ليس خافيا أن حكومة صنعاء كانت تصرف رواتب الموظفين بشكل متواصل وبدون تأخير، وكانت تصل الأموال من بنك صنعاء عبر الطائرات إلى عدن وبقية المحافظات، وكان البنك المركزي بصنعاء يصدر الأوامر بالصرف بشكل دوري، وصرفت في تلك الفترة لكل الموظفين المدنيين والعسكريين والأمنيين بمن فيهم أولئك الذين يقاتلون ضد صنعاء إلى جانب تحالف العدوان على اليمن، ولم تنقطع إلا مع نقل البنك المركزي ووظائفه إلى عدن المحتلة، ومنذ ذلك الحين، انقطعت الرواتب عن الموظفين، ولم تعد الحكومة قادرة على صرفها بسبب تحويل وظائف البنك، واستيلاء المرتزقة على الأرصدة الخارجية، والإيرادات الداخلية من المناطق المحتلة، وهي المنافذ الوحيدة التي ظلت مفتوحة، مع إغلاق كل المنافذ في مناطق حكومة صنعاء، برا وجوا، وتقييد خطير لوصول الواردات عبر ميناء الحديدة استمر في التصاعد حتى تعطل الميناء بشكل كامل في العام الذي سبق إقرار الهدنة الإنسانية، أبريل 2022.
هذه المقدمة، للتذكير بحجم الحرب الاقتصادية التي شنها العدوان، واستهدفت لقمة العيش كورقة حرب، لا تنازع.. تنازلات، لم تستطع السعودية فرضها بالحرب والعدوان والمجازر.
كان الشعب اليمني قويا وصامدا في وجه كل أنواع الحرب التي شنت عليه، منذ 26 مارس 2015، وكان على وعي كامل بأهداف العدوان الخبيثة، التي استهدفت كل شيء قتلا وتدميرا، ولم تستثن المدارس ولا الجسور ولا الأسواق ولا العزاءات ولا الأعراس ولا حتى المقابر.
لقد كانت حرباً شرسة ومتوحشة قادتها السعودية، وأيّدتها جحافل الارتزاق على كل جريمة ارتكبتها في اليمن، بل وذهبت لسوق كل المبررات والعلل الكاذبة والمخادعة.
اليوم.. العدوان مستمر، والحرب مستمرة، وإن كان هناك خفض للتصعيد العسكري الميداني، فللحرب ألف وجه، سياسي وإعلامي واقتصادي وغيره.
وقد أثبت شعبنا إصراراً قوياً على الانتصار، ووعياً كبيراً في المواجهة، وشهدت الميادين عملا حثيثا على هزيمة العدوان وإفشال أهدافه، فكانت العمليات العسكرية، والإجراءات الاقتصادية.
حكومة المجلس السياسي الأعلى بدورها سواء في المجلس السياسي الأعلى، بقيادة الرئيس المشاط، أو في رئاسة الوزراء، واللجنة الاقتصادية، وحتى الوفد الوطني المفاوض، تضع في أولوياتها صرف رواتب الموظفين، وتم في اتفاق السويد إقرار بند متعلق بصرف الرواتب، وفتحت الحكومة حسابا خاصا في فرع البنك بالحديدة وفقاً لاتفاق السويد، على أن يتم استيفاء مبلغ الرواتب من بنك عدن ومن عائدات الثروة النفطية والغازية، لأن إيرادات الحديدة لا تتجاوز 7 مليارات ريال، بينما مبلغ الرواتب يصل إلى 70 مليار ريال، وفقاً لكشوفات 2014، ما يعني أن إيرادات الحديدة تمثل فقط 10% من قيمة الرواتب كاملة لجميع موظفي الجمهورية مدنيين وعسكريين.
رغم مضي خمس سنوات على اتفاق السويد، إلا أن الطرف الآخر لم يف بالتزاماته حتى هذه اللحظة، ولا تزال قوى العدوان ومرتزقتها يصرون على أن تبقى رواتب الموظفين ورقة مساومة، للضغط على صنعاء ومواصلة الحرب الشاملة ضد أبناء الشعب اليمني، والهدف معروف للجميع.
أوفت الحكومة بالتزامها في الاتفاق، وحوّلت الأموال المخصصة في فرع البنك في الحديدة، وصرفت منها رواتب الموظفين، تقريباً كل ثلاثة أشهر، لصرف نصف راتب فقط، ولا تزال تطالب الأمم المتحدة لإرغام الطرف الآخر على دفع حصته في الرواتب حسب اتفاق السويد.
لم تترك الحكومة أي فرصة أو وسيلة للتخفيف عن المواطنين، والتزمت إجراءات اقتصادية ناجحة، فضبطت سعر الصرف عن مستوى 530 ريالاً للدولار، مقابل انهيار متواصل في عدن المحتلة، وصل إلى أكثر من 1400 ريال للدولار الواحد.
النجاح في ضبط سعر الصرف، حافظ على قيمة الراتب الذي تصرفه صنعاء، وأصبحت قيمة راتب شهر في صنعاء، تساوي رواتب ثلاثة أشهر في عدن المحتلة.
كانت حكومة صنعاء تستطيع الاحتيال وترك سعر الصرف ينهار، ليوازي مثله في المناطق المحتلة، مع رفع موازي للدولار الجمركي بسعر السوق، عندها سترتفع إيراداتها بالريال إلى ثلاثة أضعاف، وستكون قادرة على صرف الراتب ربما كاملا، لكنه سيكون حينها بلا قيمة، بل سيساهم هذه في تدهور أسرع لن يتوقف ولا حتى عند 5000، حسب الخبراء الاقتصاديين، لأنه ببساطة سيفتح شهية لصوص المرتزقة للمزيد من الطباعة، دون غطاء قانوني.
الحكومة في الواقع وقيادة المجلس السياسي الأعلى، واللجنة الاقتصادية رفضت تلك الإجراءات، من أجل أن تحافظ على قدر معقول من قيمة الراتب، وقدرته الشرائية، مع مواصلة الضغط على تحالف العدوان للوفاء بالتزام السويد، لصرف بقية المبلغ المتفق عليه.
وبهذا يظهر أن الميزة التي تحققها إجراءات البنك المركزي في صنعاء لضبط سعر الصرف، هي في الحقيقة من صالح المواطن وليست في صالح حكومة صنعاء أبداً. نعيد التأكيد على أن الحكومة لم تدخر وسيلة للتخفيف عن المواطنين من آثار الحرب الاقتصادية، وقد جربت فكرة البطاقة التموينية، لكنها خلقت مشاكل أكثر من الحلول، ولا تزال تعاني منها إلى اليوم، وهذا ما كشفه الرئيس المشاط في عمران، ولم يكتب لها النجاح.
على كل حال، فإن البلد في ظل هذا العدوان المستمر، لن يتعافى بالحلول الترقيعية، والإجراءات مهما كانت فعالة، فإنها لا ترقى لفعالية الاستفادة من الثروات الوطنية، ولذلك تصر القيادة على أن الهدنة لن تستمر على هذا الحال، وتهديد الرئيس المشاط واضح: بالاستعداد للذهاب للتصعيد العسكري، من أجل استعادة حقوق الموظفين، ورواتبهم، قبله كان السيد عبدالملك الحوثي أيضا صريحاً في تهديد السعودية، بأن نيوم والاستثمارات الاقتصادية لن تكون في مأمن طالما شعبنا يعيش هذه الظروف الصعبة والمعانة الكبيرة.
الخطوات العملية لمنع نهب الثروة النفطية والتي تم تثبيت معادلاتها بعملية الضبة، قبل عام، ثم ما كشفه الرئيس المشاط بمنع محاولات أربعة أيام مع شركات نهب الغاز من ميناء عدن، كلها خطوات تثبت أن حقوق اليمنيين ليست للمساومة، وليست محلاً للتفاوض، وأن هذه المعادلات يمكن أن تتطور، لتشمل موانئ العدوان، ومنعهم من الاستفادة من ثرواتهم واقتصادهم، في ظل معاناة اليمنيين.
بقي شيء يجب أن يشار إليه هنا، في عام 2014 كانت الإيرادات ترليونين و231 مليار ريال، منها اكثر من 50 % ترليون، 186 مليار، إيرادات النفط والغاز، بينما وصلت النفقات ترليونين، 567 مليار ريال، منها اكثر من الثلث، 927 ملياراً، تحت بند المرتبات والأجور، وفي العام التالي وهو أول عام للعدوان، 2015 ، فقد كانت الإيرادات ترليوناً 53 ملياراً فقط، النفقات ترليون و909 مليارات.. بانخفاض في الإيرادات إلى أقل من 50 % بسبب العدوان والحصار، وكان من المنطقي أن ترتفع النفقات لمواجهة العدوان، إلا أنها انخفضت بشكل ملحوظ، بمقدار 658 ملياراً، ولم ترتفع النفقات.
وبالنظر إلى تلك الأرقام، وتطبيقها على واقع اليوم، فان صنعاء فقدت النسبة الأكبر من الإيرادات، لا سيما بعد نقل البنك إلى عدن المحتلة، وسيطرة قوى العدوان ومرتقتها على الإيرادات الرئيسية في البلاد ، النفط والغاز، والمنافذ البرية والبحرية، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية لحكومة صنعاء، باستثناء رفع بعض القيود مؤخرا عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء، إلا أن الإيرادات هنا تظل في مستوياتها الدنيا، واذا أخذنا بعين الاعتبار أن حكومة صنعاء تتقاضى الجمارك وفقا لسعر الدولار 250 ريالا فقط، فإنها تتقاضى فقط نصف المبلغ المفترض، وهذا من اجل تخفيف الأعباء على المواطن ومنع الأسعار من الانفلات، وقيمة العملة من التدهور.
فيكون السؤال المنطقي اليوم هو: كيف استطاعت صنعاء مواجهة كل هذا العدوان، على مدى أكثر من ثمان سنوات، وكيف تنفق على الجانب العسكري، ومن أين، وقد تم قطع كل الإيرادات إلا القليل منها.
في ظل العدوان والحصار، وما تتطلبه مواجهة العدوان من نفقات، تنوء بحملها دول مثل أوروبا، وما يجري في أوكرانيا وحجم الأموال التي وصلت إلى كييف من أوروبا وأمريكا، يكفي لمعرفة حجم حاجة اليمن لمواجهة كل هذا العدوان، والذي في اقل الأحوال يمكن مقارنته بما يجري في أوكرانيا، مع هذا فان اليمن محاصر، ولا يصله أي نوع من المساعدات، وحتى ما تعلنه الأمم المتحدة، ما هو إلا معشار معشار ما تعلنه في أوكرانيا، أما المساعدات العسكرية فحدث ولا حرج، فقد تجاوزت مئات المليارات من الدولارات، أما اليمن فبالكاد يدافع عن نفسه أمام عدوان همجي من أغنى دول العالم تقف معها أقوى دول العالم، وتتواصل إليها شحنات الأسلحة، بمئات المليارات من الدولارات، فعن أي ميزانية يمكن أن نتحدث لتقوى على كل هذه المواجهة، أنها المعجزة فقط، أنها العناية الإلهية، ولله الحمد من قبل ومن بعد.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
20 نوفمبر خلال 9 أعوام.. أكثر من 110شهيدًا وجريحًا في جرائم حرب بقصف غارات ومدفعية العدوان على اليمن
يمانيون – متابعات
تعمَّدَ العدوانُ السعوديُّ الأمريكي، في مثل هذا اليوم 20 نوفمبر خلال الأعوام، 2015م، 2016م، و2017م، و2018م، و2019م، ارتكابَ جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بغاراته الوحشية، وقصفة المدفعي والصاروخي وقنابله العنقودية المحرمة دولياً، على الأسواق وخيام المهاجرين الأفارقة، الأحياء السكنية والمنازل والمزارع، وناقلات العمال والغذاء وسيارات المسافرين، بمحافظتي صعدة والحديدة.
أسفرت عن 42 شهيداً وأكثر من 70 جريحاً بينهم نساء وأطفال، منهم 29 شهيداً وعشرات الجرحى في جرائم موثقة بشكل كامل، وتشريد عشرات الأسر من مأويها، وقطع أرزاقها، وموجة من الحزن والهلع في نفوس أهالي الضحايا، وزيادة معاناة الشعب اليمني وتشديد الحصار، ومنع التحرك والتنقل، وخسائر مالية في الممتلكات الخاصة، وخروقات أتفاق وقف أطلاق النار، وانتهاك القوانين الإنسانية والدولية.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
20 نوفمبر 2015..10 شهداء وعدداً من الجرحى باستهداف غارات العدوان لسيارة تقل مسافرين بصعدة:
وفي العشرين من نوفمبر 2015م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب وإبادة جماعية إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني، مستهدفاً، السعودي سيارة تقل مسافرين من أبناء (مديرية رازح) الحدودية في منطقة المغسل بمديرية مجز، محافظة صعدة، بغارات مباشرة، أسفرت عن عشرة شهداء وعدد من الجرحى، وتدمير السيارة، وترويع المارين والمسافرين وأهالي الضحايا، ومضاعفة معانتهم، وتشديد الحصار على المرضى والجرحى، وتقييد حركة التنقل والتسوق.
تسير السيارة على الطريق العام كعادتها، اليومية محاذية لسيارات أخر، غاديات وعائدات كلاً إلى هدفه يحمل هموم وأحلام وطموحات، وفي لحظة مباغتة تحولت رحلة أبناء رازح إلى مجزرة وحشية وجريمة إبادة جماعية إثر غارات العدوان التي حولت السيارة إلى كرة نار متناثرة في كل اتجاه بما فيها من الأجساد البريئة.
في مكان الغارة توزعت السيارة إلى قطع صغيرة متفحمة، واجساد الشهداء إلى أشلاء متناثرة ومتفحمة، جزي من جسد وعلى بعد أمتار جمجمة، وذراع، وعلى مرمى البصر أوصال بشرية علقت على الأشجار القائمة والمحطمة، يحضر الأهالي لمحاولة انقاذ من بقي من الركاب، ولكن دون جدوى عدد الشهداء كثر فيما الجرحى هم القلة حين قفزوا من السيارة أثناء الغارة الأولى، التي وحلت جوار أطار السيارة، ومن علق منهم قضت عليه الغارة الثانية، في مشهد أجرامي تقشعر من هولة الأبدان.
هرع أهالي المناطق المجاورة إلى مكان الجريمة لتجميع الجثث واسعاف الجرحى، فكان فرز الأشلاء، كجثامين كلاً على حدة أمر غاية في الصعوبة، من بقي على بضع هيكل السيارة تحول إلى رماد، في شكل هيكل بشري ممسك بمقود، او ذائب على حديد المقعد.
أهالي الضحايا عند سماعهم بخبر الجريمة تغيرت حياتهم، من الاستبشار بعودة أهلهم سالمين غانمين، إلى نذير يتم ومعاناة وحزن عميق، أبكاء الأطفال والنساء، وأفقدهم معيليهم، الذين عادوا على النعوش وفي أكياس تضم بقايا أجسادهم التي مزقتها واحرقتها الغارات الوحشية.
هنا طفل يحاول ضم جسد والده لكن ما احتضنه أشلاء فاقدة المعالم، وهنا أب يلقي نظرته الأخيرة على جثة فلذة كبده قبل إدخاله اللحد، فلم يجد ما يؤكد أن ما في التابوت هو أبنه أو غيره، تنهمر دموع الرجال، وتحترق قلوبها من مشاهد الجريمة، ويعلن المشيعين وأهاليهم وذويهم وكل أحرار مديرية رازح النفير العام، وتعزيز رفد الجبهات بقوافل الرجال والمال للدفاع عن المستضعفين.
يقول أحد الأهالي في مكان الجريمة: ” وقت صلاة الجمعة استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي، سيارة ماشية في الوادي لا نعرف تبع من هي وعليها مواطنين، تحولوا إلى أشلاء، وهذه هي أشلائهم، أكثر من 11 شخص، وهم مارين في طريق رازح صارة، وإلى حد الآن لم نعرف هويتهم أو من يكونوا، ملامحهم منعدمة”.
استهداف غارات العدوان لسيارة تقل مدنيين، ليست مجرد جريمة، بل هي جريمة حرب وإبادة جماعية ضد الإنسانية، بشكل واضح ومباشر وعن سابق أصرار وترصد، تستهدف المدنيين بشكل مباشر وتتعارض مع كل القوانين والأعراف الدولية، وتكشف وحشية العدو وجرائمه التي لن تسقط بالتقادم.
أهالي الضحايا طالبوا المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف العدوان السعودي الأمريكي، ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم البشعة، رغم ثقتهم المطلقة بان الحق لا ينتزع بغير القوة.
هذه الجريمة هي جزء من سلسلة طويلة من الجرائم التي يرتكبها العدوان السعودي الأمريكي بحق الشعب اليمني، خلال 9 أعوام، متواصلة، وتوجب على العالم أن يدرك حجم هذه المعاناة، وأن يتحمل مسؤوليته في وقف العدوان الغاشم.
20 نوفمبر 2016.. قصف عشوائي للعدوان بالأسلحة المحرمة يدمر منازل ومزارع المواطنين بصعدة:
في جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائم العدوان السعودي الأمريكي، استهدف طيران العدوان يوم 20 نوفمبر 2016م، منطقة الملاحيط بمديرية الظاهر بصعدة، بقصف عنيف ووحشي، مستخدماً الصواريخ والقنابل العنقودية المحرمة دوليًا.
أسفر هذا القصف عن دمار هائل في المنازل والمزارع، وتشريد عشرات الأسر، وحرمهم من مصادر رزقهم، وترك آثارًا بيئية كارثية ستمتد آثارها السلبية على المدى الطويل.
تُظهر الصور والفيديوهات من موقع القصف حجم الدمار الذي لحق بالمنطقة، حيث تحولت المنازل إلى أنقاض، والمزارع إلى أراضٍ جرداء، وتناثرت بقايا القنابل العنقودية في كل مكان، مما يشكل تهديداً مستمراً لحياة المدنيين.
يقول أحد الأهالي: ” هذه قنابل عنقودية تشكل خطر على حياة أطفالنا ومواشينا، وكل ما يتحرك على الأرض، مزارعنا ومنازلنا دمرت تمامًا لا نعرف كيف يفكر العالم حين يشاهد جرائم العدو السعودي بحق شعبنا؟ لكن هذا لا يؤثر على معنوياتنا وموقفنا من ضرورة الجهاد في سبيل الله والدفاع عن المستضعفين، ونحن اليوم نازحين في الجبال والكهوف والخيام”.
إن استخدام القنابل العنقودية في المناطق السكنية يعد جريمة حرب، فهي أسلحة عشوائية تقتل وتشوه الأبرياء، وتترك آثارًا مدمرة على البيئة، هذه الأسلحة تشكل خطرًا كبيرًا على المدنيين لسنوات طويلة بعد انتهاء العدوان، حيث تنفجر القنابل الصغيرة بشكل عشوائي عند لمسها أو تحريكها، مما يتسبب في إصابات بليغة ومقتل العديد من الأشخاص، خاصة الأطفال.
لا يقتصر أثر هذا القصف على الدمار المادي فحسب، بل يتعداه إلى آثار نفسية واجتماعية واقتصادية عميقة، فقد تسبب القصف في تشريد العشرات من الأسر، وفقدانهم لمصدر رزقهم الوحيد، مما زاد من معاناتهم الإنسانية.
كما أن تلوث البيئة بالمواد السامة الناتجة عن انفجار القنابل العنقودية يشكل تهديدًا خطيرًا على صحة الإنسان والبيئة، وقد يؤدي إلى ظهور أمراض مزمنة وأوبئة، على المدى الطويل.
إن استمرار العدوان السعودي الأمريكي على اليمن واستخدامه للأسلحة المحرمة دوليًا يتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
20 نوفمبر 2017..12 شهيداً وجريحاً في مجزرة ناقلات المواد الغذائية والعمال بغارات العدوان على الحديدة:
وفي العشرين من نوفمبر 2017م، ارتكب طيران العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، جريمة حرب إضافية إلى جرائمه بحق الإنسانية في اليمن، مستهدفاً ناقلة للمواد الغذائية وناقلة عمال على الطريق العام في منطقة الموشج بمديرية الخوخة، محافظة الحديدة، بغارات وحشية مباشرة، أسفرت عن 9 شهداء، و3 جرحى، وخسائر في الممتلكات، وترويع المسافرين وأهالي المناطق المجاورة، ومضاعفة معاناة ذوي الضحايا، وتقييد حركة التنقل في المنطقة.
كان السائقون والعمال يسيرون على الطريق العام، يحملون آمالهم وأحلامهم، متجهين إلى أعمالهم أو لتوفير لقمة العيش لأسرهم، فإذا بهم يستقبلون الموت بأبشع صوره، تحولت الناقلتان اللتان كانتا تحملان الحياة إلى جحيم مشتعل، حيث تساقطت غارات الطيران المدمرة، على رؤوس الأبرياء، محولة أجسادهم إلى أشلاء متناثرة.
تخيلوا معي مشهداً مروعاً: الدماء تسيل على الرمل، والأشلاء متناثرة في كل مكان، وأعمدة الدخان الأسود تتصاعد إلى السماء، والنيران تلتهم كل ما حولها، والناقلتان متفحمتان، والبضائع تحرق، وصرخات الجرحى تتعالى، وأنين المصابين يمزق الصمت، سيارات الإسعاف تهرع إلى مكان الحادث، ولكن الأوان كان قد فات للكثيرين.
يقول أحد الناجين من هذه المجزرة بصوت يقطعه البكاء: ” كنا نسحب الناقلة التي نركب عليها حين غرزت في الرمال، وفجأة استهدفنا الطيران السعودي الصهيوني الإماراتي، واستشهد زملائي، 9 ونجيا 4، ونحن عمال بسطاء، هذه أشلاء زملائي متفحمة، رماد، ما ذنبهم، ليس لهم علاقة بأي طرف”.
عند وصول نبأ الجريمة إلى أهالي الضحايا، انهار الجميع عليهم، بكاء الأمهات على فلذات أكبادهن، وصرخات الأبناء على فقدان عائلهم، وزفرات الأرامل على فقدان أزواجهن، كل هذه المشاهد المؤلمة رسمت لوحة مأساوية لا تُنسى.
شيع الأهالي شهدائهم إلى مثواهم الأخير في حشد غفير من المواطنين الغاضبين، الداعين لكف العدوان عن استهداف المدنيين، وضرورة توحيد الصفوف لمواجهته”.
استهداف ناقلات تحمل مواد غذائية وعمال أبرياء هو عمل إجرامي متعمد، يهدف إلى إبادة الشعب اليمني، وترويع المدنيين وتجويعهم، وقطع أرزاقهم، وتشديد الحصار عليهم، في جريمة حرب واضحة، تستهدف المدنيين بشكل مباشر وتتعارض مع كل القوانين والأعراف الدولية
إن استمرار العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن واستهداف المدنيين بشكل متعمد، يشكل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن ويدخلهم شركاء في استمرار الجرائم، ويتطلب من الشعب اليمني توحيد الصفوف ودحر الغزاة والمحتلين مهما بلغت التضحيات.
20 نوفمبر 2018.. عدداً من الجرحى بقصف مدفعية مرتزقة العدوان على الأحياء السكنية والأسواق بالحديدة:
وفي اليوم ذاته من العام 2018م، أضاف مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، جريمة حرب وخرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بالحديدة، مستهدفين بالأسلحة المتوسطة والثقيلة الأحياء السكنية والأسواق، بمديرية الحالي ما أسفر عن عدداً من الجرحى، ونزوح عشرات الأسر، وحالة من الذعر في نفوس الأطفال والنساء، ومضاعفة المعاناة، وخسائر مالية في الممتلكات.
وفي تحداً سافر لاتفاق وقف إطلاق النار، واصل مرتزقة العدوان جرائمهم بحق المدنيين، حيث تحولت الأحياء السكنية إلى مناطق سهلة أمام مدفعيتهم وصواريخهم وغاراتهم، وتناثرت أنقاض المنازل في الشوارع، وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود، واحرق المزارع، والعشش، ودمرت المحلات، فيما هرب السكان مذعورين من منازلهم خوفًا على حياتهم.
تقول أحدى النساء وهي تجر أطفالها بيدها نازحة من منزلها وسط الليل: “مرتزقة العدوان ارعبوا أطفالنا، واستهدفوا منزلنا، نحن الآن نهرب ونبحث عن مكان أمن بعيد من خطاط النار، أين هو أتفاق وقف أطلاق النار، كذبوا علينا، وجعلوا حياتنا وممتلكاتنا في خطر، وتتبع حديثها برفع كف التضرع والابتهال إلى الله بأن يدمر العدوان كما دمر حياتهم “.
بدورة يقول أحد عمال تغسيل السيارات: “العدوان قصف شارع 7 يوليو، اخافوا الناس في بيوتهم ودمروا محلات الناس، الكثير في رعب وخوف على حياتهم، ما ذنبنا يستهدفون مدنيين”.
إن استمرار خروقات مرتزقة العدوان لاتفاق وقف إطلاق النار، واستهدافها للأحياء السكنية والأسواق، يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بقصف تستهدف المدنيين بشكل مباشر، ويؤكد على استخفاف الغزاة والمحتلين بحياة اليمنيين.
تسبب هذا القصف في آثار وخيمة ومعاناة إنسانية كبيرة للمدنيين، حيث فقد الكثيرون منازلهم وممتلكاتهم، وتشردوا في العراء، كما تسبب في إصابة عدد من المدنيين بجروح مختلفة، بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا القصف يؤثر سلبًا على الحالة النفسية للمدنيين، خاصة الأطفال والنساء.
إن استمرار هذه الانتهاكات يتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لوقف العدوان، وفرض عقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، وحماية المدنيين، كما يجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحمل مسؤولياتهما في تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة باليمن.
20 نوفمبر 2019..45 شهيداً وجريحاً في مجزرة الرقو بقصف سعودي على المهاجرين الأبرياء بصعدة:
وفي العشرين من نوفمبر 2019م، ارتكب العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب ومحرقة كبرى بحق المهاجرين الأفارقة، في سوق الرقو بمديرية منبه الحدودية محافظة صعدة، بقصف مدفعي كثيف، أسفر عن استشهاد 10، وجرح 35، وحالة من الخوف والرعب في نفوس من بقي منهم وكل العاملين في السوق، ومشهد وحشي يندى له الجبين، وانتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية الإنسانية التي تحمي حقوق المهاجرين وحقهم في الحياة.
تحول سوق الرقو، الذي كان معبراً أمناً، وملاذاً للمهاجرين الباحثين عن حياة أفضل، للعمل في الأراضي السعودية، إلى مسلخ بشري، مشاهد الدمار والخراب كانت صادمة، حيث تناثرت الجثث والأشلاء، وغطت الدماء الأرض، وانتشرت النيران في كل مكان، صرخات الجرحى وبكاء الناجين شكلت لوحة مأساوية لا تُنسى.
يقول أحد الناجين من المجزرة بصوت يقطعه البكاء: “كنا نبحث عن عمل لنساعد عائلاتنا في بلادنا، فوجدنا أنفسنا في هذا المكان الآمن، ولكن المجرم سلمان أراد ابدتنا بقصفه الغادر، فقدت الكثير من أصدقائي، وأشعر بالصدمة والحزن، ماذا سيكون حال أهاليهم اليوم؟”.
المهاجرون الأفارقة الذين فروا من بلدانهم هرباً من الحروب والصراعات، وجدوا أنفسهم في اليمن ضحايا لعدوان جديد. فبعد أن كانوا يبحثون عن الأمان، أصبحوا هدفاً للقصف والقتل، هذه الجريمة البشعة تكشف عن مدى استهتار العدوان بحياة الإنسان، وعدم احترامه لأبسط القيم الإنسانية، وبات المهاجرون بلا حماية.
إن استهداف المدنيين الأبرياء، وخاصة المهاجرين، يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، هذه الجريمة تندرج ضمن جرائم الحرب، وتستوجب مساءلة مرتكبيها.
هذه المجزرة البشعة تضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية، وتدعو إلى التحرك الفوري لإنهاء معاناة الشعب اليمني، وكل الأبرياء على أراضيه.
20 نوفمبر 2015_2021.. أكثر من 40 شهيداً وجريحاً في جرائم حرب غير موثقة بالمشاهد الحية بغارات العدوان على محافظات عدة:
وفي سياق متصل بجرائم العدوان السعودي الأمريكي، الغير موثقة بالمشاهد الحية، في اليوم ذاته 20 نوفمبر خلال الأعوام 2015_ 2021م، استهدف بغارات طيرانه الحربي ومدفعية مرتزقة عدد من منازل ومزارع وسيارات المواطنين وقوارب الصيادين، في محافظات مأرب والحديدة وتعز وصنعاء والبيضاء، وعمران.
أسفرت عن 13 شهيداً وأكثر من 30 جريحاً بينهم أطفال ونساء، وتدمير عدد من المنازل والممتلكات، وتشريد عشرات الأسر وقطع أرزاقها، ومضاعفة معانيها، في جرائم يندى لها جبين الإنسانية، كما هو موضحة في الجدو ل البياني إدناه:
ختامًا، نذكر أن كل قطرة دم سالت على أرض اليمن هي شهادة على وحشية العدوان، وستسجل جرائمه في صفحات التأريخ كما هي محفورة في أذهان الشعب اليمني، ولن ينسى العالم من ارتكبها، حتى يأخذ الشعب اليمني حقه بيده.