سلطان النيادي.. فخر العرب
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
آمنة الكتبي (دبي)
أنهى سلطان النيادي، رائد الفضاء الإماراتي، مهمة «طموح زايد 2» ليصبح أول رائد فضاء عربي يقضي مدة 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية، وأول رائد فضاء عربي يقوم بالسير في الفضاء. وبعد هذا الإنجاز التاريخي، أصبحت دولة الإمارات أول شريك من خارج محطة الفضاء الدولية والدولة رقم 11 عالمياً التي ترسل رواد فضاء بمهمات طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية، وتعمل على تدريبهم وإعدادهم للسير في الفضاء، وقام النيادي خلال المهمة بإجراء سلسلة من التجارب والأبحاث المتقدمة من أجل التوصل إلى نتائج علمية مهمة حول الفضاء الخارجي، بالإضافة إلى مشاركته في برنامج توعوي وتثقيفي في مختلف إمارات الدولة.
التجارب العلمية
وستسهم النتائج المتوقعة من هذه المهمة بإفادة المجتمع العلمي وقطاع الفضاء عالمياً، حيث أجرى 19 تجربة ودراسة علمية لتوفير نتائج قيّمة للمجتمع العلمي، وذلك خلال 4000 ساعة على متن محطة الفضاء الدولية، ضمن سلسلة من التجارب والأبحاث المتقدمة التي تهدف إلى التوصل لنتائج علمية مهمة.
ومن بين آخر التجارب التي أجراها النيادي على متن المحطة الدولية، تجربة إنتاج بلورات البروتينات الخاصة بالأجسام المضادة، داخل مختبر وحدة «كيبو» اليابانية، وتركز التجربة على جزيء البروتين GIRK2 الذي يؤثر على معدل ضربات القلب، وله صلات بالعديد من الحالات الصحية الخطرة، مثل الصرع، والإدمان.
الجاذبية الصغرى
وفي ظل ما يتعرض له جسم الإنسان من تغيرات على محطة الفضاء الدولية بسبب انعدام الجاذبية تقريباً، ومنها تحرك السوائل باتجاه الرأس، ما يمكن أن يسبب مشاكل في النظر، أجرى سلطان النيادي تجربة لمعرفة تأثير بيئة الجاذبية الصغرى على النظر في الفضاء خلال المهمات طويلة الأمد، باستخدام التصوير المقطعي الذي يقدم صوراً دقيقة لشبكية العين.
وأجرى النيادي أيضاً تجربة حول جودة النوم في الفضاء، حيث ارتدى جهازاً للتخطيط الكهربائي للدماغ لدراسة مراحل النوم، ونبضات القلب، وشارك كذلك في نقل الأجهزة والمعدات بين محطة الفضاء الدولية، ومركبة سبيس إكس CRS-27 غير المأهولة.
وفي دراسة حول الصناعات البيولوجية، وضع النيادي في تجربة علمية عينات من مادة الروديوم في جهاز محاكاة تغير الجاذبية، لتساعد نتائجها في تعزيز الصناعات البيولوجية، وإنتاج الأدوية، والغذاء، وذلك ضمن دراسة لوكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية الأميركية، وفي خطوة للمساهمة في تطوير علاج لأمراض القلب على الأرض، أجرى النيادي دراسة «Cardinal Heart 2.0» لجامعة ستانفورد، وذلك لمعرفة آثار الأدوية السريرية على خلايا القلب في الفضاء، والمساعدة في تفادي إصابة رواد الفضاء بأمراض القلب.
كما أجرى النيادي تجربة «veg-05 الزراعية في الفضاء» في إطار علوم «بيولوجية النبات»، حفظ فيها حبات طماطم زرعت من قبل في المحطة، تمهيداً لتحليلها ضمن دراسة حول تأمين الطعام بشكل مستدام في الفضاء، ولفهم نمو النباتات في الفضاء، وشارك سلطان النيادي في تفريغ 6200 رطل من التجارب العلمية الجديدة، وإمدادات الطاقم، وأجهزة المحطة التي قدمتها مركبة الشحن سبيس إكس دراغون، كما نجح في مهمة إعادة تعيين موقع التحام المركبة بمحطة الفضاء الدولية.
السير في الفضاء
وأكد مركز محمد بن راشد للفضاء أن رواد الفضاء الذين يتم اختيارهم للقيام بمهمة السير في الفضاء، يخضعون لعملية اختيار صارمة بناءً على مهاراتهم، وخبراتهم، وقدرتهم على التكيف مع بيئة الفضاء الصعبة، فضلاً عن ضرورة إثبات كفاءة استثنائية في مجالات مختلفة، مثل الهندسة، والروبوتات، وأنظمة دعم الحياة، إضافة إلى اللياقة البدنية، والمرونة العقلية.
وتعتبر عمليات السير في الفضاء، والمعروفة أيضاً باسم النشاط خارج المركبة (EVA)، ضرورية للحفاظ على قدرات محطة الفضاء الدولية، وتطويرها، كما تسمح لرواد الفضاء بأداء مهام مختلفة، مثل صيانة الأنظمة الأساسية لمحطة الفضاء الدولية، وإصلاحها، وتركيب أجهزة تكنولوجية جديدة، وتجميع وإعادة بناء وحدات المحطة، وتُشير عمليات السير في الفضاء إلى مدى أهمية التعاون الدولي على متن محطة الفضاء الدولية، حيث يتعاون رواد الفضاء من مختلف البلدان، ويتبادلون المعرفة، والمصادر المختلفة.
ونظراً للمخاطر العالية المرتبطة بمهمات السير في الفضاء، يتم اختيار رواد الفضاء المؤهلين فقط للقيام بأداء هذه المهمة، فهذه العملية لا تُشكل تحدياً على الصعيد البدني فقط، بسبب بدلات الضغط التي يرتديها رواد الفضاء، بل تتطلب أيضاً قدرات ذهنية كبيرة، حيث يتعيَّن على رواد الفضاء الجمع ما بين التركيز على المهام التي يقومون بها، والحفاظ على سلامتهم، كذلك التفاعل مع الطاقم الموجود على متن المحطة، وفريق مركز التحكم بالمهمة على الأرض.
وأوضح مركز محمد بن راشد للفضاء أن سلطان النيادي خضع لتدريبات مكثفة لأكثر من 55 ساعة في مختبر الطفو المحايد التابع لناسا، في مركز جونسون للفضاء في هيوستن، بولاية تكساس، استعداداً لمهمات السير في الفضاء، وخلال الفترة التي قضاها في مختبر الطفو المحايد، خضع النيادي ل 9 جولات تدريبية، امتدت كل واحدة منها لنحو 6 ساعات، حيث قام بالتدرب على محاكاة السير في الفضاء تحت الماء باستخدام النموذج الكامل لمحطة الفضاء الدولية.
استمرت مهمة السير في الفضاء التي خاضها سلطان النيادي، ورائد الفضاء ستيفن بوين، على مدار 7 ساعات ودقيقة واحدة، حيث كان من بين أحد الأهداف الأساسية لهذه المهمة، هو العمل على سلسلة من المهام التحضيرية لتركيب ألواح شمسية، وهو ما تم تحقيقه بنجاح، وإلى جانب هذه المهمة كان على رائدي الفضاء تغيير وحدة RFG الخاصة بترددات الراديو، وهي جزء من نظام الاتصالات S-Band الخاص بمحطة الفضاء الدولية، تمهيداً لإعادتها إلى الأرض. ولكن هذه الوحدة ستبقى مثبتة على متن المحطة بسبب صعوبات متعلقة بإزالتها.
برنامج الإمارات لرواد الفضاء
يعمل برنامج الإمارات لرواد الفضاء على إعداد طواقم من رواد الفضاء الإماراتيين، استعداداً لخوض مهمات مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية، وغيرها من الوجهات في الفضاء. البرنامج هو الأول من نوعه في العالم العربي ويقدم التدريبات والخبرات والتأهيل اللازم للكوادر الإماراتية لتمثيل دولة الإمارات والعالم العربي في بعثات الفضاء المستقبلية، وإجراء تجارب علمية تدعم مسيرة استكشاف الفضاء عالمياً.
وأطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في أبريل من عام 2017، برنامج الإمارات لرواد الفضاء كجزء من برنامج الإمارات الوطني للفضاء بهدف تدريب وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين وإرسالهم إلى الفضاء للقيام بمهام علمية مختلفة، وخلق ثقافة الاستكشاف العلمي وتحفيز الشباب على دراسة مجالات علوم وتكنولوجيا الفضاء.
توفير معلومات جديدة لخدمة المجتمع العلمي
أكد المهندس سالم المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، أن سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي حقق من خلال مهمته «طموح زايد2» إنجازات تاريخية للعرب لأول مرة كونها المهمة الأطول لرائد فضاء عربي على متن محطة الفضاء الدولية، والتي استمرت 6 شهور، فضلاً عن كونها الأولى كذلك لتنفيذ مهمة السير بالفضاء خارج المحطة، فيما تعكس هذه الإنجازات فخراً كبيراً بما يقدمه العرب من مساهمات نوعية لخدمة البشرية، وإفادة المجتمع العلمي، بما يتم توفيره من معلومات جديدة.
إن نتائج التجارب العلمية التي قام بها سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي سوف تساعد البشرية في معرفة كيفية العيش في الفضاء فترات أطول.
وتابع: بالإضافة إلى دراسة عمل وظائف أجسام الرواد في بيئة الجاذبية الصغرى، تم تخصيص نحو 585 ساعة لإجراء النيادي عدداً من التجارب العلمية الرائدة مثل تجربة إنتاج بلورات البروتينات الخاصة بالأجسام المضادة PCG2 التي تساعد على تحليل إنتاج البلورات الخاصة بالأدوية في بيئة الجاذبية الصغرى، والاشتراك في أنشطة البحث البشري المدرجة على جدول الطاقم، والتي تضمنت عمليات الفحص بالموجات فوق الصوتية، وفحوصات الرؤية، واختبارات السمع، فضلاً عن الكثير من التجارب العلمية الناجحة الأخرى.
طموح زايد 1
نفذ هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، في 25 سبتمبر 2019، أول مهمة علمية مأهولة إلى الفضاء لدولة الإمارات العربية المتحدة، على متن محطة الفضاء الدولية، تحت شعار «طموح زايد»، لتصبح الإمارات الدولة رقم 19 عالمياً التي تبلغ المحطة، وأول دولة عربية تصل إليها.
وخلال مهمته على متن المحطة، أجرى المنصوري 31 تجربة علمية، منها 16 تجربة بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية مثل الوكالة الروسية «روسكوزموس»، والأميركية «ناسا»، والأوروبية «إيسا» واليابانية «جاكسا»، و15 تجربة مستوحاة من المناهج الدراسية في الدولة ضمن مبادرة «علوم في الفضاء»، التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء.
أهداف البرنامج
يهدف برنامج الإمارات لرواد الفضاء إلى تأهيل فريق من رواد الفضاء الإماراتيين وفقاً لأعلى المعايير، ودعم رؤية دولة الإمارات من أجل بناء اقتصاد قائم على المعرفة والبحث العلمي، بالإضافة إلى ترسيخ مكانة دولة الإمارات كشريك عالمي في مهمات الفضاء المأهولة.
كما يهدف برنامج الإمارات لرواد الفضاء إلى تطوير فريق وطني من رواد الفضاء لتحقيق تطلعات الدولة في الاستكشافات العلمية، والمشاركة في مهمات الاستكشاف المأهولة، وتحفيز وإلهام الأجيال الشابة على الاهتمام بدراسة مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والإسهام في بعثات استكشاف الفضاء العالمية من خلال تطوير وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين، بالإضافة إلى تشجيع ثقافة البحث العلمي وتشجيع الاستكشاف والابتكار.
الدفعة الأولى
وفي عام 2018، تم اختيار رائدي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي من بين 4000 متقدم لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء، ليشكلا معاً الدفعة الأولى من البرنامج. في 25 سبتمبر 2019 نفذ هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي وسلطان النيادي كرائد احتياطي للمنصوري، أول مهمة علمية مأهولة إلى الفضاء لدولة الإمارات العربية المتحدة، على متن محطة الفضاء الدولية، تحت شعار «طموح زايد».
في عام 2021، تم الإعلان عن الدفعة الثانية من البرنامج وكان من بينهم أول رائدة فضاء عربية وهي نورا المطروشي إلى جانب رائد الفضاء محمد الملا، من بين 4305 متقدمين. وقد انضم رائدا الفضاء من الدفعة الثانية إلى برنامج «ناسا لرواد الفضاء لعام 2021»، وذلك ضمن اتفاقية تعاون مشترك بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية، حيث يتم تدريبهما في مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة «ناسا» الأميركية في الولايات المتحدة.
أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب
في أبريل 2022، أطلق مركز محمد بن راشد للفضاء أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب مهمة جعلت دولة الإمارات، الدولة رقم 11 عالمياً التي ترسل رواد فضاء بمهمات طويلة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية، وانطلقت في مارس 2023، وامتدت ل6 أشهر على متن محطة الفضاء الدولية، حيث تم إرسال سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي ضمن مهمة ناسا وسبيس إكس Crew-6. وشملت المهمة برنامجاً متكاملاً من التجارب والدراسات، وقد وقَّع المركز تحضيراً لها عقداً مع شركة «أكسيوم سبيس» يهدف إلى تعزيز التعاون مع وكالة ناسا خلال فترة الأشهر الـ6 في الفضاء.
في يوليو 2022، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن اختيار رائد الفضاء سلطان النيادي للمشاركة في أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب، حيث سيخوضها على متن محطة الفضاء الدولية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات سلطان النيادي محطة الفضاء الدولية على متن محطة الفضاء الدولیة على متن المحطة دولة الإمارات بالإضافة إلى طویلة الأمد من التجارب هذه المهمة
إقرأ أيضاً:
على ارتفاع 400 كيلومتر.. رواد الفضاء الأمريكيون يشاركون في الانتخابات
يصوت رواد الفضاء الأمريكيون الأربعة على متن محطة الفضاء الدولية، دون بيتيت، ونيك هيغ، وبوتش ويلمور، وسونيتا ويليامز، في الانتخابات الأمريكية، اليوم الثلاثاء على ارتفاع 400 كيلومتر عن سطح الأرض.
وقال ويلمور في مؤتمر صحافي من محطة الفضاء الدولية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إنه قدم طلباً للاقتراع، وأكد أنه "دور مهم للغاية أن نشارك جميعاً باعتبارنا مواطنين في هذه الانتخابات، ووكالة ناسا تسهل علينا الأمر كثيراً".وأضاف ويليامز وهو يتحرك في غياب الجاذبية: "نتطلع إلى أن نكون قادرين على التصويت من الفضاء، وهو أمر رائع للغاية".
وتتيح وكالة ناسا التصويت البريدي الاستثنائي عبر برنامج الاتصالات والملاحة الفضائية، ليتمكن رواد الفضاء من أداء واجبهم المدني من المدار.
ويمكن لرواد الفضاء التصويت في الانتخابات العامة مثلهم مثل أي أمريكي آخر، بفضل بطاقات التصويت المبكر، بالتنسيق مع مكتب سكرتير المقاطعة التي يعيشون فيها، وفق وكالة ناسا.
وعندما يكتمل التصويت الإلكتروني من المحطة، ينتقل الاقتراع إلى نظام التتبع وترحيل البيانات عبر الأقمار الصناعية حتى يصل إلى الأرض، وتحديداً إلى مرافق وايت ساندز ، للوكالة في مدينة لاس كروسيس بولاية نيو مكسيكو، لتنقل بعدها إلى مركز جونسون للتحكم في المهمة، ليتولى السكرتير المسؤول في المقاطعة الإدلاء بالصوت.
ووفق ناسا، فإن البطاقة مشفرة ولا يصل إليها إلا رائد الفضاء وموظف المقاطعة، للحفاظ على سرية التصويت.