رغم ظروف الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف نيسان/ إبريل الماضي، ما زال هناك فنّانون وفاعلون ثقافيون كُثُر يُحاولون مواصلة نشاطاتهم، خاصة في ما بات يُعرَف بـ”الولايات الآمنة”، مثل مدينة بورتسودان، شرقي البلاد، والتي احتضنت أكثر من نشاط تشكيلي وثقافي خلال الفترة الأخيرة.

ضمن هذا الإطار، تُقام في “غاليري خُلال” بالمدينة السودانية، عند الخامسة من مساء اليوم الاثنين، ندوةٌ بعنوان “مشهدية الفنون البصرية في السودان”، يُشارك فيها الفنان مظفّر رمضان، ويُقدّمها الباحث حسان الناصر.

حول خصوصية بورتسودان، الواقعة على شاطئ البحر الأحمر، وإلى أيّ حدّ باتت مكاناً داعماً للحراك الفنّي، يقول ناصر في حديثه إلى “العربي الجديد” إن “بورتسودان تحوّلت إلى مدينة تُمثّل وجهةً لمعظم السودانيّين، منذ الأسابيع الأُولى للحرب. ونسبة إلى ظروف البعض ممّن بقي في المدينة، ومن بينهم تشكيليّون قرّروا أن تكون لديهم أنشطة في مراكز كانت تُقام فيها فعاليات فنّية قبل الخامس عشر من نيسان/ إبريل الماضي. لذلك بدأت تنشأ فعاليات وشراكات جديدة بين المؤسّسات الفنّية”.

ولفتَ إلى أنّ ندوة اليوم، تأتي مُحاولةٍ لفهم حالة الفنون البصرية على وقع التحوّلات الاجتماعية التي تشهدها البلاد، وقراءةٍ لهذا التحوّل الراهن من منظور الفنّ، إلى جانب أنها محاورةٌ للمفاهيم التي تُفسّر التحوّل وعلاقته بالمجتمع.

إلى جانب هذا النشاط الفنّي الداخلي، تفاعَل تشكيليّون سودانيّون مع الحرب من خلال عدّة معارض أُقيمت خارج البلاد، مثل “موسم الهجرة المرّة” لراشد دياب، الذي احتضنته بيروت، ومعرض جماعي أُقيم في لشبونة بعنوان “اضطراب في النيل”. ومن موقعه كناقد فنّي، يقول الناصر: “إنّ هذه المعارض استجابة لضرورات الواقع الاجتماعي، وتعبيرٌ فنّي عن ذواتٍ تنظر لواقعها من زاوية فاعلة”.

ويُضيف: “إنّ المُتابع المُدقّق في المشاركات الفنّية، يرى أنه لا بدّ من دَورٍ قويّ للفنون في الأنشطة الاجتماعية، وأن تحوز مساحة تعبيرية أوسع؛ وبالتالي ليس من المستغرب أن تكون هناك أنشطة فنّية بعد الخامس عشر نيسان/ إبريل، وأظنّ أنّ هذه الحالة ستزداد مع مرور الوقت، لأننا أمام أشكال فاعلة اجتماعياً، بعيداً عما نشهده من إخفاق سياسي، فضلاً عن كونها مهرباً من حالة العجز”.

ويختم الناصر: “حالُ الفنّانين في السودان كحال معظم الفئات الاجتماعية والمهنية، لا توجد أي سُبل للدعم الكافي، أو طرق عمل في هذه الظروف، وما نُحاول القيام به حالياً، هو محاولة لاختراق الصمت المُخيِّم، نعم هناك مبادرات، ولكنّها ليست كافية”.

العربي الجديد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی السودان الفن ی

إقرأ أيضاً:

بعد نقل العاصمة السودانية لها.. ماذا تعرف عن منطقة عطبرة؟

 

خلال الساعات القليلة الماضية خرج مجلس السيادة السوداني يعلن عن نقل العاصمة السودانية من بورتسودان إلى عطبرة بشكل مؤقت.
لذلك بدأ المواطنين يتساءلون ما هي الأهمية الاستراتيجية إلى تلك المدنية التي جعلها مجلس السيادة السوداني العاصمة.


ما هي مدنية عطبرة؟


تُعد مدينة عطبرة واحدة من أبرز المدن السودانية، وتقع في شمال البلاد على تقاطع نهر النيل ونهر عطبرة، مما يجعلها نقطة التقاء جغرافية هامة. تأسست المدينة في نهاية القرن التاسع عشر وارتبطت ارتباطًا وثيقًا بصناعة السكك الحديدية في السودان، الأمر الذي أكسبها لقب "مدينة الحديد والنار".

عطبرة والسكك الحديدية عرفت عطبرة بأنها "عاصمة السكك الحديدية" في السودان، حيث كانت مقرًا رئيسيًا للسكة الحديدية التي لعبت دورًا كبيرًا في ربط أجزاء السودان المختلفة. هذه الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية جعلت من عطبرة نقطة محورية لنقل البضائع والركاب بين شمال السودان وجنوبه وشرقه وغربه. كما شكلت السكك الحديدية قلبًا نابضًا للحركة الاقتصادية في البلاد، وعملت على تحفيز النمو الصناعي والتجاري في المدينة.

تاريخ نضالي عريق إلى جانب شهرتها الاقتصادية، كانت عطبرة مسرحًا لأحداث سياسية هامة في تاريخ السودان. شهدت المدينة العديد من الاحتجاجات والمظاهرات العمالية التي شكلت ركيزة هامة في نضالات الحركة العمالية السودانية، وخاصة في فترة الاستعمار البريطاني. عُرفت بنضالها من أجل حقوق العمال وحقوق الشعب السوداني بشكل عام، وكانت مركزًا للحركات المناهضة للاستعمار.

البيئة والطبيعة تقع عطبرة في منطقة تتميز بمناخ شبه صحراوي، حيث تتميز بصيف شديد الحرارة وشتاء معتدل. ويعد نهر عطبرة الذي يلتقي بنهر النيل في المدينة من أهم معالمها الطبيعية، حيث يضفي جمالًا وسحرًا على المدينة ويعد مصدرًا هامًا لري الأراضي الزراعية المحيطة.

الثقافة والمجتمع يتسم المجتمع في عطبرة بالتنوع والتماسك، حيث يعيش في المدينة سكان من مختلف القبائل والمناطق السودانية. هذا التنوع أثرى ثقافة المدينة وجعلها نموذجًا للتعايش السلمي بين مختلف المكونات الاجتماعية. إلى جانب ذلك، تتمتع عطبرة بتاريخ ثقافي حافل يمتد عبر الفنون والموسيقى والأدب، حيث كانت مركزًا لنشاطات ثقافية وفكرية متعددة.

 


الأهمية الاستراتيجية لمدينة عطبرة

تتمتع مدينة عطبرة بأهمية استراتيجية كبرى على عدة مستويات، سواء من الناحية الجغرافية أو الاقتصادية أو التاريخية. هذه الأهمية جعلتها تلعب دورًا محوريًا في تطور السودان وربطه بمحيطه الإقليمي، إضافة إلى دورها في تشكيل الوعي السياسي والعمالي.

1. الموقع الجغرافي المحوري: تقع عطبرة في شمال السودان عند ملتقى نهر عطبرة مع نهر النيل، مما يمنحها موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا يجمع بين سهولة الوصول إلى المناطق الشمالية والوسطى من السودان. هذا الموقع يجعلها نقطة عبور أساسية للطرق البرية والنهرية، مما يسهل حركة التجارة والنقل في مختلف أنحاء البلاد. ويعتبر نهر عطبرة مصدرًا هامًا للري والزراعة في المنطقة، مما يعزز أهمية المدينة من ناحية الموارد المائية والزراعية.

2. مركز السكك الحديدية: تعتبر عطبرة عاصمة السكك الحديدية في السودان، حيث لعبت دورًا مركزيًا في حركة البضائع والركاب. شبكة السكك الحديدية كانت، وما زالت، وسيلة حيوية لربط السودان داخليًا وخارجيًا. بفضل هذه الشبكة، أصبحت عطبرة مركزًا صناعيًا هامًا، إذ أنشئت فيها ورش الصيانة والتصنيع، ما وفر فرص عمل كثيرة وأسهم في تطوير الاقتصاد المحلي.


3. الدور الاقتصادي والتجاري: تاريخيًا، ساعدت عطبرة في تسهيل حركة البضائع بين مناطق السودان المختلفة، إذ كانت مركزًا للنقل والتجارة. استغلال موارد المدينة الطبيعية، خاصة في الزراعة بفضل نهر عطبرة، جعلها ذات دور اقتصادي حيوي في توفير الغذاء وتوزيعه إلى مختلف أنحاء البلاد. كما أن قربها من مناطق التعدين جعلها مركزًا للتجارة في الموارد المعدنية.

4. الأهمية السياسية: إلى جانب دورها الاقتصادي، كانت عطبرة نقطة انطلاق للحركات العمالية والسياسية. نظرًا لكونها مقرًا لعدد كبير من عمال السكك الحديدية، كانت المدينة شاهدة على العديد من الإضرابات والمظاهرات التي طالبت بحقوق العمال وتحسين ظروفهم المعيشية. هذا التاريخ النضالي جعل من عطبرة رمزًا سياسيًا للعمال والكادحين في السودان، ولعبت دورًا كبيرًا في الحركات المناهضة للاستعمار البريطاني.


5. التأثير الثقافي والاجتماعي: بفضل دورها الصناعي وموقعها الجغرافي، أصبحت عطبرة مركزًا للتنوع الثقافي والاجتماعي. قدم إليها سكان من مختلف أنحاء السودان بحثًا عن فرص العمل والاستقرار، مما جعلها مدينة متعددة الثقافات والقبائل. هذا التنوع عزز من مكانتها كمدينة استراتيجية تساهم في وحدة البلاد من خلال جمع مختلف الثقافات السودانية في مكان واحد.

ف النهاية  تظل عطبرة مدينة ذات أهمية استراتيجية كبرى، تجمع بين الموقع الجغرافي الحيوي والدور الاقتصادي والسياسي الفاعل. هذا الدور الاستراتيجي يجعلها محطة مهمة في تاريخ السودان ومركزًا أساسيًا لتحقيق التنمية والتقدم في البلاد.

مقالات مشابهة

  • لماذا يدعم بعض الوطنيين الجيش المختطف بواسطة مليشيا الحركة الإسلامية؟ وما مدى مصداقية هذه الحجج في الواقع؟
  • «تقدم»: اعتقال ممثل الدفاع عن قادة التنسيقية انتهاك صريح لحقوق المحامين في السودان
  • الحرب والوطنية وضياع المصالح
  • بعد نقل العاصمة السودانية لها.. ماذا تعرف عن منطقة عطبرة؟
  • تحركات لاحتواء الحرب فى السودان.. وفد من مجلس السلم والأمن الإفريقى يزور بورتسودان
  • «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية
  • نقل العاصمة الإدارية إلى عطبرة: استراتيجية أم رد فعل؟
  • وفد من مجلس الأمن و السلم الأفريقي يصل بورتسودان اليوم
  • الخارجية السودانية: وفد من مجلس الأمن والسلم الافريقي يزور البلاد غدا
  • سفينة مساعدات إنسانية تركية كويتية تصل السودان