رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن السويد والدنمارك تواجهان معضلة ناجمة عن حرق القرآن علنا: فإما أن تتمسكا بالتزامهما الطويل بما وصفته ب"حرية التعبير" أو أن تذعنا للتهديد الحقيقي بالانتقام العنيف.
وذكرت الصحيفة - في مقال افتتاحي عبر موقعها الإليكتروني اليوم الاثنين - أن السويد استجابت بالالتزام بمبادئها (على حد وصفها)- على الرغم من أنها قد تخسر الكثير إذا فعلت ذلك - على الرغم من أن الحكومة تقول إنها تدرس طرقا لمنع المزيد من عمليات الحرق.

في حين تحاول الدنمارك أن تسلك الاتجاه الآخر من خلال السعي إلى تشريع يحظر تدنيس القرآن والنصوص المقدسة الأخرى، بما في ذلك الكتاب المقدس والتوراة.

وقالت الصحيفة: لقد أُجبر كلا البلدين على الانحصار في زاوية لا تحسد عليهما بسبب حفنة نسبية من القوميين اليمينيين الذين تباهوا بتعصبهم المناهض للإسلام من خلال إشعال النار في القرآن. وقد أدانت السويد والدنمارك بحق أعمال التدمير هذه. ولكن لأنهما تسامحا مع هذه الأفعال تحت شعار ما وصفته بحرية التعبير، فقد تم إدانتهما في الدول الإسلامية. وتم استدعاء دبلوماسيين سويديين ودنماركيين بسبب توبيخ حكومات الدول الإسلامية.

وأضافت الصحيفة أن الخطر لا يقتصر على السمعة فحسب، ففي عام 2005، واجهت الدنمارك موجة من المظاهرات العنيفة بعد أن نشرت إحدى الصحف الدنماركية رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد (عليه السلام) أثارت غضب العديد من المسلمين، الذين اعتبروها تجديفا. وتم اقتحام سفارة السويد في بغداد وإضرام النيران فيها هذا الصيف، بعد أسابيع قليلة من قيام متظاهر في ستوكهولم بإحراق القرآن الكريم.

أما في حالة السويد، فإن حرق القرآن الكريم يعرض عضويتها المتأخرة بالفعل في حلف شمال الأطلسي (الناتو) للخطر وتعهدت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ذات الأغلبية المسلمة والتي منعت دخول السويد، باستخدام حق النقض (الفيتو). ومن ثم فإن المزيد من حرق القرآن الكريم في السويد ربما يعرض هذا الجدول الزمني للخطر.

وأشارت واشنطن بوست إلى أنه ليس هناك من خلاف حول الجريمة التي ينقلها التدمير المتعمد للنصوص المقدسة أو غيرها من رموز الانتماء الديني. ومثل حرق الأعلام الوطنية -المحظور في العديد من البلدان- لا يكون هذا في كثير من الأحيان احتجاجا فحسب، بل تحريضا أيضا.

وأكدت الصحيفة أن القرآن يحظى بتقدير كبير في الإسلام حتى أن المسلمين يقومون بأداء طقوس الوضوء قبل لمسه، خشية أن تتلوث صفحاته. ويعتبر الإضرار بها عمدا بمثابة التجديف، وهي جريمة قد تؤدي في بعض البلدان إلى عقوبة السجن لفترة طويلة، أو الجلد أو حتى الحكم بالإعدام، في المملكة العربية السعودية.

ومضت الصحيفة تقول إن السويد تتمسك بمعتقداتها بأعين مفتوحة على مصراعيها على التكلفة المحتملة التي تتكبدها. ففي أعقاب حرق القرآن الكريم مؤخرا، رفعت وكالتها الأمنية الرئيسية مستوى التهديد الإرهابي إلى مرتفع، وقال رئيس الوزراء أولف كريسترسون إن البلاد تواجه أخطر تهديد لها منذ الحرب العالمية الثانية.

من جانبها، تقترح الحكومة الدنماركية تجريم تدنيس الأماكن الدينية المقدسة من خلال قانون من شأنه، في حالة إقراره، فرض غرامات وعقوبات بالسجن لمدة تصل إلى عامين. 

وكان وزير العدل بيتر هوميلجارد على حق عندما قال: "هناك طرق أكثر تحضرا للتعبير عن وجهات نظر المرء من حرق الأشياء".

واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إن الدنمارك تضع نفسها على منحدر زلق، الأمر الذي يدعو إلى المزيد من المطالبة بالرقابة الذاتية.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدنمارك السويد حرق القرآن حرية التعبير القرآن الکریم حرق القرآن

إقرأ أيضاً:

100 يوم على حكم ترامب.. معضلة المجد الشخصي والواقع الدولي

واشنطن- كانت أول 100 يوم من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية بمثابة خروج حاد عن عقود من الإجماع على أسس ومبادئ السياسة الخارجية الأميركية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والتي لم يختلف حولها أي من 13 رئيسا تناوبوا الحكم في واشنطن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

لم يتوقع أحد أن يتعامل ترامب مع الشؤون والقضايا العالمية في فترة حكمه الثانية والأخيرة مثل أسلافه من الجمهوريين أو الديمقراطيين، ولا السرعة والحدة التي يتحرك بها لإعادة توجيه سياسة بلاده الخارجية بعيدا عن المسارات المستقرة منذ عقود طويلة.

وخلال الـ100 يوم، عكس ترامب طموحات واسعة، وتبنّى سياسات حاسمة أضاف إليها المزيد من الإثارة بتعبيره عن رغبته في توسيع بلاده لتشمل أراضي دول وأقاليم جديدة يهدف معها لتغيير خريطة الحدود الأميركية المستقرة منذ أمد بعيد.

نقاط أساسية

ودخل ترامب على خط أزمات دولية معقدة كحرب أوكرانيا والعدوان على غزة والملف النووي الإيراني، في الوقت الذي كرر فيه ودائرته من مستشاري السياسة الخارجية أن الصين هي القضية الأكثر تهديدا للهيمنة الأميركية.

ومن خلال تحليل مواقفه وتصريحاته على مدى الـ100 يوم الأولى، يمكن تلخيص سياساته الخارجية في 3 نقاط:

إعلان أولا: أميركا الضحية

وصل ترامب للبيت الأبيض متكأ على زعامة تيار أميركي شعبوي يميني جديد لم يعرف له التاريخ الأميركي مثيلا. وأطلق على هذا التيار اختصارا لفظ "ماغا" (لنجعل أميركا عظيمة مجددا) والذي وحد أفكار فئات مختلفة في توجهاتها وأهدافها، ومتناقضة في خلفياتها الاقتصادية والتعليمية.

وتفهم حركة ماغا أن التعاون الدولي التقليدي على أنه تهديد لحرياتهم الشخصية وسيادة دولهم، ويعارضون الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنظمة التجارة العالمية باعتبارها تنتهك سيادة ومصالح الولايات المتحدة. من جانبه لا يخفي ترامب استهتاره وسخريته من "النظام الدولي القائم على القواعد".

وفي خطاب تنصيبه يوم 20 يناير/كانون الثاني 2025، تحدث ترامب عن القومية الأميركية الجريحة والخيانة ورؤية أكثر راديكالية. وكرس جزءا من خطابه الافتتاحي لفكرة "المصير الواضح"، وأن "التوسع الأميركي هو حقنا الإلهي".

من الممكن أن يكون كل هذا الحديث الإمبريالي صخبا. ولكن من الممكن أيضا أن يشعر ترامب بالتحرر في ولايته الثانية لتغيير عقيدته "أميركا أولا" التي استفاد منها لتحقيق مكاسب سياسية لسنوات، وجعل توسع الولايات المتحدة عنصرا أساسيا في إرثه.

وهكذا يبدو أن ترامب يتبنى سياسة خارجية قومية يراها أكثر إنصافا للمصالح الأميركية المادية التي تجاهلتها الإدارات السابقة. ولا يريد أن تنفق واشنطن على تكلفة وجود قواعد عسكرية لحماية بعض الدول خاصة الغنية منها.

ولا يُنتظر أن تغير الإدارات القادمة في عصر ما بعد ترامب من هذا النهج الذي يلقى دعما من الجمهوريين والديمقراطيين. وربما تدشن قومية السياسات الخارجية في عهده مبدأ أو عقيدة سياسية جديدة ينتهجها حكام البيت الأبيض في المستقبل.

 

ثانيا: الرغبة في تحقيق إرث ومجد شخصي

يسعى ترامب لتحقيق إرث شخصي توسعي لبلاده والظفر بجائزة نوبل للسلام. من هنا استدعى عظمة أميركا والحاجة لاستعادة كرامتها، وربط ذلك صراحة بالعودة إلى التوسع الإقليمي. ولواشنطن تاريخها الطويل في ذلك.

إعلان

وفي خطاب تنصيبه، قال ترامب "ستعتبر الولايات المتحدة نفسها مرة أخرى أمة متنامية، دولة تزيد ثروتنا، وتوسع أراضينا، وتبني مدننا، وترفع سقف توقعاتنا، وتحمل علمنا إلى آفاق جديدة وجميلة".

وأعلن عن عدة خطوات توسعية بداية من شراء جزيرة غرينلاند من الدانمارك، مرورا بالسيطرة على قناة بنما، وصولا لضم كندا لتصبح الولاية الأميركية الـ51. وسبق وعرض كذلك فكرة امتلاك بلاده لقطاع غزة وتحويله لريفييرا الشرق الأوسط، إلا أنه تراجع لاحقا عن هذا الطرح.

كما تتجلى رغبة ترامب في نيل جائزة نوبل للسلام، ويمكن تفهم لهفته في التوصل لصفقة توقف القتال بين روسيا وأوكرانيا. وبمجرد وصوله البيت الأبيض، أوقف المساعدات العسكرية لكييف داعيا إلى "سلام تفاوضي" مع موسكو وانتقد الحرب باعتبارها استنزافا للموارد الأميركية.

وضغط على حلفاء الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعي أو المخاطرة بخفض التزام واشنطن الأمني تجاههم، في حين يستكشف "صفقة" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتجميد الصراع مقابل الحد من توسع الناتو.

كما يعمل فريق ترامب على التوصل لصفقة توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بصورة ترضي إسرائيل بالأساس، وأخيرا بدأ الدفع الجاد لحل أزمة البرنامج النووي الإيراني.

ويقول غريغوري كوجر، أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة ميامي بولاية فلوريدا للجزيرة نت، إن ما يكرره ترامب من رغبته في توسع بقعة الأراضي الأميركية يعكس هدفين مشتركين: الأول، طموح شعبوي لتوسيع حدود البلاد، والثاني شخصي لزيادة الأراضي الأميركية كجزء من إرثه الرئاسي.

الحرب التجارية بين الصين وأمريكا تصل إلى مستويات غير مسبوقة.. فما مسارات هذه الحرب بين البلدين؟⁣#الجزيرة_مسارات pic.twitter.com/vg7BZNdQCX

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) April 11, 2025

ثالثا: الصين أولا

يحرّك ترامب بصورة كبيرة إيمانه الصلب بخطر التهديدات الصينية كمصدر وحيد أمام الهيمنة الأميركية العالمية، ففكرة شراء غرينلاند والسيطرة على قناة بنما وضم كندا، كلها أفكار تنبع من زاوية مواجهة بكين المستقبلية.

إعلان

وفي الوقت الذي تنفق فيه الولايات المتحدة 3.4% من ناتجها المحلي الإجمالي على ميزانية الدفاع، أي نحو تريليون دولار، طالب ترامب بأن تزيد دول الناتو إنفاقها العسكري إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي حتى يتمكن البنتاغون من تركيز قوته العسكرية والاقتصادية على احتواء الصين والسيطرة عليها.

ولا يمكن فهم ما يقوم به تجاه فرض تعريفات على بكين إلا من زاوية المواجهة التي يراها حتمية معها، وأنها يجب ألا تكون عسكرية بالأساس.

قوض خطاب ترامب التوسعي الأمن القومي لبلاده من خلال إضعاف تحالفاتها الأمنية حول العالم خاصة مع دول أوروبا الغربية وجنوب وشرق آسيا. ويساهم في تشكيك الدول الحليفة لواشنطن في الاعتماد على دولة لا يستبعد رئيسها والقائد الأعلى لقواتها المسلحة استخدام القوة لغزو أراضي دولة حليفة عضو بحلف الناتو.

وذكر ستيفن سيستانوفيتش، المسؤول السابق بالخارجية والخبير في مجلس العلاقات الخارجية والأستاذ الفخري بجامعة كولومبيا، للجزيرة نت، أنه إذا تمسك ترامب بالادعاءات التوسعية "فستصبح حتما جزءا من أجندة الإدارة، لكن كبار مستشاريه بالسياسة الخارجية لا بد أن يفكروا في هذا على أنه جنون رئاسي مع فرصة محدودة للنجاح".

وتساءل "مع وجود تكاليف عالية، وعمليا لا يوجد مردود حقيقي، هل سيخبرون ترامب بما يفكرون به حقا؟ ربما لا. هل سيعملون بجد لتحقيق أهدافه؟ أيضا مشكوك في ذلك جدا".

ويرى بعض المعلقين أن ترامب يقول هذه الأشياء كتكتيك تفاوضي للاستفادة من التنازلات في ملفات مثل الصفقات التجارية ورفع الإنفاق الدفاعي للناتو والتشدد في مواجهة الصين. إلا أن رؤية دول العالم تختلف عما يراه ودائرة مستشاريه.

مقالات مشابهة

  • تكريم الفائزين في مسابقة حفظ القرآن الكريم بمدرسة جعلان الخاصة
  • بدء التقييم السنوي لمسابقة القرآن الكريم في الظاهرة
  • بمناسبة عيد العمال.. موقع شمسان بوست يحتفي بطاقمه
  • الفضالي يكرم الفائزين بمسابقة القرآن الكريم بجمعية الشبان العالمية بمطروح
  • ملك الدنمارك يزور غرينلاند... رد رمزي على أطماع ترامب في الجزيرة القطبية؟
  • انطلاق الامتحانات.. مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية يلتقي وزير التعليم العالي
  • واشنطن بوست: على أميركا التحرك لوقف الإبادة الجماعية في السودان
  • المفتي يحذر من تداول نسخة من القرآن الكريم
  • 100 يوم على حكم ترامب.. معضلة المجد الشخصي والواقع الدولي
  • صحيفة عبرية: واشنطن تواجه معضلة بشأن الحوثيين في اليمن.. بين التصعيد أو الانسحاب (ترجمة خاصة)