الدول العربية بحاجة لإصلاح شامل.. هل فعلا مات النظام القديم؟
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
مات النظام العربي القديم، وكل الدول العربية، سواء المزدهرة أو المكافحة أو الفائلة، بحاجة إلى نهج شامل للإصلاح على مستويات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإلا ستواجه مستقبلا قاتما.
ذلك ما خلص إليه مروان المعشر، في تحليل بمؤسسة "كارنيجي" البحثية في واشنطن (Carnegie) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن "جائحة كورونا في عام 2020 والحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في فبراير/ شباط 2022، أدتا إلى تعميق الأزمات الاقتصادية التي كانت العديد من الدول في العالم العربي تواجهها بالفعل، بينما ساعدت الآخرين، خاصة في منطقة الخليج العربي".
وتابع: "واليوم، يتعين على البلدان المستوردة للنفط والغاز أن تتعامل مع زيادات غير مسبوقة في أسعار الغذاء والطاقة، فضلا عن ارتفاع مستويات البطالة والديون والتضخم، وفي المقابل، تتمتع البلدان المصدرة للمواد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي) بفوائض نتيجة لارتفاع أسعار النفط والغاز، حتى ولو بشكل مؤقت".
وأضاف أن "الصدمات السياسية والاقتصادية المتعاقبة في السنوات الثلاث عشرة الماضية منذ بداية الانتفاضات العربية، تشير إلى أن الأنظمة السياسية والاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة لم تعد قابلة للحياة".
و"أشارت الانتفاضات التي اندلعت في مختلف أنحاء المنطقة إلى أن النظام السياسي العربي القديم، القائم على الاستبداد، كان موضع معارضة جدية. لكن قصور الأنظمة السياسية والاقتصادية العربية ظهر أيضا في عدم قدرتها على التعامل مع الصدمات المتعاقبة، مثل أزمة الغذاء في 2007 و2008 وما بعدها، وانخفاض أسعار النفط في 2014، والذي أشار إلى هشاشة النظام الاقتصادي العربي القديم القائم على الأنظمة الريعية"، بحسب المعشر.
وزاد بأنه "حتى وقت قريب، كان معظم الدول العربية، سواء تلك التي أنتجت الهيدروكربونات أو تلك التي استوردتها، تستخدم أداتين رئيسيتين للحفاظ على السلام الاجتماعي، وهما قوات الأمن والموارد المالية التي أصبحت ممكنة بفضل النفط والغاز".
واستطرد: "واليوم، تم استنفاد هاتين الأداتين بشكل خطير. وإدراك هذه الحقيقة، فضلا عن الإرادة السياسية لاستخدام أدوات جديدة وفعالة للحفاظ على السلام الاجتماعي، سيحدد إلى حد كبير مستقبل بلدان المنطقة".
اقرأ أيضاً
النظام العربي ميؤوس منه وإصلاحه خارج التغطية
3 مجموعات
ويمكن تقسيم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات، الأولى هي الدول التي ازدهرت، وهذه هي بشكل رئيسي الدول المنتجة للنفط والغاز في الخليج، كما أضاف المعشر.
وتابع أن المجموعة الثانية تتكون من الدول الفقيرة بالهيدروكربونات والغنية بالعمالة، وهؤلاء هم مستوردو النفط أو الغاز الذين استفادوا من التحويلات المالية من عمالهم المقيمين في الخليج.
وأردف أن "هذه البلدان استخدمت عائدات النفط في شكل منح من دول الخليج وتحويلات مالية واستثمارات من مستثمرين أو كيانات خليجية للعيش بما يتجاوز إمكانياتها".
وأوضح أنه "من الأمثلة على هذه البلدان مصر والأردن وتونس والمغرب. وشهدت جميعها انتفاضات كبرى أدت إلى تغييرات في القيادة في مصر وتونس، فيما نجا زعماء الأردن والمغرب؛ لأن النظام الملكي لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في البلدين".
أما المجموعة الثالثة من الدول العربية، "فهي الدول الفاشلة، مثل لبنان وليبيا وسوريا والسودان واليمن"، كما أردف المعشر.
وقال إن "جميع هذه الدول لديها مجتمعات متنوعة عرقيا ودينيا، ولكن بدلا من إدراك أن التنوع مصدر قوة، وهو ما ينبغي أن يؤدي إلى تبادل صحي للأفكار وانفتاح العقول، فقد سمحت هذه الدول للتنوع بتقسيم مجتمعاتها، حيث تتقاتل المجتمعات المختلفة أو تتعارض مع بعضها البعض".
اقرأ أيضاً
التوحيد والإصلاح المغربية: اغتيال خاشقجي فرصة لأنسنة دور الإصلاحيين العرب
إصلاح شامل
المعشر قال إن "القاسم المشترك بين المجموعات الثلاث هو أن التدابير التدريجية لم تعد ناجحة، إذ يتعين عليها أن تتبنى نهجا شاملا قائما على إدراك أن الإصلاح الهادف يجب أن يعالج التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
وشدد على أنه "يتعين على الدول أيضا أن تتبنى إطارا سياسيا جديدا يُنظر فيه إلى المواطنين باعتبارهم موارد، وليس تهديدا، ويُعاملون كجزء متساوٍ وضروري من عملية صنع القرار".
وتابع أن "هذا النهج يجب أن يعترف أيضا بأهمية الاستدامة البيئية والتنمية البشرية، فالبلدان الغنية بالموارد تشتري لنفسها الوقت بإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية خالية من أي إشراك حقيقي للمواطنين في اتخاذ القرارات".
كما "تنخرط البلدان المستوردة للنفط والغاز في إصلاحات لا تعالج إلا جوانب محدودة من مشاكلها، وهي غير كافية للتعامل مع التحديات الاقتصادية والسياسية المتعاقبة، أما الدول الفاشلة فتنتظر معجزة من المجتمع الدولي لإنقاذها، ولكنها غير راغبة في إنقاذ نفسها"، كما أردف المعشر.
ومضى قائلا إن "منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمر اليوم بفترة صعبة بالنسبة لمعظم البلدان، وليس من المستحيل إخراجها من مأزقها الحالي".
وشدد على أن "هذا يتطلب عقلية مختلفة تماما عن تلك السائدة اليوم ونهجا شموليا للتنمية. ولم يعد من الممكن تجنب ذلك، إن أمكن، خاصة في البلدان التي تفتقر إلى الموارد المالية".
اقرأ أيضاً
دعوات لإصلاحات دستورية حقيقية في العالم العربي
المصدر | مروان المعشر/ كارنيجي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الدول العربية النظام العربي إصلاح النفط دولة فاشلة السیاسیة والاقتصادیة الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يطبق نظاما جديدا على حدوده الخارجية ولمدة 6 شهور
بروكسل"وكالات": في أعقاب عدة تأجيلات، اطلق الاتحاد الأوروبي اليوم الأحد نظاما جديدا للدخول والخروج (إي إي إس)، طال انتظاره، وهو يمثل أداة رقمية لتسجيل الزوار القادمين لأوروبا.
ويحل النظام الجديد محل أختام جوازات السفر التقليدية، حيث يتم تسجيل بصمات الأصابع وصورالوجوه باستخدام مجموعة من الماسحات الضوئية في المطارات والموانئ ومحطات السكك الحديدية بأنحاء القارة.
ويهدف النظام الجديد إلى تسجيل جميع حالات دخول وخروج مواطني الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذين يسافرون في إقامة قصيرة (90 يوما خلال أي فترة تبلغ 180 يوما)، وهو ما يسمح للسلطات بتتبع حالات تجاوز مدة الإقامة أو رفض الدخول تلقائيا.
والهدف الأساسى من النظام الجديد هو تعزيز أمن الحدود وتقليص عمليات الاحتيال فيما يتعلق بالهوية، وضبط مدى التزام الزوار بالمدة المسموحة للإقامة.
وتقول النائبة الأوروبية، اليمينية أسيتا كانكو، التي أشرفت على المفاوضات باسم البرلمان الأوروبي: "سوف يساعد هذا النظام حرس الحدود في التحقق من أن حامل جواز السفر هو بالفعل صاحبه، وأن الجواز حقيقي وليس مزورا".
ماذا يحدث بداية من 12 أكتوبر؟ بداية من اليوم، سوف يتعين على المسافرين القادمين من الخارج إلى جميع دول الاتحاد الأوروبي - باستثناء قبرص وأيرلندا، غير المنضمتين لمنطقة شينجن - إبراز جوازات السفر الخاصة بهم، وسوف يتم أخذ بصماتهم وصورهم عند نقاط التفتيش الحدودية. وهذه المعلومات مطلوبة أيضا منهم لدى الوصول إلى الدول الأعضاء في شينجن، غير المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي، وهي: آيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا، وسوف يتم الاحتفاظ بهذه البيانات لمدة ثلاث سنوات في معظم الحالات.
ويتم تجميع هذا البيانات في أول دخول بعد تطبيق النظام، وسوف تستخدم في الرحلات المستقبلية للتحقق من الهوية عبر قاعدة البيانات، وهي عملية تقول المفوضية الأوروبية إنها تستغرق وقتا أقل. ويسري النظام بشكل تدريجي على مدى ستة شهور، حتى 10 أبريل 2026.وتبدأ الدول الأوروبية الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا، بإجراء عدد محدود من عمليات الفحص لتفادي الطوابير الطويلة في المطارات. أما الدول الأصغر، مثل إستونيا ولوكسمبورج، فتطبق النظام بالكامل منذ البداية.
وسوف يكون التطبيق تدريجيا في دول أخرى: ففي كرواتيا، على سبيل المثال، ستزداد عملية جمع البيانات البيومترية بمرور الوقت، من أربع ساعات يوميا في البداية، وحتى 12 ساعة يوميا، اعتبارا من شهر ديسمبر المقبل.
وسوف تقوم الشرطة في سلوفينيا بإدخال النظام تدريجيا في نقاط دخول شينجن، والتي تشمل ثلاثة مطارات دولية ونقطتي عبور بحريتين. كما ستؤثر هذه التغييرات على زوار الدول التي تتمتع بالسفر بدون تأشيرة إلى أوروبا، مثل بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة ومعظم دول أمريكا الجنوبية.
وفي الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي، مثل تلك المرشحة للانضمام- ألبانيا ومقدونيا الشمالية- يتعين تحذير المواطنين من ضرورة التعرف على التغييرات لتجنب التأخيرات غير الضرورية.
هل ستكون هناك تأخيرات؟ ثمة مخاوف من أن جمع هذه البيانات الجديدة قد يؤدي إلى طوابير طويلة بالمطارات ومحطات القطار. وأوضحت النائبة الأوروبية، البلجيكية، كانكو:"كما هو الحال دائما لدى إدخال أنظمة تكنولوجيا معلومات جديدة مهمة، ربما تحدث بعض العقبات. ولكن، لهذا السبب، يبدأ النظام في موسم السفر المنخفض. كما تم الاتفاق على التطبيق التدريجي لتفادي المشكلات الكبيرة." وأضافت: "وحال حدوث مشاكل غير متوقعة أو فترات انتظار طويلة، يمكن لحرس الحدود المحليين تعليق استخدام النظام بشكل مؤقت لإدارة الوضع." وأعربت وزارة الداخلية الفرنسية عن تفاؤلها إزاء النظام الجديد، وقالت إنها تتوقع أن يكون الوضع "طبيعيا، بدون مشاكل ازدحام"، اليوم.
ومع ذلك، أشارت الوزارة إلى أن التنفيذ الكامل للنظام يشكل "تحديا كبيرا" لفرنسا، التي تعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم، حيث استقبلت 100 مليون زائر أجنبي في عام.2024 ويتوقع أن يكون المسافرون من بريطانيا ضمن الأكثر تأثرا بالنظام الجديد، بالنظر لروابط النقل القوية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ولكن الجهات المشغلة، مثل تلك المسؤولة عن النفق البحري بين فرنسا وإنجلترا، أعربت عن ثقتها في أن الأمور سوف تسير بسلاسة.
وقال يان ليريش، الرئيس التنفيذي لشركة "جيتلينك" التي تقوم بتشغيل نفق المانش، في سبتمبر لوكالة الأنباء الفرنسية: "كل شيء جاهز، وتم إعداده واختباره بالفعل مع مئات الزبائن." وقالت الشركة إنها أنفقت 80 مليون يورو 92.6مليون دولار) على أنظمتها الجديدة المثبتة في بريطانيا وفرنسا.
وطالبت السلطات البريطانية زوار أوروبا أمس، من دول مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا، بالاستعداد للانتظار في طوابير لمدة قد تصل إلى أربع ساعات، مع دخول نظام الدخول والخروج الجديد حيز التنفيذ اليوم الاحد.
وقالت جوليا لو بوي-سعيد، الرئيسة التنفيذية لـ "ادفانتيدج ترافيل بارتنرشيب"، وهي شبكة تضم وكالات السفر المستقلة في بريطانيا: "بالنسبة لمعظم المسافرين من المملكة المتحدة، سيتم إجراء "نظام الدخول والخروج" في المطارات الأجنبية".
وحذرت من أنه "يتعين توقع تأخيرات" عند نقاط تفتيش الحدود عندما يصل العديد من الرحلات في نفس الوقت. وأضافت "نتوقع أحجاما هائلة من المسافرين خلال التطبيق الأولي(للنظام)".
ما هي فوائد النظام الجديد للأوروبيين؟ يأتي تطبيق النظام الجديد بعد قرابة عشر سنوات من اقتراحه من قبل المفوضية الأوروبية، لأول مرة.
وقالت المفوضية إنه سوف يساعد على "منع الهجرة غير النظامية والمساهمة في حماية أمن كل من يعيش في أوروبا، أو يسافر إليها." وتقول وزارة الداخلية الفرنسية إن النظام الجديد سوف يمكنها كذلك من تحديد إساءة استخدام التأشيرات - مثل تحويل تأشيرة سياحية لاحقا إلى بطاقة إقامة "للحياة الخاصة والعائلية" - وتحديد ما إذا كان شخص ما تم رفض لجوئه قد غادر منطقة شينجن.
وقالت كانكو: "سوف نتأكد من أن الأشخاص الذين يدخلون منطقة شينجن يحملون وثائق هوية سليمة"، مضيفة أن الزوار أصحاب النية الحسنة "يمكنهم الاستمرار في الحضور دون أي قلق".
والتنفيذ الكامل لنظام الدخول والخروج الجديد شرط أساسي لتطبيق نظام آخر خاص بدخول مواطني الدول الثالثة إلى الاتحاد الأوروبي، وهو نظام معلومات وتصاريح السفر الأوروبي (إتياس)، المتوقع إطلاقه العام المقبل. ويشبه نظام معلومات وتصاريح السفر الأوروبي، النظام الإلكتروني لتصاريح السفر (إيستا) في أمريكا، حيث سيتعين على مواطني الدول الثالثة ملء نموذج إلكتروني قبل السفر إلى الاتحاد الأوروبي، ودفع رسوم قدرها 20 يورو، وانتظار الموافقة.
وربما يتم منع المسافرين الذين لا يحملون تصريح نظام معلومات وتصاريح السفر الأوروبي، من الصعود إلى الطائرة، أو دخول منطقة شينجن.
اجهزة نظام الدخول والخروج الآلي للاتحاد الأوروبي (إي إي إس)، في مطار أدولفو سواريز في مدريد." رويترز"