نيويورك تايمز: هذا هو الإرث الحقيقي لبريغوجين
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
أثار مقتل رئيس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، تكهنات شديدة حول مستقبل أخطر جيش خاص في العالم.. في الواقع، قد لا يغير رحيله الكثير حسب الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الأمريكية شون ماكفيت.
قد يستبدل بوتين المقاول العام لديه ولكن ليس قوات فاغنر
يمكن لملازم آخر في فاغنر أن يملأ فراغ القيادة بسهولة، وفق ما يكتبه ماكفيت في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
بعد التمرد الفاشل الذي قام به بريغوجين في يونيو (حزيران)، أجبر الرئيس فلاديمير بوتين العديد من مرتزقة فاغنر على تسليم أسلحتهم للجيش الروسي، محققاً لجنرالاته رغبتهم.. لكن أفضل مقاتلي فاغنر موجودون في إفريقيا.
مدرة للأرباحظهرت تقارير يوم، الخميس الماضي، تفيد أن الحكومة الروسية تتحرك الآن للسيطرة على عمليات المشروع الذي بناه بريغوجين هناك، باعتباره رائد أعمال النزاعات.. فاغنر هي ببساطة مربحة للغاية بالنسبة إلى بوتين كي يحلها بالكامل، وقد كان نموذج الأعمال الذي أنشأه بريغوجين مع قوة فاغنر ناجحاً جداً، إلى درجة أنه أصبح مخططاً نموذجياً يتبعه الطامحون كي يكون أمراء مرتزقة.
My take on Prigozhin. The real threat is his business model that can/will be imitated by others in the scramble for rare earth minerals. It breeds mercenaries and war. https://t.co/hTa6Y8STAB
— Sean McFate (@seanmcfate) September 3, 2023في السنوات العشر الماضية، انتشرت مجموعات المرتزقة في جميع أنحاء العالم، وأصبحت أكثر جرأة مع انتهاء العقود العسكرية في العراق وأفغانستان، وتوسع قاعدة عارضي خدماتهم القتالية وتآكل المعايير التي تحرم استخدام القوات الخاصة.. ويُعتقد أن المرتزقة أدوا أدواراً رئيسية في اغتيال رئيس هايتي جوفينيل مويز سنة 2021، واشتبكوا علناً مع القوات الأمريكية في سوريا.
ما شاهده الكاتب مباشرةعندما عمل الكاتب في شمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى كمقاول عسكري بين سنتي 2003 و2013، كان جزءاً من سوق القوة الصلبة وغير المشروعة كما كتب.. كان النظام البيئي يحتوي على جميع المكونات الضرورية، من جواسيس خاصين ومساعدين وأسلحة للإيجار ومجموعات مضايقة على الإنترنت.. رأى الكاتب كيف يمكن لهذه الشبكة الفضفاضة أن تزدهر بشكل جماعي لتلبية الطلب.
حدث ذلك سنة 2015 عندما أفادت تقارير بأن نيجيريا استأجرت مرتزقة من جنوب إفريقيا والجمهوريات السوفياتية السابقة لمحاربة بوكو حرام، وقد حدث ذلك أيضاً أثناء الانقلاب الفاشل الذي قام به المرتزقة في غينيا الاستوائية سنة 2004، وألقى ماكفيت نظرة مباشرة على الكيفية التي قد يتمكن بها نموذج مثل نموذج بريغوجين من زعزعة استقرار بعض الأماكن الأكثر ضعفاً على وجه الأرض.
كان هذا النموذج يعمل بشكل مربح منذ سنة 2014، ويبدو أن بريغوجين كان يراقب بانتهازية أسواق النزاعات.. أي مكان غني بالموارد الطبيعية والخصومات السياسية، ومظالم ما بعد الاستعمار ومفتقر لسيادة القانون كان ناضجاً للاستغلال، ومثّل إرسال نحو 50 ألف من مرتزقة فاغنر إلى أوكرانيا مجرد جزء واحد من مشروع أكبر.
خطواته المحتملةبمباركة من بوتين، كان بريغوجين يقترب من العميل المحتمل الذي عادة ما يكون رئيس دولة أو مجموعة من الانقلابيين، ثم يقترح صفقة.. سيحميهم من الانقلابات باستخدام عضلات فاغنر وينشئ وحدة عسكرية نخبوية لخدمتهم، وسيستخدم ذراعاً أخرى من إمبراطوريته التجارية، وهو مصنع للمضايقين يسمى وكالة أبحاث الإنترنت، لتشويه المعارضة المحلية والترويج للعميل ومواصلة استغلال المظالم ضد الغرب.. في المقابل، من المحتمل جداً أنه كان يطلب أمرين: أولاً، كان على النظام أن يتخلى عن الغرب ويدعم مصالح روسيا.. ثانياً، كان عليه أن يمنح روسيا إمكانية الوصول إلى الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز الطبيعي والذهب.
يبدو أن هذا النظام ساعد في جعل بريغوجين رجلاً ثرياً للغاية، حيث جمع نحو 250 مليون دولار من استخراج الموارد الطبيعية منذ سنة 2018، ووفر لبوتين إمكانية التنصل المعقول في حين سعت روسيا إلى تأسيس نفوذها في البلدان الغنية بالموارد، وتمويل الحرب في أوكرانيا.
نجاح جذاب.. وخطيرإن النجاح الصارخ الذي حققه نموذج بريغوجين والفظائع التي خلفتها فاغنر لها آثار مثيرة للقلق، في عصر أصبحت المعادن والعناصر الأرضية النادرة حاسمة في تصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية ومنتجات الطاقة المتجددة، وأجهزة تقنيات الدفاع الوطني مثل الحوسبة الكمية.. وتقع بعض أكبر الاحتياطات التي لم تُمسّ في العالم تحت مناطق الصراع الخطيرة في وسط إفريقيا وجنوب آسيا.. لا تستطيع شركات التعدين التقليدية العمل هناك بسهولة، لكن العقبات أقل بالنسبة إلى المرتزقة الذين يمكنهم الاستيلاء على منطقة بالقوة، والدفاع عنها ضد المسلحين والدولة والمنافسين وتوفير الأمن لتهريب الخام.
إذا استطاع رواد أعمال النزاعات الاستيلاء على إقطاعية من العناصر الأرضية النادرة والرواسب في منطقة الكونغو أو أفغانستان، التي من المحتمل أن تحتوي على أكبر رواسب الليثيوم في العالم، فقد يتمكنون من السيطرة على نقطة اختناق إستراتيجية في سلسلة التوريد العالمية.. وسوف تكون لديهم القدرة على تحريك الأسواق وابتزاز الدول وتشكيل الجغرافيا السياسية، كما فعلت شركة الهند الشرقية البريطانية شبه المرتزقة ذات يوم.
يمكن لشركات الأمن الخاصة الأخرى دخول مجال الموارد هذا إذا كانت قادرة على التوسع، وهناك بالفعل ما لا يقل عن ست شركات من هذا القبيل، بما فيها شركات روسية وفرنسية ونيجيرية، تعمل في جميع أنحاء إفريقيا أو لديها القدرة على القيام بذلك.
وفي أفغانستان، اقترح مؤسس شركة بلاك ووتر، إريك برينس، ذات مرة تسليم أمن البلاد بالكامل إلى المرتزقة، ودفع ثمن ذلك عن طريق استخراج الرواسب المعدنية والعناصر النادرة من المنطقة.
الإرث الحقيقيقد لا تكون تلك الشركات مجموعات مرتزقة بشكل صارم، ولكن مع استمرار ازدهار الحاجة إلى هذه المعادن وزيادة احتمالية الخطر في عملية استخراجها، يتوقع الكاتب اهتماماً أكبر من قبل لاعبين مسلحين خاصين يقودهم أحد رواد أعمال النزاعات.
Russian Chanel’s publish claims of Pregozhin’s businesses now owned by his family. No way to verify this information, it is an interesting read though.
????????????⚰️ Prigozhin's legacy: before his death, the "cook"'s relatives and friends began to rewrite his assets and hide… pic.twitter.com/4RRJdGRCNX
يبدو أن هذا كان نموذج بريغوجين.. قد يستبدل بوتين المقاول العام لديه ولكن ليس قوات فاغنر، واقع أن الرئيس الروسي يبدو مستمراً في التسامح مع المرتزقة واستخدامهم، على الرغم من مسيرتهم المهينة والمزعزعة للاستقرار في موسكو، هو شهادة على الإرث الحقيقي لبريغوجين.. لكن الأكثر إثارة للقلق، حسب الكاتب، هم المقلدون الذين قد يتمسكون بهذا النموذج، وإن عالماً مليئاً بالمرتزقة يولد المزيد من الحروب والمعاناة الإنسانية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني تمرد فاغنر يفغيني بريغوجين
إقرأ أيضاً:
المرتزقة وتحالف العدوان دمروا كل شيء في اليمن، حفاظا عليه من الحوثيين
الشيخ وضاح بن مسعود
في واحدة من أكثر المفارقات الساخرة في التاريخ الحديث، يدّعي تحالف العدوان الذي تقوده أمريكا وإسرائيل وبدعم ومشاركة سعودية إماراتية أنه جاء لـ “إنقاذ” اليمن من الحوثيين، بينما الواقع يشهد أن هذا التحالف دمّر كل شيء في البلاد، من البنية التحتية إلى الإنسان نفسه، تحت ذريعة الحفاظ على اليمن!
الدمار باسم الحماية!
منذ مارس 2015، شنت قوات التحالف مئات الآلاف من الغارات الجوية على اليمن، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين، بينهم نساء وأطفال لم تفرق الطائرات بين مدرسة ومستشفى وأسواق عامة، بل استهدفت كل شيء حي، بحجة أن الحوثيين قد “يستغلون” هذه المرافق! وهكذا، دمّروا اليمن لـ”إنقاذه”!
المدارس التي قُصفت؟ دمروها كي لا “يُستخدمها الحوثيون”
المستشفيات التي أُبيدت؟ دمروها لـ”حماية الشعب” من الميليشيات!
الجسور والطرقات التي سُوّيت بالأرض؟ دمروها لمنع الحوثيين من التحرك!
حتى المزارع ومصادر المياه لم تسلم، لأن الحوثيين قد “يشربون منها”!
اما خلال العدوان الأمريكي الصهيوني المباشر على اليمن نلاحظ انه عقب كل جريمة ترتكبها الغارات العدوانية الأمريكية على الموانئ والأحياء السكنية ومنازل المواطنين والأسواق العامة والمرافق الصحية والخدمية ويسقط على اثرها عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين يتسابق العملاء والأبواق الناعقة المشردين في فنادق المنفى للتبرير وخلق الأكاذيب وتضليل الرأي العام عن حقيقة الإجرام والمجازر التي ترتكبها أمريكا بحق الشعب اليمني متجردين من كل معاني الإنسانية والأخلاقية.
وبعد كل هذا الدمار، يصرخون: “نحن هنا لإنقاذ اليمن!”قادمون يا صنعاء
باعوا السيادة للغزاة بحجة الحفاظ على الاستقلال!
الأكثر سخرية هو أن من يدعون “الشرعية” سلموا اليمن لقوات الاحتلال الأجنبي، بدعوى الحفاظ على استقلاله! فالقواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية والإماراتية انتشرت في عدن وسقطرى والمهرة، وباتت السيادة اليمنية مجرد وهم
الاحتلال السعودي-الإماراتي للجنوب ليس تحريراً، بل استبدالاً لسلطة محلية باحتلال أجنبي فبدلاً من أن يحاربوا من أجل يمن موحد مستقل ذات سيادة فضّلوا تسليم الأرض للغزاة، مقابل حفنة دولارات ومناصب وهمية يتحكم بهم أصغر ضابط أمريكي او سعودي
سلموا الأرض للاحتلال لـ”تحريرها” من أبنائها!
أي عقل يقبل أن يكون التحرير بتسليم الأرض للمحتل؟ أي منطق يجعل من القوات الأجنبية “منقذة” بينما هي تحتل الأرض وتنهب ثرواتها؟ لقد حوّلوا الجنوب إلى ساحة للصراع بين مرتزقة الإمارات والسعودية، وأشعلوا حروباً بين اليمنيين أنفسهم، كل ذلك تحت شعار “مواجهة الحوثيين”!
مرتزقة اليمن أسوأ عملاء التاريخ
لم يشهد التاريخ الحديث عمالة أكثر وقاحة من أولئك الذين باعوا بلادهم للأجنبي ثم زعموا أنهم “منقذون” لم يكتفوا بتدمير اليمن، بل أضافوا إهانة جديدة عندما قدموا أنفسهم كأبطال، بينما هم مجرد أدوات في يد أسيادهم
اليمن سيبقى، وسيتجاوز هذه المرحلة الدموية، لكن تاريخ العمالة سيلاحق كل من خان وباع شعبه ووطنه بأسم “الإنقاذ” فالشعوب لا تنسى، والتاريخ لا يرحم.