خرائط جديدة تسعى لفرض نفسها في سوريا
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
لسنوات بدت خرائط الواقع السوري هي نفسها، إذ لم تتمكن تلك الخرائط طوال تلك الفترة من حسم الواقع، ولا وقف المعاناة المفروضة على الشعب السوري قتلاً وتهجيراً واعتقالاً، خرائط كادت أن تسفر عن واقع آسن متجمد متكلس، ولكن تغير الرمال السورية أخيراً سيُفرز بالتأكيد حالة جديدة، تفرض على الواقع الداخلي والدولي التعامل معها، وقد بدا ذلك إن كان بوقف التطبيع مع عصابات أسد، أو ما حصل أخيراً في حراك السويداء بحيث قلب الموازين الداخلية والخارجية، أو بتحرك العشائر والقبائل العربية في الجزيرة السورية مما هدد سلطة كيان قسد، فأسفر ذلك كله عن ظهور خرائط جديدة، خصوصاً وأن ذلك قد تزامن وترافق مع دعوة واشنطن لرئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب إلى واشنطن.
كانت الاندفاعة العربية مصدر قلق للشعب السوري والثورة بشكل عام، لا سيما بعد أن تمت دعوة رئيس النظام السوري إلى قمة جامعة الدول العربية في السعودية، ولكن بدا أن الدول العربية سعت إلى منحه فرصة من أجل معالجة أخطائه التي أصر عليها، وقابل ذلك بتحميل هذه الدول مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في سوريا، واقع دفع الدول المطبعة التي كانت تنتظر منه أن يقابلها بالمعالجة إلى أن تتراجع عن خطواتها تلك، فنشب على إثرها حراك السويداء الذي شكل حامل ضغط حقيقي على النظام السوري، وهو الذي لطالما قدم نفسه على أنه حامي حمى الأقليات في سوريا، مما أفقده ورقة مهمة أمام الأقليات، وأمام المجتمع الدولي.
حراك السويداء الذي دخل أسبوعه الثالث أكد أنه حراك حقيقي وجديّ لا تراجع عنه، على الرغم من ظهور بعض الأصوات المؤيدة للنظام والمعارضة للحراك، ولكن يبقى أن أصل الحراك وغالبية الدروز داعمون للحراك ومطالبون بإسقاط النظام، ومحاسبته، الأمر الذي منح الثورة السورية دعماً قوياً لا سيما لجيرانهم في حوران ودرعا تحديداً
حراك السويداء الذي دخل أسبوعه الثالث أكد أنه حراك حقيقي وجديّ لا تراجع عنه، على الرغم من ظهور بعض الأصوات المؤيدة للنظام والمعارضة للحراك، ولكن يبقى أن أصل الحراك وغالبية الدروز داعمون للحراك ومطالبون بإسقاط النظام، ومحاسبته، الأمر الذي منح الثورة السورية دعماً قوياً لا سيما لجيرانهم في حوران ودرعا تحديداً.
حالة العشائر العربية في الجزيرة السورية التي تعاني على مدى عقد كامل من الظلم والتهميش الممارس من قبل عصابات قسد، بالإضافة للتهميش الدولي وتحديداً من الولايات المتحدة الأمريكية التي فضّلت التعامل مع عصابات قسد على التعامل مع العشائر العربية؛ دفعت الأخيرة إلى التمرد والانتفاضة، وعبّرت من خلال ثورة مسلحة عن غضبها لما تعرضت وتتعرض له من عنصرية عصابات قسد، فكان أن سيطرت على مواقع مهمة لقسد، واتسعت رقعة سيطرتها على الأرض، مثل سيطرتها على القرى والبلدات التي كانت تحت سيطرة عصابات قسد، وهو ما يهدد في حال استمراره وديمومته حكم قسد، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية للحليف القسدي، خصوصاً في حال واصلت العشائر العربية تقدمها فسيطرت على حقول النفط، وهو ما يعني تجريد قسد وداعميها الأمريكيين من عصب نفطي مهم في إدارة وتسيير شؤونها العسكرية وحتى الإدارية.
الجائزة الأساسية والرئيسية اليوم هي آبار النفط الذي تتقاتل من أجلها قوات قسد مدعومة من الأمريكي، وقوات العشائر، وكذلك قوات النظام السوري ومن خلفها الإيراني والروسي. وبعد أن سعى الأمريكي للبقاء على مسافة واحدة بين الطرفين المتقاتلين، بدا بالأمس أقرب إلى قسد حيث دعمها وساندها، واتهم قوات العشائر بالارتباط للخارجي مشيراً بذلك للإيراني، ولكن قوات العشائر أكدت غير مرة رفضها التعامل مع الإيراني والنظام السوري.
حالة من عدم الاطمئنان الدولية وتحديداً وسط الأمريكي والروسي وحتى الإيراني من انتفاضة العشائر ومآلاتها، ولذلك فقد سعى الروسي إلى قصف العشائر المتضامنة عبر المحرر التي سعت لإرسال تعزيزات للعشائر المنتفضة في الجزيرة، إن كان من الباب أو من إدلب، مما يشير إلى حالة الخوف والقلق لدى هذه الأوساط
حالة من عدم الاطمئنان الدولية وتحديداً وسط الأمريكي والروسي وحتى الإيراني من انتفاضة العشائر ومآلاتها، ولذلك فقد سعى الروسي إلى قصف العشائر المتضامنة عبر المحرر التي سعت لإرسال تعزيزات للعشائر المنتفضة في الجزيرة، إن كان من الباب أو من إدلب، مما يشير إلى حالة الخوف والقلق لدى هذه الأوساط تجاه الحالة التي يمكن أن يفرزها الواقع الجديد.
القلق الإيراني يتعاظم من ظهور الخرائط الجديدة؛ عكسه وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان من بيروت حين عارض عملية أمريكية بإغلاق الحدود بين العراق وسوريا، مما سيضع القوات الإيرانية في الداخل السوري بحالة حصار.
أما على صعيد الشمال المحرر فقد برزت أخيراً ظاهرة العمليات النوعية المكثفة، بل وظهرت بشكل واضح وجلي من خلال تفجير الأنفاق تحت مواقع النظام السوري في منطقة الملاجة التي لا تبعد سوى كيلومترين عن مدينة كفرنبل، والسيطرة عليها، ولم تستطع قوات النظام على الرغم من العمليات المكثفة عليها منذ أيام من استعادتها، بعد أن فقدت عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة إلى عمليات نوعية أخرى في ريفي اللاذقية، وحلب الغربي، وهو الأمر الذي فرض واقعاً وخريطة جديدة تتحدى قوة وجبروت النظام وداعميه من الروس والإيرانيين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العشائر قسد سوريا الإيراني إيران سوريا امريكا العشائر قسد مقالات مقالات مقالات رياضة صحافة صحافة رياضة سياسة صحافة سياسة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری فی الجزیرة التعامل مع
إقرأ أيضاً:
روسيا تسعى للاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في سوريا
على مدى سنوات كان جنود من قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا يتجولون بحرية في المدن الساحلية وكانت المقاتلات تنطلق منها لقصف جماعات من المعارضة المسلحة المناهضة للرئيس المخلوع بشار الأسد.
لكن الوضع لم يعد على تلك الحال بعد سقوط الأسد، إذ تحرس مجموعات صغيرة من القوات الأمنية السورية الجديدة مداخل حميميم وقاعدة طرطوس البحرية الروسية، التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، على بعد نحو 60 كيلومترا إلى الجنوب.
وقال أفراد الحراسة لمراسلين من رويترز زاروا المنطقة الأسبوع الماضي إنهم يرافقون أي قوافل روسية تغامر بالخروج. وأضاف أحدهم بعد أن طلب عدم ذكر اسمه "يجب عليهم إخطارنا قبل
المغادرة".
ومصير القاعدتين، وهما عنصر رئيسي في نفوذ روسيا العسكري في الشرق الأوسط وأفريقيا، في يد الرئيس السوري أحمد الشرع.
يريد الشرع إعادة التفاوض على تأجير قاعدة طرطوس لمدة 49 عاما الذي تم في عهد الأسد، وعقد إيجار غير محدد المدة لقاعدة حميميم من أجل التوصل لاتفاق أفضل، لكنه لا يريد إقصاء موسكو كليا فيما يبدو.
وبدلا من ذلك، قد تبقى القاعدتان مقابل دعم دبلوماسي وتعويض مالي من روسيا التي لعبت دورا كبيرا في قطاعي الاقتصاد والدفاع في سوريا على مدى سبعة عقود قبل أن تتدخل لدعم بقاء الأسد في السلطة لسنوات.
إعلانفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي سقط الأسد وفر إلى روسيا من قاعدة حميميم. أما القيادة السورية الجديدة، فتتفاوض الآن مع موسكو.
وتحدثت رويترز من أجل هذه القصة إلى ثمانية مصادر سورية وروسية ودبلوماسية أبلغوها بتفاصيل لم تنشر من قبل عن أول اجتماع رفيع المستوى بين الشرع ومبعوث للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما في ذلك مطالبات تتعلق بديون تصل قيمتها لمليارات الدولارات ومستقبل الأسد وإعادة أموال سورية يقال إنها في روسيا.
وطلبت المصادر عدم ذكر أسمائها ليتسنى لها التحدث عن مسائل حساسة.
ومن شأن وضع العداوة جانبا أن يفيد الطرفين. فعلى الرغم من تخفيف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لبعض العقوبات المفروضة على سوريا، تصعب القيود المتبقية القيام بأعمال تجارية مع البلد الذي مزقته وأفقرته الحرب وعدد سكانه نحو 23 مليون نسمة.
إن استعادة الإمدادات الروسية التقليدية من الأسلحة والوقود والقمح قد تكون بمثابة شريان حياة للبلاد. وقال دبلوماسي مقيم في دمشق لرويترز إن ذلك يجعل قادة البلاد على استعداد "لمد أيديهم بالسلام حتى لأعدائهم السابقين".
ترى آنا بورشفسكايا من معهد واشنطن أن "موسكو لا يزال لديها ما تقدمه لسوريا" وهي قوية ومتجذرة بصورة لا يمكن تجاهلها.
وقالت "روسيا تحتاج ببساطة حكومة في دمشق تضمن مصالحها وستكون مستعدة لعقد اتفاق معها".
وقال مصدر في وكالة إغاثة تابعة للأمم المتحدة إن روسيا لم تصدر أي حبوب إلى سوريا في عهد الإدارة الجديدة.
لم يقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكثير عن سوريا منذ أن تولى منصبه لكنه يسعى لإصلاح العلاقات مع موسكو. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه مع رحيل الأسد هناك فرصة سانحة أمام سوريا "كي لا تخضع بعد الآن لهيمنة إيرانية أو روسية تزعزع استقرارها".
إعلانلكن إسرائيل حليفة الولايات المتحدة تريد من روسيا البقاء كحائط صد للنفوذ التركي وفقا لما أوردته رويترز يوم الجمعة.
وقال مصدران لرويترز إن الشرع سعى في الاجتماع الذي عقد في 29 يناير/كانون الثاني في دمشق إلى إسقاط ديون روسية من عهد الأسد.
وقال وزير المالية السوري محمد أبازيد الشهر الماضي إن دمشق، التي لم تكن مثقلة بأي ديون أجنبية تقريبا قبل الحرب، مدينة حاليا بما بين 20 و23 مليار دولار من الديون الخارجية دون أن يحدد كم منها مستحق لروسيا.
وقال أحد المصادر إن مسؤولين سوريين أثاروا خلال الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات مع ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي مسألة أخرى مهمة، وهي عودة الأسد لسوريا لكن الحديث في الأمر كان فقط بصورة عامة مما يشير إلى أنها لن تمثل عقبة رئيسية في طريق إعادة بناء العلاقات.
وقال مصدر روسي كبير إن بلاده لن توافق على تسليم الأسد ولم يطلب منها ذلك.
وذكر دبلوماسي مقيم في سوريا مطلع على المحادثات أن الشرع حث أيضا بوغدانوف على إعادة أموال سورية تعتقد حكومته أن الأسد أودعها في موسكو لكن الوفد الروسي نفى وجود مثل تلك الأموال.
وفي بيان صدر بعد الاجتماع، قالت الحكومة السورية إن الشرع شدد على أن العلاقات الجديدة تتطلب معالجة الأخطاء السابقة وطالب بتعويضات عن التدمير الذي تسببت فيه روسيا. وقالت كل المصادر إن الاجتماع سار بشكل سلس نسبيا. ووصف الكرملين مكالمة هاتفية جرت بين الشرع وبوتين قبل أسبوعين بأنها بناءة.
ولدى سؤاله من رويترز يوم الثلاثاء عما إذا كانت المحادثات بين موسكو ودمشق عن مصير القاعدتين العسكريتين تحرز تقدما، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "مستمرون في تواصلنا مع السلطات السورية… لذلك دعونا نقول إن العملية جارية".
ولم ترد وزارة الخارجية الروسية على طلب للحصول على تعقيب. قال سيرجي ماركوف، وهو مستشار سابق للكرملين، هذا الشهر إن الأمور تبدو جيدة بالنسبة لموسكو.
إعلانوكتب على تيليغرام "السلطات السورية الجديدة لا ترى روسيا دولة معادية. لكن على روسيا أن تفعل شيئا للحكومة السورية مقابل القاعدتين".
معضلة سورياوأقر الشرع في تصريحات سابقة بأن "هناك مصالح استراتيجية عميقة" بين سوريا وروسيا، التي زودت على مدى عقود الجيش السوري المنحل حاليا بالأسلحة ووفرت التمويل لمحطات طاقة وسدود وبنية تحتية رئيسية أخرى.
ومن جانبها، فإن موسكو عازمة على الحفاظ على قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر المتوسط في ظل وجود قوات أميركية في شمال شرق سوريا وقوات تركية في الشمال وقوات إسرائيلية في جنوب البلاد.
ومن شأن ذلك مساعدة موسكو على الاحتفاظ بتأثير سياسي وسط صراع دبلوماسي يهدف إلى كسب نفوذ في دمشق بعد سقوط الأسد.
والتقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره التركي في أنقرة يوم الاثنين. وقال مصدر تركي إن محادثاتهما شملت سوريا. ولم ترد وزارة الخارجية التركية على طلب للتعليق.
وتريد دمشق تعويضات عن الدمار الذي خلفته الحرب. ووفقا للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، من المتوقع أن تبلغ تكاليف إعادة الإعمار 400 مليار دولار.
وقال مصدر مطلع على وجهة نظر روسيا في هذا الشأن إن من غير المرجح أن تقبل موسكو المسؤولية ولكنها ربما تقدم بدلا من ذلك مساعدات إنسانية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول، عرض بوتين استخدام القاعدتين مركزين لتوصيل المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وقال سفير موسكو لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن تحالف روسيا مع سوريا "ليس مرتبطا بأي نظام". وقال المصدر من وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إنه لا علم لهم بأي مساعدات جرى نقلها من خلال القاعدتين.
ومصير الأسد وشركائه الذين فروا إلى موسكو مسألة حساسة. وقالت المصادر الروسية والدبلوماسية إن روسيا لا تزال تمانع في تسليم الأسد، وتصر في نفس الوقت على الاستمرار في تحالفاتها.
إعلانوقال المصدر الروسي الكبير "لا تتخلى روسيا عن الناس ببساطة لأن الرياح تغير اتجاهها".