د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء

ارتبط إسم مدينة وجدة المغربية بالدور الكبير الذي قامت به من أجل تحرير الجزائر، حيث شكلت قاعدة خلفية للثورة الجزائرية، لأن المملكة المغربية دعمت المقاومة الجزائرية، وساهمت في تكوين نواة لحكومة حملت اسم «مجموعة وجدة»، وهي النواة الصلبة للحكم بعد استقلال الجزائر.

لقد تأسس جيش التحرير الوطني الجزائري بعد ستة أشهر من نيل المغرب استقلاله، وكانت مدينة وجدة القاعدة الخلفية لهذا الجيش إلى حدود نيل الجزائر لاستقلالها، ولعل قاعدة العربي بن مهيدي بحي كولوش، شمال شرق المدينة، شاهدة على ذلك.

دون أن ننسى أن معركة إيسلي، والتي دارت رحاها بوادي إيسلي بالقرب من مدينة وجدة المغربية في 14 غشت 1844بين جيش سلطان المغرب المولى عبد الرحمان بن هشام، بقيادة ابنه الأمير محمد والقوات الفرنسية القادمة من الجزائر بقيادة الماريشال طوماس روبير بيجو من جهة أخرى، الراغبة بوضع حد للدعم المتكرر للسلطان المغربي للمقاومة الجزائرية واحتضانه للأمير عبد القادر الذي وجد الملجأ الآمن بالمغرب والدعم من قبل سلطانه، حيث أثار ذلك فرنسا التي اتهمت المغرب بخرق معاهدة الصداقة الفرنسية المغربية، مما أدى إلى وقوع معركة إيسلي، والتي انتهت بانتصار الفرنسيين الذين فرضوا شروطا قاسية على المغرب، تمثلت بالتصديق على معاهدة طنجة المنبثقة من اتفاقية للامغنية الموقعة في عام 1845، والتي نصت أبرز شروطها على اقتطاع فرنسا لبعض الأراضي المغربية وإلحاقها بالجزائر، وفرض غرامة مالية على المغرب، وكانت هذه المعركة أولى بوادر التوغل الأوروبي وإعلان الحماية الفرنسية على المغرب سنة 1912.

إن التاريخ يسجل الدور الكبير الذي قامت به المملكة المغربية في سبيل نصرة أشقائنا بالجزائر رغم محاولات تزوير الحقائق من طرف إعلام العسكر الجزائري وتجاهل وتناسي الدور الفعال والمحوري لمدينة وجدة في نجاح الثورة الجزائرية.

واليوم، يكافئ جنرالات الجزائر، أبناء مدينة وجدة وهم مدنيون عزل، بالقتل الوحشي الرخيص، حيث تعرض خمسة شبان مغاربة لإطلاق الرصاص من طرف حرس الحدود الجزائري وقتل اثنين منهم بعد دخولهم المياه الجزائرية خطأ في المنطقة الفاصلة بين السعيدية ومرسى بن مهيدي، حين انطلقوا من الميناء الترفيهي للسعيدية في رحلة على متن دراجات «جيت سكي» نحو منطقة «رأس الماء» التابعة لإقليم الناظور، غير أنهم في طريق عودتهم نحو السعيدية ضلوا مسارهم وجرفتهم التيارات البحرية ودخلوا المياه الجزائرية عن طريق الخطأ، علما أن أفراد زورق تابع للبحرية الجزائرية أخذوا علما بدخول الشباب المغاربة المياه الجزائرية دون نية في ذلك، إلا أنه تم إطلاق الرصاص عليهم من طرف جنود جبناء.

وما دام الشيء بالشيء يذكر، نجد أن الكثير من السباحين الجزائريين يعبرون النقطة الفاصلة بين المغرب والجزائر دون أن يستهدفهم حرس الحدود المغربي بالرصاص.

إن هذا التصرف الوحشي والهمجي يعتبر جريمة دولية مكتملة الأركان، لأن رصاص الغدر أطلق دون أي إنذار بمكبر الصوت ولا حتى إطلاق رصاصات تحذيرية كما تقتضيه الأعراف الدولية في مثل هذه الحالات، ويعتبر انتهاكا شنيعا لاتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين، مما يعرض مقترفيه ورؤساءهم للعقاب والمحاسبة على الصعيد الدولي، لأنه تم خرق قواعد القانون الدولي الإنساني وبالأخص مبدأ الإنسانية ومبدأ التناسب ومبدأ الضرورة الحربية، وكذلك مبدأ التمييز ومبدأ الحماية.

وهذه الجريمة النكراء تستهدف الحق في الحياة، الذي هو أساس الحقوق كما هو مضمن في المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي جريمة ضد الإنسانية وقيم التسامح والجوار والتعايش السلمي، مما يفرض ضرورة محاسبة الجناة وفقا للقوانين الدولية لأن حرس الحدود انتهك كذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حيث أنه من الواجب عليه تقديم يد المساعدة في البحر كما هو منصوص عليه في المادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

رصاص الغدر الجزائري، يفرض على المجتمع الدولي إجراء تحقيق دولي مستقل حول ملابسات ما جرى وأن يحال المسؤولون عنه أمام القضاء الدولي. دم الشهداء يسائلنا جميعا…

المصدر: مراكش الان

إقرأ أيضاً:

ممثل الجزائر يفضح المغرب في الأمم المتحدة

قدم ممثل الجزائر في الأمم المتحدة، عمار بن جامع، مرافعة قوية ضد ممثل المغرب الذي لجأ للدفاع عن موقفه بالكذب والتضليل.

ودعم السفير بن جامع، كلامه، بتقديم حقائق تاريخية وقانونية لا يمكن دحضها بدحض الرواية المغربية حول الصحراء الغربية.

وفضح بن جامع محاولات المغرب لجعل قضية الصحراء الغربية مسألة ثنائية بين الجزائر والمغرب.

وأكد ذات المسؤول، أن الجزائر دافعت عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. بينما المغرب يروج لخطة الحكم الذاتي دون استشارة الشعب الصحراوي.

وأكد بن جامع، أن الجزائر تدعم استئناف المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو وتدعم جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن.

تدخل ممثل الجزائر أوقف انحراف ممثل المغرب الذي تجاوز قواعد المناقشة العامة بتوجيه كلامه إلى ممثل الجزائر مباشرة، بدلا من رئيس الجلسة.

وتساءل بن جامع عن سبب قبول المغرب تقسيم الصحراء الغربية مع موريتانيا اذا كان يدعي ملكيته لها. وعن سبب خوف المغرب من الاستفتاء الديمقراطي لتقرير المصير.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • بفضل جهود الاتحاد العام للمصريين .. مهمة قنصلية ناجحة في مدينة كالجاري بكندا .. صور
  • ممثل الجزائر يفضح المغرب في الأمم المتحدة
  • أبناء مدينة البيضاء ينظمون وقفة غضب تنديداً بجريمة اغتيال السيد حسن نصر الله
  • عمر هلال يفحم وزير الخارجية الجزائري بالأمم المتحدة: أنت كذاب و الصحراء المغربية انعتقت من الإستعمار منذ نصف قرن (فيديو)
  • خبراء أمميون يدعون لإلغاء الحكم بسجن الشاعرة الجزائرية جميلة بن طويس
  • بالفيديو.. العواملة يفضح كابرانات الجزائر ويكشف السبب الحقيقي الذي عجل بفرض الفيزا على المغاربة
  • رغم فرض السلطات الجزائرية للتأشيرة..المغرب يسلم الجزائر جثة توأم حاول الهجرة من الفنيدق
  • الدكتور سلطان القاسمي يكتب: مختارات من «جِرون نَامَه»
  • لورد بريطاني يستغرب فرض ضرائب على الطماطم المغربية
  • قلق في الأوساط المغربية بسبب توجيه أوروبي يهدد التحويلات المالية لمغاربة الخارج