تتصاعد الأصوات والدعوات في النيجر، مطالبة بخروج فرنسا من المشهد السياسي الإفريقي بشكل عام والنيجر بشكل خاص، في ظل تبريرات من باريس ورفضها الاعتراف بالانقلاب، ما تسبب في حرج إقليمي ودولي للمستعمر القديم.

 وبعد انتهاء المهلة التي حددها المجلس العسكري لفرنسا بالخروج والانسحاب من النيجر، والتي شهدت مظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات آلاف النيجريين تأكيداً على رفض استمرارية التواجد الفرنسي، من المتوقع أن تشهد البلاد تصعيداً مستمراً تجاه باريس، بهدف دفعها للرضوخ للمطالب الشعبية.

#فرنسا تتحدى قادة الانقلاب في #النيجر https://t.co/LpRgThn5ei

— 24.ae (@20fourMedia) September 3, 2023 رفض التواجد الفرنسي

يقول اللواء محمد عبد الواحد، المتخصص في الأمن القومي والجماعات الإرهابية والشؤون الإفريقية والإستراتيجية: "حتى نفهم دلالة المظاهرات الشعبية أمام القوات الفرنسية في النيجر، يجب أن نفكك أسباب تواجد الحشود أمام السفارة، أو القاعدة الفرنسية بالنيجر".

وأضاف "أولاً، منذ بداية الأزمة والانقلابيون يبررون أن الانقلاب العسكري أتى رفضاً للتواجد الفرنسي في البلاد كهدف أساسي، في استغلال للترديد الشعبي الذي كان يدعو للمطالب نفسها".

وأوضح "بدأ الانقلاب العسكري يتخذ إجراءات تصعيدية تجاه فرنسا، من ناحية إلغاء الاتفاقيات، وحظر القنوات الفرنسية، بالإضافة إلى إلغاء الصفقات العسكرية، وأخيراً مطالبة السفير بالرحيل، والقوات الفرنسية بالانسحاب".

وتابع "في هذا الوقت بالتحديد، من الصعب على الانقلابيين التنازل عن هذه المطالب، لا سيما وأنها كانت المبرر الوحيد والأساسي لشن عملية الانقلاب، فالتراجع عنها في هذه اللحظة قد يحرج قادة الانقلاب".

تخوف من انتقام فرنسي

وذكر اللواء عبد الواحد في حديثه أن "السبب الثاني لظهور هذه الحشود الشعبية، هو الترقب الحذر لقادة الانقلاب، خوفاً من قيام السفارة مع القوات الفرنسية بأي عمل ضد الانقلابين، سواء كان عسكرياً أو بمساعدة إيكواس، أو حتى من خلال القيام بأعمال استخباراتية مثل دعم انقلاب مضاد، أو دعم حشود شعبية ومظاهرات عائمة في النيجر ضد الانقلابيين".

وأشار إلى أن الانقلابيين يعلمون أن "فرنسا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام دعوات طردها من أماكن نفوذها في القارة الإفريقية"، وكشف أن "السبب الثالث هو أن هذا التحشيد الشعبي والموقف العدائي تجاه فرنسا، أتى بإيعاز من دول كبرى تشجع قادة الانقلاب على الاستمرار في نهجهم".

ولفت اللواء عبد الواحد، إلى أن "هذه الدول ربما تكون روسيا، أو أمريكا، أو الاثنتين معاً، نظراً لأن المزاج العام للدولتين، أو مصالحهما في المنطقة قد تكون تقريباً حتى الآن مشتركة".

وقال: "واشنطن تستطيع التضحية بحليفتها في الناتو فرنسا، وطردها من أماكن نفوذها التي استمرت أكثر من قرن ونصف، أما بالنسبة لروسيا، فواشنطن تعتقد أن التواجد الروسي في إفريقيا مؤقت وسيزول بانهزام روسيا أمام أوكرانيا".

#النيجر.. تصعيد خطير أمام القاعدة العسكرية الفرنسية https://t.co/G3eSHaEGki

— 24.ae (@20fourMedia) September 2, 2023 سياسة فرنسية خاطئة

وحول ما إذا كانت فرنسا ستقدم على أي تدخل عسكري الفترة المقبلة، أوضح اللواء عبد الواحد، "نلاحظ أن استمرار فرنسا في عدم سحب السفير، وعدم مغادرة قواتها للنيجر، يبرهن على أنها كانت تستعد لشن عملية عسكرية بمساعدة إيكواس".

وأضاف أن "فرنسا الجريحة، أخطأت في حساباتها منذ البداية، وبالتالي فهي قادرة على اتخاذ قرار الآن"، مشيراً إلى أن "استمرار الحشود يوماً بعد يوم يزيد من حدة الكراهية لفرنسا، ويعمل على إحراجها إقليمياً ودولياً".

وأردف قائلاً: "من المفترض أن تنصاع فرنسا للمطالب الشعبية، لأنها ستزيد من إحراجها دولياً، نظراً للتركيز الإعلامي عليها، ما سيضعها في موقف حرج لأن شعوب القارة لا تريد المستعمر القديم".

لا مجازفة بين الطرفين

وعن السيناريوهات المرجحة، قال اللواء عبد الواحد: "من الصعب أن تتخذ النيجر موقفاً متشدداً، لأن الانقلابيين منذ اللحظات الأولى يتبنون موقفاً حضارياً يتحدث عن الديمقراطية والفترة الانتقالية".

وأضاف "المواقف تتحدث أيضاً عن الحفاظ على المصالح الغربية في النيجر، واستمرارهم في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة خاصة الهجرة غير الشرعية، وهذا الخطاب قد يكون جاذباً لدول عديدة وبالأخص إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية".

واختتم حديثه بالقول "الانقلابيون يريدون شرعية لتواجدهم، حتى وإن وافق المجتمع الدولي على الفترة الانتقالية، وبالتالي من الصعب أن نشهد تصعيداً عنيفاً تجاه القوات الفرنسية، لأن باريس ستجد في هذا ذريعة قوية لشن عمليات عسكرية انتقامية، سواء من الداخل أو عبر دول الجوار".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني النيجر فرنسا فی النیجر

إقرأ أيضاً:

مجزرة الـPagers أعادتنا إلى 4 آب...تضامن وقلوب مليانة

طلبات تأمين دم، سيارات إسعاف تجوب بيروت ولبنان، صراخ وهلع خوف، حوالي 3000 جريح وعدد من الضحايا. تعود بنا هذه المشهدية إلى الرابع من آب، حينما انفجرت العاصمة بأشنع الطرق وأكثرها دموية في تاريخ لبنان والعالم. إلا أن ما حصل بالأمس من خلال انفجار أجهزة الـPagers الصغيرة بحامليها، شكّل صفعة في وجه آخر ذرّة شبه استقرار وسط مخاوف من اندلاع الحرب. حينما وصف أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله الهاتف الخليوي بـ"العدو"، لم يكن على دراية بأن الضربة الكبرى ستأتي من الداخل "الآمن". فقد بدأت عناصر "الحزب" بحمل أجهزة الـPagers بعد اندلاع القتال العنيف مع إسرائيل قبل عام تقريبًا، لأن الحزب يعلم أن أجهزة الأمن الإسرائيلية قادرة على اختراق شبكات الهاتف.   عند حوالي الساعة 3:30 من بعد ظهر الثلاثاء، وبينما كان الناس يتسوقون لشراء البقالة، أو يجلسون في المقاهي أو يقودون السيارات والدراجات النارية، بدأت الأجهزة في أيديهم أو جيوبهم تسخن ثم تنفجر، مما أدى إلى مشاهد ملطخة بالدماء وإصابة المارة بالذعر، في تطور يعدّ الأخطر في تاريخ الخروقات الاستخبارية التقنية.   وعلى الرغم من أن لهذا الحدث الأمني الجلل خصوصيته مع تمحوره حول بيئة "الحزب" بشكل محدّد، إلا أن تضامناً واسعاً شهدته مواقع التواصل الإجتماعي من قبل أطياف اللبنانيين المتعددة، مع عدم خلوّ الأمر من مشاحنات وتعليقات مسيئة.   ولأننا في لبنان حيث "القلوب مليانة" بين المجموعات المتخاصمة،، طفت على سطح "مجزرة الـPagers" دعوات لعدم الشماتة والاتحاد في هذا الوضع الصعب والدمويّ، والتوجه إلى المستشفيات والمراكز كافة بهدف التبرع بالدم.    وعلى الرغم من دعوات التضافر التي عمّت وسائل الإعلام ومنصات مواقع التواصل الإجتماعي، إلا أن البعض اختار الشماتة بكل ما للكلمة من معنى ومن المعيب إعادة نشرها، من دون إعارة أي انتباه إلى أن أهمية الفصل،في هكذا وضع، بين الاختلافات السياسية والحاضنة الإنسانية.   فقد توجّه البعض نحو مقارنة ما حدث بالأمس بمأساة انفجار نيترات الأمونيوم في المرفأ في الرابع من آب، على نحو طائفي ومذهبيّ بغيض.   تمكّن إذاً هذا الإختراق من جذب اللبنانيين المختلفين على جنس الملائكة إلى دائرة الرعب، إلا أنه وكما في كل حادث مؤلم، يجمع عدداً من المؤيدين والمعارضين على أقل ما يمكن من التضامن إحتراماً للمصابين.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • 10 سنوات من الانقلاب.. الحوثيون يحتفلون في عز معاناة الشعب اليمني
  • دعوات لإخلاء برك المياه في خان يونس
  • مجزرة الـPagers أعادتنا إلى 4 آب...تضامن وقلوب مليانة
  • محافظ المنوفية يدشن فعاليات المشروع القومي للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الانسان " من أمام ديوان عام المحافظة
  • وزارة الزراعة الفرنسية تؤكد حظر شوكولاتة المرجان الجزائرية
  • مصادر أمنية لوكالة الصحافة الفرنسية: اشتباكات عنيفة قرب مطار بعاصمة مالي
  • برلماني يرفض دعوات لإلغاء التصويت الخاص بالأجهزة الأمنية: خلفه دوافع سياسية
  • غليان في تونس قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة.. الاحتجاجات تقلب الموازين
  • أي مشهد سياسي بتونس قبل أسابيع من الاقتراع الرئاسي؟
  • دعوات لمقاطعة الدخان أو الإقلاع عنه بعد ارتفاع سعره