موقع 24:
2025-03-12@09:33:45 GMT

رجل روسيا القوي وسباق الأحلاف

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

رجل روسيا القوي وسباق الأحلاف

عندما سئل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في غير مناسبة، عن الحدث التاريخي الذي شهدته بلاده، وكان يود الحيلولة دون وقوعه، كان رده الفوري "انهيار الاتحاد السوفييتي".. عموماً، ما زال الرجل يطوي بين جوارحه، أحانين قوية للحقبة السوفييتية، حتى إن ذكرها لا يأتي على لسانه، إلا مصحوباً بتعبيرات الأسى والحسرة.

سعت موسكو ما أمكنها إلى معالجة نقيصة افتقارها لأطر التحالفات القوية

في الزمن السوفييتي، كان بوتين مجرد ضابط في سلك المخابرات "كي جي بي"، ولو استمر ذلك الزمن، فلربما تقلب صاحبنا بين المناصب، داخل هذا السلك أو خارجه، إلى أن بلغ أجله بهدوء، من دون أن يعرف الكثيرون عنه شيئاً.

فقط بعد اختفاء التجربة السوفييتية، وما تأتى عنه من توابع وتحولات داخلية وخارجية مزلزلة، لمع اسم بوتين، وصعد نجمه في مختلف الآفاق.. هذا يعني أن انحيازه لتلك التجربة، لا يصدر عن أهواء أو عواطف ذاتية بحتة.. بل يمثل ترجمة لرؤية إستراتيجية واسعة المدى لحال دولته ومآلها، مفادها طبقاً لتصريحاته وأقاويله، أن زوال ذلك العهد هو "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين".. فقد تم تدمير التوازن الدولي، وأعلن الغرب عالماً أحادي القطب، وراح يطور سيناريوهات لتأجيج الصراعات في أكثر من مكان، بما في ذلك الجمهوريات التي خرجت من العباءة السوفييتية، ويسعى لتنفيذ سياسة الإملاءات في جميع المجالات.. وهو يعتقد أن ما يحدث بين روسيا وأوكرانيا، يجسد أحد تجليات هذه السياسة.

أغلب الظن أن استشعار بوتين وفريقه القيادي لهوان موسكو وتراجع مكانتها الدولية، الأمنية العسكرية بخاصة، بعيد العهد السوفييتي، قد زاد أضعافاً بفعل ديمومة حلف "الناتو"، بل وتوسعه وتمدده شرقاً، حتى بات يشكل تهديداً عضوياً على التخوم الروسية.. ذلك مقابل الافتقاد لكتلة مضادة بعد زوال حلف "وارسو"، الذي مارس دوره في معادلة توازن القوى بين المعسكرين الشرقي والغربي، بين عامي 1955 و1991.

ولنا أن نتصور حجم الغضب وأحاسيس الخطر التي كانت، ولعلها ما زالت، تتأجج في موسكو، كلما رأت الكثير من شركائها السابقين في وارسو وبعض الدول المحايدة، وهم يلتحقون تباعاً بالمعسكر المضاد.

تأسيساً على هذا التقدير، والهواجس الموصولة به، سعت موسكو ما أمكنها إلى معالجة نقيصة افتقارها لأطر التحالفات القوية.. أطلت محاولة الاستدراك هذه قبيل زعامة بوتين، ثم تأكدت أكثر بعد صعوده إلى قمة السلطة. وكانت البداية مع تأسيس ما عرف بمعاهدة الأمن الجماعي، التي تم توقيعها في طشقند عام 1992، وضمت بعض الجمهوريات التي انبثقت عن تفكك الاتحاد السوفييتي.

موضوعياً، لا يعد هذا التحالف بالقوة ولا بالصلابة التي عرفت عن حلف "وارسو".. ظهر هذا التفاوت واضحاً لدى اندلاع اشتباكات مسلحة على خلفية خصومات وتباينات عرقية بين القرغيز والأوزبك، وكذا بين الأرمن والكازاخ.. فمع أن هؤلاء جميعاً شركاء في المعاهدة، إلا أن موسكو لم تتمكن من احتواء احتكاكاتهم واصطكاكاتهم البينية الخشنة، بالحسم الذي غلف سلوكها في حقبة وارسو.

من الواضح أيضاً أن بوتين، بمرجعيته الاستخبارية وتصرفاته الواقعية، يدرك تأثير مرور كثير من المياه في نهر العلاقات الدولية بين زمني معاهدتي وارسو وطشقند، وما يعنيه ذلك بالنسبة لمستوى السيطرة الروسية على الحلفاء.. فهو يطمع في تكرار نموذج وارسو في مواجهة "الناتو"، حين كان لموسكو كلمة لا ترد، لكنه يعمل على ذلك بروية وتؤدة لا تزعج الشركاء.. نفهم ذلك من دعوته لهم (موسكو - 16/5/2022) بالتصدي لتوسع "الناتو"، وتثنية حليفه الصدوق الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو على هذه الدعوة بالقول "لا ينبغي أن تواجه روسيا وحدها توسع الناتو، ومن دون حشد سريع لمنظمة الأمن الجماعي في جبهة موحدة، سوف تتضرر كل بلدانها".

تقديرنا أن بوتين ومحازبيه في روسيا ومحيطيها الإقليمي والدولي، يعلمون أن أشواقهم وطموحاتهم لإعادة إحياء القطبية الثنائية، أو تدشين التعددية القطبية في السياق العالمي، لن تتحقق باستخدام وسائل وآليات زمن الحرب الباردة الأولى وحدها.

ونحسب أن هذه القناعة هي التي تحفز الرئيس الروسي على بناء أنماط من التحالفات الناعمة شكلاً، لكنها بالغة التأثير موضوعاً، ومنها بلا حصر العلاقات الإستراتيجية المتميزة في كل المجالات، ربما باستثناء الجوانب العسكرية الصارخة، مع القطب الصيني، والحرص على تعزيز صيغة "بريكس"، التي قد تفعل فعلها في إفشال سياسات العزل والمقاطعة الغربية، القائمة أو المحتملة ضد روسيا والصين بالذات، وكسر هيمنة الغرب على الاقتصاد العالمي، وربما هزيمته بالنقاط.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

ترامب: زيلينسكي مرحب به في البيت الأبيض وسأتحدث مع بوتين

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء أنه سيتحدث على الأرجح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع بعدما أيدت أوكرانيا مقترحا أميركيا لوقف إطلاق النار وإجراء محادثات مع روسيا لإنهاء الحرب.

وأشار ترامب إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيكون موضع ترحيب في البيت الأبيض، على الرغم من مشادة كلامية حادة بينهما في 28 فبراير.

وتحدث ترامب أمام البيت الأبيض، وإلى جانبه ملياردير التكنولوجيا إيلون ماسك، معربا عن أمله في أن يوافق بوتين على الاتفاق.

وقال ترامب للصحفيين: "كما يقولون، لا بد من طرفين للرقص، أليس كذلك؟".

وأضاف: "نأمل أن يوافق (بوتين) أيضا، وأعتقد حقا أن ذلك سيشكل 75 بالمئة من الطريق نحو الحل".

وأوضح أن الخطوة التالية تتمثل في "توثيق الاتفاق والتفاوض على مواقع الأراضي" لكنه لم يخض في مزيد من التفاصيل.

وردا على سؤال طرحه عليه صحافي حول ما إذا كان سيستقبل زيلينسكي مجددا في البيت الأبيض، أجاب ترامب "بالتأكيد".

وحول احتمالات التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار في أوكرانيا، قال ترامب "آمل أن يحصل ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة".

وأضاف "أعلم أن لدينا اجتماعا كبيرا مع روسيا غدا" معربا عن أمله بأن تكون المحادثات مثمرة.

وجاءت تصريحات ترامب بعد أن اختتم مسؤولون أميركيون وأوكرانيون محادثات مطوّلة في السعودية وافقت فيها واشنطن على استئناف تبادل المعلومات الاستخبارية مع كييف، كما أيدت خلالها أوكرانيا مقترحا أميركيا بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما.

وأعلنت روسيا الثلاثاء أنها لا تستبعد التواصل مع الولايات المتحدة في "الأيام القليلة المقبلة".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا لوكالات أنباء روسية رسمية "لا نستبعد التواصل مع ممثلين للولايات المتحدة في الأيام القليلة المقبلة".

مقالات مشابهة

  • الزعاق عن أجواء العيد: البرد القوي راح وباقي منه قبلات شتوية.. فيديو
  • بعد محادثات المملكة.. ترامب يتحدث إلى بوتين ويرحب بلقاء زيلينسكي
  • ترامب يكشف عن محادثة مرتقبة مع بوتين قد تسرّع في وقف إطلاق النار بأوكرانيا
  • ترامب: زيلينسكي مرحب به في البيت الأبيض وسأتحدث مع بوتين
  • البعثة الأممية: القوي أكد لـ”تيته” استعداد القضاة لدعم الانتخابات
  • الكرملين: تم إبلاغ بوتين بالهجوم الأوكراني على موسكو
  • مبعوث ترامب يخطط لإجراء محادثات مع بوتين في روسيا
  • إعلام أمريكي: ويتكوف يخطط لزيارة موسكو للقاء بوتين
  • “أليك” تحقّق نمو سنوي بنسبة 29% تزامناً مع توسعها الاستراتيجي في السعودية والأداء القوي لشركاتها التابعة
  • لا يحترمني؟ .. ترامب يهاجم صحافيًا بسبب بوتين