علي بونغو ولصوص أفريقيا
المتتبع لسيرة علي بونغو يجد تاريخا طويلا من النهب والتزوير والقمع والتعدي على حرية الرأي، والتفريط في سيادة وثروة بلاده.
حاكم الغابون لا يختلف كثيرا عن موغابي وغيره من الحكام الفسدة الذين حكموا بلادهم بالحديد والنار، ونهبوا خيراتها وثرواتها، وعمقوا الفساد.
حكم علي بونغو بلاده بالتزوير والقمع، ومارس اختلاس الأموال العامة طويلا، ويستحق محاكمة عاجلة على جرائم كبرى ارتكبها بحق شعبه وبلده طوال فترة حكمه.
تسبب علي بونغو وأمثاله في إفساد الحياة السياسية والاقتصادية، وإدخال الدولة في متاهة الفقر والبطالة والفساد بكل أشكاله، وإدارة البلاد كما لو كانت ممتلكاتهم الخاصة.
حكام جعلوا أفريقيا قارة منهوبة وشعوبا يئست من الإصلاح السلمي والتمتع بخيرات بلادها، وزرعوا الفقر والبطالة والفساد في قارة ثرية بالموارد وأغرقوها في ديون وغلاء وتبعية.
* * *
لست حزينا لأجل علي بونغو رئيس الغابون الذي وضعه انقلاب عسكري جرى عليه يوم الأربعاء قيد الإقامة الجبرية، بعد أن عزله قادة الانقلاب من منصبه عقب فترة حكم دامت نحو 14 عاما.
ولست حزينا لأجل الرجل الذي حكم بلاده بالتزوير والقمع، ومارس على نطاق واسع سياسة اختلاس الأموال العامة ولسنوات طويلة، بل وأتمنى تقديمه لمحاكمة عاجلة على الجرائم الكبرى التي ارتكبها بحق شعبه وبلده طوال فترة حكمه.
وتسببت في إفساد الحياة السياسية والاقتصادية، وإدخال الدولة في متاهة الفقر والبطالة والفساد بكل أشكاله، وإدارة البلاد كما لو كانت ممتلكاتهم الخاصة.
لكنني في نفس الوقت لست مع الانقلابات العسكرية على الأنظمة الحاكمة، أو أي إجراءات استثنائية على الأنظمة المنتخبة، فالنظام الذي جاء بصندوق الانتخابات وإرادة الناخبين الحرة يذهب أيضا بتلك الإرادة، ولا يذهب بانقلاب يقوده عسكريون نحو قصور الحكم وفي يدهم سلاح ومدفع وداخل دبابة.
المتتبع لسيرة الرجل يجد تاريخا طويلا من النهب والتزوير والقمع والتعدي على حرية الرأي، والتفريط في سيادة بلاده، فهو واحد من لصوص أفريقيا الذين نهبوا ثروات شعوبهم، وكان كل همهم هو تهريب الأموال للخارج، وزيادة أرصدته وأرصدة أسرته في بنوك سويسرا وأوروبا.
وكذلك نيل رضا المستعمر القديم وفي المقدمة فرنسا، أو حتى رضا المستعمر الجديد وفي المقدمة الصين وروسيا وقبلهما الولايات المتحدة، فهذه الدول تسعى بكل طاقتها لسرقة مزيد من ثروات القارة، خاصة من المعادن النفيسة مثل اليورانيوم والماس والبلاتينوم واليورانيوم والذهب والحديد وغيره، وذلك بمساعدة هؤلاء الحكام.
علي بونغو الذي تولى السلطة في عام 2009 بعد وفاة والده عمر الذي حكم الغابون لمدة 41 عاماً، وورث ثروة ضخمة عن والده، لا يختلف كثيرا عن معظم حكام أفريقيا في تزوير الانتخابات، والتستر على الفساد، بل وممارسته على نطاق واسع، ونهب المال العام والإثراء غير المشروع، وتسهيل مهمة الأجانب في نهب ما تبقى من ثروات الدول التي يحكمونها بالحديد والنار.
ساعده في ذك انحداره من أسرة حكمت الغابون على مدى 55 سنة وحولتها إلى دولة فقيرة بائسة رغم ثرواتها الضخمة خاصة النفطية والزراعية.
وعلى الرغم من أن الغابون تعد إحدى الدول الرئيسية المنتجة للنفط في أفريقيا، وتغطي الغابات نحو 90% من مساحة البلاد، لكن ثلث سكانها يعيشون في حالة فقر مدقع، كما تقول أرقام البنك الدولي، وذلك بسبب منظومة الفساد الذي رعته أسرة عمر بونغو.
وبنظرة للتقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان نجد أنها ومنذ سنوات طويلة تتهم أسرة بونغو بالفساد والتربح، وتحويل البلاد إلى "نظام لصوصي"، كما نهبت مواردها الطبيعية وثرواتها النفطية وغاباتها المطيرة، ورغم ذلك تواصل سيطرتها على نظام الحكم بالتزوير.
حاكم الغابون المخلوع لا يختلف كثيرا عن روبرت موغابي ويحيى جامي وإبراهيما كيتا وجاكوب زوما وآلفا كوندي وتيودورو أوبيانغ، وغيرهم من الحكام الفسدة الذين حكموا بلادهم بالحديد والنار، ونهبوا خيراتها وثرواتها، وعمقوا الفساد، وأدخلوها في متاهات سياسية ومخاطر جيوسياسية واقتصادية واجتماعية عالية.
هؤلاء الحكام وأمثالهم حولوا أفريقيا إلى قارة منهوبة تسكنها شعوب يئست من الإصلاح السلمي والتمتع بخيرات بلادها، حكام زرعوا الفقر والبطالة والفساد في القارة الثرية بالموارد الطبيعية والبشرية، وتسببوا في إغراق بلدانهم في وحل الديون الخارجية والغلاء والتبعية.
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أفريقيا الغابون علي بونغو انقلاب الغابون الفساد المالي الانقلابات العسكرية تزوير الانتخابات علی بونغو
إقرأ أيضاً:
ربع الإسرائيليين تحت خط الفقر
كشف تقرير الفقر لعام 2024 في إسرائيل أن نحو ربع الإسرائيليين يعيشون تحت خط الفقر، فيما تضرر 65% من الإسرائيليين ماليا، مما ينذر بانهيار الصمود الاجتماعي في البلاد بسبب الحروب المستمرة.
ووفقا لتقرير منظمة "لاتيت" للإغاثة الإنسانية، الذي نشرت مقتطفات منه صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"إسرائيل اليوم"، فإن 32.1% من الإسرائيليين شهدوا تدهورا في أوضاعهم المالية خلال العام الماضي، فيما يواجه نحو مليون إسرائيلي صعوبة في دفع الفواتير الأساسية.
كما أن حوالي نصف الأطفال في الأسر المدعومة يعانون من مشاكل نفسية وتحصيل دراسي ضعيف، فيما يتخلى أكثر من نصف كبار السن في هذه الفئة عن الأدوية ويعانون من زيادة الشعور بالوحدة والقلق.
أزمة فقر غير مسبوقةووفقا لمؤشر الفقر المتعدد الأبعاد الصادر عن المنظمة، والذي يعرّف الفقر بأنه حالة ندرة كبيرة بالنسبة للاحتياجات والظروف المعيشية الضرورية للحياة الأساسية، فإن 22.3% من الأسر، أي حوالي 678 ألفا و200 عائلة، يعيشون في فقر. كما أن 28.7%من السكان، أي نحو 756 ألف شخص، يعانون من الوضع نفسه، ويشمل ذلك 39.6% من الأطفال (مليونًا و240 ألف طفل).
وتظهر بيانات التقرير أن الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية في إسرائيل لعام 2024 هو 5.355 شيكل للفرد (1.482 دولار)، وحوالي 13 ألفا و617 شيكلا (3.769 دولار) لأسرة مكونة من شخصين بالغين وطفلين، بزيادة قدرها 6.55 و6.9% على التوالي مقارنة بالعام الماضي. وبحسب التقديرات السنوية، يعني ذلك إنفاقا إضافيا يبلغ حوالي 4 آلاف شيكل (1.107 دولار) للشخص الواحد، وحوالي 10 آلاف و500 شيكل (2.907 دولار) لكل أسرة.
إعلانوتقدر تكلفة المعيشة المعيارية، التي تعكس تكلفة المعيشة للطبقة الوسطى في إسرائيل، بـ8.665 شيكل (2.399 دولار) للفرد و22 ألفا و181 شيكلا (6.141 دولار) للأسرة.
وتوضح منظمة "لاتيت" أن "الحد الأدنى لتكلفة المعيشة، الذي يعكس الإنفاق المطلوب للمعيشة الأساسية، ارتفع بنحو ضعف الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك، الذي يبلغ 3.6%"، مما ضاعف من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الإسرائيليون. كما أن "معظم الزيادة في مؤشر أسعار المستهلكين تنبع من زيادة أسعار المواد الغذائية والسكن والفواتير، مما يعني أن هناك شريحة من السكان في إسرائيل تعيش في فقر على الرغم من أنها لم تعرّفها مؤسسة التأمين الوطني على أنها فقيرة".
أزمة خطيرةويتحدث التقرير أيضا عن السكان الذين تدعمهم المنظمة، ويقول إن "تكلفة المعيشة في إسرائيل، والتي كانت مرتفعة حتى قبل الحرب، ساءت بشكل كبير نتيجة لذلك، حيث خلقت الحرب ضغوطا لزيادة الأسعار، خاصة في صناعة المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية".
ويؤكد في هذا السياق أن متوسط الإنفاق الشهري في الأسر المدعومة بلغ 10 آلاف و367 شيكلا (2.870 دولار)، وهو أعلى بمقدار 1.7 مرة من متوسط صافي دخلها الشهري 6.092 شيكل (1.686 دولار).
ويختصر التقرير هذه الأرقام بالقول إن 78.8%من الأسر المدعومة لديها ديون لبعض الكيانات، مقارنة بـ26.9% من عامة السكان، وكذلك تدهور الوضع الاقتصادي لـ65% من متلقي المساعدات و32.1% من عامة الناس خلال العام الماضي.
كما تشير نتائج التقرير إلى عواقب الحرب على الأطفال والمراهقين، حيث تأثرت الإنجازات الأكاديمية لـ44.6% من الأطفال المدعومين بشكل كبير، مقارنة بـ1.14% في عموم السكان.
وذكر التقرير أن خُمس الذين تلقوا المساعدة أفادوا بأن واحدا على الأقل من أطفالهم ترك المدرسة أو اضطروا إلى الانتقال لمدارس داخلية بسبب الضائقة المالية.
إعلانووفقا لتقديرات الفقر، فإن 81.7% من كبار السن المستفيدين من المساعدات يعانون من الفقر، و52.6% في فقر مدقع، وأكثر من ثلث (34.8%) من كبار السن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، و60.4% من كبار السن الذين يتم دعمهم تخلوا عن الأدوية أو العلاج الطبي، لأنهم لم يتمكنوا من دفع ثمنها".
متلازمة الحرب والفقرويقول تقرير المنظمة إن هذه العائلات "تعيش في خوف دائم من نفاد الطعام وعدم قدرتها على شراء المزيد من الطعام وتقديم وجبات متوازنة ومنتظمة لأطفالها".
وفقا لمؤسس ورئيس شركة لاتيت، جيل دارمون، والرئيس التنفيذي للمنظمة، عيران وينتراوب، فإن التوقعات للسنوات المقبلة مثيرة للقلق، إذ "من المتوقع أن تؤدي الإجراءات الاقتصادية المخطط لها، بما في ذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة، ودفع اشتراكات التأمين الوطني والمزايا الصحية، فضلا عن زيادة أسعار الكهرباء والمياه والضرائب البلدية، إلى تعميق محنة السكان الأضعف".
وأضاف "سيؤدي ذلك إلى انضمام آلاف الأسر الإضافية من الطبقة المتوسطة الدنيا إلى حالة نقص حاد وعدم القدرة على توفير حلٍّ للاحتياجات الأساسية اللازمة للعيش بكرامة".
ويختم التقرير بالقول "إلى جانب التحديات الأمنية والعسكرية، يجب أن نتذكر أن هناك حربا أخرى، هي الحرب على الفقر، حيث تواجه إسرائيل اختبارا أخلاقيا للتضامن والمسؤولية المتبادلة التي ستؤثر على صمود المجتمع وتقرر ما إذا كنا سنخرج من الأزمة أقوياء أم ضعفاء".