يرى محللون وسياسيون أن واشنطن قادرة على إنهاء الصراع بين ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية "قسد" والعشائر العربية شرق سوريا، وذلك من خلال إحداث توازن في علاقتها مع الطرفين، والتخفيف من تحالفها الوطيد مع "قسد" على حساب مصالح العرب، وإلا فإن عليها مواجهة التحريض الذي يقوم به نظام الأسد وروسيا وإيران، والذي يستهدف وجودها بسوريا.

ولا يخفف الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي انتقاده للطريقة التي تتعاطي بها الولايات المتحدة الأميركية مع الأوضاع في شرق سوريا، حيث "تظهر انحيازا لمطالب الأكراد وتجاري في بياناتها قوات "قسد"، وهو ما لم ينكره الدكتور أندرو تابلر، المستشار السابق للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا.

ولم يختلف المسؤولان -السابقان- في قراءتهما للمشهد شرق سوريا، التي قدماها لبرنامج ما وراء الخبر بتاريخ (2023/9/3) بأن تحالف الأميركيين الوطيد مع ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية أجج الصراع بينها وبين العشائر العربية في المنطقة.

و قد اتسعت رقعة القتال في شرق سوريا بين العشائر العربية، وقوات (قسد)، وامتدت -وفق ما كشفت مصادر سورية محلية للجزيرة- إلى ريفي الرقة والحسكة، بعد أن كانت محصورة في محافظة دير الزور.

وبحسب بربندي فإن الوفد الأميركي الذي ذهب إلى سوريا التقى بأشخاص من العرب هم أقرب إلى قوات "قسد"، داعيا الأميركيين إلى أن يكونوا أكثر حكمة وتوازنا في التعاطي مع الجميع من أجل إيجاد الحل وإعطاء العرب حقوقهم الإدارية والثقافية.

وكانت السفارة الأميركية في دمشق أعلنت عقد لقاء بين مسؤولين أميركيين ووجهاء من العشائر العربية في دير الزور، وقيادات في "قوات سوريا الديمقراطية"، اتُفق خلاله على ضرورة وقف الاشتباكات.

وفيما تحدث الدبلوماسي السابق عن تفضيل العشائر العربية في المنطقة التعاون مع الأميركيين والتنسيق معهم وليس النظام السوري أو إيران أو روسيا، أكد أن قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات النظام وروسيا يتواجدون منذ 3 سنوات في المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، ويحاولون استغلال الأحداث الجارية من أجل تحقيق مصالحهم.

واتهم النظام السوري وحلفاؤه بمحاولة تحريض القبائل العربية شرقي سوريا للتحالف مهم من خلال استغلال الصراع القائم، وهو ما سيلحق الضرر بالقوات الأميركية بالمنطقة، وهي التي لا تريد الرحيل.

ورأى أن قوات "قسد" ترفض أن تعمل واشنطن باستقلالية مع العشائر العربية وأن تبقى في صفها، وهو ما أيده الدكتور أندرو تابلر، الذي قال إن قوات "قسد" التي يهيمن عليها الأكراد لا تأخذ مصالح القبائل العربية في شرق الفرات على محمل الجد، وواشنطن تعلم بذلك، وتعلم أن تعاملها مع القبائل العربية في دير الزور يهدد حرب الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وقد يتيح فرصة لإيران وروسيا والنظام لاستغلال الوضع لصالحهم.

جذور المشكلة

وعن جذور المشكلة بين العشائر العربية و"قسد" في شرق سوريا، يوضح الدبلوماسي السوري السابق أن الخلافات العربية الكردية هي خلافات قديمة بدأت منذ تأسيس ما يعرف بقوات الحماية الكردية لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية، موضحا أن منطقة دير الزور هي منطقة عشائرية قبلية، ويتجاوز عدد سكانها مليون ونصف شخص، وتحتوي على الغاز والماء، وقد دمر النظام السوري جزءا كبيرا منها، فيما قتل تنظيم الدولة أكثر من 10 آلاف شخص في هذه المحافظة.

وعندما جاءت القوات الأميركية لضرب تنظيم الدولة، تحالف العرب -السكان الأصليين لتلك المنطقة- مع الأميركيين ومع القيادات الكردية في "قسد"، ولكن تبيّن لاحقا أن هناك علاقة وطيدة بين واشنطن والأكراد، مشيرا إلى أن قيادات "قسد" الكردية جاءت من خارج سوريا، من العراق وإيران وتركيا، ولا تتكلم اللغة العربية وأيديولوجيتها شيوعية ملحدة وجاءت تحكم مجتمعا عشائريا محافظا تقليديا، ومن هنا بدأت الخلافات الكبيرة، كما شرح بسام بربندي.

ومضى يقول إن ما حدث مؤخرا يعود لكون المجلس العسكري لمنطقة دير الزور الموالي لـ"قسد" اختلف معها في توزيع عائدات التهريب الذي يقومون به، فسجنوهم، وكانت المشكلة في سجن عائلات واغتصاب سيدات وقتل أطفال، وهي التي فجرت الموضوع قبائليا وعشائريا وأخلاقيا.

ويذكر أن القتال اندلع الأسبوع الماضي بعد أن اعتقلت "قوات سوريا الديمقراطية" أحمد الخبيل، الذي كان يرأس مجلس دير الزور العسكري التابع لها، وكان قائدا عربيا بارزا في هذه القوات التي تمثل تحالفا شكلته الولايات المتحدة من مسلحين من العشائر ومقاتلين أكراد، وتمثل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات سوریا الدیمقراطیة العشائر العربیة تنظیم الدولة العربیة فی شرق سوریا دیر الزور فی شرق

إقرأ أيضاً:

هجوم إيراني واستنفار أمنى بالقواعد العسكرية الأمريكية فى سوريا والعراق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فرض التصعيد الخطير الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلى على كل من قطاع غزة فى فلسطين ومدن وقرى الضاحية الجنوبية لبيروت فى لبنان، تغيرات كثيرة، وجددت مخاوف عدة أبرزها التى حذرت منها مصر والمتمثلة فى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية، أو توسيع رقعة الصراع، وهو ما سبب العديد من الأزمات فى منطقة الشرق الأوسط.

وتحسبًا لأي هجمات انتقامية، مثل التي تشنها إيران منذ دقائق، والتنظيمات المسلحة الموالية لها، دخلت القواعد العسكرية الأمريكية في كل من العراق وسوريا في حالة استنفار أمني.
وضمن تغيرات المنطقة، أعلنت الحكومة العراقية، الاثنين الماضي، انتهاء مهام قوات التحالف الدولى على أرض العراق بحلول شهر سبتمبر لعام ٢٠٢٥، على أن تعمل بغداد وواشنطن خلال الـ ١٢ شهرا المقبلة على إنهاء هذه المهمة.
وكانت الحكومة العراقية قد جددت مطالبها للولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء مهام قوات التحالف الدولى فى العراق، مع الإعلان عن انتهاء مبررات وجودها وهى الحرب على الإرهاب ومواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وكانت الحكومة العراقية قد ألحت فى مطالبها بعدما شنت تنظيمات مسلحة موالية لإيران هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة على القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة فى سوريا والعراق، وبدورها طلبت واشنطن من العراق ضرورة حماية بعثتها الدبلوماسية، لكنها نفذت غارات وهجمات جوية ضد مقرات للحشد الشعبى العراقى ما أسفر عن مقتل قيادات كبيرة بالحشد، واعتبرته الحكومة العراقية نوعا من الاعتداء على سيادة العراق، وأنها وحدها المنوط بها تنفيذ القانون ومحاسبة أى ميليشيات ترتكب ممارسات مخالفة للقانون العراقي.
ومع تصاعد عمليات الاغتيالات التى نفذتها إسرائيل ضد قيادات الصف الأول لحزب الله اللبناني، واختراق اتصالاته الداخلية، واغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، ومن قبله اغتيال إسماعيل هنية زعيم حركة حماس أثناء تواجده فى إيران لتهنئة الرئيس الإيرانى الجديد بتوليته منصبه.

استنفار أمني

أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، بأن قوات التحالف الدولى ضد تنظيم داعش الإرهابي، رفعت وتيرة استعدادها واستنفارها فى قواعدها العسكرية فى شمال وشرق سوريا، وذلك تحسبا لشن هجمات انتقامية من التنظيمات المسلحة الموالية لإيران، فى إطار ردها الانتقامى على عملية اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني.
ووفقا لبيان صادر عن المرصد السوري، فإن قوات التحالف الدولى رفعت وتيرة استعداداتها العسكرية واستنفرت فى قواعدها بدير الزور، تحسباً لرد فعل انتقامى من الميليشيات الإيرانية على خلفية مقتل الأمين العام لحزب الله اللبنانى حسن نصر الله بضربة إسرائيلية فى ضاحية بيروت الجنوبية بلبنان، ووفقا للمعلومات فإن هذه الاستعدادات شملت تعزيز التدابير الأمنية وتكثيف التواجد العسكرى فى المناطق الحيوية، بالإضافة إلى رفع جاهزية القوات الجوية لضمان سرعة الرد فى حال حدوث أى هجوم، وتكثيف الدوريات العسكرية.
وأشار المرصد السورى إلى تعرض القاعدة الأمريكية فى معمل كونيكو بريف دير الزور الشمالى لهجوم بقذيفة صاروخية واحدة أطلقتها الميليشيات الإيرانية ضمن مناطق سيطرة قوات النظام، عند منتصف ليل الجمعة- السبت، حيث دوى انفجار فى المنطقة، وسط حالة استنفار أمنى كثيف من قبل القوات المتمركزة فى القاعدة، دون ورود معلومات عن سقوط خسائر بشرية.
وفقا للمرصد: يعتبر هذا الهجوم الثانى من نوعه تتعرض له القاعدة الأمريكية فى معمل كونيكو فى أقل من ٧٢ ساعة، وفى مقابل ذلك تواصل قوات التحالف الدولى حملة اعتقالات واسعة ضد المشاركين فى الهجوم على القاعدة فى ريف دير الزور الشمالي.
وتواجه قوات التحالف الدولى وحليفتها بالمنطقة قوات سوريا الديمقراطية تحديات أمنية مشتركة منها الهجمات على القواعد العسكرية الأمريكية من قبل ميليشيات موالية لإيران، خاصة أن محاولات الانتقام قد تتزايد فى الفترة المقبلة بعد عمليات اغتيالات نفذتها إسرائيل ضد قادة حزب الله، وصولا لتصفية الأمين العام للحزب.
إلى جانب هذه التحديات، يركز التحالف على إحباط تنظيم داعش وافقاده أى قدرات تمكنه من العودة مستقبليا، وذلك بالتزامن مع المخاوف التى حذر منها مسئولون أمريكيون وفرنسيون من احتمالية وقوع هجمات منظمة مثلما التى حدثت فى موسكو قبل أشهر، وهو نشاط متزايد للتنظيم الإرهابي.


مغادرة التحالف الدولي

وكانت الهجمات التى شنتها التنظيمات المسلحة ضد القواعد العسكرية الأمريكية وتدخل أمريكا بالرد عليها بتنفيذ هجمات داخل الأراضى العراقية دفع العراق لإعلان أنها ستتجه إلى بناء علاقات ثنائية مع دول التحالف.
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية العراقية، فإنه نتيجة للمشاورات والتباحث مع قيادة التحالف الدولى لهزيمة داعش والدول الصديقة الأعضاء فيه، والمناقشات المكثفة داخل اللجنة العسكرية العليا العراقية الأمريكية، والتى عملت بجد ومهنية باجتماعات مكثفة طيلة ٩ أشهر الماضية، وبعد دراسة وتقييم الوضعين العسكرى والأمنى فى العراق والمنطقة، نعلن أولا: إنهاء مهمة التحالف الدولى لمحاربة داعش فى العراق خلال ال ١٢ شهرا المقبلة، وفى موعد لا يتجاوز نهاية أيلول ٢٠٢٥، والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية بطريقة تدعم القوات العراقية وإدامة الضغط على داعش.
ثانيا: لكون العراق عضوا أساسيا فى التحالف. ولمنع عودة التهديد الإرهابى لداعش من شمال شرق سوريا، ووفقا للظروف على الأرض والمشاورات بين العراق والولايات المتحدة وأعضاء التحالف، ستستمر المهمة العسكرية للتحالف العاملة فى سوريا انطلاقا من منصة تم تحديدها من قبل اللجنة العسكرية العليا حتى أيلول ٢٠٢٦.
ثالثا: تلتزم اللجنة العسكرية العليا بإعداد وصياغة الإجراءات الكفيلة لتحقيق ما ورد فى الفقرتين أعلاه، وتوقيتات وآليات تنفيذها، وإجراءات تأمين وحماية مستشارى التحالف المتواجدين فى العراق خلال الفترة الانتقالية، وفقا للدستور والقوانين العراقية. وقد بدأت الخطوات العملية لتنفيذ هذه الالتزامات.
وشكر العراق التحالف على الدعم والإسناد المقدم للقوات الأمنية العراقية لمواجهة هذا التهديد المشترك وضمان هزيمة داعش على الأراضى العراقية، وعلى رأس هذه الدول كانت الولايات المتحدة الأمريكية التى وقفت مع العراق فى الظروف الصعبة. ويثمن التحالف دور العراق والتضحيات الجسام للقوات الأمنية العراقية كافة لمحاربة هذا التنظيم الإرهابى الذى شكل تهديدا للعالم أجمع. ونؤكد ضرورة مواصلة كل الجهود لضمان عدم عودة التهديد من هذا التنظيم الإرهابى بأى شكل من الأشكال.

مقالات مشابهة

  • رتل أمريكي يدخل من سوريا عبر معبر الوليد إلى محافظة الأنبار
  • ماذا يجري على حدود سوريا؟
  • ما خيارات أبناء دير الزور لمواجهة البطالة والهروب من التجنيد الإجباري؟
  • إسرائيل تجتاح لبنان... وتضرب سوريا
  • مصادر بالجيش السوري: إسرائيل أسقطت عشرات الصواريخ الإيرانية التي حلقت فوق سوريا
  • هجوم إيراني واستنفار أمنى بالقواعد العسكرية الأمريكية فى سوريا والعراق
  • بعد الإعلان الإسرائيلي عن قتال عنيف بلبنان.. يونيفيل تنفي رصد توغل حتى الآن
  • صفاء أحمد.. من هي المذيعة السورية التي قتلت في غارة إسرائيلية؟
  • إعلام عراقي: قصف صاروخي يستهدف "قاعدة فيكتوريا" التي تتمركز بها قوات أمريكية في بغداد
  • المؤتمر يدين العدوان الصهيوني على الحديدة