كتبت يمنى المقداد في "الديار":

لم يقتصر تأثير التغير المناخي في لبنان على موجات الحر الطويلة، التي أشعلت حرارة الصيف ورطوبته، بل امتد ليشمل مطرا ساخنا في شهر آب الجاف والملتهب.

وأشارت رئيسة قسم التقديرات العلوية في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي جوسلين أبو فارس لـ "الديار إلى أنّ شهر آب بالإجمال هو شهر جاف وتساقط الأمطار فيه قليل جدا، علما أنّ لبنان شهد في مثل هذا الشهر تساقطا للأمطار خلال السنوات الماضية، إنّما بشكل ضئيل جدا لم يتخطّ الفواصل باستثناء بعض السنوات، ففي سنة 1968 بلغ المعدل نحو 5.

7 ملم سنة، ولكن المفاجىء هذه السنة هو كميّة الأمطار التي تساقطت في بيروت تحديدا والتي بلغت 7.8 ملم، والذي كسر أول رقم قياسي بالنسبة لكميّة الأمطار المتساقطة في شهر آب.

وأرجعت أبو فارس سبب تساقط الأمطار غير معتادة في شهر آب إلى موجات الحر المتتالية التي استمرت لنحو شهر ونصف تقريبا، والتي ترافقت مع رياح جنوبية غربية محمّلة بالرطوبة، والتي كانت نسبتها مرتفعة جدا طيلة هذه الفترة، ما أدّى إلى أجواء غير مستقرة، وخاصة مع تمركز مرتفع جوي فوق طبقات الجو العليا يغطّي المنطقة إقليميا، وبدا وكأنّه غطاء على جو متقلّب وجو من الغليان، وبمجرد أن انحسر هذا المرتفع الجوي واتجه شمالا، اقترب منخفض جوي كان متمركزا فوق الجزر اليونانية، أدّى إلى هذه التقلّبات في الجو ونشوء غيوم ركامية مع رياح تصاعدية، أي طقس غير مستقر كليا، وبالتالي أمطار غزيرة وبرق ورعد.

وإذ أكدت أبو فارس أنّ شتاء آب من علامات التغيّر المناخي، لفتت إلى أنّه ليس هو المؤشر الوحيد، فالحرارة التي سجلت في شهر آب كسرت المقاييس، ففي طرابلس بلغت 36.7 درجة مئوية، وكان شهر تموز هو الأكثر حرّا في هذه المنطقة، كما سجل شهر آب أعلى درجات الحرارة مبدئيا، بالإضافة إلى أنّنا شهدنا نسبة رطوبة مرتفعة في مناطق البقاع، بينما نعلم مناخيا أن البقاع هو جاف في فصل الصيف، وهذه السنة شهدنا نسبة رطوبة عالية وصلت لحدود 94% خلال الليل، وهذا من علامات التغيّر المناخي.

وشددت على أن فصل الصيف وموجاته الحارة لم ينتهِ بعد، فهو يمتد أحيانا إلى تشرين رغم بعض الخروقات التي تحدث بسبب الأمطار والتقلّبات الجوية، كما لم تنته الفصول الأربعة، ولكن قد يختلف عدد الأيام المطرية في فصل الشتاء، وكذلك عدد أيام الحرارات المعتدلة في فصل الربيع، أي أنّ الظواهر المناخية هي التي تختلف، مؤكدة أننا سنمرّ بأربعة فصول، وما سيتغيّر فيها فقط هو الحرارة وحدّة الأمطار وعدد أيامهما.

ولفتت إلى أنّ موقع لبنان الجغرافي بالنسبة لخطوط الطول والعرض، والبحر وسلسلة الجبال، يؤدي إلى خلق طقس معتدل إجمالا، وظواهره عادة لا تكون حادة كتلك التي تمرّ على دول أوروبا وشبه الجزيرة العربية وغيرها، ما يخفّف من الكوارث التي قد تحدث بسبب التغيّر المناخي الذي نتأثر به بشكل مباشر.

وفي ظلّ التوقعات بارتفاع حرارة الفصول وشحّ أمطارها وربّما ثلوجها، حذرت أبو فارس من هدر المياه، لا سيّما أنّه في السنوات السابقة، كانت كمية الأمطار المتساقطة سنويا ضئيلة نسبة للمعدل العام، وقد أدّى انقطاع المياه إلى سحب كبير للمياه الجوفية، وهذه السنة لا نتوقّع أن تكون كمية الأمطار المتساقطة فائضة، متمنية على المواطنين عدم هدر المياه عشوائيا، كما والانتباه إلى موضوع الحرائق الحرجية، فنحن على أبواب الخريف، والطبيعة جافة إجمالا بهذه الفترة،  ودعت إلى الالتزام بالإرشادات البيئية عند إشعال النيران، وصحيا تجنّب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة، لتفادي الحروق الجلدية والأمراض مثل التهاب السحايا وسواها، مشدّدة على أنّ تداعيات التغير المناخي لا تقتصر على الطقس فحسب، بل تمتد لتشمل الزراعة والإقتصاد والثروة البحرية وكل ما هو حيّ على وجه الأرض.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: ر المناخی فی شهر آب أبو فارس إلى أن

إقرأ أيضاً:

4 أسباب بارزة.. لماذا سيطر الفشل على الدول التي دخلتها إيران؟

 

من لبنان إلى العراق، ومن سوريا إلى اليمن، تتكرر المشاهد ذاتها: انهيار اقتصادي، تفكك اجتماعي، شلل سياسي، وانتشار الفساد. رغم اختلاف السياقات الوطنية والظروف المحلية، ثمة قاسم مشترك لا يمكن إنكاره: وجود ميليشيات مدعومة من إيران تعمل داخل الدولة وخارج مؤسساتها الرسمية، وبعد عقود من تدخلات “الحرس الثوري” وأذرعه في المنطقة، لم يظهر أي نموذج واحد يمكن وصفه بالنجاح، بل باتت كل دولة دخلتها هذه الميليشيات أقرب إلى الدولة الفاشلة.

 

 الاقتصاد المختطف لصالح الميليشيات

 

الميليشيات الإيرانية لا تدخل أي دولة لتطوير اقتصادها، بل تستنزف مواردها لصالح شبكات تمويل الحرب والمخدرات وغسيل الأموال. في لبنان، تسببت هيمنة “حزب الله” على القرار السياسي والمصرفي في عزل البلاد دولياً، وضرب ثقة المستثمرين، وتهريب الدولارات إلى سوريا وإيران. في العراق، استولت الميليشيات على المنافذ الحدودية والمشاريع الكبرى، وحولت المال العام إلى مصادر تمويل لأنشطتها المسلحة، لا لتنمية البلاد.

 

تغييب الدولة والمؤسسات لصالح مشروع ولاية الفقيه

 

الميليشيات المدعومة من طهران لا تعترف بالدولة الوطنية، بل تعمل على تقويضها من الداخل. تُضعف الجيوش النظامية، تفرض أجندتها بالسلاح، وتمنع أي مسار إصلاحي قد يُنهي نفوذها. في سوريا، تم تهميش الجيش والمؤسسات لصالح “الحرس الثوري” والميليشيات الشيعية المستوردة. وفي اليمن، عطلت ميليشيا الحوثي الدولة تمامًا، وأعادت البلاد إلى العصور الوسطى، باسم “الثورة”.

 

الفتنة الطائفية وتفكيك النسيج الاجتماعي

 

من أخطر ما تنتجه الميليشيات الإيرانية هو تغذية الانقسام الطائفي. فهي تعتمد في شرعيتها على الخطاب المذهبي، وتُمارس التمييز المنهجي ضد من يخالفها. في العراق، ساهمت هذه الميليشيات في تعميق الشرخ بين السنة والشيعة، وأشعلت حروبًا أهلية دمرت مدنًا بأكملها. في لبنان، زرعت الانقسام داخل كل طائفة، وخلقت بيئة من التخوين المتبادل، مما منع أي وفاق وطني.

 

غياب نموذج النجاح

 

في مراجعة لحال الدول التي سارت على النهج الطهراني، لا نرَ فيها إلا الخراب:

• لا نهضة اقتصادية

• لا استقرار سياسي

• لا عدالة اجتماعية

 

بل بالعكس: فساد، جوع، قمع، وقمع للحريات، وسجون مليئة بالناشطين، ولا يمكن الحديث عن “محور مقاومة” وهو يتسوّل الكهرباء والدواء والغذاء، بينما يستعرض سلاحه في وجه شعبه.

 

إيران لم تُصدّر ثورة، بل فشلًا منهجيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. مشروعها الإقليمي لم يكن يومًا مشروع تنمية أو شراكة، بل خطة لتفكيك الدول وإعادة تركيبها على نموذج ميليشياوي يخدم مصالحها، ويُبقي شعوب المنطقة رهائن للفقر والخوف والتبعية. ولهذا، طالما بقي هذا المشروع فاعلًا، ستظل الدول التي تدخّلت فيها ميليشيات إيران محكومٌ عليها بالفشل، إلى أن تستعيد شعوبها قرارها الوطني وتُنهي هذا التدخل بشكل جذري وتؤسس لقيام مؤسسات الدولة في أوطانها

مقالات مشابهة

  • الرئيس عون اطّلع من مكي على مسار آلية التعيين في وظائف الفئة الأولى والتقى ناصر ونجاد فارس
  • لن تتوقع.. شرب الماء قد يحميك من مرض خطير يصيب القلب
  • دراسة: ارتفاع حالات الوفاة 3 أضعاف في أوروبا بسبب التغير المناخي والحرارة
  • دراسة: التغير المناخي ضاعف ثلاث مرات حصيلة وفيات الحر في أوروبا
  • ما جديد أنباء إتصال التهديد في بعلبك؟ المحافظ يتحدّث
  • الوطن العربي: أمطار رعدية متوقعة الخميس.. هذه أبرز المناطق المشمولة بتوقعات الأمطار
  • أبرز القوانين التي أقرها مجلس النواب خلال دور الانعقاد العادي الخامس من الفصل التشريعي الثاني
  • بالفيديو.. الجيش الإسرائيلي يُعلن اغتيال أحد أبرز قادة حماس في لبنان
  • 4 أسباب بارزة.. لماذا سيطر الفشل على الدول التي دخلتها إيران؟
  • جفاف نهر الأولي يهدد الأمن المائي في لبنان ومخاوف من أزمة بيئية متفاقمة