي بالإحالة على المصدر الذي ترد فيه، معتبرا أن في الإحالة ما يغني عن التفصيل فيها، كحديثه المختزل عن جوهر التنوير وعلاقته بالقومية على لسان جون غري أو كارلتون هايس، وإشارته إشارة عابرة إلى كيركجرد وهردر على أنهما وإن كانا يمثلان استثناء فالواقع أنهما لا يخرجان عن النطاق المركزي للتنوير.

وبإمكاننا أن نقف عند تفاصيل كثيرة من تفاصيل الكتاب وقفة نقدية تجلي هذا الوجه من القصور أو ذاك. غير أن هذه المنهجية قد تعود بنا إلى مرحلة طرابيشي والجابري، حيث كان جهد المفكر يُهْدَر في تعقب هفوات صاحب مشروع النهوض الفكري. والحقيقة أن لكل بحث، كيفما كان كاتبه، هفوات وثغرات تجليها التفاصيل الصغيرة، وأن حلاق يستحق أن يلتفت إلى جوهر أطروحته، احتراما لجهوده التنظيرية القيمة.

بين كتابين

واسمح لي عزيزي القارئ أن أبوح لك بأن اعتراضي شخصيا على كتاب "الدولة المستحيلة" هو في جزء كبير منه اعتراض على ما سبق لي وأن كتبته في "من مضايق الحداثة إلى فضاء الإبداع الإسلامي والعربي"، شعورا مني بأن المرحلة أصبحت تقتضي جهازا مفاهيميا جديدا. حين أتأمل في عنوان الكتاب ومحتوياته أجده لا يختلف في جوهره عن فكرة "الدولة المستحيلة". فالعنوان بداية فيه إشارة إلى أن شرط تحقق الإبداع الإسلامي والعربي هو الخروج من الحداثة.

وفي كتاب "من مضايق الحداثة" فصل يتحدث عن الغيبوبة الثقافية التي أسقطت الحداثة شعوب الأرض فيها، بمن فيهم المسلمون. كما أن فيه فصلا تحت عنوان "التنمية مطلوب لا يلحق"، أفصل فيه كيف أن فلسفة التقدم التي يقوم عليها مفهوم التنمية تتعارض مع المرجعية الفكرية الإسلامية والعربية. وفي معرض التنبيه على وجود اختلافات جوهرية بين العقل الحداثي والعقل الإسلامي والعربي أقول إن العقل الحداثي عقل يتوخى "بسط العقل على الوجود بغرض محق الغيب"، كما "يتوخى بسط الصناعة على الطبيعة بغرض محق الصدفة"، في حين أن العقل الإسلامي العربي مرتبط بالغيب، يرى، على لسان بن حزم مثلا، أن "أكثر ما يقع لا يتوقع، وأن الحزم هو التأهب لما تظنه سيقع".

وفوق هذا وذاك فعنوان الكتاب مأخوذ من فصل عنوانه الكامل هو: "من مضايق الحداثة إلى فضاء الإبداع الإسلامي والعربي: طه عبد الرحمن نموذجا". ففضلا عن التوافق بخصوص استحالة تحقق الفكرة الإسلامية، شريعة أو أخلاقا أو إبداعا بصفة عامة، مع وجود الحداثة، هناك توافق بخصوص التطلع إلى فكر طه عبد الرحمن كأفق فكري تشرئب له الأعناق.

لماذا إذن الاعتراض على فكرة "الدولة المستحيلة"؟

يقول حلاق في خاتمة الكتاب كما في مقدمته: إن المسلمين، بمن فيهم مفكروهم، "قبلوا، في الوقت الحاضر، الدولة الحديثة وعالمها بدرجة كبيرة، ولو كان على أساس الافتراض الخاطئ بأن نظامها يمكن تحويله إلى دولة إسلامية حين تتاح الفرصة". ثم يطرح بعدها السؤال: "أين المخرج؟". والمخرج عنده هو قانون الشريعة بوصفه ظاهرة نموذجية مكتملة يمكن العودة إليها.

وتصطبغ دعوة حلاق المسلمين إلى الخروج على الدولة الحديثة بصبغة البلاغة الطهرانية الكالفينية (نسبة إلى تعاليم جون كالفن البروتستانتية التي تقدم رؤية متطرفة ومبسطة للعالم تقسمه إلى مجموعتين متناقضتين). وتكمن خطورة هذه الدعوة في أنها تساهم في بلورة طهرانية إسلامية تقوم على أساس الاعتقاد في وجود ظاهرة نموذجية مقدسة. والحاصل أن الشريعة بوصفها ظاهرة نموذجية، باصطلاح حلاق، كانت في أصلها نتاج تفاعل المسلمين الأوائل مع "روح الدين" من جهة، ومع "روح عصرهم" من جهة أخرى. ولقد شعر المسلمون في زمن ما قبل الحداثة، كابن خلدون مثلا، بأن هذا النموذج يوشك أن يستنفد أغراضه. وقد كان لاحتكاك المسلمين مع الحداثة دور كبير في تنبيههم إلى وجود عصر جديد وجب التفاعل معه بغرض إنتاج "نموذجية" جديدة. وأكثر من هذا وذاك، فالحداثة لم تكن إنتاجا غربيا خالصا كما نتوهم، بل كان للمسلمين دور في بلورة الأدوات العقلية التي أنتجتها.

وللحديث بقية..

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدولة الحدیثة معه فی من جهة

إقرأ أيضاً:

ثورة 30 يونيو أسقطت قناع الجماعة وأوقفت تمدد الإرهاب بالمنطقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تمر الذكرى الحادية عشر لقيام ثورة 30 يونيو التي خلصت الشعب المصري من تهديدات أمنية صريحة، وحطمت حلم الجماعات الإرهابية بالتمدد في المنطقة، وليس فقط حلم التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية في التمكين والسيطرة، كاشفة عن وعي مصري خالص بمدى خطورة الجماعة الإرهابية على هوية وتاريخ ومؤسسات الدولة المصرية.
ورغم نجاح الجيش والشرطة وأجهزة الأمن المختصة، بعد ثورة 30 يونيو، في محاصرة الحملة الإرهابية التي شنتها الجماعة بمساندة من تنظيمات إرهابية مرتبطة بها، فإن خلايا الجماعة لا تكف عن استغلال الأزمات، بهدف زيادة غضب المصريين، وتحريضهم على الفوضى، وضرب معنوياتهم، انتقاما من المواطنين ومن الدولة ومن الجميع الذين ساعدوا في استئصال حكم الجماعة الإرهابية.  
ومن المفارقات مثلا أن جماعة الإخوان الإرهابية التي تتظاهر بالتباكي على أزمة الكهرباء حاليا، هي نفسها التي أطلقت مجموعاتها النوعية لتفجير وإسقاط أبراج الكهرباء، لعرقلة الدولة في إنجاز وحل المشكلة، والقضاء على الأزمة بالكامل، وهو ما نجحت فيه مصر بالفعل، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة عالميا بصورة غير مسبوقة أدى لزيادة الطلب، وزيادة الاستهلاك للطاقة الكهربائية، بالتوازي مع أزمة مؤقته في تدبير الوقود المُشغل للمحطات الكهربائية أدى لقيام الحكومة المصرية بتنفيذ خطة لتخفيف الأحمال، وهو ما اعتذرت عنه الحكومة ووعدت بحل المشكلة قبل نهاية العام الجاري.

د. السيد ياسين أكد أن اعتبار جماعة الإخوان الإرهابية ممثلا للاعتدال كان وهما.. و30 يونيو أسقطت القناع30 يونيو أسقطت القناع


شكَّل وصول جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر خطرا كبيرا على أمن البلد وأسراره، خاصة وأن الجماعة عملت منذ انهيار الأمن في أعقاب ثورة يناير 2011 على استقدام وتجميع قيادات إرهابية من خارج مصر، وكأنها تستعد لمؤامرة كبرى.
قبل يناير 2011، خدعت الجماعة بعض النخبة بأنها حزب سياسي له خلفية دينية معتدلة، وأنها تختلف عن تنظيمات إرهابية مثل "جماعة المسلمين" المعروفة بجماعة التكفير والهجرة، والجماعة الإسلامية، وتنظيم الجهاد، وأنها بديل إسلامي آمن، لا ينتهج العنف، وقابل للمناقشة والمرونة، وهي أفكار ظهر كذبها وعدم صحتها بعد عام 2011، إذ عملت الجماعة على الاستحواذ على السلطة وتقريب القيادات الإرهابية والإفراج عنهم بل وتصديرهم للمشهد، ليظهر جليا أن ادعاء الفصل بين جماعة الإخوان وبقية الجماعات التي ارتكبت الجرائم والاغتيالات مجرد وهم.
هذه الصورة عبر عنها المفكر الاجتماعي الراحل الدكتور سيد ياسين في مقدمته لكتاب "حول تجربة الإخوان المسلمين من جمال عبدالناصر إلى عبدالفتاح السيسي" للكاتب اللبناني فرحتن صالح.
وأكد السيد ياسين أنه تبين عبر الزمن، كما ثبت خصوصا بعد ثورة 25يناير ونجاح جماعة الإخوان المسلمين في الوثوب إلى السلطة السياسية في مصر بعد أن حصلوا على الأكثرية في مجلس الشعب والشورى وبعد أن أصبح رئيس حزب الحرية والعدالة الإخواني محمد مرسي رئيسا للجمهورية، أن التفرقة بين الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف وهمية، وأن جماعة الإخوان المسلمين هي المصدر الرئيسي للتطرف الديني وهي الراعية الحقيقية للإرهاب.
مُدللا على رأيه، لفت "ياسين" إلى أن الحقائق ثبتت بعد أن أسقط الشعب في 30 يونيو حكم الإخوان المسلمين وعزل الرئيس محمد مرسي والقبض على قيادات الجماعة، ومن ذلك التاريخ قامت الجماعة بحملة إرهابية منظمة على المؤسسات وعلى قوات الأمن والقوات المسلحة، بل وجهت هذه الحملة سهامها الغادرة ضد فئات الشعب جميعا بلا تمييز، وهكذا سقط القناع وظهرت جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة إرهابية، كما أعلنت الدولة المصرية وكما قررت السعودية وغيرها من دول الخليج.
أما فرحان صالح مؤلف كتاب "حول تجربة الإخوان المسلمين"، فقد تحدث عن عدد من السمات التي يجتمع عليها عناصر الجماعة الإرهابية أبرزها إقصاء المخالف وعدم الثقة فيه، وعدم القدرة على المرونة أو التعاطي مع الأفكار المختلفة، إلى جانب تدخل مكتب الإرشاد في الحكم بصورة فجة وغير مقبولة، وتكوين مليشيات لردع المعارضين.
وأوضح "صالح" أن الإخوان لا يأخذون بالقوانين الوضعية بل بالتعليمات التي تأتي من المرشد، وقد نجد أنه ليس هناك تمييز بين القصر الرئاسي ومقر المرشد، وليس من تمييز في تصرفاتهم بين المؤسسات الحكومية ومؤسساتهم الحزبية، والملاحظ أن في التنظيم الإخواني من شارك الرئيس في السلطة وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بصلاحيات الرئاسة، أضف إلى ذلك أنهم يديرون مؤسسات الدولة بطريقة القطيع المؤيد والقطيع المعارض والذي ينبغي مواجهته بقطيع من الأمن، وإذا لم يستطيعوا فمليشيات الإخوان جاهزة لانقضاض.
مؤكدا أن الجماعة ظلت تخشى الانفتاح على الآخرين، كما أن نظرتهم إلى خصومهم السياسيين فيها الكثير من الريبة والشك وعدم الثقة، لذا مارسوا استبعاد خصومهم لا الحوار معهم أو استيعاب معطيات مختلفة عن قناعاتهم الثابتة.

خيرت الشاطر اعترف بدخول عناصر إرهابية إلى مصر بطلب من قيادات داخليةاستقدام كوادر إرهابية من الخارج


بالعودة إلى تسجيلات قادة جماعة الإخوان التي تم بثها في مسلسل "الاختيار3"، فإن الحلقة العاشرة وثقت تسجيلا يتحدث فيه الإخواني خيرت الشاطر عن مجيء عناصر إرهابية من الخارج، استجابة لنداءات عناصر داخلية مثل عبدالمجيد الشاذلي.
واعترف "الشاطر" بوجود مجموعات خطر للغاية سماها بـ"مجموعة التوقف والتبين"، وقال: إن مجموعة عبدالمجيد الشاذلي المعروفة بالتوقف والتبين أو القطبيين أو السلفية الجهادية مجموعات خطر حقيقي حتى لو كانوا قليلي العدد لأنهم يتبنون فكرة العنف، ولديهم فكرة أنهم لابد أن يقفزوا على الحكم والسلطة وهو تعديل في استراتيجياتهم السابقة.
وأضاف "الشاطر"، أن عبدالمجيد وجه نداء لتنظيم القاعدة ولجماعات العنف بالخارج للمجيء إلى مصر، ونزلت مجموعة يتراوح عددها من 30 إلى 40 شخصًا في وسط غياب أجهزة الأمن، وربما يكون لديهم تفكير في عمليات تفجير محدودة.
ورغم أن "الشاطر" اعترف بدخول عناصر إرهابية مدربة للبلاد فإنه ألصق التهمة بعبدالمجيد الشاذلي وجماعته، وكأنه لا ارتباط بينهم، وهو ما ظهر كذبه جليا بعد ثورة 30 يونيو، وأنها جماعات تنسق لصالح بعضها، وأن الإطاحة بالإخوان فتح جبهة مواجهة مع كل التنظيمات الإرهابية داخل مصر وخارجها.
في كتابه "السلفي الأخير: الإرهاب المعولم والداعشية المصرية" ذكر الكاتب أحمد بهاء الدين شعبان أنه في أعقاب ثورة يناير دخل مصر نحو 3000 إرهابي عتيد من هؤلاء الذين سافروا وتدربوا باحترافية عالية على تكتيكات العمليات الإرهابية في أفغانستان.
كما لفت "شعبان" إلى أن دور الرئيس الإخواني في الإفراج عن عدد من كبار كوادر الإرهابيين وإطلاق سراحهم ليكونوا جميعا أخطر وأهم الركائز الأساسية التي ساعدت على استفحال الظاهرة الإرهابية.

أبو العلا عبد ربه قاتل فرج فودة حصل على عفو رئاسي إخواني وسافر إلى سوريا للقتال.. وقتل هناك مارس 2017مجرمون طلقاء بعفو رئاسي


حرصت الجماعة الإرهابية منذ وصولها للحكم على تخليص العناصر المسجونة التابعة لها أو التابعة لتنظيمات مرتبطة بها، بعض المسجونين الذين حصلوا على العفو الرئاسي الإخواني خرجوا وسافروا إلى سوريا للقتال هناك، والبعض ظل في مصر، وقدم خدماته الإرهابية لجماعة الإخوان بعدما أطيح بها ولفظهم الشعب المصري في ثورته الخالدة.
وفي كتابه "مصر في زمن الإخوان" عقد المؤلف جمال محمد غيطاس فصلا عن قضية العفو الرئاسي متتبعا بالبيانات والأرقام عدد قرارات العفو الرئاسي التي أصدرها الرئيس الإخواني، وعدد الأسماء التي شملها العفو، والانتماءات التنظيمية لها، والجرائم المرتكبة منها، فوجد مثلا أن أبرز جرائم حصلت على عفو تلك الجرائم المتعلقة باستخدام السلاح أو التجارة فيه أو القتل أو التخريب أو الاعتداءات على الحدود الجنوبية مع السودان مثلا أو الحدود الشمالية في سيناء.
وأشار "غيطاس" إلى أن قضية المسجونين والمعتقلين الذين حصلوا على عفو رئاسي من الدكتور مرسي شكلت لغزا غمضا في الكثير من جوانبه بالنسبة للشعب.
مضيفا، أن قرارات العفو الرئاسية الصادرة عن محمد مرسي خلال رئاسته للجمهورية خاصمت بكل وضوح المعتقلين السياسيين ومن اعتقلوا أو سجنوا في قضايا رأي، واحتضنت بصورة خاصة المسلحين وتجار السلاح وغيرها من الجرائم الجنائية بل ومرتكبي بعض جرائم القتل الذين صدرت بحق الكثير منهم أحكام بالمؤبد والإعدام.
هذه العناصر وخاصة القيادات والكوادر الإرهابية كانت عونا وسندا لجماعة الإخوان الإرهابية في الحملة الشرسة والموجة العاتية من الإرهاب التي راح ضحيته الكثير من أبناء القوات المسلحة والشرطة المصرية فضلا عن المدنيين والأطفال والمنشآت والمؤسسات الحيوية في البلاد.

مقالات مشابهة

  • برلماني: "30 يونيو" نقلت مصر إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة
  • ثورة 30 يونيو أسقطت قناع الجماعة وأوقفت تمدد الإرهاب بالمنطقة
  • قطاع الزراعة ثاني مصادر النقد الأجنبي ويمثل 15% من الناتج المحلي (فيديو)
  • «برلماني»: ثورة 30 يونيو وضعت أسس الدولة المدنية الحديثة
  • عائد أبو جنان: المهمة المستحيلة
  • الصورة الشعريّة الحديثة
  • القره داغي: إنقاذ أهل غزة فرض على المسلمين.. يجب أن يهبوا هبة واحدة
  • جريمة قتل بشعة تهز الجديدة.. حلاق يقتل زوج طليقته بدم باردة
  • اندفاع الأمريكيين نحو الإسلام بسبب العدوان على غزة يثير تساؤلات إسرائيلية
  • الأسدي يجدد الدعوة للعاملين كافة باستثمار قانون التقاعد والاسراع في التسجيل