3 سنوات على اتفاقيات إبراهيم.. ماذا تحقق من أهداف التطبيع؟
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
بعد ثلاث سنوات من تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، عبر "اتفاقيات إبراهيم"، لم يتم حقق أي من أهداف هذا التطبيع، إذ لا يمكن إحلال السلام من دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع العربي الإسرائيلي، وفقا لدانا الكرد، وهي زميلة غير مقيمة في "المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW).
وبوساطة الولايات المتحدة، وقَّعت إسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان في عام 2020 "اتفاقيات إبراهيم" لتطبيع العلاقات، بينما لا تزال تل أبيب تحتل أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.
دانا تابعت، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "نظرا للتأثيرات المحلية والإقليمية، فمن الصعب أن نرى كيف يمكن لاتفاقيات إبراهيم وتوسيعها أن تحقق السلام أو الاستقرار، حتى على المدى القصير".
واعتبرت أن "الاجتماع الأخير بين وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش يعد مثالا واضحا على ذلك؛ فما كان من المفترض أن تكون محادثات تحت الطاولة بشأن التطبيع أدىت إلى احتجاجات في جميع أنحاء ليبيا بمجرد أن كشفه عنها الإسرائيليون، وقد أجبر الغضب الشعبي الحكومة الليبية على اتهام المنقوش بالخيانة العظمى".
وحذرت من أن "ديناميكيات القمع الداخلي في الدول العربية تخلق علاقات غير مستقرة بين الدولة والمجتمع، ما ينذر بردود فعل إضافية في المستقبل. وحقيقة أن هذه الديناميكيات الاستبدادية مرتبطة بأفكار "التسامح" واندماج إسرائيل في العالم العربي ستكون كارثية بالنسبة للرأي العام، مما يجعل السلام المستدام في المنطقة أقل احتمالا".
و"يتطلب السلام المستدام معالجة الأسباب الجذرية للصراع، والتي تتمثل في التهجير والقمع (الإسرائيلي) المستمر للفلسطينيين، وضم إسرائيل لأراضٍ من الدول العربية المجاورة لها"، بحسب دانا.
وشددت على أن "محاولات التهرب من هذه القضايا والسعي إلى تحقيق "السلام" بالاسم فقط ستؤدي بدلا من ذلك إلى توسيع السيطرة الاستبدادية وزيادة القمع والدعاية التي تولد الاستياء ورد الفعل العنيف".
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي ترفض حتى الآن إقامة دولة فلسطينية مستقلة والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
اقرأ أيضاً في ذكراه الثالثة.. 3 تحديات تهدد التطبيع بين إسرائيل والبحرين
أهداف التطبيع
ومن الواضح أن التطبيع العربي الإسرائيلي لم يحقق أهدافه، ومنها السلام والاستقرار بين الدول الموقعة على "اتفاقيات إبراهيم"، وعزل التهديدات الإقليمية والتقليل من التدخل الإيراني والروسي والصيني، كما تابعت دانا.
وأضافت أن "هذا التطبيع العربي الإسرائيلي لا يمكن اعتباره سلاما، بل ينبغي أن يُفهم على أنه إدارة استبدادية للصراع، وقد غيرت تلك الاتفاقيات مشهد المنطقة، ويؤدي إتباع مثل هذه السياسة إلى مستقبل غير مستدام".
وأردفت أن "اتفاقيات إبراهيم سهّلت قدرا أكبر أكبر من التنسيق الأمني بين الدول الموقعة عليها، وفي أحيان كثيرة، كان هذا بمثابة تعبير ملطف لزيادة التنسيق حول القمع، فمثلا وسعت الإمارات نطاق تعاملها مع الشركات الإسرائيلية المتخصصة في التقنيات القمعية".
"يمكن للأنظمة العربية قمع أي بقايا معارضة متبقية في المنطقة، ويمكن لإسرائيل تسهيل الاستثمار في صناعات هذه الدول الدفاعية والأمن السيبراني مقابل المساعدة في تقليص المساحات التي تنتقد دورها في المنطقة وقمعها المستمر للفلسطينيين"، كما أضافت دانا.
واستدركت: "لكن التطبيع مع إسرائيل ليس هو المحرك الوحيد لهذه الاتجاهات، ففي أعقاب الربيع العربي، ضبطت الأنظمة العربية جهودها للسيطرة على الفكر الحر والمعارضة وقمعهما، فمثلا كثف مجلس وزراء الداخلية العرب جهوده لتسليم المعارضين وتسهيل القمع العابر للحدود".
ومضت قائلة: "مع ذلك، فإن التطبيع العربي الإسرائيلي يؤدي إلى تفاقم هذه الديناميكيات (القمعية) وزيادة قدرات هذه الأنظمة من خلال تنويع مصادر دعمها (...) ولا شك أن استقرار هذه الأنظمة (العربية الحاكمة) يشكل في نظر شريحة كبيرة من المؤسسة الأمريكية هدفا رئيسيا يتفوق على اعتبارات المساءلة الديمقراطية أو حقوق الإنسان".
اقرأ أيضاً
واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟
مجرد خيال
و"غالبا ما تتم صياغة الحجة الداعمة للتطبيع العربي الإسرائيلي من حيث "استقرار" المنطقة وتسهيل التنمية الاقتصادية لتعويض المصادر الأخرى للتدخل الدولي، وخاصة من قِبل روسيا والصين وإيران، لكن هذا مجرد خيال يباع لأولئك الذين لا يدركون الحقائق الإقليمية"، وفقا لدانا.
وقالت إنه "على الرغم مثلا من تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، واصلت الحكومة الإماراتية توسيع علاقاتها مع إيران، حيث استقبلت وزير الخارجية الإيراني مؤخرا لبحث تعميق العلاقات بين البلدين".
وتابعت: "وبالمثل، أعادت السعودية فتح سفارتها في طهران (بعد قطيعة استمرت 7 سنوات) واستضافت محادثات مماثلة مع كبار المسؤولين الإيرانيين، كما وسعت دول الخليج (العربية) علاقاتها مع الصين".
ولفتت إلى أن "الإمارات أعلنت عن أول مناوراتها المشتركة مع الجيش الصيني في أغسطس/آب الماضي، فيما استضافت السعودية أول قمة بين الصين والدول العربية في ديسمبر/كانون الأول الماضي".
و"أخيرا، بدأت المنطقة برمتها في إعادة تأسيس العلاقات مع نظام (بشار) الأسد في سوريا، وتطبيع تدخل روسيا ودورها في الشرق الأوسط في المستقبل المنظور، ورفضت إسرائيل نفسها تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا (في مواجهة حرب روسية)، والتزمت الصمت إلى حد كبير في مواجهة العدوان الروسي، على الرغم من حث الولايات المتحدة لها على القيام بخلاف ذلك"، كما أردفت دانا.
اقرأ أيضاً
صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين
المصدر | دانا الكرد/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل اتفاقيات إبراهيم الإمارات البحرين سلام فلسطين العربی الإسرائیلی اتفاقیات إبراهیم
إقرأ أيضاً:
دراسة علمية: إسرائيل تسعى لتعميق التجزئة والتنازع في فلسطين والعالم العربي
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: "تناقضات نظرية التجزؤ الهرمي في السياسة الإسرائيلية الإقليمية"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي. وتسعى الدراسة إلى توضيح الاحتمالات المستقبلية لإعادة إحياء "إسرائيل" لمشاريعها القديمة في إثارة الانقسام والتفتيت الاجتماعي، وتعميق الهويات والولاءات الفرعية على حساب الانتماء الوطني والهويات العليا، كما تبحث في تداعيات ذلك كلّه على الحقوق الفلسطينية، وتعرض جملة آليات مقترحة للمواجهة.
وتقوم الفكرة المركزية لنظرية "التجزؤ الهرمي" على مسألة التنازع داخل المجتمع حول أولوية الولاء للأسرة أو العشيرة إلى القبيلة فالقومية فالدين…إلخ، ويشكّل ذلك التنازع مدخلاً للاستثمار السياسي من قبل الدول الأخرى.
وتبحث الدراسة في مستوى وأبعاد التجزؤ الهرمي بين الإقليم العربي، وبقية الأقاليم الجيوسياسية في العالم، وتعرض للسجل التاريخي للتغلغل الإسرائيلي في بنية الأقليات في الدول العربية وآليات التسلّل الإسرائيلي داخل الهويات الفرعية. كما تكشف السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الهويات الفرعية في الوطن العربي، وتوظيفها في علاقتها بالأقليات في الوطن العربي. ولاحظت الدراسة سعي "إسرائيل" الحثيث لتعميق الهوية الدينية اليهودية الجامعة للمجتمع الصهيوني، وحلّ أي تناقضات فرعية داخلية، في الوقت الذي تقوم بعكس هذا العمل تماماً في تعاملها مع البيئة الفلسطينية والعربية.
وخلصت الدراسة إلى أن أي إحياء لأيّ هوية فرعية في المجتمع الفلسطيني الحالي هو إسهام واضح في المشروع الإسرائيلي لتمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني، والذي يشكّل الأساس للمقاومة بكافة أشكالها. ورأى الباحث أن التجزؤ سواءً أكان على أساس مناطقي أم عرقي أم طائفي أم ديني أم قبلي أم عشائري يخدم استراتيجية "إسرائيل" السياسية بشكل كبير.
وأشارت الورقة إلى أن خصوصية الوضع الفلسطيني تقتضي إيلاء الاهتمام اللازم بأدبيات الهوية الوطنية في المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج، ودعت الورقة الجامعات ومراكز الأبحاث والتنظيمات الفلسطينية وهيئات المجتمع المدني إلى تكثيف الدراسات العلمية ومضامين الخطاب السياسي الفلسطيني باتجاه الولاء العام للهوية الفلسطينية. كما دعت التنظيمات الفلسطينية إلى التفكير في كيفية نقل الممارسات السياسية الإسرائيلية تجاه المجتمع الفلسطيني لممارستها تجاه الهويات الفرعية الإسرائيلية وتوظيفها في خلخلة البنية الاجتماعية الإسرائيلية.
وأوصى الدكتور وليد عبد الحي بالاهتمام بتعميق ومأسسة التواصل بين التنظيمات الفلسطينية وفلسطينيي الشتات، وتشجيع الفلسطينيين في المهجر على إنشاء هيئات مجتمع مدني مرتبطة في أهدافها بالحفاظ على الشخصية الفلسطينية، عبر أدوات التربية والتعليم والرموز الاجتماعية المختلفة.