علي بن سالم المناعي.. خطاط أبو ظلوف
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
شهدت قطر في عام 1949 حدثين كان لهما تأثير كبير في نهضتها التعليمية، الأول كان تدفق الذهب الأسود (النفط) من رمالها، بعد عقدين من انهيار اقتصاد الذهب الأبيض (اللؤلؤ)، وتصدير أولى شحناته عبر مياهها، أما الثاني فكان تولي الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني (1896-1974) سدة الحكم فيها، والذي عُرف باهتمامه بالتعليم، وحبه للعلم والعلماء، وطباعة ونشر ووقف الكتب، وانعكس ذلك على المواطنين، فبرز منهم المعلمون، وكان منهم علي بن سالم بن خلف بن سالم بن عبد الله بن سالم المناعي، المولود في قرية أبو ظلوف؛ بشمال قطر في عام 1892 تقريبًا، والذي حفظ أغلب أبناء القرية القرآن الكريم على يديه، كما علّم بعضهم قواعد القراءة وفنون الكتابة.
الشيخ حسين بن علي المناعي
يُروى أنه حفظ القرآن الكريم، وتعلّم الكتابة والقراءة وبعض العلوم الشرعية على يدي الشيخ حسين بن علي المناعي، أحد الأئمة والخطباء والمعلمين بمنطقة الشمال حينئذ، وعُرف علي بن سالم بتجويده وترتيله الجيد للقرآن الكريم، ويتواتر عن الرواة أن من كان يمر أمام مجلسه؛ بينما هو يقرأ القرآن الكريم، كان يتوقف يستمع، لا يبرح مكانه حتى ينتهي، تأثرًا بقراءته المجودة المرتلة، وصوته الحسن، وخشوعه، وكان مجلسه يمتلئ بالحاضرين من الرجال، وتقف النساء أمام المجلس للاستماع إليه وهو يقرأ القرآن الكريم؛ بل إن بعض من عاصروه يشبهون صوته وقراءته بالقارئ المصري الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (1927-1988)، كما يروى أنه كان حسن الطلعة، معتدل القامة، رقيق الجسم، ذا عارض أبيض.
خزانة خشبية
ولد وعاش طفولته وصباه بقرية أبو ظلوف، وتلقى العلم على أيدي علمائها، ولما بلغ أشده واستوى عمل لسنوات معدودات بحرفة الغوص على اللؤلؤ، فلما اشتد عودته واستوى فتيًا؛ اتجه لحفظ القرآن الكريم، ودراسة العلوم الشرعية، حتى تأهل للقيام بتعليم أبناء قريته، فامتهن تدريس القرآن الكريم، وجعل من مجلسه كُتابًا لتعليم النشء. وكان يُطالع بعض الكتب الدينية المتوفرة في عصره؛ ما أعانه على معرفة المسائل الشرعية، التي كان يُسأل عنها، ويروى أنه كان يضع هذه الكتب في خزانة خشبية في مجلسه؛ ليسهل عليه تناولها والنظر فيها إذا ما عنّ له أمر ما، ويحتاج لاستشارتها.
«دار مـن يبذل الـجـود والمالية»
يقول الرواة إنه لم يكن يتعاطى الشعر، ولا يستهويه نظمه أو مطالعته، ولكنه في عام 1937، أي في عهد الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني، حاكم قطر (1913-1949)، كان متوجهًا مع بعض جماعته من أبو ظلوف إلى الدوحة؛ استجابة لنداء الواجب، في إحدى المناسبات الوطنية، وعندما اقترب ورفاقه من الدوحة، تراءى لهم قصر الشيخ عبدالله، فنظم بيتين؛ مما يُطلق عليه شيلة، يقول فيهما:
قابلتنـا دار ذربين الأفعالـي
هاض ما بي حين لاحت مبانيها
دار مـن يبذل الـجـود والمالية
شيخنا اللي نواصي الخير حاديها
عاصر في قرية أبو ظلوف بعض معلمي القرآن الكريم، ومنهم راشد بن دعفوس المناعي، وكان صديقًا حميمًا له، والشيخ عبدالرحيم الصديقي، الذي كان له دور في تحفيظ عدد من أبناء القرية القرآن الكريم. وتزوج علي بن سالم المناعي قبل وفاته بسنوات من إحدى نساء قبيلته بقرية أبو ظلوف، وأنجب ابنًا واحدًا أسماه «خلف». وتوفي في عام 1945 تقريبًا.
وعُرف علي بن سالم بحُسن الخط، ولهذا كان يقوم، بدون مقابل، بكتابة الرسائل، وتدوين كل ما يُطلب منه تدوينه من أفراد قريته، وقد عُثر له على وريقة تحمل البسملة «بسم الله الرحمن الرحيم»، بخط الرقعة، استفتح بها معدو كتاب «الغوص على اللؤلؤ في قطر» الكتاب في جزأيه الأول والثاني. كما عثر على وريقة أخرى بخطه يبدو أنها مبايعة أو تنازل عن مبنى، مؤرخة في 25 شوال 1351هـ/ 20 فبراير 1933م، تنبئ عن أنه كان يتمتع بحسن الخط وكانت لدية معرفة بقواعد وفنون وأسس الكتابة، ولا نستبعد أن يكون قد تعلم الخط على أيدي معلميه في أبو ظلوف، والذين ربما كان بعضهم خطاطين،
وإن كان فيما يبدو لم يجز في أي من أنواع الخطوط.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر القرآن الکریم فی عام
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف يهنئ الإذاعي إسماعيل دويدار بمناسبة تولّيه رئاسة إذاعة القرآن الكريم
هنأ الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الإذاعي القدير الأستاذ إسماعيل دويدار بمناسبة تولّيه رئاسة إذاعة القرآن الكريم، داعيًا الله له بالتوفيق والسداد في أداء مهام منصبه الجديد.
وأكد وزير الأوقاف أن إذاعة القرآن الكريم تمثل منارة إعلامية إسلامية وشعاع نور ينطلق من مصر إلى كافة ربوع الدنيا، وتعمل على نشر تعاليم الدين الحنيف وإبراز قيمه السمحة، معربًا عن ثقته في قدرة الأستاذ إسماعيل دويدار على تعزيز مسيرتها المتميزة بما يمتلكه من خبرات إعلامية ورؤية تطويرية وسجل ممتد ومشرف خلال مسيرته الكريمة.
وأضاف الدكتور أسامة الأزهري، أن أثير إذاعة القرآن الكريم يملأ صداه ربوع البلاد، ولها دور كبير ومتميز في نشر الفكر الوسطي داخليًّا وخارجيًّا، ولها جمهور من المستمعين لم تحظ به أي إذاعة أخرى في العالم.