شبكة انباء العراق:
2024-11-22@01:23:27 GMT

انشطار الوعي على جدران العقد الاجتماعي.

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

بقلم: د. مظهر محمد صالح ..

ا- تمهيد :
خاطرتان في الاجتماع السياسي تستحق قدرا عاليا من التامل في مصنع الشرق الفكري وثقافته و تلامسان بدون شك قضية تطور الوعي و حالة الدراية للمرء في اوطاننا بمحيطه السياسي والاستجابة له.
فاذا كان الوعي هو المسرح الداخلي او نظام المراقبة التنفيذية عبر العقل ، فان التساؤل مازال يدور حول تشظي الوعي ولاسيما في عالمنا المشرقي والدخول بانقسام الوعي و انشطاره جراء تعاقب الأزمات (التلقائية والمفتعلة) والتشتت الجمعي نحو اللاوعي في مجتمعات مأزومة crises societies وبشكل مستمر ،حتى بات انقسام الوعي واستقطاباته يصنف ضمن (ثقافة الانغلاق) .


وتاسيساً على ذلك فثمة اجابتين بشان تشظي الوعي و ثقافة الانغلاق :
فالاجابة الاولى : جاءت من موقف فكري مدهش يستحق الاهتمام ، حيث اثار المفكر السياسي حسين العادلي في واحده من اهم مفارقاته التي يعيشها الشرق السياسي وهو في معترك ما يتعرض اليه العقد الاجتماعي من تفاقم ظاهرة انقسام ثقافة الوعي وانغلاقها خشية بلوغ حالة من اللاوعي الجمعي ،منوها بالقول : الحَاكِم لدَينا نِصف “إِلَه”، والمَحكوم عِندنا نِصف “إِلَه”!!
الحَاكِم يُنصِّب نَفسه مقياساً للحَق، والمَحكوم يُنصِّب نَفسه مقياساً للحقيقة.
والطَّامَة عِندما يجتمع النِّصفان: حَاكِم مسكُون بوَهم الحَق، ومَحكوم مسكُون بوَهم الحَقيقة.
هُنا يكتَمِل “إِلَه” الخَراب، وتضِيع مفاتيح الحلول، فلا حَاكِم رَاشٍد ولا مَحكوم مسترشِد.
اما الاجابة الثانية : فقد اثارها المفكر السياسي ابراهيم العبادي وهو يحاكي ظاهرة تزاحم 281 حزبًا سياسياً تحضيرا للانتخابات المحلية القادمة لبلوغ السلطة في بلد خضع لعقود طويلة من دكتاتورية الحزب الواحد.وازاء حالة من الاغتراب الشعبي او اغتراب مايسمى بالاغلبية الصامته والتي سجلتها الحياة الديمقراطية وصناديق الاقتراع في آخر انتخابات برلمانية في البلاد ،طالعنا العبادي بمقال تحليلي عنوانه : الانتخابات المحلية والاحزاب الجديدة ، اذ استطرد الكاتب متناولاً ملاحظة انطباعية غير مقاسة علميا عبر استطلاعات وقياس الراي العام ،مفادها : البرود الكبير وضعف الاهتمام الجماهيري قياسا بتحمس الاحزاب والكيانات والاشخاص بهذه الانتخابات ،ودائما مايثار هذا السؤال مع كل انتخابات تجرى في العراق منذ انتخابات عام 2014 التي سبقت اجتياح داعش لمناطق شمال وغرب العراق ،لماذا تتضاءل مشاركة الناس في الانتخابات رغم تزايد عدد السكان سنويا ؟ ،وماهو تفسير ازدحام الساحة الانتخابية بعدد كبير من الاحزاب والكيانات في غياب قواعد جماهيرية حقيقية وثقافة ديمقراطية فاعلة ؟ وكيف للديمقراطية ان تنجح وتنمو وتستقر في العراق مع وجود هذا الكم الكبير من الموجودات السياسية التي لم ترتق الى مسمى الاحزاب السياسية العصرية المتوافقة مع متطلبات ومقتضيات الدولة الحديثة ؟ . هنا اخذني المفكر العبادي الى محاضرة في مبادي النظم السياسية للراحل الاستاذ شمران حمادي جرت قبل 55 عاما ( كان يتحدث فيها ذلك الاكاديمي العراقي الراحل يومها عن احزاب الكوادر ) وهي احزاب غير جماهيرية تنشط قبيل الانتخابات وتختفي في مقراتها بعد انتهاء عملية الاقتراع وكسب الاصوات ومن ثم تتقاسم السلطة من خلال الفوز ومن ثم يحصل الافتراق بينها وبين جماهيرها حال فتح صناديق الاقتراع . لذا نجد في ظاهرة ترشح 281 كيان بصيغة حزب لا يمتلك قاعدة جماهرية في بلدان الديمقراطيات الناشئة ،ماهي الا احزاب كوادر لاتحمل بالضرورة اي مشروع او برنامج يتسع لاهداف كبرى بالغالب، وغاياتها السعي للفوز بالمقعد الانتخابي وجذب المواطن الى صندوق الاقتراع . وهو تكتيك وقتي شديد الهشاشة يحمل غايات سياسية عابرة (اي عبر عملية تجميع كمي في مصفوفة سياسية مبهمة الايديولوجيا والاهداف.
2-ادهشني نص للكاتب الأميركي صومائيل هنتغتون ، ساقه الاكاديمي السياسي الدكتور اياد العنبر في مقال جريء جداً نشر مؤخراً كان عنوانه : العراقيون وازمة التفكير في التغيير السياسي ،مفاده((..في تشخيصه لواقع الأنظمة السياسية في البلدان الحديثة النشوء سياسيا يرى عالم السياسة الأميركي هنتنغتون في كتابه “النظام السياسي في مجتمعات متغيّرة”، أن المجتمع السياسي فيها يكون مفتَتا، ومؤسساته ضئيلة السلطة، وسيادتها ضعيفة وجامدة لا مرونة فيها، ولا تمارس أنظمةُ الحكم حُكْما، وتحدث الفجوة السياسية عندما تُقابَل ديناميكية المجتمع بجُمُود النظام السياسي. وفرص حدوث الاضمحلال السياسي تصبح واقعا عندما تكون هناك فجوة بين الحراك الاجتماعي والمؤسسات السياسية، ويحدث ذلك عندما يعجز النظام السياسي عن الاستجابة لمتطلبات الأجيال الصاعدة أو الجزء الأكبر من الجمهور؛ عندها يشعرون بالإحباط لأنَّهم يجدون أنفسهم غير قادرين على المشاركة السياسية )).
فبهذا العدد الهائل من (احزاب الكوادر ) التي تتنافس اليوم بغية الفوز في الانتخابات البلدية (في ديمقراطية ناشئة )والتي تحولت تدريجياً في اندماجات يمثلها اكثر من 40 تحالف (مع فقدان اديولوجي وبرامج عمل ورؤى ملموسة بالغالب )هي محاولة تكتيكية لجذب اكبر عدد من جمهور الاغلبية الصامتة المحبطة الى صناديق الاقتراع لصناعة فوز ديمقراطي يبقى هشاً على جدار الوعي المنقسم وثقافته المنغلقة.
3- بين أطروحة المفكرين ابراهيم العبادي وحسين العادلي ، لابد ان نستدرك دور المثقف الذي اغترب بوعيه على الجدار الفاصل بين الحاكم والمحكوم …فلا ندري كم هو وعي ذلك المثقف وهو يتخبط في مدركات فيلسوف رومانيا اميل سوران Emil Cioran عندما قال : الوعي لعنة مزمنة، كارثة مهولة …. فالجهل وطن ….والوعي منفى.
اذ ياتي هنا حراك (اللاوعي الجمعي ) لياخذ دوره على جدران العقد الاجتماعي ولكن في هذه المرة من زاوية علم النفس الاجتماعي.
ففي تحليل مهم ساقه الاكاديمي و المفكر الاستاذ قاسم حسين وهو يحاور حراك (اللاوعي الجمعي )ربما ليصف لنا ذلك الجدار العازل بين (وعي السلطة ووعي الجمهور ) لياخذنا في مقال تشخيصي عنوانه: اللاوعي الجمعي..اللاعب الخفي في الصراع العراقي …اذ يؤصل الكاتب نظريات اللاوعي الجمعي على واقع بلادنا من خلال ماذهب اليه فيلسوف فرنسا (المتعدد الثقافات )غوستاف لوبون Gustave Le Bon
في كتابه: الجموع ..دراسة في العقل الشعبي The Crowd: A Study of the Popular Mind 1895، متناولاً
آليات السلوك الجمعي ،ليؤكد لنا أن (اللاوعي الجمعي )يعمل وكأنه (مفكر اصيل) وفق اساليب او آليات
توصل اليها (لوبون ) مفادها : أن الانسان الفرد قد يكون مثقفا ومتحضرا ولكنه وسط الجموع يصبح بربريا.بمعنى ان تصرّف الافراد في الجموع يكون مختلفا عن تصرفهم حين يكونون لوحدهم. ولقد عايشت ذلك ((كما يقول المفكر قاسم حسين )) تظاهرات شباط 2011 وانتفاضة تشرين 2019 )).
ويدهشك ايضا ان هنالك عمليات نفسية تتحكم بسلوك الفرد حين يكون بين الجموع،التي يصفهما قاسم حسين : عمليتان:
هما (تقبّل الإيحاء ) و (العدوى الاجتماعية).
ففي هذه الحالة تسارع الجموع الى التصرف على وفق ما يوحى اليها به،وتتراجع الشخصية الواعية ليتولى “اللاوعي الجمعي” توجيه سلوكها .
4-عد الفيلسوف الامريكي كارل بوبر Karl Popper خير من ميز بين (مصادر المعرفة ومصادر الجهل ) مبيناً موقفا نقديا مهما في تحليل جدار العلاقة السكونية بين الحاكم والمحكوم، وهي محاكاة عظيمة تنسجم و موضوع الاستجواب interpolation او فلسفة الاستجواب للمفكر البنائي الماركسي لوي اولثوسير Althusser ولاسيما في موضوع تفكيك مفهوم بناء السلطة بين السلطة (القمعية )والسلطة (الايديولوجية) ..!!،
واخيراً ، اجد من جانبي ثمة خيط فكري رفيع بين (بوبر ) و ( الثوسير ) في فلسفتيهما النقدية المبنية على الوعي المتحرر من الانغلاق الاديولوجي لبلوغ تفسير الحدود الساكنة التي وصفها المفكر حسين العادلي ،ذلك في جدار التناصف بين الحاكم والمحكوم ،ولاسيما عند غياب الوعي او سيادة اللاوعي الجمعي كما يقول المفكر قاسم حسين ، يقابل ذلك توافر مساحة من (ثقافة الوعي النقدي ) او (ثقافة الانفتاح على المحيط ) لدى الافراد من النصف المحكوم (موضوع الحكم او السلطة ) وتقصد هنا الوعي النقدي للنخبة المثقفة ،وهو السبيل في اثارة منهج فلسفي محتدم مازال ممتداً منذ تاريخ ظهور المفكر السياسي الفرنسي جان جاك روسو (واحلال مبدا الفصل بين السلطات )لترسيخ جدران العقد الاجتماعي المشروط بالوعي الجمعي وثقافة الانفتاح.

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع الدولي

بروفيسور حسن بشير محمد نور

نعم، أزمة التهجير القسري والنزوح التي يشهدها السودان هي الاسوأ في العالم، كما ان الانتهكات والجرائم المرتكبة هي الاشد قسوة وبشاعة من نوعها، خاصة في صراع بين أطراف تنتمي لنفس البلد، هذا بالطبع إذا استثنينا الأبادة الجماعية التي تقوم بها اس رائ يل ضد الشعب الف ل سطي ني في الاراضي المحتلة والدمار الممنهج في لبنان (وهذا بالطبع لا يحتاج لتأكيد وزير الخارجية البريطاني، لانه وحسب المثل السوداني "ما حك جلدك مثل ظفرك"). الصراع بين القوى الكبرى في العالم لا يعرف الرحمة ولا يعبأ بمصالح الشعوب، خاصة مثل الشعب السوداني المغلوب علي أمره المبتلى بحكام و(قادة) لا يتمتعون بأي درجة من الرشد وإلا لما تسببوا في أزمة توصف بأنها الاسوأ في العالم.
سبق ان نبهنا مع غيرنا بأن الانقسام بين الاقطاب الكبرى في العالم لا يسمح بتمرير قرارات عبر مجلس الامن، وان الدعوات للتدخل الاممي هي صرخات في (وادي عبقر), كما ان مثل هذا التدخل يجد معارضة لا بأس بها، ليس فقط من الأطراف المؤيدة للحرب في السودان، وانما من قوى سياسية واجتماعية مؤثرة. في هذا الاطار يأتي (الفيتو) الروسي ضد مشروع القرار البريطاني حول السودان في مجلس الامن يوم الاثنين 18 نوفمبر 2024. وهو موقف متوقع من روسيا بحكم العداء المستفحل والتاريخي بين روسيا وبريطانيا، الذي اشتد منذ ان اعلن ونستون تشرشل صيحته حول الجدار الحديدي (ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي) وتدشينه للحرب الباردة مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية. يظهر ذلك العداء بجلاء في اشعال الحرب في اوكرانيا وتأجيجها والدفع بها نحو منزلق خطير يبشر بيوم قيامة قريب ينهي العالم الذي نعيش فيه، ذلك لسبب بسيط هو ان هذه اللعبة الخطرة تتم ضد دولة تمتلك اكبر ترسانة نووية في العالم من حيث الكم والنوع، فاذا كنت تلعب بالنار بين براميل من البارود شديد الانفجار فإن (لفيتو) يعتبر نثارة ثانوية باردة.
يضاف لذلك ان روسيا لن تنسي خديعة القرار الاممي الذي وافقت عليه بشأن ليبيا، والذي كان في ظاهره يهدف لحماية المدنيين وقام حلف التاتو باستغلاله ثم (حدث ما حدث في ليبيا) ونتائجه ماثلة أمام العالم. يبقى إذن، اذا إراد (الغرب الاستعماري الجماعي حسب وصف الدبلوماسية الروسية)، فيما نرى أن يتدخل في الصراع السوداني فعليه اتباع نهح ما حدث في العراق وافغانستان (وهذا انتهي بالهروب الكبير لجيش بادن العظيم مسلما مفاتيح كابول لطالبان بعد عشرين عاما من التدخل العسكري المباشر) ويوغوسلافيا السابقة، ذلك النهج الذي تم خارج (الشرعية الدولية) وبالتالي علي من يفعل ذلك تحمل العواقب لوحده، دون الاستناد علي قرار اممي يظهر غير ما يبطن حسب فهم الكثيرين من غير المستندين لحلم ان (المجتمع الدولي) بالشعوب (رؤوف رحيم).
في ظل الصراع الوجودي بين روسيا و(الغرب الجماعي) لن يمر قرار عبر مجلس الامن بسهولة، خاصة اذا كان يحمل طابعا لتدخل خارجي قد يؤدي لفرض نظام معين. في هذا السياق من المفهوم ان أي تحول يؤدي الي وصول حكم (مدني ديمقراطي) بدعم غربي في السودان سيجعل من هذه البلاد في شراكة طويلة الامد مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة، بريطانيا والاتحاد الاوربي، وان أي نظام شمولي او انقلابي سيكون مقاطعا من (الغرب الجماعي) وسيتوجه لا مناص نحو روسيا والصين. هذه معادلة بسيطة ليس من الصعب فهمها ووضعها في الحسبان في التعامل مع (المجتمع الدولي).
أما فيما يتعلق بازمة التهجير والنزوح والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين فيمكن التذكيرببعض الاثار المترتبة عليها ومالاتها وما يمكن فعله مع فشل العالم بوضعه الراهن في معالجة مثل هذه الازمات الكبرى،علما باننا قد تطرقنا بشكل متواصل للتكاليف الاقتصادية والاجتماعية للحرب واثارها، في العديد من المقالات والمشاركات منذ اشتعال هذه الحرب الكارثية. وفي رأيي ان ما يجري في السودان رغم بشاعته يعتبر متواضعا قي المنظور العالمي مع خطر وقوف عالم اليوم علي حافة حرب عالمية نووية لم يشهد العالم لها مثيل، ولن يشهده مرة اخرى بالطبع في حالة اندلاعها.
ما يجري في السودان له اثار بالغة الخطورة اقتصاديا واجتماعيا وديمغرافيا، أهم مظاهر ذلك باختصار هي:
اقتصاديا: تدهور قطاعات الانتاج الحقيقي في الزراعة والصناعة والخدمات المنتجة، تأثر البنية التحتية وتدمير معظمها وهي بنية متواضعة بدون حرب، فقدان مصادر الدخل وتفشي البطالة، التراجع الخطير للايرادات الحكومية، وقد فصلنا في تلك الموضوعات ووضحنا اثرها علي مجمل النشاط الاقتصادي وعلي المؤشرات الاقتصادية الكلية.
اجتماعيا: الاثار علي الخدمات العامة خاصة الصحة والتعليم ومن نتائجها توطين الاوبئة، الاصابات والاعاقات الجسدية والنفسية، أضافة لتعطل الدراسة لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، وفقدان التمدرس لملاين الاطفال السودانيين وبطالة الخريجين ونزيف العقول.
ديمغرافيا يؤدي التهجير القسري والنزوح الجماعي الي تغيير التركيبة الديمغرافية للباد، خاصة وان التهجير لم يقتصر علي العاصمة والمدن فقط وانما شمل مناطق ريفية واسعة، كما جرى مؤخرا في ولاية الجزيرة. اتجه معظم النازحين الي مناطق حضرية مما ادي لاختلال كبير في التوزيع السكاني والضغط علي الموارد والخدمات اضافة لمشاكل الاكتظاظ السكاني.
سيؤدي كل ذلك لاثار خطيرة علي النشاط الاقتصادي بانهيار القطاعات الانتاجية الرئيسية وسيادة الريعية الاقتصادية والانتاج المعيشي والقطاع غير الرسمي. كما سيؤدي ذلك لتدهور الاستقرار النقدي وانهيار الثقة في النظام المصرفي وتراجع سعر الصرف والقوة الشرائية. كل ذلك سيفاقم معدلات الفقر والبطالة والاخلال الخطير بالامن الاجتماعي لامد طويل.
في ظروف الخلاف الحاد في المجتمع الدولي لابد من العمل في رأينا في عدة اتجاهات منها:
• علي القوى الوطنية العمل بشكل جماعي او حتي بمكونات منفردة علي تعزيز فرص الحل السياسي للازمة وتفعيل دور المجتمع المدني والمجتمعات المحلية، بدلا عن الركض خلف سراب المجتمع الدولي او حتي الاقليمي وذلك يتضمن عدد من الخطط والبرامج الاجراءات الهادفة الي:
- التركيز علي بناء مشروع وطني جامع لدولة المواطنة السودانية القائمة علي الحرية والسلام والعدالة والتنمية المتوازنة ووضع تصور واضح للحل السياسي علي هذا الاساس. وبالتأكيد هذا المشروع يصطدم بالصراع علي السلطة وطموح الاطراف المتحاربة، اضافة لعقبة تحقيق المحاسبة وعدم الافلات من العقاب، وهنا تبدو قضية شائكة.
- وضع استراتيجيات تنموية لما بعد الحرب تشمل اعادة الاعمار، اعادة بناء البنية التحتية والانتاجية والتأسيس لنظام عادل لقسمة الموارد. هذا يمكن ان يكون مشجعا لدمج بعض الاطراف في جهود الحل خاصة حركات الكفاح المسلح غير المنخرطة في الحرب بين الجيش والدعم السريع.
- العمل علي تعبئة واستقطاب الموارد المحلية والخارجية لاعادة بناء المناطق المتضررة واعادة التوطين وتوجيه الموارد نحو المناطق الريفية والتنمية المحلية لتخفيف الضغط علي الحضر.
- تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص في برامج اعادة الاعمار
- وضع برامج عملية للتعامل مع التحديات الصحية وايجاد برامج لرعاية المصابين جسديا ونفسيا واعادة تأهيلهم ورعايتهم
- العمل علي ايجاد بدائل للتعليم الرسمي خاصة في مناطق النزوح مع الغياب لدور الولة او الدعم الدولي الفعال.
بالتأكيد كل ذلك لا يعني اغفال الضغط علي المجتمع الدولي والاقليمي، في ايجاد حلول سلمية لهذا النزاع الذي يتسع نطاقه ليصبح تهديا علي المستوى الاقليمي والدولي. وبما ان هذه الحرب تمثل تحديا وجوديا يهدد وجود الدولة السودانية ومستقبل الاجيال المقبلة فان الوضع يتطلب طرق جميع السبل للضغط والتدخل، حتي اذا تم ذلك خارج الاطر التقليدية لعمل الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي. وقد يكون من المفيد تفعيل اليات مجلس السلم والامن الافريقي، بحكم انه يمكن ان يكون منظمة اقليمية تحظي بقبول واسع بما في ذلك الصين وروسيا، مما يمكن من ايجاد وسائل واليات عملية للدفع نحو الحل السياسي للنزاع.

mnhassanb8@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • وزارة الدفاع الأمريكية تعلن تزويد القوات المسلحة الملكية بأنظمة تخطيط المهام
  • حكم قيام شركة بضمان منتجات غيرها خمس سنوات ضد عيوب الصناعة.. الإفتاء توضح
  • الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع الدولي
  • مناقشة حول جملة تغبيش الوعي
  • هوكشتاين في تل أبيب لمعالجة العقد: الخط الازرق وحق التدخل
  • عالقون يمنيون في غزة يناشدون القيادة السياسية اليمنية للإجلاء الفوري
  • كاك بنك يعزز الوعي بمكافحة احتيال البطاقات البنكية
  • رئيس إنفيديا يتوقع زيادة قوة الحوسبة بمقدار "مليون ضعف" العقد المقبل
  • فرنجيه بحث وسفيرة النروج في المستجدات السياسية
  • المجتمع الفلسطيني من التعبئة السياسية إلى الاستقطاب.. كتاب جديد