لقد قدر الله سبحانه وتعالى الأرزاق ، فلا تموت نفس حتى تستوفي رزقها ، فكل مخلوق سيصل إليه رزقه ، يقول تعالى:"وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم" ، ويقول تعالى:"وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين" ، وعن أبي الدرداء قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله".
ولقد جعل الله للرزق أسباب حسية مادية كالعمل بإتقان والاجتهاد ، فمن أخذ بها مؤمن أو كافر وفقه الله. أن العمل هو أساس الحياة وأساس تقدمها لذلك حث عليه الإسلام واهتم به كثيرا ، يقول تعالى:"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين" ، كما حذر من الكسل والتواكل وسؤال الناس والبطالة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأن يأخذ أحدكم حبلا فيأخذ حزمة من حطب فيكف الله به وجهه خير من أن يسأل الناس أعطى أو منع" ، وقال صلى الله عليه وسلم:"من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو يستكثر" ، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتى يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم".
ولقد فضل الإسلام المعطى على الآخذ ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول". والعمل يعد عبادة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى بنية كف احتياجاته واحتياجات من يعول ، ويفضل العمل على النوافل من العبادات ، فالعمل واجب وإذا تعارض الواجب مع النافلة قدم الواجب ، فهناك ضوابط للنوافل بأن لا يكون فى فعلها تفويت لمصلحة أو تحقق لمفسدة ولابد من متابعة المستجدات فى حياتنا ومواكبتها لكي لا نتأخر عن العالم من حولنا.
ولقد أمرنا الإسلام بالعمل يقول تعالى:"هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" ، ونظر الإسلام للعاملين نظرة تقدير ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له" ، ويقول صلى الله عليه وسلم:"اللهم بارك لأمتى فى بكورها". والكسب الحلال يؤدي إلى إستقامة الحياة ، والعمل قد يكون بدنيا أو ذهنيا ، المهم أن يراد من ورائه هدف مشروع ولا يكون للتسلية. إذا فليس العابد المنقطع للعبادة خيرا من العامل ، وليس المؤمن الخامل أفضل من الكافر العامل فكلا حسابه واجره على الله ، أما فى مجال العمل فهناك تساوي فى الفرص إذا أخذت بالأسباب ، ولا شك أنه ليس هناك أفضل من المؤمن العابد العامل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العمل في الإسلام الارزاق الاجتهاد رسول الله صلى الله علیه وسلم یقول تعالى
إقرأ أيضاً:
الوقف.. «الصدقة الجارية»
حثّ الإسلام على الصدقة، والصدقة الجارية، ووعد بالمثوبة لفاعلها، واستمرار الأجر له بعد رحيله عن الدنيا، وإن الوقف يُعد من الصدقات الجارية، فأصله ثابت، وعطاؤه مستمر لا ينقطع، ويقصد به التقرب إلى الله تعالى، ذلك أن الوقف تبرع دائم بعقار أو مال، والتنازل عن ملكيته لله تعالى، فلا يجوز بيع العين الموقوفة ولا هبتها ولا التصرف بها، بل يحبس أصلها وينفق من ريعها وعائداتها في المصارف الشرعية التي حددها الواقف.
يسهم الوقف في أعمال البر والخير والإحسان، وخدمة المجتمع وتنميته، كالوقف لبناء المساجد وصيانتها والعناية بها، ووقف الأيتام والفقراء، ورعاية المرضى، وطلبة العلم، وكبار السن، وأصحاب الهمم، والحفاظ على البيئة، والرفق بالحيوان، ونحو ذلك من وجوه الخير والإحسان.
ولبيان الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة، يقول الله - عز وجل- في محكم تنزيله: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْر وَأَعْظَمَ أَجْراً)، «سورة المزمل: الآية 20»، وقال الله سبحانه وتعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، «سورة آل عمران: الآية 92». وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»، (صحيح مسلم 1631).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن سعد بن عبادة رضي الله عنه توفيت أمه وهو غائب عنها، فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: «نعم»، قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها، «صحيح البخاري 2756».
ويحظى الوقف داخل دولة الإمارات العربية المتحدة باهتمام بالغ من القيادة الرشيدة، وتحرص الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف دائماً على إحياء سنة الوقف والدعوة له وتنميته، والتبصير بأهدافه وفق أساليب معاصرة تتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى تقوية ينابيع الخير في النفوس، وتجسيد مبادئ التكافل الاجتماعي، ويفتح آفاقاً تنموية للعمل الخيري بما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمع.
ونحن مدعوون للمساهمة في إحياء سنة الوقف لنحقق التعاون على البر الذي أمرنا الله تعالى به، فقال عز من قائل: (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ...)، «سورة المائدة: الآية 2»، ولنحرص أشد الحرص على المشاركة في تنمية الوقف الخيري لنحقق قول الله تعالى: (... وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة الحج: الآية 77». ومما سبق يتبين لنا أن الوقف من أعمال البر التي حثّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من الصدقات الجارية أصلها ثابت، وثوابها دائم لا ينقطع، فهي تنفع الإنسان في حياته وبعد مماته، كما أن أعمال البر تتفاضل بحسب حاجة الناس وعموم النفع، حيث يتميز الوقف بأنه يحافظ على أصل المال وينميه، ويرسخ قيم الإسلام ومبادئه في التصدق والبر والإحسان.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى المبادرة بالإنفاق وعدم التسويف، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رَسولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قال: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ».
وحثّ الإسلام على الإنفاق وجعل ثوابه عظيماً، ووعد الله من تصدق وأنفق بالخلف والعوض، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا».