استكمالاً للنقاش الأسبوع الماضي حول أهمية مواصلة حركة فتح العمل على عقد مؤتمرها الثامن، فإنه بقدر كون وجود فتح كما أسلفنا ضرورة وطنية فإن انتظام عقد مؤتمراتها أيضاً ضرورة وطنية للدور الكبير الذي تقوم به فتح في صياغة وتطور الحركة الوطنية.
فطالما كانت قيادة فتح هي القيادة الطليعية للشعب الفلسطيني منذ قرابة ستة عقود، وطالما كانت مواقف فتح هي التوجهات المركزية للخطاب الوطني وطالما كانت توجهات القيادة الفتحاوية هي اختصار واضح وتعبير أوضح عن الموقف الوطني.
وبنفس القدر فإن استمرار العملية الديمقراطية في فتح وانتظام تجديد هيئاتها التنظيمية المختلفة يشكل أيضاً إعادة تجديد لمفاصل أساسية في النظام السياسي الفلسطيني.
منذ انطلاقة فتح وحين نجحت «العاصفة» في إطلاق اللهب الذي سيضيء درب الفلسطينيين، حافظت فتح بجدارة على ريادتها للمشروع الوطني التحرري الذي يسعى لاستعادة الحقوق السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني المتمثلة في عودته لبلاده وإقامته دولته.
وبطريقة خاصة بـ»فتح» نجحت الحركة في التكيف مع الظروف وفي تقديم الوصفات والمعالجات عبر الحلول المختلفة التي تكفل الحفاظ على نفس الأهداف حتى لو اختلفت الطرق والسبل. وهي بذلك نجحت في تجاوز كل الأزمات التي من شأنها أن تعصف بأكبر الأحزاب خاصة مع التحولات والانزياحات التي ضربت المنطقة العربية والمشروع العربي أو تلك التي مست بنية النظام الدولي بعد اندثار جدار برلين وتفكك المعسكر الشرقي الذي كان الشعب الفلسطيني حكماً جزءاً منه، وكانت منظمة التحرير بالضرورة أحد فاعليه في المنطقة العربية.
لقد تماسكت «فتح» في زمن تفككت فيه كل التنظميات العربية الكبرى وبقيت منظمة التحرير في وقت آل فيه الكثير من الدول إلى السقوط والانزياح والاختفاء عن الخريطة، بل إن لحظة التراجع الكبرى التي يطيب للبعض أن يصف فيها انخراط منظمة التحرير في عملية السلام واتفاقية أوسلو أنتجت سلطة وطنية صحيح أنها أقل من دولة لكنها كيانية حافظت على وجود الشعب الفلسطيني وأعطته هوية جديدة تصلح لأن يصبح عبرها عضواً في المنظمات الدولية وترفع تطلعاته من مجرد قتال وصراع إلى اشتباك يومي من أجل تجسيد السيادة.
وربما أن فتح مع كل ذلك خسرت الكثير وأثارت نقمة البعض ووجدت نفسها في معارك جانبية مع البعض الآخر، لكنها مع ذلك لم تتخلَ عن أهدافها ولا عن غايات نضالها التحرري وتحملت في سبيل ذلك النقد والتجريح.
وللمفارقة فإن فتح حتى حين تخسر الانتخابات التشريعية من تنظيم اعتبرها محرمة شرعاً قبل عقد من الزمن تظل مع ذلك التنظيم الأول والأكثر شعبية، وأيضاً حين تخسر معركة السيطرة على غزة خلال الانقلاب في حزيران 2007 تظل مع ذلك التنظيم الأكبر والأكثر استقراراً في قلوب الجماهير.
وربما، وهذا من باب اليقين، فإن فتح عرفت دائماً كيف تكون في الموقف الصحيح وتسعى نحوه.
هذه بعض من أسرار البقاء الفتحاوي، الأسرار التي جعلت فتح كل شيء بالنسبة للشعب الفلسطيني وجعلت مَن لا تنظيم له ومن لا أيديولوجيا له يؤمن بالفطرة أن فتح هي حزبه وهي أيديولوجيته وهي فكرته عن فلسطين وهي الطريق التي يعرفها وإن لم يكن قد سلكها نحو تحرير البلاد.
وكما يطيب للفتحاويين أن ينظروا إلى الحركة التي آمنت بفلسطين فقط وبالقتال من أجلها، فإن فتح هي الاستجابة الحقيقية للشرط الفلسطيني وهي الإجابة الأوفى لكل الأسئلة الوجودية التي تواجه شعب فلسطين.
إن هذا الفهم والتوجه الفتحاوي يجب أن يظل المحرك الأساس في النضال من أجل الحفاظ على الحركة والحفاظ على وجودها والنضال من أجل استمرارية رياديتها للحركة الوطنية. هذا يجب أن يشمل تطوير برامج قادرة دائماً على قراءة الواقع الفلسطيني والاستناد إليه في صياغة الوعي الفتحاوي في المرحلة المقبلة.
فتح لا تنظّر ولا تقول شعارات كبيرة ولا تقترح حلولاً من الفضاء ولا تسعى نحو المعجزات بل تعمل بكل يقين وضمن نطاق الممكن والمعقول وقدرات شعبنا من أجل مواصلة الطريق.
إن حقيقة أن شعبنا لم يختفِ بعد النكبة ولم يندثر ولم يتحول إلى جماعات غريبة تتجانس مع محيطها، وحقيقة حفاظه على حقه وعلى روايته ومناداته بها وعمله من أجل تعميمها ونشرها هي بحد ذاتها بذرة الانتصار في المستقبل وهي نقطة الانطلاق نحو مواصلة الطريق.
«فتح» بحاحة لتقديم أفكار جديدة مستندة أيضاً إلى فكرتها الوحيدة حول فلسطين القائلة إن البلاد لنا، أفكار تعالج الواقع وتنظر إلى أخطاء الطريق وعثرات المسيرة وتستجيب لبعض التحولات الحقيقية في وعي الناس وفي تصوراتهم الحديثة لأن الحياة تتطور ومنظور المواطنين يتغير.
كما أن ثمة سياقات جديدة نتجت شملت المزيد من التشتيت في الشتات بفعل الحروب داخل الدول العربية ما يخلق حاجة نحو تطوير مفاعيل جديدة للحفاظ على الحالة الوطنية كشيء متكامل ومن أجل تقديم برامج تمثيلية تضم الكل ضمن نطاق مؤسسات النظام السياسي والوطن المعنوي الذي تمثله منظمة التحرير.
ويجب في كل الأحوال أن تبدو «منظمة التحرير» جملة مفتاحية في برامج فتح المستقبلية ضمن مخرجات المؤتمر الثامن للحركة. فالمنظمة يجب أن تظل الوطن المعنوي ويجب أن يتم استحداث برامج أوسع حتى يتم إشراك الجميع، وللحقيقة فإن الجميع يجب أن تعني «الراغب» لأن هناك من سيرفض أن يكون جزءاً لأن حالته قائمة على مخالفته، ولكن هناك من يمكن أن يتم التحالف معهم حتى وإن اختلفت الرؤى وتنوعت البيانات.
فتح وحدها دون غيرها يجب أن تكون أشد حرصاً على مواصلة منظمة التحرير لدورها الريادي والتمثيلي لشعبنا وعليها أن تجد الطريق لذلك مهما كان الثمن، لأن المنظمة أيضاً تستحق أن نسعى من أجل بقائها، فإذا كانت فتح ضرورة وطنية فإن المنظمة هي التجسيد المعنوي للوطن المرغوب.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فتح الفلسطيني منظمة التحرير فلسطين فتح منظمة التحرير مقالات مقالات مقالات اقتصاد رياضة رياضة سياسة صحافة صحافة سياسة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منظمة التحریر یجب أن فتح هی من أجل
إقرأ أيضاً:
عبد المحسن سلامة يواصل جولاته الانتخابية ويلتقي بصحفيين دار التحرير
واصل الكاتب الصحفى عبدالمحسن سلامة، المرشح على منصب نقيب الصحفيين فى انتخابات عام 2025 جولاته الانتخابية وعقد اللقاءات الحواية مع الزملاء فى مختلف المؤسسات الصحفية القومية.
والتقي اليوم عبدالمحسن سلامة بصحفيين دار التحرير للنشر والطبع وزار الاصدارات المختلفة " جريدة الجمهورية والمساء وبوابة الجمهورية وحريتي وعقيدتي" وناقش عدة ملفات ورؤيته لانهاء كافة الملفات خلال الفترة القادمة كما استمع لمقترحات الزملاء والاجابة على كافة الاستفسارات التى تخص ملفات المهنة والعاملين فيها.
واستعرض سلامة أبرز ملامح برنامجه الانتخابي، مؤكدًا حرصه على أن يكون نقيبًا لكل الصحفيين دون تفرقة أو استثناء، مؤكدا أنه حريص على خدمة الزملاء وتلبية مطالبهم مشددا على رفضة لاى تضييق على العمل الصحفى وضد اغلاق الصحف مطالبا الجميع بالوقوف صفا واحدا من أجل مواجهة تحديات المهنة .
ومن أهم ملامح برنامجه الانتخابيى هو زيادة بدل التدريب والتكنولوجا واستكمال مشروع إنشاء مستشفى خاص للصحفيين والاهتمام ببرامج التدريب واستكمال مشروع بناء مدينة الصحفيين وتوفير شقق فى مدن مختلفة .
ودعا سلامة جموع الصحفيين إلى المشاركة الفعالة في انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة، والمقررة لها يوم الجمعة الموافق 2 مايو المقبل
الجدير بالذكر قررت اللجنة المشرفة على انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين الجمعة الماضية تأجيل انعقاد الجمعية العمومية للصحفيين إلى الجمعة 18 أبريل الجاري لعدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لانعقادها بحضور 25% من الأعضاء المشتغلين.
وأعلن جمال عبد الرحيم سكرتير عام النقابة ورئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات أن مجلس النقابة كان قد وجه الدعوة للزملاء المقيدين بجدول المشتغلين، وعددهم (10226) عضوًا، لحضور الجمعية العمومية، وتم إعلان كشوف الأعضاء بمقر النقابة العامة والفرعية بالإسكندرية، وتضمن جدول الأعمال:-
1- التصديق على محضر اجتماع الجمعية العمومية المنعقدة في (مارس 2023م).
2- النظر في تقرير مجلس النقابة عن أعمال السنة المنتهية في فبراير 2025م واعتماده.
3- اعتماد الحساب الختامي للسنة المنتهية في 31/12/2024م، ومشروع الموازنة التقديرية لسنة 2025م.
4- مناقشة المسائل المعروضة من مجلس النقابة، والاقتراحات المقدمة من الأعضاء.
5- انتخاب النقيب وستة من أعضاء المجلس، وفي حالة الإعادة على مقعد النقيب تُجرى الانتخابات في اليوم التالي من الساعة الثالثة إلى الساعة السابعة مساءً.
6- ما يرى مجلس النقابة عرضه على الجمعية العمومية من الأمور العاجلة، التي تطرأ بعد توجيه الدعوة.
وأشار رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات إلى أن النقابة كانت قد أرسلت في 27 فبراير الماضي الحساب الختامي للسنة المنتهية في 31/12/2024م، ومشروع الموازنة التقديرية لسنة 2025م إلى جميع الزميلات والزملاء أعضاء الجمعية العمومية عبر الإيميل، طبقًا لقانون النقابة رقم (76) لسنة 1970م، علاوة على نشر الميزانية، ومشروع الموازنة التقديرية على الموقع الرسمي للنقابة.
كما أشار السكرتير العام إلى توافر نسخ ورقية من الميزانية، والموازنة التقديرية بالإدارة المالية في النقابة، ويمكن للزملاء الحصول عليها فورًا.
وأكد سكرتير عام النقابة أنه سيتم دعوة الجمعية العمومية للانعقاد يوم الجمعة «18 أبريل2025م»، ويكتمل النصاب القانوني لانعقادها بحضور (25 %)، وفقًا للمادة (35) من قانون النقابة.