بيت لحم الجليلية في فلسطين.. بيوت ساحرة يشوهها الاستيطان
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
موقعها هادئ وساحر، وبيوتها بنيت من الحجارة والقرميد التي ميزت العمارة في غالبية المدن والقرى في فلسطين.
إذ تقع قرية بيت لحم الجليلية (نسبة لجبال الجليل) شمالي غرب مدينة الناصرة، وجنوبي شرقي مدينة حيفا، وتبعد عنها قرابة 18 كم، ونشأت في الطرف الجنوبي الغربي لجبال الجليل فوق سفح يطل على مرج ابن عامر.
بلغت مساحتها المبنية (51) دونم، فيما بلغت مساحة مجمل أراضيها حوالي (7526) دونما.
يحدها من الغرب قرية طبعون، ومن جهة الشرق خربة زرزير، ومن الجنوب الغربي قرية أم العمد، ومن الجنوب الشرقي قرية غزالين.
ويعود سبب تسميتها إلى الإله "لحمو" الكنعاني، وهي بمعنى "بيت الخبز"، وفي العهد الروماني عرفت باسم "بيت لحم" من أعمال صفورية، وهي موقع اثري يحتوي على أنقاض أبنية وكنيسة وأعمدة وتيجان وصهريج.
بلغ عدد سكان بيت لحم الجليلية في عام 1922 نحو (224) نسمة وفي عام 1931 نحو (235)، وفي عام 1945 ارتفع العدد إلى (370) نسمة، وفي إحصاء عام 2015 وصل العدد إلى 777 نسمة.
في الفترة العثمانية كانت بيت لحم الجليلية قرية عربية صغيرة تجاورها قرية أخرى اسمها أم العمد.
باعت الحكومة العثمانية في عام 1869 أراضي هذه القرية مع عدة قرى أخرى في مرج ابن عامر لبعض تجار بيروت ومنهم عائلتي تويني وسرسك، وفي عام 1907 باع هؤلاء بدورهم أراضيهم إلى طائفة الهيكليين الألمان (فرسان المعبد)، فأقاموا في عام 1907 على موقع قرية أم العمد مستعمرة وأطلقوا عليها اسم "ڤالدهايم"، والتي تعني "حديقة الغابة".
واستكمالا لتاريخ الاستيطان المتتالي على بيت لحم الجليلية، كان نصف السكان من العرب والفلسطينيين، ونصفهم من الألمان الذين جاءوا واستوطنوا المنطقة.
لم يستطع الهيكليون الألمان جذب أعداد كبيرة للإقامة في مستعمراتهم، وذلك بسبب الحالة العدائية التي سيطرت على علاقتهم بالعرب.
ونظر العرب للألمان كمحتلين، في حين نظر المستوطنون للعرب نظرة فوقية، باعتبارهم "شعب الله المختار الذي سيقيم مملكة الرب". بحسب معتقداتهم.
وكان ذلك سببا في إرسال الحكومة الألمانية سفنا حربية إلى الشواطئ الفلسطينية أثناء حرب البلقان، وذلك لحماية المستوطنين الألمان بعد ثورة المسلمين في القدس على الأجانب.
ولأسباب دينية، نظر الهيكليون الألمان لليهود نظرة عدائية، لأنهم هم "شعب الله" الذي سيقيم "مملكة الرب" وليس اليهود، لكن تغير ذلك بعد اضطرار الألمان للتعاون معهم لمواجهة العرب في ما بعد.
وخلال الحرب العالمية الأولى، حدثت خلافات بين الألمان وبريطانيا التي فرضت القيود على الألمان، ومنعتهم من الخروج من مستوطناتهم ببناء سياج حولها. ومع انتهاء الحرب انتقمت منهم بريطانيا بتهجير الناشطين والمؤثّرين في مجتمعهم إلى أستراليا، ومن بقي فتم تهجيره في 1948 على يد القوات الإسرائيلية إلى قبرص ومن هناك التحقوا بسابقيهم، وجاءت بيهود من النمسا وأسكنتهم في بيوت الألمان في بيت لحم بعد تجريد العرب من أملاكهم.
وفي عام 1948 هُجر أهل القرية من الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي عام 1952 بدأت المفاوضات بين دولة الاحتلال "بصفتها وريثة اليهود وممثلة عنهم"، وبين ألمانيا الغربية "بصفتها وريثة النازية المسؤولة عن مذبحة اليهود"، وفق المؤرخ والمرشد السياحي فوزي حنا.
وتركزت المفاوضات حول "تعويضات للألمان بأرض فلسطين"، واستمرت عشر سنوات حتى منحوهم أراضي قدر ثمنها بنحو 13 مليون دولار.
ولم يكن استيطان الألمان ويهود النمسا لمنطقة بيت لحم الجليلية وما حولها من فراغ أو بالمصادفة، فقد كانت معروفة بأنها منطقة غزيرة بالمياه العذبة وأرضها خصبة.
وكان الهيكليون الألمان قد أقاموا أيضا مستوطنة أخرى في يافا أقيمت عام 1869، ومستوطنة "سارونا" في السهل الساحلي والتي أقيمت عام 1871، وفي القدس مستوطنة أقيمت عام 1873.
بالإضافة لذلك، أقيمت مستوطنة "كرملهايم" في مركز الكرمل عام 1873، ومستوطنة "ڤلهلما" قرب اللد والتي أقيمت عام 1902.
لكن بيت لحم الجليلية تميزت عن غيرها بهندسة القرية ومبانيها الحجرية المؤلفة من طابقين وسطوحها من القرميد على جانبي شارع رئيسي.
ويبرز بين بيوت بيت لحم الجليلية "بيت الشعب الكبير" الذي أصبح اليوم مخصصا للقاءات والاحتفالات.
أحد بيوت قرية بيت لحم الجليلية.
كما يتسم مكان بيت لحم، بأنه هادئ وجميل، وفيه خزان ماء مبني من نفس نوع حجر مبانيها، إلا أن ما يشوه هذه القطعة الفنية الأثرية، الاستيطان الذي لا زال جاثما على قلبها، لتكون ضحية نزاع استيطاني ألماني ثم إسرائيلي حتى اليوم.
المصادر
ـ عبير الشيخ حيدر، "السياسة الألمانية تجاه القضية الفلسطينية وتطورها (1949-2008)".
ـ د.علي محافظة، "العلاقات الألمانية الفلسطينية من إنشاء مطرانية القدس البروتستانتية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية 1841- 1945".
ـ محمد شعبان، حلموا بإقامة حلموا بإقامة "مملكة الرب"... قصة مستعمرات الألمان المسيحية في فلسطين، موقع رصيف 22، 14/9/2019.
ـ مصطفى الدباغ، بلادنا فلسطين.
ـ قرية بيت لحم - قضاء حيفا، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ "بيت لحم الجليلية".. قطعة فلسطينية يشوهها الاستيطان منذ العصر البرونزي، وكالة صفا، موقع وصحيفة "السبيل" الأردنية، 13/8/2023.
ـ بيت لحم الجليلية، موقع منصة الرأي، 11/8/2023.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير فلسطين بيت لحم بيوت فلسطين بيت لحم تاريخ معمار بيوت تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وفی عام فی عام
إقرأ أيضاً:
شهيد في نابلس والاحتلال يفجر منزلين بالخليل ويعزز الاستيطان في القدس
فجّر جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح الأربعاء، منزلي الشهيدين محمد مسك والأسير أحمد الهيموني في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، كما اغتالت قواته شابا فلسطينيا في نابلس.
واقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال المدينة وحاصرت المنزلين وأجبرت سكانهما على المغادرة قبل أن تقوم بزرع متفجرات في الجدران الداخلية للمنزلين وتفجيرهما.
وكان الشهيد مسك والأسير الهيموني قد نفذا عملية إطلاق نار في الأول من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي في تل أبيب أسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين.
لحظة تفجير الاحتلال مسكن الأسير أحمد الهيموني بمدينة الخليل أحد منفذي عملية #تل_أبيب خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/YYRsOf0EMf
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 5, 2025
وكانت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد أعلنت مسؤوليتها عن "عملية يافا البطولية التي نفذها المجاهدان القساميان محمد راشد مسك وأحمد عبد الفتاح الهيموني من مدينة الخليل، والتي أدت وفق اعتراف العدو إلى مقتل 7 صهاينةٍ وإصابة 16 آخرين بعضهم جراحه خطرة".
في الأثناء، قالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أخطرت بهدم 17 منزلا إضافيا في مخيم نور شمس شرق طولكرم خلال العدوان المتواصل عليه لليوم الـ25 على التوالي.
إعلانوأضافت المصادر أن جيش الاحتلال منع دخول الأهالي إلى مخيم نور شمس لإخلاء منازلهم المقرر هدمها.
وتواصل إسرائيل عملياتها العسكرية الموسعة التي تشنها في محافظات شمال الضفة الغربية منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي، والتي تسببت في تهجير عشرات الآلاف من مخيمات وبلدات فلسطينية.
ولم تحدد إسرائيل أفقا زمنيا لانتهاء هذه العمليات، وقالت إن القرار بيد المستوى السياسي.
???? جيش الاحتلال يمنع دخول الأهالي إلى مخيم نور شمس شرقي #طولكرم بالضّفة الغربية لإخلاء منازلهم المقرر هدمها pic.twitter.com/MWbNLGzxDd
— ساحات – عاجل ???????? (@Sa7atPlBreaking) March 5, 2025
شهيد بنابلسوفي سياق متصل، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية باستشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال قرب حاجز حومش بين مدينتي نابلس وجنين.
كما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان بإصابة 4 فلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال في محافظة رام الله والبيرة.
وأوضح البيان أن بين المصابين اثنين بالرصاص الحي، وفتاتين بالاعتداء بالضرب، وجرى نقلهم للعلاج في المستشفى.
وذكر شهود عيان أن قوات من الجيش الإسرائيلي اقتحمت عدة أحياء بمدينة رام الله، وفتشت محال تجارية ومنازل، واعتقلت فتاة وشابا على الأقل قبل أن تنسحب.
وفي نابلس شمالي الضفة الغربية، اقتحمت قوات من الجيش الإسرائيلي مخيم بلاطة للاجئين شرقي المدينة.
وذكر شهود عيان أن الجيش الإسرائيلي حاصر منزلا في حارة الحشاشين بالمخيم واعتقل شابا على الأقل.
ومنذ أن بدأ حرب الإبادة على قطاع غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى لاستشهاد نحو 930 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف شخص، واعتقال 14 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
اعتداءات بالأغواروقال نشطاء حقوقيون في الأغوار الشمالية إن الاحتلال يضيق على الفلسطينيين في الأغوار ويقيم بوابات حديدية ويغلق المداخل في قريتي كردلة وبردلة الزراعيتين.
إعلانوأضاف بيان النشطاء أن سلطات الاحتلال تواصل إغلاق حاجز تياسير العسكري شرق جنين لليوم الـ29 على التوالي منذ تنفيذ الهجوم المسلح عليه.
وأشار البيان إلى أن سكان الأغوار يواجهون معاناة كبيرة خلال التنقل من وإلى منطقة الأغوار الشمالية وبعضهم يضطر للإفطار عند الحواجز العسكرية.
مستوطنات بالقدسوفي القدس المحتلة، ذكرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية أن لجنة التخطيط والبناء في بلدية القدس التابعة للاحتلال تناقش اليوم مشروعا لبناء أكثر من ألف وحدة استيطانية جديدة.
وأضافت هيئة الإذاعة أنه حسب المخطط ستقام في مستوطنة "نوف تسيون" قرب جبل المكبر 380 وحدة استيطانية ومدرسة ومعهدان دينيان ومساحات تجارية.
في حين ستقام 650 وحدة استيطانية بين مستوطنة "هار حوما" و"حي رامات راحيل" قرب بلدة صور باهر.
وحسب التقديرات الإسرائيلية فإن الفلسطينيين يشكلون 39% من عدد السكان في مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي وهي نسبة تقلق إسرائيل حسب تصريحات مسؤوليها.
وتوجد العديد من المستوطنات الكبيرة في محيط القدس مثل "معاليه أدوميم"، شرقا و"غوش عتصيون"، جنوبا، ومن شأن ضمها إحداث تغيير كبير في الميزان الديمغرافي في مدينة القدس لصالح اليهود.
وتقدر حركة "السلام الآن" الإسرائيلية (يسارية مختصة بمراقبة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية) أن أكثر من 700 ألف مستوطن يقيمون في مستوطنات إسرائيلية بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وتعتبر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967 غير قانوني، وتدعو إسرائيل إلى وقفه دون جدوى، محذرة من أنه يقوض فرص معالجة الصراع وفقا لمبدأ حل الدولتين.