فاينانشيال تايمز: انقلاب الجابون يمثل انتكاسة لاستراتيجية فرنسا في أفريقيا
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
صحيفة"فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر صباح اليوم الاثنين، أن الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس الجابون علي بونجو مؤخرًا مثّل في جوهره انتكاسة جديدة لاستراتيجية فرنسا في إفريقيا.
وذكرت الصحيفة في مستهل تقرير، نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أن بونجو أصبح رهن الإقامة الجبرية بعد الإطاحة به في انقلاب قضى على أحد حلفاء فرنسا القلائل المتبقين في المنطقة ووجه انتكاسة أخرى لجهود الرئيس الفرنس إيمانويل ماكرون لإعادة بناء علاقات بلاده مع مستعمراتها السابقة في إفريقيا.
وأشارت الصحيفة إلى آخر لقاء جمع بين ماكرون وبونجو في مارس الماضي خلال قمة مكافحة إزالة الغابات في ليبرفيل، حيث أشاد ماكرون بعلاقات فرنسا القوية مع الجابون ووصفها بـ "الديناميكية والإبداعية"، مستخدما لهجة دافئة بدت مختلفة عن مسار العلاقات المتوترة بين باريس والعديد من مستعمراتها السابقة.
وبعد مرور شهر واحد فقط على الانقلاب الذي أطاح بحليف آخر ل فرنسا في النيجر، هو الرئيس محمد بازوم، بدأت مناقشة ساخنة في باريس حول الأخطاء التي أُرتكبت وما ينبغي القيام به الآن، إن كان هناك أي شيء ينبغي القيام به.
وقال دومينيك دو فيليبان، رئيس الوزراء الفرنسي السابق، تعليقا على هذا الأمر: إن سلسلة الانقلابات في المستعمرات الفرنسية السابقة – منهم ثمانية جرت منذ عام 2020، بدءًا بمالي – قد شكلت تحديا خطيرا ل فرنسا على غرار الأزمة التي أثارتها حركة الاستقلال في غرب أفريقيا عام 1956.. وأضاف: "من الناحية الرمزية والسياسية، مثل هذا الوضع تراجعًا قويًا لفرنسا، وللأسف هناك خطر أن تتدهور الأمور.
وحذر مسئولون فرنسيون من المبالغة في تبسيط الأحداث في الجابون والنيجر، والتي لها أسباب مختلفة تماما، كما فعلت الانقلابات السابقة في مالي وبوركينا فاسو وتشاد وغينيا، وأشاروا أيضًا إلى أن ماكرون تبنى منذ انتخابه في عام 2017 نهجًا جديدًا "للشراكة بين أنداد" تجاه القارة وأعلن مرارًا وتكرارًا أن عصر فرنسا- إفريقيا قد انتهى منذ فترة طويلة.
ويشير المصطلح- حسبما أوضحت "فاينانشيال تايمز"- إلى النظام الذي ترسخ في الستينيات وشهد دعم باريس لزعماء مكروهين محليًا - مثل عمر والد علي بونجو، الذي حكم لأكثر من 40 عاما - مقابل قيامه بحماية الشركات الفرنسية والمصالح الاستراتيجية.
وأضافت الصحيفة في هذا الشأن أنه على الرغم من الرحلات التي قام بها ماكرون إلى الدول الإفريقية حتى الآن، والتي بلغ عددها 18 رحلة، إلا أن فرنسا ظلت في موقف دفاعي فيما يخص مجال نفوذها، حيث فقدت بشكل مطرد حصتها في السوق الاقتصادية وقوتها السياسية أمام منافسين جدد، بما في ذلك الصين وروسيا وتركيا.
كذلك أصبح وجود فرنسا العسكري المستمر في منطقة الساحل، وهي المنطقة الواقعة جنوب الصحراء حيث تدخلت القوات الفرنسية قبل عقد من الزمن لطرد المتمردين بناء على طلب الحكومة المالية، نقطة حرجة، وعلى الرغم من أن ماكرون أعلن نهاية عملية برخان لمكافحة التمرد في منطقة الساحل الأفريقي العام الماضي وبدأ سحب قواته، إلا أن فرنسا لا يزال لديها 2500 جندي في المنطقة، انخفاضًا من 5 ألاف جندي في عام 2020، فيما يعتبر العديد من السكان أن وجودهم أصبح غير مرحب به.. بحسب الصحيفة.
وأوضحت أن القواعد العسكرية الفرنسية في مالي وبوركينا فاسو أُغلقت بالفعل بعد الانقلابات التي وقعت هناك، ويُرجح أن تكون قاعدتها في النيجر هي التالية، بعد أن أمر المجلس العسكري الجديد الجنود البالغ عددهم 1500 جندي بالمغادرة في حين ترفض باريس حتى الآن ذلك، بحجة أنها لا تعترف بأي حكومة غير حكومة بازوم المنتخبة ديمقراطيًا، والتي لا تزال تحت الإقامة الجبرية.
من جانبه، اعترف أفولابي أديكاياوجا، المحلل في مركز الديمقراطية والتنمية البحثي في نيجيريا، بجهود ماكرون لإعادة ضبط العلاقة مع القارة، لكنه قال- في تصريح خاص للصحيفة- إن وصمة الاستعمار لا تزال تؤثر على كيفية النظر إلى فرنسا، خاصة من قبل جيل الشباب.. وأضاف:" أن هذا الأمر لا يساعد في جهود فرنسا لصقل وإقامة علاقة جديدة في وقت لا تزال فيه القروح القديمة مفتوحة" حسب قوله.
وأكد هوبير فيدرين، وزير الخارجية السابق وكبير مسئولي قصر الإليزيه في عهد الرئيس السابق فرانسوا ميتران، في مقابلة: أن فرنسا ارتكبت خطأ في العقد الماضي، وإن كان بحسن النية، من خلال السماح للجوانب العسكرية بالسيطرة على سياستها الخارجية في معظم أنحاء أفريقيا.. وأضاف:" إذا كانوا لا يريدوننا هناك، فلا يمكننا البقاء، وهذا كل شيء علينا أن نبدأ من الصفر، وأن نبني علاقة أكثر تنوعا تعتمد على النشاط الاقتصادي والتبادلات الثقافية والقوة الناعمة".
وكتبت مجموعة من نحو 100 مشرع فرنسي رسالة مفتوحة إلى ماكرون في أعقاب انقلاب النيجر، متسائلين: "ألم يحن الوقت لتجديد رؤيتنا ل إفريقيا وارتباطاتها ب فرنسا بشكل كامل؟! نحن لا نستسلم لاختفاءنا التدريجي من القارة، فيما دعا ماكرون أيضًا إلى مثل هذا المحور، لكنه واجه صعوبة في تحويل أحلامه إلى أفعال، وكان أحد الأمثلة على ذلك هو اقتراحه في عام 2019 بإعادة تسمية الفرنك الإفريقي وتخفيف الإشراف الفرنسي على اتحاد العملة الذي يقول النقاد إنه "بقايا استعمارية" تحافظ على هيمنة باريس والشركات الفرنسية لكن هذا المقترح لم يتحقق حتى الآن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فرنسا الجابون النيجر
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: مصانع صينية تأثرت بالحرب التجارية مع أميركا
بدأت مصانع في الصين إبطاء إنتاجها وتسريح بعض عمالها مؤقتا، بعد أن أدت الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تراجع الطلب على منتجات متنوعة، من الملابس إلى الأجهزة المنزلية، حسبما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز.
ومع فرض رسوم جمركية أميركية على معظم السلع الصينية بنسبة 145% على الأقل، أفاد بعض أصحاب المصانع بأن العملاء الأميركيين ألغوا أو علقوا طلباتهم، مما دفعهم إلى خفض الإنتاج.
واتجهت نحو 15% من إجمالي الصادرات الصينية العام الماضي إلى الولايات المتحدة.
وفي مقابلات مع فايننشال تايمز وعبر عشرات المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، شارك العمال صورا لخطوط إنتاج هادئة أو إشعارات بتعليق العمل في المصانع، مما يُسلط الضوء على تأثير الرسوم الجمركية.
تعليق الإنتاجوقال العمال إن الحرب التجارية أدت إلى تعليق الإنتاج لمدة أسبوع أو أكثر في المصانع التي تُنتج عناصر متنوعة، من نعال الأحذية إلى سراويل الجينز، والمواقد المحمولة.
وقال بعض أصحاب المصانع إنهم يُقلصون ساعات العمل الإضافية أو ساعات العمل في عطلات نهاية الأسبوع.
من جهتها، قالت وانغ شين، رئيسة جمعية شنتشن للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، وهي مجموعة صناعية تمثل أكثر من ألفي تاجر صيني، إن عديدا منهم كانوا "قلقين للغاية"، وطلبوا من المصانع والموردين وقف أو تأخير عمليات التسليم.
إعلانوأضافت أن هذا دفع بعض المصانع إلى تعليق الإنتاج لمدة أسبوع أو أسبوعين.
في حين قال 3 من مسؤولي التوظيف في مصانع قوانغدونغ الذين يعملون مع المصنعين إن مزيدا من المصانع قلصت ساعات العمل الإضافية وعطلات نهاية الأسبوع، مضيفين أن المصانع الأكثر اعتمادا على الطلبات الأميركية فقط هي التي أوقفت العمل في المصنع بأكمله.
وقالت عاملة في مصنع بلاستيك (28 عاما) بمقاطعة فوجيان -طلبت عدم الكشف عن هويتها- إن "طلبات التصدير لدينا اختفت، لذا توقفنا مؤقتا".
ومنح المسؤولون التنفيذيون في شركة دي هونغ للمنتجات الكهربائية في دونغقوان بمقاطعة قوانغدونغ العمال إجازة لمدة شهر واحد بالحد الأدنى للأجور، وقالوا إن المصنع يتعرض "لضغط كبير على المدى القريب" بعد أن أوقف العملاء الطلبات.
وذكرت دي هونغ -في إشعار اطلعت عليه صحيفة فايننشال تايمز- أن "الإدارة تعمل جاهدة لإيجاد حلول، بما في ذلك التوسع في أسواق جديدة وتحسين هياكل التكاليف، حتى نتمكن من استئناف عملياتنا الاعتيادية في أقرب وقت ممكن".
ونقلت الصحيفة عن رجل يبلغ من العمر 26 عاما في تشجيانغ قوله إن مصنع الألعاب الذي كان يعمل فيه كان يبيع معظم منتجاته للولايات المتحدة، مما أجبر الإدارة على منح العمال إجازة لمدة أسبوعين تقريبا.
وأضاف -طالبا عدم الكشف عن هويته- أن "الأمر ليس سهلا في الوقت الحالي".
إعادة هيكلةوقال هان دونغ فانغ، مؤسس "نشرة العمل الصينية"، التي تتابع عن كثب قطاع التصنيع والعمالة في الصين، إنه من غير الواضح مدى انتشار عمليات تعليق العمل في المصانع، وأضاف: "ستكون إعادة هيكلة قطاع التصنيع في الصين عملية طويلة الأمد، وستتم التضحية بالعمال".
كما توظف سلسلة توريد الإلكترونيات في الصين عشرات الآلاف من الأشخاص، وقد أعفت واشنطن الهواتف الذكية وبعض الأجهزة الإلكترونية الأخرى من الرسوم الجمركية الأكثر صرامة.
إعلانوتطلق شركات التكنولوجيا الكبرى والمدن ذات التجمعات الكبيرة من المصدرين، مثل شنتشن ودونغقوان، برامج دعم تهدف إلى "استقرار التجارة الخارجية". وكشفت شنتشن الأسبوع الماضي عن دعم للشركات للمشاركة في معارض التجارة الخارجية، وقالت إنها ستوسع نطاق تأمين الصادرات للمساعدة في تغطية الطلبات الأميركية الملغاة، من بين سياسات أخرى.
صرح مدير في شركة نينغبو تايون إلكتريك أن الشركة أوقفت الإنتاج في 12 أبريل/نيسان، لكنها استأنفت منذ ذلك الحين إنتاجها المخفّض من كوّاية فرد الشعر الكهربائية وكوّاية التجعيد، وأضاف المدير، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "لا تزال لدينا بعض الطلبات من أوروبا، ونسعى للحصول على مزيد. نأمل أن تُغيّر الولايات المتحدة سياساتها".
وردّت الصين، التي سجّلت فائضا تجاريا قياسيا يقارب تريليون دولار العام الماضي، على رسوم واشنطن الجمركية بفرض ضريبة إضافية بنسبة 125% على الواردات من الولايات المتحدة، وبينما صرّح ترامب مرارا برغبته في التحدث مع الرئيس الصيني شي جين بينغ لحل الخلافات التجارية، يبدو أن بكين لا تتعجل في طلب مكالمة هاتفية بين الزعيمين.