صحيفة أثير:
2025-02-22@23:01:17 GMT

د. سعيد السيابي يكتب: الجبان يموت مرتين

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

د. سعيد السيابي يكتب: الجبان يموت مرتين

أثير – د. سعيد السيابي، كاتب وباحث أكاديمي في جامعة السلطان قابوس

الجبان من الصفات التي نبذتها كل الكتابات الأدبية وفي مقدمتها المسرح، فقد وردت في النصوص والعروض المسرحية كصفة لشخصيات تتصف بهذا السلوك في الحوارات الدائرة بينها، وكاسم ولقب حمل صاحبه هذا الاسم طوال المسرحية، وهناك عبارات مسرحية عديدة لكتاب مسرحيين كبار أمثال الكاتب المسرحي البريطاني وليم شكسبير يقول فيها: “إن الجبان يموت آلاف المرات، ولكن الشجاع لا يذوق الموت الا مرة واحدة”.

الجبان كما هو متعارف عليه حظي بتقديمه على خشبات المسرح وزادت النصوص المسرحية بتحليل الجوانب الدافعة لهذا السلوك ومبرراته كما حدث في مسرحية (الجبان) للكاتب المسرحي هنري رينيه لينورماند (من مواليد 1882 وتوفي في عام 1951 في باريس) ، وهو كاتب مسرحي فرنسي، يُعد من أهم الكتاب المسرحيين المهتمين بالدوافع اللاواعية التي ازدهرت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية. وقد تلقى لينورماند تعليمه في جامعة باريس وقضى معظم حياته في الكتابة للمسرح الباريسي، وكان مؤلفًا لعدد من المسرحيات التراجيدية التي تستكشف الصراعات العاطفية الداخلية ومآسي مصائر الإنسان ونهايته كموته بالمرض أو الخوف أو الانتحار.

يركز الكاتب الفرنسي على تشريحه لشخصية الإنسان وعلى الغرائز والدوافع اللاواعية، والتي غالبًا ما تكون ذات طابع سلبي تقوده لاتخاذ قرارات خاطئة، فهو يعمل في نصوصه على إظهار الجوانب المختلفة والمتناقضة لشخصياته، وتقديم صراعاتهم الداخلية، وهي نماذج مسرحية ما تزال موجودة بيننا لأن القضايا التي تدور حولها ذات موضوعات إنسانية مطلقة كالحقد والكره والخيانة وعدم الصدق.

تدور أحداث مسرحية ( الجبان) في مصحة استشفاء تقع في مرتفعات سويسرا، ثم في مونترو التي تقع في مقاطعة فيفي في كانتون فود بغرب سويسرا؛ يقدم الكاتب المسرحي فيها نماذج مختلفة من المرضى من جنسيات وديانات ومعتقدات متعددة، بما فيها الشاب “الجبان” بطل المسرحية. للهروب من التجنيد الإجباري بسبب شخصيته المهزوزة وركوبه موجة السلامة بأن يكون ضحية لجبنه، فقد تظاهر بأنه مريض بالسل كي يهرب من التدريب العسكري.

استخدام المراوغة والتظاهر قاده لدخول المصحة ليخضع للعلاج، وهناك وجد نفسه في شرك أكبر من المواجهة ليكون تحت تأثير الخوف والهلع اللذين يستوليان عليه، مما يجعله لقمة سائغة بيد الأشخاص المرضى الحقيقيين فيتورط رغمًا عنه في أعمال الجاسوسية، ونقل المعلومات والفتن بين بعضهم البعض، لكنه يفشل في الخروج من هذه الدائرة التي أدخل نفسه فيها مما جعله يكون شريكا أمام الجميع والمتسبب في أعمال سيئة كان يعتقد بالتظاهر والخوف بأنه يحمي نفسه، فأوقعها في شر أعمالها وانتهى الأمر بتصفيته جسديًّا، ليكون عقابه من جنس عمله، وينطبق عليه المثل العربي “جنت على نفسها براقش”. وصدق الشاعر أحمد شوقي حين قال: وما في الشجاعة حتف الشجاع ولا مد عمر الجبان الجبن.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

الصقور تعبر الحدود مرتين في دوري نجوم العراق

الصقور تعبر الحدود مرتين في دوري نجوم العراق

مقالات مشابهة

  • ما الحالات التي يباح فيها الفطر في رمضان؟ .. مفتي الجمهورية السابق يجيب
  • «علكة صالح».. مسرحية تقرأ تعدد الرأي وبساطة الحل
  • قاتل الهواتف الذكية إيه آي بن يموت قبل أن يكمل عامه الأول
  • العرض المسرحي «جسم وأسنان وشعر مستعار» يمثل مصر بالهند
  • محافظ أسيوط يشهد العرض المسرحي "حازم حاسم جداً" على مسرح قصر ثقافة أسيوط
  • الصقور تعبر الحدود مرتين في دوري نجوم العراق
  • الكاتب عبد الرحيم كمال بعد انتدابه رئيسا للرقابة: ربنا يعيننا على المسؤولية
  • يوفنتوس: كولو مواني سعيد جدًا معنا وسنحاول الإبقاء عليه
  • وزير الثقافة يُقرر انتداب الكاتب عبد الرحيم كمال مساعدًا لشئون رئاسة الرقابة على المصنفات
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي