عبدالله صقر- مركز المعلومات

يعد البيروني، وما أبدع فيه من علوم صورة مشرقة كمرآة تعكس صورة من أداء العلماء المسلمين في شتى أنواع العلوم، وكيف جمعوا تراث من قبلهم وأضافوا إليه ونقلوه إلينا.لا يؤرخ مؤرخ لأبي الريحان إلا ويقر له بالعظمة في العلم، بل ويصل بعض مؤرخي العلوم من الغربيين إلى أنه من أعظم العلماء في كل العصور والأزمان، مثل “جورج سارتن” – المؤرخ العالمي الشهير، صاحب كتاب تاريخ العلم.

أتقن البيروني العديد من اللغات إلى جانب الخوارزمية – لغة بلده – والعربية، فقد أتقن الفارسية والسريانية والسنسكريتية (لغة مستخدمة في الهند) واليونانية، وقد ساعده ذلك على الاطلاع على أصول العلوم في لغاتها الأصلية، دون التورط في الترجمات وأخطائها المحتملة.

الصيدنة
أهم إنجازات البيروني في علم الأدوية، هي موسوعة دوائية شاملة دعاها باسم كتاب الصيدنة( الصيدلة) في الطب، وهو ينقسم إلى قسمين؛ أولهما هو ديباجة في فن الصيدلة، والعلاج مع تعريفات وإيضاحات تاريخية مفيدة. وتمثل المقدمة إضافة عظيمة للصيدلة، وتناول في هذا القسم المسئوليات والخطوات التي يجب على الصيدلي أن يلتزم بها.
أما القسم الثاني فخصصه للمادة الطبية، حيث أورد كثيرًا من العقاقير مرتبة حسب حروف المعجم، مع ذكر أسمائها المعروفة بها في اللغات المختلفة، وطبائعها ومواطنها وتخزينها وتأثيراتها وقواها العلاجية وجرعاتها، وقام فيها بوصف جميع الأدوية التي كانت معروفة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى مرادفات أسماء هذه الأدوية بلغات مختلفة مثل السريانية واليونانية والأفغانية والبلوشية والكردية وبعض اللغات الهندية.

تعريف الصيدلة
يقع المخطوط في 427 صفحة، والنسخة الموجودة مؤرخة بتاريخ 678هـ، وهي بخط إبراهيم بن محمد التبريزي، وقد نقلها الناسخ عن نسخة بخط المؤلف الأصلي، وهو البيروني،
وفيه استفتح البيروني كتابه في الفصل الأول بتعريف “الصيدنة” وأنها معربة عن “جندل” وهي كلمة هندية تعني بائع العطور والأعشاب والأدوية، والقائم بمزجها وأصل “ الجندل” هو نبات شهير عند الهنود والعرب، وهو في العربية “ الصندل”.
ثم أوضح البيروني أن لفظة “الصيدلاني” أفضل في التعبير عن هذه المهنة، وهذه اللفظة التي اختارها هي المعتمدة في اللغة العربية حتى اليوم، وقام البيروني بتعريف مهنة الصيدلاني بأنه “ المحترف بجمع الأدوية على أحمد صورها واختيار الأجود من أنواعها، مفردة ومركبة على أفضل التراكيب التي خلَّدها مبرزو أهل الطب، وهذه هي أولى مراتب صناعة الطب”.


دور الصيدلاني
قام البيروني بشرح الأدوية والعقاقير، وابتدأ الفصل الثاني بتعريف أصل كلمة “عقار” وهي كلمة سريانية، تعني الجرثومة، وتعني الدواء القاضي عليها.
وقد قسَّم العقاقير إلى ثلاثة أنواع؛ الأدوية، الأغذية، السموم، وكل منها فيه ما هو مفرد وما قد يكون مركبًا، وأن الدواء السُّمّي يحتاج إلى محترف بارع مجرب حتى يخفف أثر السم، ويحصل على فائدته للجسم العليل.
أما الفصل الثالث، فيشرح فيه البيروني أنواعًا من الأدوية المفردة، وأنواعًا من المركبة،
قام البيروني بشرح دور الصيدلاني في أمرين؛ أحدهما الحذف، وهو أن ينقص الدواء من أحد العناصر الموصوفة من الطبيب متى عجز عن توفيره، وهذا حرصًا على توفير الدواء الممكن لعلاج المريض، ولكن يجب أن يفقه الصيدلاني أهمية العنصر لسائر العناصر ودوره في علاج المرض.
والدور الثاني، هو التبديل وهو إبدال عنصر مكان عنصر، وذلك في حالة إذا ما توفر نوع قريب الشبه في الخصائص والأداء في الجسم من عنصر مفقود، وهذا يحتاج إلى معرفة دقيقة بخصائص العناصر المختلفة وأدائها في الأجسام، وعملها مع غيرها من العناصر في إزالة العلل من الأجساد، وهذا قد يتطلب تغيير نسب الدواء المنصوص عليها، وهذا يحتاج إلى خبرة ومعرفة طويلة، وذلك حتى لا يجلب الضر للمريض بدلاً من الشفاء؛ وهنا يشيد البيروني بالأطباء والصيادلة اليونانيين، وفضلهم في هذا المجال.

التحذير من الخطأ في قراءة اسم العقار
يشرح البيروني في الفصل الرابع مآثر اللغة العربية، وقدرتها على التعبير عن سائر الأفكار والعلوم، وفضلها على سائر اللغات الأخرى، وسعتها في تقبل المصطلحات العلمية الوافرة من العلوم المترجمة من الحضارات والثقافات الأخرى.
وفي الفصل الأخير، يشرح طرائق الحصول على العلوم والمعارف من منابعها الأصلية، وأهمية معرفة لغات عديدة، ويقول عن نفسه: إنه يعرف أسماء الأدوية والعقاقير في اللغات المختلفة، ويوضح البيروني خطورة الخطأ في قراءة اسم العقار، خاصة أن العربية بها خاصية التشكيل التي قد تغير معنى اللفظة تغييرًا كليًّا، ويضرب الأمثلة على ذلك من خلال عرضه لبعض الروايات في صرف أدوية خطأ؛ بسبب القراءة المغلوطة لاسم الدواء، ثم بدأ في عرض أسماء مجموعة كبيرة من الأدوية، مع شرح دور كل عنصر فيها وخصائصه، واسمه في اللغات المختلفة، وقد جعل ذلك على حروف المعجم.وفي شرحه للعناصر نجد أمورًا يوردها في بساطة على أنها من الأمور المشهورة والمعروفة عنده، وهي مما اكتُشف حديثًا، مثل حديثه عن “الإسرنج” وهو أكسيد الرصاص الأحمر وكيف تؤثر النار فيه، وفعل الكبريت المنصهر أو بخاره في هذا الأكسيد، وتغيُّر لون الأكسيد في كل تجربة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الحضارة الإسلامية

إقرأ أيضاً:

نقص الدواء جدل دائر بالبرلمان.. ونواب: توفير الأدوية يعني إنقاذ حياة المرضى.. الأزمة طالت أكثر من ألف صنف ومصر تستورد 90% من المواد الخام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل الظروف الراهنة التي تعاني منها البلاد، تكمن أهمية طلبات الإحاطة بالبرلمان بشكل خاص حول قضية نقص الأدوية،  فإن هذا الموضوع ليس مجرد إشكالية صحية بسيطة، بل هو أزمة تُهدد حياة المواطنين وتؤثر بشكل كبير في جودة الرعاية الصحية في البلاد.

ويعاني الكثير من المرضى من عدم توفر الأدوية الضرورية لعلاجاتهم اليومية، مما يضطرهم إلى البحث عن بدائل غير مضمونة أو دفع تكاليف مرتفعة للحصول على العلاج، هذا الوضع ينبغي أن يجذب انتباه السياسيين ويدفعهم إلى اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان توفر الأدوية اللازمة بشكل دائم وبأسعار معقولة.

باعتبار البرلمان محط أمل المواطنين وصوتهم الحقيقي، فإن من واجبنا الوقوف مع المرضى ودعم حقوقهم في الحصول على الرعاية الصحية الكاملة والمناسبة، ولذا فإن طلبات الإحاطة تمثل السبيل الرئيسي لطرح هذه المسائل والضغط لإيجاد حلول فعّالة ومستدامة.

ومن المهم أن تكون هذه الطلبات مدعومة بالأبحاث والبيانات الدقيقة التي تبرز حجم المشكلة وتوضح تأثيراتها السلبية على الناس والاقتصاد، إن على الحكومة مسؤولية مباشرة في حل هذه الأزمة يتطلب تكاتف جميع الأطراف والعمل بروح الشراكة لتحقيق التقدم المطلوب.

وفي الختام، فإن حقوق المواطنين في الحصول على الرعاية الصحية والأدوية ليست موضوعًا للمساومة، بل هي أساسية ومقدسة، وإن طلبات الإحاطة تمثل الصوت الذي يجب أن يصدح باسم هؤلاء المرضى ويضمن لهم الحق في الحياة والعافية.

برلمانية: صناعة الدواء الوطنية أحد أهم الركائز للنهوض بالقطاع الصحى فى مصر

تقدمت النائبة آمال عبدالحميد، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة، إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس، موجه إلى رئيس الوزراء ووزير الصحة، بشأن أزمة النواقص في الكثير من الأصناف الدوائية إضافةً إلى ارتفاع أسعار العديد منها.

وقالت النائبة: " تعتبر صناعة الدواء الوطنية أحد أهم الركائز للنهوض بالقطاع الصحى فى مصر، فى ضوء ما تلعبه تلك الصناعة من دور في ضمان صحة وسلامة المواطن المصرى وتأثيره المباشر على الأمن القومي".


وأضافت: "تواجه صناعة الأدوية فى مصر بشكل عام تحديات تنظيمية وتطويرية وتصنيعية، بدءً من صعوبة إجراءات تسجيل المنتجات، بما في ذلك طول الإجراءات الخاصة بالموافقات الحكومية الخاصة بترخيص المصانع وإجراءات الحصول على ترخيص التسويق للمنتجات المصنعة، وارتفاع التكلفة النقدية لعملية تسجيل المنتجات".

وحذرت النائبة آمال عبدالحميد، من استمرار أزمة النقص في الدواء والتي بدأت منذ شهر فبراير الماضي من استمرار تداعياتها خلال الفترة القادمة، والتي طالت أكثر من ألف صنف، وهو ما يتطلب معه تدخل عاجل لمنع تفاقمها.


وأوضحت "عبدالحميد" نستورد مصر ما يقرب من 90% من المواد الخام المستخدمة فى الإنتاج المحلي، ونتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم والتي تأثرت معها سلاسل الإمداد، حدث نقص في إمدادات المواد الخام مما أدى إلى اختفاء بعض الأدوية الأساسية من السوق.

وتابعت، بسبب نقص واختفاء الأدوية يعانى الكثير من المواطنين من صعوبة الحصول على الأدوية الضرورية لعلاج الأمراض المزمنة والحالات الصحية الحرجة لهم.


وأكدت أن واحدًا من الدروس المستفادة من أزمة نواقص الأدوية، هو ضرورة تعزيز صناعة الأدوية المحلية عن طريق توفير المزيد من الدعم المالي والتسهيلات للشركات المصنعة، مما يساعدهم على تصنيع المزيد من الأدوية المحلية وتوفيرها للسوق وذلك من خلال تسهيل إجراءات الاستيراد لتجاوز تحدي ارتفاع أسعار المواد الخام.

وطالبت النائبة آمال عبدالحميد، بتشديد الرقابة ومراقبة الأسواق للحد من استغلال بعض الشركات وتلاعبها بالأسعار، والتحقق من التسعيرة المحددة لها، ومنع الأدوية المهربة والمغشوشة.

 "نقص شديد فى معظم الأدوية فى الصيدليات"

ومن جانبها:، أعلنت النائبة ايفلين متى ، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب عن تقديمها بطلب إحاطة للمستشار حنفي جبالي،  لتوجيهه إلى للدكتور خالد عبد الغفار ، وزير الصحة والسكان بشأن نقص المستلزمات الطبية فى المستشفيات ممثلة فى الدعامات والشرائح والمسامير.

وأوضحت متى، في طلبها أن هناك أيضا نقص شديد فى معظم الأدوية فى الصيدليات ، مؤكدة أن هناك تراكم للحالات والتى تحتاج إلى إجراء عمليات بشكل عاجل منذ أكثر من شهر ، فى ظل الأزمة التى نعيش فيها.


وأكدت عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب أننا لدينا حالات تحتاج إلى تركيب مفاصل منذ أكثر من 6 شهور ، الأمر الذى ينذر بكارثة كبيرة مالم يتم التوصل إلى حلول لهذه الأزمة بشكل عاجل حتى لا تتفاقم.

وطالبت الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان بضرورة توفير المستلزمات الطبية فى المستشفيات ، وذلك فى ظل تراكم الحالات التى تحتاج إلى إجراء عمليات بشكل عاجل ، هذا بالإضافة إلى ضرورة توفير الأدوية الناقصة فى السوق.

 “ضرورة تسهيل إجراءات الحصول على الأدوية من خلال التأمين الصحي”

وفي نفس السياق، تقدم النائب  هشام حسين، أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة والسكان، بشأن استمرار نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، بالرغم من توفر الدولار، وتأثير ذلك على أصحاب الأمراض المزمنة.

وأشار هشام حسين إلى أن الأيام القليلة الماضية، شهدت إشكالية كبيرة في عدم كفاية أسرة العناية المركزة وأقسام الطوارئ في المستشفيات، بسبب كثرة تردد الحالات الحرجة، والتي لم تتمكن من الحصول على العلاج اللازم في المواعيد المقررة.


وأوضح هشام حسين، أن العديد من أصحاب الأمراض المزمنة مثل القلب والكلى والأورام والسكر وغيرها، تأخر صرف العلاج المقرر لهم سواء من التأمين الصحي، أو العلاج على نفقة الدولة، وهو ما تسبب في مضاعفات أدت لحاجتهم إلى الدخول للمستشفيات في أقسام الطوارئ أو العناية غير المركزة.

وأكد النائب أنه بسبب كثرة الضغط على المستشفيات لم تتمكن العديد من الحالات في الحصول على العلاج اللازم، وهو الأمر الذي أدى لكثرة المضاعفات وينذر بإشكالية كبيرة.


وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الكثيرين علقوا آمالهم على ما شهدته مصر من توفر الدولار في الفترة الماضية، بتلبية الاحتياجات الخاصة بالقطاع الطبي من أدوية ومستلزمات، قائلا: إلا إنه يبدو أن الأمر يحتاج لمزيد من التحرك في هذا الشأن.

وطالب هشام حسين وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المعنية، باتخاذ ما يلزم من أجل توفير كافة الأدوية والمستلزمات الطبية لصالح أصحاب الأمراض المزمنة، من خلال مراجعة كافة الاحتياجات، مشددا على ضرورة تسهيل إجراءات الحصول على الأدوية من خلال التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة.

مقالات مشابهة

  • إدارة الغذاء والدواء الأميركية توافق على عقار جديد لعلاج الزهايمر
  • حياة ملايين المرضى.. فى خطر
  • مبيعات الأدوية المصرية تسجل 90 مليار جنيه خلال النصف الأول من 2024
  • أزمة اختفاء أمام مضاعفة أسعار.. نقص 1000 صنف من سوق الأدوية في مصر
  • متى تنتهي أزمة نقص الدواء في مصر؟..البرلمان يجيب
  • عاجل- نقص الأدوية في مصر.. أزمة مستمرة حتى نهاية يوليو (تفاصيل)
  • أزمة نقص الأدوية في مصر: تحديات ومعاناة المرضى
  • ارجوك أعطنى هذا الشريط!
  • وفاة طبيب يمني تحت التعذيب في السجون الحوثية بصنعاء
  • نقص الدواء جدل دائر بالبرلمان.. ونواب: توفير الأدوية يعني إنقاذ حياة المرضى.. الأزمة طالت أكثر من ألف صنف ومصر تستورد 90% من المواد الخام