الراعي يشجع ضمنا على الحوار بدون أحكام مسبقة.. وجعجع: عَ بعَبدا ما بيفوتوا
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
دخل لبنان مرحلة انتظار عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان بعدما إكتملت ردود النواب الراغبين بالرد على سؤاليه حول مواصفات رئيس الجمهورية والبرنامج الاصلاحي الممكن تنفيذه، وقد باتت معروفة الكتل التي ارسلت الردود وتلك الرافضة او التي تعاملت بسلبية مع الرسالة الفرنسية ومع مبادرة رئيس المجلس نبيه بري الحوارية التي اطلقها في مناسبة تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه.
وكان البارز امس قول البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في قداس الاحد : «ان الحوار المدعوّون إليه نوّاب الأمّة، إذا حصل برغم التجاذبات بين القبول والرفض، إنّما يقتضي أوّلًا المجيء إليه بدون أحكام مسبقة وإرادة فرض أفكارهم ومشاريعهم ووجهة نظرهم من دون أي إعتبار للآخرين؛ ويقتضي ثانياً روح التجرّد من المصالح الشخصيّة والفئويّة، ويقتضي ثالثاً اعتماد الدستور واعتباره الطريق الوحيد الواجب سلوكه؛ ويقتضي رابعاً الصراحة والإقرار بالأخطاء الشخصيّة والبحث عن الحقيقة الموضوعيّة التي تحرّر وتوحّد. إلى عناية الله وأنوار روحه القدّوس نكل مسيرة وطننا وشعبنا، راجين الوصول إلى ميناء الأمان.
ودعا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى مواجهة حزب الله بكل الوسائل السلمية، عبر المؤسسات وغيرها من سياسية وشعبية.
وكتبت" النهار": قد يصح وصف الخطاب الناري الذي القاه جعجع في ذكرى "شهداء المقاومة اللبنانية" في معراب انه الخطاب الأشد تصعيدا ضد حزب الله و"فريق الممانعة" منذ حقبة 14 اذار وهو الامر الذي لخصه بوصف هذا الفريق بانه "فريق اجرامي بامتياز". واعلن تبعا لذلك ان "حوارهم هو حوار مجرمين". وضع جعجع حدا حاسما لا جدل فيه مناهضا بقوة لدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار من دون ان يوفر اطلاق الرسائل في اتجاهات مختلفة، سواء في غمزه من قناة "المستقلين المحايدين" او في انتقاده الحاد لفرنسا او في حضه القوي للمعارضة على التماسك والتوسع والصمود في مواجهة "الفريق الاجرامي" الذي استحضر في اتهامه بالاغتيالات كل جرائم الاغتيالات متوقفا مرات عند اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليخاطب "حزب الله" مباشرة قائلا "لن تاكلنا بالحوار" .
والواقع ان خطاب جعجع لم يكن مفاجئا في رفع سقف الموقف "القواتي" تحديدا والمعارض عموما من الحوار، ولكن منسوب التصعيد ضد "فريق الممانعة" و"حزب الله" على وجه الخصوص في ملف الاغتيالات تجاوز التقديرات الاستباقية انطلاقا من جريمة مقتل الياس الحصروني في عين ابل الذي شكل محورا أساسيا في المضمون السياسي الاعم لهجوم جعجع وربطه ما بين الاغتيالات والضغوط والممارسات السياسية لهذا الفريق، بحيث يتوقع ان يستتبع خطابه هذا تصلب أوسع لدى القوى المعارضة عشية عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت المتوقعة في 11 أيلول الحالي. وبذلك ستتجه الأمور نحو اتساع الانقسام على نحو اكبر واعمق من السابق بحيث ستلاقي مهمة لودريان كما دعوة بري المصير إياه .
وسبق خطاب جعجع موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اثار جدلا اذ بدا موقفا مرنا ومشجعا ضمنا من الحوار الذي كان اعتبر سابقا انه يتمثل بالتصويت والانتخاب، ولو انه شدد في موقفه المحدث على حوار بلا شروط والتزام ثابت بالدستور.
ولم تلاق المعارضة بايجابية موقف الراعي الجديد. وقالت مصادرها لـ «الديار»: «بغض النظر عن موقف بكركي الذي نرفض تحميله اكثر مما يحتمل، ما دام البطريرك اصر على تطبيق بنود الدستور، موقفنا ثابت وجازم وهو رفض الجلوس مع حزب الله حول طاولة واحدة لمحاولة اقناعنا بمرشحه، ونحن ماضون في المواجهة حتى الرمق الاخير». وكان جعجع ردد في خطابه امس اكثر من مرة عبارة «عبعبدا ما بفوتوا».
وكتبت" نداء الوطن": «عا بعبدا ما بيفوتوا»، هذه العبارة كررها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مراراً في الكلمة التي ألقاها أمس في قداس «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» في معراب. والدلالة المباشرة لهذه العبارة، هي أن طريق الاستحقاق الرئاسي لن يكون سالكاً أقله في أيلول الحالي حيث يصل قريباً الى لبنان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. وكتبت" اللواء": بين دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى تلبية دعوة الرئيس نبيه بري الى الحوار في المجلس النيابي، ومسارعة حزب «القوات اللبنانية» الى اعلان موقف تصعيدي، تدخل الساحة الداخلية، والمسيحية على وجه التحديد في مخاض جديد يكرّس الانقسام، وربما يمدّد الأزمة.
وذهب رئيس الحزب سمير جعجع الى تفضيل الفراغ لأشهر وسنوات، معلناً الاستعداد: «لتحمل الفراغ لأشهر وسنوات، إلا أننا غير مستعدين أبداً لتحمل فسادهم وسرقاتهم وسوء ادارتهم وسيطرة دويلتهم على دولتنا بالدرجة الثانية». مؤكدا: «لن نرضى الا برئيس يجسّد، ولو بحد مقبول قناعاتنا وتطلعاتنا، فيكون بقدر مهمة الإنقاذ التي يحتاجها البلد».
ولئن نأى التيار الوطني الحر عن الرد على اتهامات جعجع له بصفقات مع حزب الله، فإنه في الوقت نفسه لم يبدِ حماساً قوياً لمبادرة بري، بانتظار اسئلة لديه، تنتظر اجابات اما عبر الوسطاء او الاعلام.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
موقف الشريعة من السحر وحكم تعلمه وجزاء الساحر
قالت دار الإفتاء المصرية إن المسلم ذا العقيدة السليمة يعلم تمام العلم أن النافع الضار هو الله، وأنه هو المسخر للكون ببديع حكمته وعظيم قدرته، وأن المسلم المتفقه في دينه والباحث الدارس لا ينفي وجود السحر السابق للأدلة التي وردت في صدر البحث، وأن على المسلم أن يكون قوي الإيمان مستعينًا بالله في الملمات والشدائد، وأن الساحر قد يستطيع إيصال الضر والبلاء والأذى بالناس، وقد يصل بذلك إلى التفريق بين المرء وزوجه، ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا إلا بإذن الله تعالى.
قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۞ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ۞ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 101-103].
هل للسحر حقيقة وتأثير في الواقع؟
وأوضحت الإفتاء أن جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة ذهبوا إلى أن السحر له حقيقة وتأثير، وذهب المعتزلة وبعض أهل السنة إلى أن السحر ليس له حقيقة في الواقع، وإنما هو خداع وتمويه وتضليل، وأنه باب من أبواب الشعوذة، وهو عندهم على أنواع:
- التخييل والخداع.
- الكهانة والعرافة.
- النميمة والوشاية والإفساد.
- الاحتيال.
واستدل الجمهور من العلماء على أن السحر له حقيقة وله تأثير بعدة أدلة منها:
- قوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: 116].
- قوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه﴾ [البقرة: 102].
- قوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ [البقرة: 102].
- وقوله تعالى: ﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّٰاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ [الفلق: 4].
ومن استعراض الأدلة نرى أن ما ذهب إليه الجمهور أقوى دليلًا، فإن السحر له حقيقة وله تأثير على النفس، فإن إلقاء البغضاء بين الزوجين والتفريق بين المرء وأهله الذي أثبته القرآن الكريم ليس إلا أثرًا من آثار السحر، ولو لم يكن للسحر تأثير لما أمر القرآن بالتعوذ من شر النفاثات في العقد، ولكن كثيرًا ما يكون هذا السحر بالاستعانة بأرواح شيطانية، فنحن نقر بأن له أثرًا وضررًا ولكن أثره وضرره لا يصل إلى الشخص إلا بإذن الله، فهو سبب من الأسباب الظاهرة التي تتوقف على مشيئة مسبب الأسباب رب العالمين جل وعلا.
حكم تعلم السحر وتعليمه
ذهب بعض العلماء إلى أن تعلم السحر مباح بدليل تعليم الملائكة السحر للناس كما حكاه القرآن الكريم عنهم، وإلى هذا الرأي ذهب الإمام الفخر الرازي من علماء أهل السنة، وذهب الجمهور إلى حرمة تعلم السحر أو تعليمه؛ لأن القرآن الكريم قد ذكره في معرض الذم وبين أنه كفر، فكيف يكون حلالًا؟ كما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عده من السبع الموبقات في حديثه الشريف.
جزاء الساحر
قال الإمام أبو بكر الجصاص: اتفق السلف على وجوب قتل الساحر، ونص بعضهم على كفره؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ مَشَى إِلَى سَاحِرٍ أَوْ كَاهِنٍ أَوْ عَرَّافٍ فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ» رواه ابن أبي شيبه في "مصنفه".
واختلف فقهاء الأمصار في حكمه: فروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله: إني أترك السحر وأتوب منه، فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه، وكذلك العبد المسلم والحر والذمي من أقر منهم أنه ساحر فقد حل دمه، وهذا كله قول الإمام أبي حنيفة.
وروي عن الإمام مالك: في المسلم إذا تولى عمل السحر قتل ولا يستتاب؛ لأن المسلم إذا ارتد باطنًا لم تعرف توبته بإظهاره الإسلام، فأما ساحر أهل الكتاب فإنه لا يقتل عند الإمام مالك إلا أن يضر المسلمين فيقتل.
وقال الإمام الشافعي: لا يكفر بسحره، فإن قتل بسحره وقال: سحري يقتل مثله وتعمدت ذلك قتل قودًا، وإن قال: قد يقتل وقد يخطئ لم يقتل وفيه الدية.
وقال الإمام أحمد: يكفر بسحره قتل به أو لم يقتل، وهل تقبل توبته؟ على روايتين، فأما ساحر أهل الكتاب فإنه لا يقتل إلا أن يضر المسلمين.