آمنة الكتبي (دبي) 
أكد عدد من الخبراء أن نتائج التجارب العلمية التي أجراها سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي تعد ثروة علمية عربية، وذلك ضمن مهمته مؤكدين أهمية المخرجات العلمية التي ستفيد المجتمع العربي والعالمي، ودور سلطان في إلهام ملايين الشباب العربي ومنحهم شعور الفخر والعزة والأمل نحو مستقبل عربي مليء بالإنجازات والأمجاد.

 
وأوضحوا أن التجارب التي نفذت من شأنها تعزيز دور الجامعات الإماراتية في إحداث تأثير علمي، وتؤكد مكانة الإمارات عالمياً في مجال استكشاف الفضاء، وخدمة البشرية، ومن المتوقع أن تنعكس نتائج التجارب العلمية والبحثية على تحقيق إضافة وتقدم في عدد من المجالات الطبية والبيئة الحيوية، وسيكون لها نتائج إيجابية على حاضر البشرية ومستقبلها، وتحسين فهم الباحثين لعدد من التقنيات في مجالاتهم البحثية والعلمية المختلفة.

قدرة الشباب العربي
 قال الدكتور فاروق الباز عالم الفضاء والجيولوجيا في وكالة «ناسا» الأميركية، رئيس مركز الاستشعار عن بُعد بجامعة بوسطن، إن التجارب العلمية التي أجراها سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي أثبتت قدرة الشباب العربي في استكشاف علوم الفضاء والقدرة على إتمام مهمة طويلة الأمد في محطة الفضاء الدولية.
وأضاف أن النيادي حقق نجاحاً ملحوظاً من خلال دورة في صيانة المحطة وإتمام مهمة السير في الفضاء خارج المحطة، وعمل باجتهاد لإجراء العديد من التجارب العلمية التي سوف تكون حصيلتها العلمية كبيرة جداً وسوف تفيد المجتمع العلمي العالمي، مؤكداً أن الإمارات أصبحت لاعباً مهماً في مهام اكتشاف الفضاء مؤخراً بكل جدية وإصرار، وهو الأمر الذي أعاد المجد للعرب، وتمكنت الإمارات من وضع اسمها على خريطة القطاع الفضائي العالمي وأصبح لديها بنية تحتية وبشرية رائعة في فترة وجيزة.
وقال: إن هذا الإنجاز الكبير جعل دولة الإمارات الـ10 عالمياً في مهمات السير في الفضاء خارج محطة الفضاء الدولية، ويعتبر تتويجاً للنجاح الكبير في المهام السابقة، حيث تعتبر هذه المهمة الرابعة لهذا العام خارج محطة الفضاء الدولية، والتي تعد خطوة مهمة في تسجيل عودة أمجاد العرب في غزو الفضاء.

الريادة والتطور
وقال الدكتور محمد إبراهيم العسيري، الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في مملكة البحرين: نشهد في السنوات الأخيرة زيادة في الاهتمام بقطاع الفضاء على المستوى الدولي وذلك لمجموعة من الأسباب، ربما من أهمها الانفتاح التقني غير المسبوق والنمو الاقتصادي المتعاظم لهذا القطاع الحيوي، فكان لا بد للكثير من الدول الطامحة لتحقيق الريادة والتطور من العناية بهذا القطاع من خلال الاستثمار في بناء قدراتها الوطنية والدخول في شراكات لتنفيذ مشاريع علمية تسهم في تعزيز البحث العلمي وتحقق التطور المنشود، وإن من بين أوجه الاستثمار الذكي وجود برامج تعنى بإرسال رواد للفضاء.
وأضاف: أنا كعربي أشعر بالفخر والسعادة لنجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في تحقيق إنجازات نوعية متتالية من خلال استثماراتها في مجالات الفضاء، فبعد نجاحها في إرسال هزاع المنصوري أول رائد عربي إلى محطة الفضاء الدولية، أكدت للعالم إصرارها على مواصلة المساعي الدؤوبة والمباركة بتتويج تميزها بإرسال أول رائد عربي لمهمة طويلة الأمد (رائد الفضاء سلطان النيادي)، لتكون من الدول القليلة التي حققت مثل هذا الإنجاز التاريخي، ولتحقق للعرب مجداً جديداً تلهم من خلاله الناشئة والشباب العربي، ولتقدم لنا درساً بأنه لا مستحيل مع المثابرة والإصرار.
وحول التجارب العلمية، قال العسيري: لقد أثرى رائد الفضاء سلطان النيادي المكتبة العلمية التطبيقية العربية من خلال تنفيذه ما يزيد على 200 تجربة علمية طيلة فترة تواجده في محطة الفضاء الدولية وفي مجالات عديدة ومتنوعة، وهذا مساهمة علمية مهمة للغاية، فهذه التجارب يتم مشاركتها من العديد من وكالات الفضاء العالمية، كما سيترتب عليها نشر مئات وربما آلاف الأبحاث العلمية والتي قد يترتب على بعضها نظريات أو ابتكارات علمية تسهم في تطور الحياة على الأرض أو ربما تعزيز جهود البشرية في اكتشاف أعماق الفضاء وبناء مستعمرات بشرية خارج حدود الكرة الأرضية.

أخبار ذات صلة برنامج الإمارات لرواد الفضاء.. منجزات علمية لمستقبل البشرية حنان السويدي: الرواد يتأقلمون على الجاذبية بعد ساعة من وصولهم للأرض

وأضاف: لا شك أن حصيلة هذه التجارب تعد ثروة علمية ثمينة تضاف لرصيد العرب ومساهماتهم المتنوعة عبر تاريخهم المشرف والتي كانت الأساس لتقدم الحضارة البشرية وبلوغها ما نحن عليه اليوم. وكمتابع لما ينشره رائد الفضاء سلطان النيادي على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي، فأنا على يقين أن شروحه الذكية والمبسطة للمادة العلمية باللغة العربية بعد كل تجربة كان لها أثر عظيم في نشر العلوم وتقديمها بصورة محببة وسهلة للجميع على مستوى الناطقين باللغة العربية في مختلف بقاع الأرض. 
وأكد أن مهمة السير في الفضاء الخارجي لها أهمية بالغة، لكونه من أصعب المهام التي يضطلع بها رواد الفضاء عادة، خصوصا تلك المتصلة بمهام تتطلب تركيزاً عالياً ولياقة بدنية وحضوراً ذهنياً وقدرة على التحمل مع فهم واضح لنوع المهمة وخطوات تنفيذها في الوقت المسموح به، وقد أتم رائد الفضاء سلطان النيادي ساعات التدريب على هذه المهمة خلال فترة تدريبه على ريادة الفضاء، حيث أثبت تميزه ومقدرته، كان من الطبيعي أن يتم اختياره من بين الرواد المشاركين في هذه المهمة الفضائية لتنفيذ مهمة السير في الفضاء والمشاركة في تنفيذ ما أنيط به بشكل ناجح. هذا النجاح الذي حققه رائد الفضاء سلطان النيادي يعتبر إنجازاً تاريخياً كبيراً للعرب، ويفتح المجال لمزيد من الإنجازات المتميزة والملهمة للشباب العربي ويؤكد مقدرة أمتنا على تخطي كافة التحديات وتحقيق الأمجاد كما كان أسلافنا.
وأضاف: هنيئا لدولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعبا عودة ابنها البار رائد الفضاء سلطان النيادي إلى أرض الوطن سالما غانما، وقد حقق الإنجازات التاريخية ورفع اسم بلده ورايتها في الفضاء، وساهم في إلهام ملايين الشباب العربي ومنحهم شعور الفخر والعزة والأمل نحو مستقبل عربي مليء بالإنجازات والأمجاد.
صيانة محطة الفضاء الدولية
شارك سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي، في صيانة محطة الفضاء الدولية وتركيب الألواح الشمسية، كما عمل أيضاً مع زملائه على تركيب طوب جليدي في ثلاجة المحطة لتكييف درجة الحرارة، ويطلق على وحدة التخزين البارد اسم معمل درجة -8، ويساعد في الحفاظ على العينات البيولوجية المستخدمة في التجارب، مثل الدم أو اللعاب أو البول أو المواد الميكروبية أو النباتات.

السير في الفضاء
وقال الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة: أنجز سلطان النيادي رائد الفضاء الإماراتي المهمة التاريخية والتي امتدت لمدة 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية كما أنجز مهمة السير في الفضاء خارج المحطة ليكون بذلك أول رائد فضاء عربي يقوم بالسير في الفضاء، وذلك ضمن مهام البعثة 69 الموجودة على متن محطة الفضاء الدولية، في إنجاز جديد تحققه دولة الإمارات العربية المتحدة والتي ستصنف العاشرة عالميًا في مهمات السير في الفضاء خارج محطة الفضاء الدولية.
وأضاف: لا شك أن نتائج التجارب العلمية التي قام بها سلطان النيادي على متن محطة الفضاء الدولية سوف يكون لها دور معرفي وعلمي وتنعكس نتائج التجارب العلمية والبحثية على تحقيق إضافة وتقدم في عدد من المجالات الطبية والبيئية الحيوية، وسيكون لها نتائج إيجابية على حاضر البشرية ومستقبلها، وتحسين فهم الباحثين لعدد من التقنيات في مجالاتهم البحثية والعلمية المختلفة.

200 تجربة علمية 
شارك سلطان النيادي خلال هذه المهمة التي امتدت لـ6 أشهر، في أكثر من 200 تجربة علمية بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية، وجامعات إماراتية، وتنوعت هذه التجارب بين مجالات مختلفة، مثل زراعة النباتات، والعلوم الإنسانية، وتقنيات استكشاف الفضاء، وسلوكيات السوائل، وعلم المواد، وإنتاج البلورات، وغيرها من التجارب العلمية المميزة، التي ستفيد المجتمع العلمي العالمي، والباحثين، والطلاب داخل دولة الإمارات وحول العالم. 
وقام النيادي بإجراء عدد كبير منها بشكل شخصي، وستكون التجارب البحثية بالتعاون مع وكالة ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، والمركز الوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، وتشمل التجارب مجموعة من المجالات، أبرزها نظام القلب والأوعية الدموية، وآلام الظهر، واختبار وتجربة التقنيات، وعلم ما فوق الجينات، وجهاز المناعة، وعلوم السوائل، والنبات، والمواد، إضافة إلى دراسة النوم، والإشعاعات، كما ستشمل المهمة جانب التوعية التعليمية، من أجل إلهام الجيل القادم من العلماء والباحثين. واختار مركز محمد بن راشد للفضاء، مشروعين بحثيين من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، إذ يركز المشروع الأول على تقييم تأثير بيئة الجاذبية الصغرى في الفضاء على التفاعل بين القلب ووضعية الجسم، بينما سيعمل المشروع الثاني على دراسة خلايا الفم والأسنان على الأرض في بيئة تحاكي الجاذبية الصغرى.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات سلطان النيادي الفضاء ناسا سلطان النیادی رائد الفضاء الإماراتی رائد الفضاء سلطان النیادی التجارب العلمیة التی محطة الفضاء الدولیة دولة الإمارات الشباب العربی هذه المهمة من خلال عدد من

إقرأ أيضاً:

العـَوْدَةُ من عـَتَـبَـةِ المَـوْت

بدر بن خميس الظفري

 

تعرفتُ لأول مرة على مصطلح (Near Death Experience) وتعني "تجربة الاقتراب من الموت" وتختصر ( (NDE، من الزميل سليمان البُحري، محرر ومذيع الأخبار الإنجليزية في الإذاعة، حين أرسل لي رابطًا لمقطع على منصة يوتيوب ترجمة عنوانه: "ملحدة ماتت ووجدت حياة بعد الموت".

كان العنوان مثيرا جدا، وشغل بالي منذ ذلك الحين، فشاهدت المقطع، الذي كان بمثابة باب انفتح على عالم غريب، يقف على تخوم الحياة والموت، ويتأرجح بين العلم والروح، وبين المعلوم والمجهول.

تسرد نانسي راينز، بطلة هذا المقطع، كيف غادرت روحها جسدها إثر حادث سير مروّع، لترى المشهد من مكان عالٍ، قبل أن تنجذب، كما تصفُ، إلى فضاء مشرق بالنور والطمأنينة، وتستقبلها كائنات من نور، تُشع حبًا وسكينة. هناك، عُرضَ شريط حياتها أمام عينيها لحظة بلحظة، وكأنها على موعد مع حساب ذاتي صامت. نانسي كانت ملحدة لم تؤمن بأي معتقد، لكنها عادت من تلك التجربة تحمل في روحها نورًا جديدًا، ويقينًا لم تألفه من قبل.

في البداية، قد تبدو هذه التجربة استثناءً غريبًا، أو حكاية عابرة من حكايات ما وراء الطبيعة، لكنّ التأمل في آلاف الحالات الموثقة التي تشبه هذه التجربة، يكشف عن بنية مكرّرة وعناصر تتكرر بتشابه مدهش، فهناك شعور بالخروج من الجسد، والمرور عبر نفق مظلم، ورؤية ضوء ساطع، ولقاء كائنات نورانية، ومراجعة للحياة الماضية، وشعور بالسلام والطمأنينة، ثم العودة إلى الجسد. وتتكرر هذه التجربة لدى أشخاص من خلفيات دينية وثقافية وعرقية متباينة، بل حتى لدى الأطفال أو أشخاص لا يؤمنون بأي معتقد روحي. فهل هي مجرد هلوسة عصبية؟ أم أننا أمام ظاهرة تتحدى الفهم التقليدي للوعي والموت؟

من أبرز من درسوا هذه الظاهرة العالم الأمريكي الدكتور ريموند مودي، الذي صاغ مصطلح "تجربة الاقتراب من الموت" (NDE) في سبعينيات القرن العشرين. في كتابه الشهير "الحياة بعد الحياة" الصادر عام 1975، جمع مودي شهادات لأشخاص مرّوا بتجربة الموت السريري، ورصد نمطًا متكررًا من التجارب، دون أن يحاول تأطيرها ضمن منظومة دينية أو علمية قاطعة، وكانت ملاحظاته الأولى دعوة للعلماء إلى أخذ هذه التجارب على محمل الجد، بوصفها ظواهر نفسية وروحية متكررة تستحق التأمل، وليست خرافات أو هلوسات.

لاحقًا، جاء الباحث الأمريكي الدكتور بروس غرايسون، أستاذ الطب النفسي في جامعة فيرجينيا، ليمنح هذا المجال بعدًا علميًا أكثر دقة، فوضع عام 1983 ما يُعرف بـ"مقياس غرايسون لتجربة الاقتراب من الموت"، لقياس عمق وخصائص هذه التجارب. وقد لاحظ أن كثيرًا من الحالات التي درسها حدثت أثناء توقف النشاط الكهربائي للدماغ، ما يعني أن الدماغ كان في حالة عجز تام عن توليد الوعي حسب الفهم الطبي التقليدي. ورغم ذلك، تحدث المرضى، بعد نجاتهم من الموت، عن تجارب واعية واضحة، بل غنية بالمشاعر والمعاني، وأحيانًا تزامنت أقوالهم مع وقائع حدثت أثناء غيبوبتهم.

حاولت بعض النظريات العصبية تفسير هذه الظاهرة بفرضيات كنقص الأوكسجين، أو إفرازات غير طبيعية من الغدة الصنوبرية التي تفرز مركب (ثنائي ميثيل تريبتامين)، وهو مركب مهلوس يُعتقد أنه مسؤول عن رؤى مشابهة. لكن كثيرًا من التجارب حصلت في ظروف لم تشهد نقصًا في الأوكسجين، أو في حالات خضع أصحابها لمراقبة صارمة لم تُظهر مؤشرات فيزيولوجية تؤيد هذه التفسيرات.

بل إن هذه التجارب، في بعض وجوهها، تتجاوز ما يمكن أن تسببه مادة كيميائية. كيف نفسّر أن شخصًا أميًّا يرى نفسه يقرأ كتابًا؟ أو أن طفلًا في الخامسة يصف مشهد غرفة العمليات بدقة لا يمكن أن يعرفها؟ بل الأهم من كل هذا، لماذا تؤدي هذه التجارب إلى تغييرات جذرية طويلة المدى في سلوك الأفراد وقيمهم ونظرتهم للحياة والموت؟

هنا تبرز الأسئلة الفلسفية الكبرى. هل الوعي مجرّد إفراز من الدماغ، كما يرى الماديون؟ أم أن العقل كيان مستقل، يتصل بالجسد حينًا وينفصل عنه حينًا، كما ذهب الفيلسوف رينيه ديكارت في نظريته الثنائية؟ في ضوء هذه التجارب، باتت نظرية ديكارت تستعيد شيئًا من بريقها. ويذهب بعض الفلاسفة المعاصرين إلى ما هو أبعد من ذلك، مقترحين أن الدماغ ليس منتِجًا للوعي، بل مُرسِلًا أو مستقبلًا له، كما تستقبل الإذاعة البث من الخارج دون أن تنتجه.

أما على الصعيد الروحي، فتتقاطع هذه التجارب بشكل مدهش مع ما ورد في الأدبيات الصوفية. تحدّث ابن عربي، الفيلسوف والمتصوف الأندلسي المعروف بـ"الشيخ الأكبر"، عن "الفناء في النور"، حيث يفقد الإنسان شعوره بالذات ويندمج في نور الحق. وكتب السهروردي، مؤسس فلسفة الإشراق وصاحب الرؤى الرمزية حول عوالم النور، عن "العروج إلى العوالم النورانية"، وهي حالات تأملية يشهد فيها السالك مشاهد غير مادية تُكشف له بالبصيرة. وذكر الجنيد البغدادي، أحد أوائل منظّري التصوف في بغداد، حالات من الانفصال عن الجسد والعودة إليه، كأنها سفرات روحية مؤقتة يعيشها القلب في غيبته عن الدنيا. ورغم اختلاف اللغة والتأويل، إلا أن الجوهر يبدو مشتركًا، وهو أن الإنسان، في لحظة صفاء أو موت أو غياب، يعبر حدود الحس ويتصل بعالم أرحب، يتجاوز المادة، ويوقظ فيه معنى أسمى للوجود.

ومن اللافت أن هذه التجارب لا تقتصر على مؤمنين أو متدينين، بل يخوضها كثير من الملحدين أو اللادينيين، ويعودون منها وقد تبدلت نظرتهم للحياة والوجود والمصير. إنها تجارب شخصية شديدة الخصوصية، لكنها تتقاطع على نحو مدهش مع تجارب الآخرين، وكأنها لغة كونية عابرة للأديان والثقافات.

ورغم أن العلم لم يقدّم حتى الآن تفسيرًا حاسمًا لهذه الظاهرة، فإن حجم الشهادات، واتساقها، وتأثيرها العميق في الأفراد، يجعل من الصعب تجاهلها أو تسفيهها. هي دعوة لإعادة التفكير في حدود العلم، وفي طبيعة الوعي، وفي معنى الموت، وربما أيضًا في سرّ الحياة.

إن العودة من عتبة الموت هي شهادة وجودية على أن الإنسان كيان أعمق مما نظن، وأن لحظة "النهاية" قد تكون بداية نوع آخر من الإدراك، لا ندرك كنهه تمامًا، لكنه يوقظ فينا السؤال الكبير: هل نموت حقًّا؟ أم نولد من جديد على نحو لا نتصوره؟

 

 

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • جامعة بنغازي تستقبل البروفيسور عبد القادر الجازوي في زيارة علمية مهمة
  • ليلة من الفرح في عمان: رجل الأعمال رائد ملحم يحتفل بزفاف مالك نائل ملحم
  • الأديبة #البقمي تمثّل السعودية في أمسية قصصية عربية
  • العـَوْدَةُ من عـَتَـبَـةِ المَـوْت
  • ورشة علمية لتعريف المشاركين بالكواكب النجمية
  • الصورة التي أربكت العلماء.. «الشبح الأحمر» يظهر بوضوح في الفضاء!
  • غسان البوسعيدي: التجارب الودية مهمة لبناء فريق قوي قادر على المنافسة
  • سعيد أطلع الرئيس عون على نتائج لقاءاته الدولية الاقتصادية
  • روسيا تطلق تطلق مركبة شحنة لدعم رواد الفضاء في المحطة الدولية
  • روسيا تطلق مركبة شحن لدعم رواد الفضاء في المحطة الدولية