موقعها هادئ وساحر، وبيوتها بنيت من الحجارة والقرميد التي ميزت العمارة في غالبية المدن والقرى في فلسطين.

إذ تقع قرية بيت لحم الجليلية (نسبة لجبال الجليل) شمالي غرب مدينة الناصرة، وجنوبي شرقي مدينة حيفا، وتبعد عنها قرابة 18 كم، ونشأت في الطرف الجنوبي الغربي لجبال الجليل فوق سفح يطل على مرج ابن عامر.

بلغت مساحتها المبنية (51) دونم، فيما بلغت مساحة مجمل أراضيها حوالي (7526) دونما.



يحدها من الغرب قرية طبعون، ومن جهة الشرق خربة زرزير، ومن الجنوب الغربي قرية أم العمد، ومن الجنوب الشرقي قرية غزالين.

ويعود سبب تسميتها إلى الإله "لحمو" الكنعاني، وهي بمعنى "بيت الخبز"، وفي العهد الروماني عرفت باسم "بيت لحم" من أعمال صفورية، وهي موقع اثري يحتوي على أنقاض أبنية وكنيسة وأعمدة وتيجان وصهريج.

بلغ عدد سكان بيت لحم الجليلية في عام 1922 نحو (224) نسمة وفي عام 1931 نحو (235)، وفي عام 1945 ارتفع العدد إلى (370) نسمة، وفي إحصاء عام 2015 وصل العدد إلى 777 نسمة.

في الفترة العثمانية كانت بيت لحم الجليلية قرية عربية صغيرة تجاورها قرية أخرى اسمها أم العمد.

باعت الحكومة العثمانية في عام 1869 أراضي هذه القرية مع عدة قرى أخرى في مرج ابن عامر لبعض تجار بيروت ومنهم عائلتي تويني وسرسك، وفي عام 1907 باع هؤلاء بدورهم أراضيهم إلى طائفة الهيكليين الألمان (فرسان المعبد)، فأقاموا في عام 1907 على موقع قرية أم العمد مستعمرة وأطلقوا عليها اسم "ڤالدهايم"، والتي تعني "حديقة الغابة".

واستكمالا لتاريخ الاستيطان المتتالي على بيت لحم الجليلية، كان نصف السكان من العرب والفلسطينيين، ونصفهم من الألمان الذين جاءوا واستوطنوا المنطقة.

لم يستطع الهيكليون الألمان جذب أعداد كبيرة للإقامة في مستعمراتهم، وذلك بسبب الحالة العدائية التي سيطرت على علاقتهم بالعرب.

ونظر العرب للألمان كمحتلين، في حين نظر المستوطنون للعرب نظرة فوقية، باعتبارهم  "شعب الله المختار الذي سيقيم مملكة الرب". بحسب معتقداتهم.

وكان ذلك سببا في إرسال الحكومة الألمانية سفنا حربية إلى الشواطئ الفلسطينية أثناء حرب البلقان، وذلك لحماية المستوطنين الألمان بعد ثورة المسلمين في القدس على الأجانب.

ولأسباب دينية، نظر الهيكليون الألمان لليهود نظرة عدائية، لأنهم هم "شعب الله" الذي سيقيم "مملكة الرب" وليس اليهود، لكن تغير ذلك بعد اضطرار الألمان للتعاون معهم لمواجهة العرب في ما بعد.

وخلال الحرب العالمية الأولى، حدثت خلافات بين الألمان وبريطانيا التي فرضت القيود على الألمان، ومنعتهم من الخروج من مستوطناتهم ببناء سياج حولها. ومع انتهاء الحرب انتقمت منهم بريطانيا بتهجير الناشطين والمؤثّرين في مجتمعهم إلى أستراليا، ومن بقي فتم تهجيره في 1948 على يد القوات الإسرائيلية إلى قبرص ومن هناك التحقوا بسابقيهم، وجاءت بيهود من النمسا وأسكنتهم في بيوت الألمان في بيت لحم بعد تجريد العرب من أملاكهم.

وفي عام 1948 هُجر أهل القرية من الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي عام 1952 بدأت المفاوضات بين دولة الاحتلال "بصفتها وريثة اليهود وممثلة عنهم"، وبين ألمانيا الغربية "بصفتها وريثة النازية المسؤولة عن مذبحة اليهود"، وفق المؤرخ والمرشد السياحي فوزي حنا.

وتركزت المفاوضات حول "تعويضات للألمان بأرض فلسطين"، واستمرت عشر سنوات حتى منحوهم أراضي قدر ثمنها بنحو 13 مليون دولار.

ولم يكن استيطان الألمان ويهود النمسا لمنطقة بيت لحم الجليلية وما حولها من فراغ أو بالمصادفة، فقد كانت معروفة بأنها منطقة غزيرة بالمياه العذبة وأرضها خصبة.

وكان الهيكليون الألمان قد أقاموا أيضا مستوطنة أخرى في يافا أقيمت عام 1869، ومستوطنة "سارونا" في السهل الساحلي والتي أقيمت عام 1871، وفي القدس مستوطنة أقيمت عام 1873.

بالإضافة لذلك، أقيمت مستوطنة "كرملهايم" في مركز الكرمل عام 1873، ومستوطنة "ڤلهلما" قرب اللد والتي أقيمت عام 1902.

لكن بيت لحم الجليلية تميزت عن غيرها بهندسة القرية ومبانيها الحجرية المؤلفة من طابقين وسطوحها من القرميد على جانبي شارع رئيسي.

ويبرز بين بيوت بيت لحم الجليلية "بيت الشعب الكبير" الذي أصبح اليوم مخصصا للقاءات والاحتفالات.


                                                 أحد بيوت قرية بيت لحم الجليلية.

كما يتسم مكان بيت لحم، بأنه هادئ وجميل، وفيه خزان ماء مبني من نفس نوع حجر مبانيها، إلا أن ما يشوه هذه القطعة الفنية الأثرية، الاستيطان الذي لا زال جاثما على قلبها، لتكون ضحية نزاع استيطاني ألماني ثم إسرائيلي حتى اليوم.

المصادر

ـ عبير الشيخ حيدر، "السياسة الألمانية تجاه القضية الفلسطينية وتطورها (1949-2008)".
ـ د.علي محافظة، "العلاقات الألمانية الفلسطينية من إنشاء مطرانية القدس البروتستانتية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية 1841- 1945".
ـ محمد شعبان، حلموا بإقامة حلموا بإقامة "مملكة الرب"... قصة مستعمرات الألمان المسيحية في فلسطين، موقع رصيف 22، 14/9/2019.
ـ مصطفى الدباغ، بلادنا فلسطين.
ـ  قرية بيت لحم - قضاء حيفا، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ "بيت لحم الجليلية".. قطعة فلسطينية يشوهها الاستيطان منذ العصر البرونزي، وكالة صفا، موقع وصحيفة "السبيل" الأردنية، 13/8/2023.
ـ بيت لحم الجليلية، موقع منصة الرأي، 11/8/2023.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير فلسطين بيت لحم بيوت فلسطين بيت لحم تاريخ معمار بيوت تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وفی عام فی عام

إقرأ أيضاً:

قرية الإمارات العالمية تكمل استعداداتها لكأس رئيس الدولة للقدرة

 أكملت قرية الإمارات العالمية للقدرة، استعداداتها لانطلاقة كأس صاحب السمو رئيس الدولة للقدرة لمسافة 160 كلم في النسخة 26، الذي تنظمه وتستضيفه القرية يوم 9 فبراير بالتنسيق مع اتحاد الإمارات للفروسية، برعاية ودعم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة.

وتحظى بطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة التي تطبق نظامي الفردي والفرق “4 فرسان للفريق الواحد”، باهتمام متعاظم من الفرسان، الذين يتطلعون لوضع بصماتهم في سجلاتها وحفر أسمائهم في قائمة الأبطال ، ما يعطي السباق المزيد من التحدي والقوة والإثارة، التي اتصف بها دائماً منذ انطلاقته.

ويعني وصول سباق كأس صاحب السمو رئيس الدولة إلى النسخة الـ26، عراقة هذا السباق ومكانته لدى الجميع، وهو يمثل علامة فارقة ؛ إذ ظلت هذه البطولة تمثل العنوان الكبير والبارز في سباقات القدرة بالدولة.

ويعد السباق منذ انطلاقته الأولى في العام 2000 مناسبة عزيزة وغالية على الجميع، ويمثل القمة باعتباره الأبرز في برنامج موسم سباقات القدرة في الإمارات، كما يمثل هدفاً سنوياً للكثير من نخبة الفرسان في العالم.

ويعقد مؤتمر صحفي يوم 7 فبراير الجاري في القرية؛ للكشف عن تفاصيل الحدث، يعقبه حفل الافتتاح الرسمي، ثم يتم في اليوم التالي إجراء الفحص البيطري للخيول المشاركة، استعداداً لانطلاقة السباق صباح يوم 9 فبراير.
وأعرب مسلم العامري، مدير عام قرية الإمارات العالمية للقدرة، عن الفخر والاعتزاز بتنظيم واستضافة كأس صاحب السمو رئيس الدولة للقدرة في كل عام، وقال إن فريق العمل في القرية نفذ خطة الاحتفال بالنسخة الـ26 للكأس على أكمل وجه، من خلال الترتيبات الفنية واللوجستية لمساندة المشاركين وتوفير أجواء مثالية لهم لتقديم أفضل ما لديهم من مستويات فنية.

وأضاف: نرحب بالجميع في قرية الإمارات العالمية للقدرة لمتابعة الكأس الغالية، وكذلك السباقات المتبقية من أجندة الموسم.


مقالات مشابهة

  • أكثر من 2000 اعتداء خلال شهر في الضفة لتعزيز الاستيطان وتهجير الفلسطينيين
  • أكثر من 2000 اعتداء خلال شهر في الضفة لتعزيز الاستيطان وتهجير الفلسطييين
  • بالصور.. قرية النعمان المقدسية المهددة بالهدم
  • تدمير المنازل في جنين يؤكد توجهات “إسرائيل “لتوسيع الاستيطان في الضفة
  • قرية الإمارات العالمية تكمل استعداداتها لكأس رئيس الدولة للقدرة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل شابا من قرية شقبا غرب رام الله
  • الاحتلال يقتحم قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس بالضفة الغربية
  • السياسيون الألمان يواجهون اللاجئين السوريين: حان وقت العودة
  • قرية صور باهر بلد العمرين وكوكب القدس
  • قوات الاحتلال تقتحم قرية في الضفة وتعتقل فلسطينياً