لماذا نقيس قدرة السيارات بقوة الحصان رغم تطور العلم والفيزياء.. إليك التفاصيل
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
السومرية نيوز – منوعات
بالرغم من تطور العلوم والفيزياء، ما تزال تُعد قوة الحصان مقياسًا معيارياً عند الحديث عن قوة محرك سيارة ما، والمصطلح شائع جدًا لدرجة أنه من السهل نسيان أن أصله يعود إلى ما قبل ظهور المركبات.
وصاغ مصطلح "قوة الحصان" المهندس الاسكتلندي، جيمس واط (الذي يحمل الاسم نفسه أيضًا للوحدة واط).
وعاش واط من عام 1736 إلى عام 1819، لذا فإن عمله في القدرة الحصانية يسبق بدايات السيارات في أواخر القرن التاسع عشر، على الرغم من تطبيق نفس الصيغة لقياس إمكانات عمل محركات السيارات وجميع أنواع الآلات.
بالمقابل، أشارت تقارير أخرى إلى أن ارتباط الحصان بتحديد قوة المركبات سبق اقتراح واط، وطُرح من قِبل المخترع البريطاني "توماس سافيري"، الذي أشار إلى هذا المصطلح في رسالة خاصة يعود تاريخها إلى عام 1702م، أي قبل اختراع المحرك البخاري بأعوام.
كيف ارتبطت قوة الحصان بالمركبات والسيارات؟
السبب في قياس قوة محركات السيارات بالحصان هو أن المحركات تم اختراعها، جزئيًا، للقيام بالعمل الذي اعتادت الخيول القيام به، وليس لأننا نحتاج إلى معرفة مقدار الفحم الذي يمكن لسيارة أن تُحرّك خلال فترة زمنية معينة. تُعد القدرة بالحصان مفيدة لأنها وحدة قياس متسقة، لكن تقييم القدرة الحصانية لا يخبرنا بكل ما نحتاج إلى معرفته عن أداء المحرك أو السيارة، إنه يعطينا فكرة فقط عن كيفية مقارنة قوة هذه السيارة بقوة السيارات الأخرى.
بشكلٍ عام، كلما زادت قوة السيارة الحصانية، كان تسارعها أفضل، وهو عامل قوي في أدائها العام. لهذا السبب يتحدث مسوّقو السيارات كثيرًا عن تقييمات قوة الحصان للموديلات عالية الأداء أو الأفضل في فئتها.
وتقاس قدرة المحركات بالقدرة الحصانية الميكانيكية، مثل محركات السيارات والطائرات والسفن والقطارات وغيرها من المحركات، هنا يجب الإنتباه إلى نقطة في غاية الأهمية تتعلق بالمسألة، وهي أن المقارنة تتم بين القدرة وليس بين القوة، فما يتبادر للأذهان عندما يقال أن سيارة ما محركها بقدرة 300 حصان مثلاً هو أن قوة محركها يعادل قوة 300 حصان وهذا خطأ. فقوة ثلاثمئة حصان تستطيع سحق السيارة ومحركها وتحطيمها.
معدل كتلة الحصان الواحد هو 300 كيلوغرام، وتصل سرعته القصوى إلى 88 كيلومتراً في الساعة بأقصى قدرة له، لكن هذه لا تمثل قدرة الحصان، حيث لا يستطيع الحصان أن يداوم على هذه السرعة في الجري إلا فترة زمنية قصيرة عند الشعور بالخطر والهرب من الحيوانات المفترسة أو عند الإجهاد الأقصى تحت تأثير الشخص الذي يمتطيه أو يسيره، وبعدها يحتاج للتوقف والراحة وإلا سيموت، وكونه كائنا حياً فإنه يحتاج للراحة وفترة وقوف لتناول الطعام وشرب الماء وفترة نوم، وعند الحاجة لعمله بشكل مستمر طوال فترة العمل التي يتحملها في اليوم يجب أن يعمل في حالة الجر العادية دون إجهاد بقدرة يستطيع الإستمرار عليها فترة طويلة، ثم تحسب تلك القدرة لليوم كله عند مقارنة قدرة المحركات بقدرة الحصان، لأن المحركات لا تتعب ويمكنها العمل باستمرار ليلاً ونهاراً دون توقف.
إذاً تحسب متوسط قدرة الحصان في حالة الجر العادية فقط وهو يسير دون إجهاد خلال ساعات العمل وتوزع على كامل اليوم، كما في جر عربة أو رفع الماء من البئر أو إدارة عجلة طاحونة، وقد وضع معادل لقدرة الحصان في تلك الحالة قيمته 76.04 كيلوغرام متر في الثانية ما يعادل 745.69987 واط، أي أن الحصان يستطيع نظرياً تقديم هذه القدرة طوال اليوم، ويمكنه تقديم ضعفها خلال نصف يوم، وأربعة أضعافها خلال ربع يوم وهكذا…
بالعودة إلى مثال محرك السيارة ذي الثلاثمئة قدرة حصانية، فإن قدرته تعادل قدرة ثلاثمئة حصان يعملون في تلك الشروط المفروضة، ومن الطبيعي أنه لو تم ربط السيارة من جهة وثلاثمة حصان من جهة أخرى بطرفي حبل متين فإن الأحصنة ستتغلب على السيارة وتجرها خلفها بكل سهولة، بل حتى أن عشرين حصاناً يكفي للمهمة، ويمكن لقوة ثلاثمئة حصان أن تتغلب على قوة جر محرك قطار، لكن العبرة هنا في المداومة على نفس العمل وتقديم نفس القدرة طوال الوقت، على هذا فإن قدرة السيارة تعادل قدرة ثلاثمئة حصان يعملون بقدرة تمكنهم المداومة عليها طوال الوقت ولا يمارسون غير قوة عادية غير متعبة لهم.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
أسئلة حقيقية ومغالطات
الذين يفْرطون في الامتثال للفقاعة “الإسرائيلية” الكبرى، ويرونها مطلقة القدرة وصنو القدر، وغير المقتنعين بموتها يوم السابع من أكتوبر، سؤالٌ واحدّ قد يجردهم من سيوف أوهامهم الوقحة، وهو كم من الأيام تستطيع “إسرائيل” الصمود والبقاء دون الدعم الأمريكي والغربي؟ دون جسور الإمداد اليومية العسكرية والسياسية والمالية والقانونية.
وإذا كان هذا السؤال افتراضيًا، وقد يُعتبر مخرجًا ملائمًا للمتهربين من وقائع الأشياء وحقائق الأمور، هناك الكثير من الأسئلة الواقعية والحاضرة، ولا تزال الوقائع ماثلة أمامنا جميعًا، ومن أمثلة تلك الأسئلة، هل مطلق القدرة المنتصر متى أراد، يقوم بإقالة كل أركان حربه، وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية؟ بل إنّ هذا يدخل في قاعدة “الهزيمة يتيمة وللنصر ألف أب”، وهؤلاء المقيلون والمقالون كلهم أيتامها.
وكذلك من أمثلة تلك الأسئلة، هل استطاع هذا الكيان مطلق القدرة إخضاع حركة حماس وفصائل غزة؟ وإجبارهم على التنازل والاستسلام، رغم بشاعة جرائمه ورغم ترسانته العسكرية التي لا تنضب، مقابل مجتمعٍ أعزل إلّا من بعض فصائل تمتلك ما تيسّر من أسلحةٍ تكاد تكون أسلحةً فردية، وهل استطاع تحرير أسراه بالقوة العسكرية؟ وهل استطاع تدمير الأنفاق؟ وهل تحققت له أهدافه المعلنة من الحرب؟
وأسئلة أخرى عن مطلق القدرة صنو القدر، هل استطاع إعادة كل مستوطنيه إلى الشمال؟ رغم أنّ الحرب في لبنان توقفت، والتزم حزب الله باتفاق وقف النار والقرار الأممي 1701، فلا زالت نسبة عودة المستوطنين في حدودها الدنيا، وهل استطاع إقناع مستوطنيه بأنّ الجيش قادر على حمايتهم؟ والإجابة ما زالت بالنفي.
وأسئلة أخرى كذلك، من قبيل هل استطاع الكيان المؤقت إعادة تشغيل ميناء “إيلات”؟ بل هل استطاعت البحرية الأمريكية فتح طرق الملاحة أمام السفن “الإسرائيلية”؟ وهل استطاعت أمريكا أصلًا تأمين سفنها الحربية والمدنية في البحر الأحمر؟ وهل سيستطيعون ذلك مستقبلًا؟
ولكن، هناك نوعٌ من الأسئلة يثير قريحة أولئك الموحدين بألوهية صنو القدر، وتداعب مشاعرهم الجياشة تجاه أربابهم، من أمثلة هل دمرت “إسرائيل” غزة واغتالت كل قادة حماس عسكريًا وسياسيًا في الداخل والخارج؟ هل استطاعت تدمير جنوب لبنان واغتيال قادة الصف الأول لحزب الله؟ هل توغلت في الأراضي السورية واحتلت واعتقلت وقتلت؟ وهل تدمر في اليمن؟ أوليس قلب أمريكا في “إسرائيل” وعقل “إسرائيل” في البيت الأبيض؟
أولم يطبّع العرب جميعًا، منهم سرًا ومنهم المجاهر؟ ألا ترى أنّ العالم مجتمعًا يحابي “إسرائيل” ويعاملها باعتبارها فوق المساءلة، وأنّ القانون الدولي والمؤسسات الدولية في خدمتها، كأنّها أُسست لها حصرًا ولحمايتها؟
هناك أسئلة حقيقية، وإجاباتها حقيقة ماثلة، وهناك أسئلة هي مجرد مغالطات منطقية، لإثارة الشبهات والتشويش على الحقائق والوقائع، وتنطلق من تجييش العواطف واللعب على غريزة الخوف، وتستخدم الإيحاءات للتأثير في الوعي الجمعي، وإجباره على التخلي عن حريته وقيمته.
وبالعودة للسؤال الافتراضي الأول، إنّ “إسرائيل” ماتت يوم السابع من أكتوبر، بدليل أنّها لا تستطيع الصمود أيامًا معدودة بعيدًا عن أجهزة التنفس الأمريكية، وبالتالي فهذه حربٌ أمريكية من ألفها إلى يائها، وعليه فإنّ هذه الحرب لن تنتهي قريبًا، وهي جولةٌ في صراعٍ ممتد مع الهيمنة الأمريكية، وهذا الصراع ليس بلا أثمان، ولكن الأثمان الثقيلة دول، إلّا لمن أراد أن يدفعها وحده فيستسلم.