أعمال الوزاني.. لمسات طفولية تعانق الضوء
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
محمد نجيم (الرباط)
في مدينة تطوان، يعرض الفنان التشكيلي والنحات المغربي عبد الكريم الوزاني، الكثير من أعماله التي أبدعها منذ عقود من الزمن، وأصبحت من أيقونات الإبداع البصري في المغرب وخارجه. ويعتبر الوزاني من أساطين النحت المغربي، وتمتد تجربته إلى سنوات طويلة من العمل الإبداعي والفرادة في طرح مواضيع أعماله التي تحمل تعبيرات جمالية تتناغم مع الفضاء وغنية بمقومات الفن الرفيع الذي يؤشر على وجود لغة تشكيلية تحمل بصمة الفنان، ويصعب أن نجدها في أعمال غيره من الفنانين، سواء داخل المغرب أو خارجه.
معانقة الضوء
في تقديمه لأعمال الفنان عبد الكريم الوزاني، يقول الناقد الفني فيليب بلون، إنها أعمال تعرض لأول مرة في الهواء الطلق، لتعانق الضوء في حديقة جبلية فسيحة تطل على مدينة تطوان. هذا المعرض يأتي بعد أربعين سنة أو يزيد على إقامة «معرض الربيع» الذي نظمه الوزاني رفقة أصدقائه التشكيليين، والذي كان منطلقه في الإبداع، واختياره الأساس الذي حدد منهج اشتغاله مدى الحياة. أما الناقد الجمالي فريد الزاهي فقد وصف أعمال الوزاني بكونها تكاد تغدو لعب أطفال ينصبها في الفضاء، وتكبر وتتعالى حتى تغدو أشبه بأرجوحة. هكذا يمنحنا هذا الفنان منذ أكثر من ثلاثة عقود كيانات فاتنة تترجم عالمه المرئي، وتزج بنا في مكونات محيطنا لتعيد صنعه لنا وأمامنا بمزيج من الدهشة والمرح. منحوتات الوزاني ترفل بالكائنات، من ورد وأسماك وأشجار، تكاد تنبع من أيادي طفل لم يجد أمامه غير أسلاك الحديد والخرق والألوان كي يشكل بها تلك الكائنات. كما أن تجربته الفنية انزاحت منذ البداية عن كل هذا باحثة عن تميز من نوع آخر، يستبطن في الذات تلك الفرحة الطفولية بالرسم، جاعلة من الممارسة النحتية والتشكيلية لعبة طفولية مشحونة بالانفعالات. أخبار ذات صلة فتحية النمر: الأدب توعية ورسالة لبث القيم الإنسانية الجميلة الكاتب والمكان.. علاقة جدلية في الأعمال الأدبية
بساطة المفردات
في حديثه، مقدماً منحوتاته، قال الفنان عبد الكريم الوزاني: «إن أعماله هي ترجمة وتعبير عن نظرته للأشياء التي تجاوره ويحس بها في الحياة، مؤكداً أنه يترك للمتلقي حرية تحليل وقراءة أعماله الفنية بنظرة شخصية خاصة». أما الناقد الفني عز الدين بوركة، فيصف أعمال الفنان عبد الكريم الوزاني قائلاً: يبدع الوزاني منحوتات هوائية، تعتريها خفة السند وخفة المرح الطفولي الذي يسُودُها. تمرح أعمال عبد الكريم الوزاني في جغرافيا سحرية، ومن الفضاء ذاته تخرج لوحاته الصباغية ومنحوتاته الهوائية، عامرة بروح طفولية تهرب من حالة الكبر، روح باحثة عن بلاغة شاعرية تعتمد على الإقلال في مواد الاشتغال والبساطة في مفردات جملة الإبداع.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفن التشكيلي الثقافة
إقرأ أيضاً:
جلال لقمان: لن تهزمني النار
سعد عبد الراضي
جلال لقمان، فنان وافق فنه إنسانيته، ليؤكد أن موهبته مفطورة، ومترعة بأريج الوضاءة، فبعد أن أكلت النار معظم أعماله التي أنجزها، خلال أكثر من أربعين سنة، وقف شامخاً قوياً في معرضه: «ما لم تأكله النار» ليغرس في مشواره نبتة الأمل.
كأي يوم آخر في شهر مايو الماضي، كان رائد الفن الرقمي في دولة الإمارات يقضي ساعاته كالعادة أمام الكمبيوتر، ليكمل بعض التصاميم والكتابات، وعندما كان يهم كعادته بممارسة رياضة المشي التي اعتاد عليها، وصله الخبر الذي لا يتمناه أي فنان تشكيلي، وهو أن المستودع الذي يضم أعماله الفنية التي أنجزها خلال 34 عاماً من رحلته قد احترق.
وعن الخروج من ألم «مالم تأكله النار» يقول لقمان: «في لحظة ضعف حزنت عندما وصلني خبر احتراق أكثر من 60 عملاً لي بين لوحات ومجسمات، وهي التي كانت مصدر رزقي ومشوار حياتي، حزنت وانشطر قلبي، ونزلت دمعة واحدة من عيني. وبعد أقل من أسبوع قررت ألا أنكسر، رفضت أن أدع النار تهزمني. ووجدت زوجتي أم سلطان واقفة إلى جواري تقول لي : «هاي مش نهايتك طول عمرك عصامي وما تستسلم، هذه بداية جديدة»، هكذا تجاوزت صعوبة المشهد، وعدت إلى مكان الحريق، وجمعت البقايا المصهورة والمحروقة من أعمالي الفنية، ثم اشتريت ما استطعت من أدوات ومعدات وأجهزة، وبدأت بإنجاز مجموعة جديدة، وعلى مدى 6 أشهر اتخذت أسلوباً قاسياً للوقوف على أقدامي مرة أخرى».
ومن ضيق الفقد إلى ساحات الأمل يتمنى جلال لقمان إنشاء حاضنة فنية نحافظ من خلالها على الإرث الفني الغني لفناني الإمارات، الإرث الذي سطره جيل الرواد، ويقول: «تمنيت أثناء زيارتي المخزن المحروق، وجمع البقايا من سنواتي المحروقة، لو كان عندي مكان خاص بي، لذا أتمنى أن أرى حاضنة فنية تحافظ على المنتج الفني والإبداعي الثري لفناني الإمارات».
وعن المفقود والمتبقي من أعماله ومشروعه المستقبلي، يقول لقمان: «أبتعد عن الخوض في الماضي والمفقود، لأنها مضيعة للوقت بعد أن تعلمت الدرس، تعلّمت أن الإيمان بقدر الله أكبر قوة ممكن تكون عند أي شخص، لأنها تعطيك أملاً خالصاً وقوة على الوقوف من جديد، وفي النهاية، فازت الإيجابية، والنتيجة كانت 15 منحوتة من بقايا المنحوتات المصهورة، 12 عملاً لفن تشكيلي رقمي وذكاء اصطناعي، و3 أعمال غامرة بتكنولوجيا متعددة الحواس، و3 أعمال لم تحرقها النار.