شيّعت جماهير غفيرة، مساء اليوم الأحد، جثمان إمام مسجد قباء في مدينة كفر قرع الشيخ سامي عبد اللطيف المصري، الذي شيّع جثمانه من منزله في الشارع الرئيسي حتى مسجد قباء ومن ثم لمقبرة المدينة.

وكما أعلنت لجنة المتابعة العليا، بعد مراسم الجنازة ، عن مظاهرة غضب حاشدة انطلقت من المدينة حتى مفترقها عند شارع 65،  فيها شارك فيها الالاف من الشباب، الذين يهتفون "زهقنا الدم، زهقنا الموت".

 

وكان قد قتل الشيخ عبد اللطيف المصري بعد خروجه من بيت للعزاء بجانب مسجد الحوارنة في مدينة كفرقرع، حيث أقدم ملثم ترجّل من دراجة نارية كانت على متنها ملثم آخر بإطلاق النار على الشيخ وأرداه قتيلا على الفور.

وتأتي هذه الجريمة بعد أقل من 24 ساعة من جريمة القتل المزدوجة التي راح ضحيتها الشاب فؤاد نبهان نصر الله من قلنسوة وشقيق زوجته الفتى محمد مصطفى عربيد من كفر قرع، إثر تعرضهما لإطلاق نار بعد مطاردة سيارتهما في المدينة مساء الجمعة الماضية.

فيما شهدت مدينة كفرقرع اليوم الأحد إضرابا عاما شمل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية عدا مؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة، وسط حالة من الغضب والتوتر والاستنكار للحال التي وصلت له المدينة.

وقد قُتل خلال هذا الصراع الذي بدأ سنة 2019 بين منظمات إجرامية في كفرقرع 9 أشخاص، غالبيتهم لا دخل لهم في الصراع، إنما ذنبهم الوحيد هي علاقة القرابة بينهم وبين من يديرون الصراع.

وكانت قد عقدت لجنة المتابعة العليا بالإضافة لبلدية كفرقرع ورجال دين وشخصيات عامة اجتماعا طارئا أخذ على أثره عدة خطوات تصعيدية ضد العنف والجريمة، ومما جاء في بيان المتابعة:



قرارات لجنة المتابعة في اجتماع كفرقرع



١. تأسيس هيئة طوارئ تجتمع كل يومين/ثلاث واعلان حالة الطوارئ في المجتمع العربي (تشمل الهيئة لجنة افشاء السلام ولجنة مناهضة العنف والجريمة ولجنة الرؤساء وغيرها).

٢. تحويل جنازة المغدور في كفر قرع الى مظاهرة تصل الى شارع 65.

٣. اعلان الاضراب العام يوم الثلاثاء القريب ودعوة اللجان الشعبية للتحضير لذلك وللعمل على اقناع الناس بالالتزام بالاضراب.

٤. يتم التعليم في المدارس لساعتين في يوم الاضراب. 

ومع هذه الجرائم، وارتفاع وتيرة العنف والجريمة في مجتمعنا منذ بداية السنة الحالية، فقد بلغ عدد ضحايا جرائم القتل حتى يومنا 170 ضحية، مقارنة بـ72 ضحية في مثل هذه الفترة من سنة 2022، بالإضافة لمئات الإصابات في مختلف المناطق منذ بداية السنة.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: کفر قرع

إقرأ أيضاً:

عادل عسوم: سنار المدينة

الأمكنة ياأحباب كالأزمنة لها عذابات وأوجاع، وفي ذلك قال المتنبي:
لك يامنازل في القلوب منازل
أقفرت أنت وهن منك أواهل
سنار المدينة…
كانت ولم تزل في خاطري صبية شقية، تنبري بعنفوان عمرها للمطر، تفرد ذراعيها لتراقص النسيم، يبتل ثوبها بحبات المطر فيشي بمواطن جمال تحسبه الفراشات ورودا فتأتيها سراعا بحثا عن رحيق…
الشمس تشرق من هناك، والقمر يعقبها ليصل ليلها بنهارها…
في سنار اختلج الفؤاد لأول مرة، وما أحلى دقات القلب الأولى يا أحباب…
وتبقى ذكريات الشخوص والمواقف والمشاهد مرتهنة بصور المدينة على اتساعها…
باحات الثانوي العالي التي تمددت في الوجدان بروشا من حنين…
سور نادي السكة الحديد الذي كان ولم يزل أخضرا وباسما بأزهاره التي تذهب عن النفس الضجر…
عنابر مستشفى سنار التي تفوح منها رائحة البنسلين… أبراج محالج القطن التي تحط عليها طيور البقر البيضاء بصوتها الأجش، ذكرني صوت احداها بحسناء (باتعة) ذات صوت أجش، وما أدراك ما في ذلك التضاد من ادهاش!
خزان مكوار الذي يلف ذراع النيل كسوار جميل…
قبة الشيخ فرح ود تكتوك وهي تناديك من بعيد…
والدُنا في سنار دوما مطيرة…
مطر يعقبه مطر، قالت لي دواخلي يوما:
الذكريات التي يشوبها المطر تبقى حية على الدوام،
وكم من ليال تحلق بي في ثناياها صور لشخوص كما الأقمار، تنسرب إليها أشواقي ومشاعري لتدعني حرضا على فراشي، وتنبري هي عروسا للبحر بكامل زينتها، تمسك بكفيها مجدافين من بلور…
وهناك عند التقاء خط انتهاء أفق الأرض بسقف السماء تتمدد خضرة الماضي الجميل صفوفا من أشجار تحف النهر على جانبي خزان مكوار، تصطف رموشا تحرس مقلة سليل الفراديس، وثم سرابات من ورود تكسو الأرض على مد البصر لتحكي عن كرنفالات من الألوان، وفوح لعطور مشبعة بها السوح والفضاءات، وفي قبة السماء ينبري قوس قزح تأتلق ألوانه أئتلاقا، والنسيم يحتشد برطوبة تنسرب إلى الصدور ليتمشى في مفاصلي النُعّسِ، والكونُ كأنه قد غفى غفوة المساء، ولاصوتَ الاّ من (لَشْغِ) الموج نتاج ملامسة المجدافان لسطح المياه، ياااالجمال المشهد يا أحباب، ويالعذابات المكان وأوجاعه…
وإذا بصوت الراحل أبواللمين من البعيد ينساب من السماء:
بتتعلم من الايام مصيرك بكرة تتعلم…
والقلب يا أحباب إن كتب له الولوج إلى عوالم حب -لا ترجح له كفة أخرى- يضيييييع…
وتترى الأسئلة حيرى تقض المضجع وتدمي الفؤاد…
متين عرف الهوى قلبك؟!
متين صابك بآهاتو؟!
متين سهر عيونك ليل طوييييييلة ساعاتو؟!
واذا بعواء القطار وصرير كوابحه يجيشان في صدري مشاعر عجيبة، وعندما يهمُّ بالتوقف قبالة بيتهم يذكي في دواخلي الكثيف من المشاعر والتحفز، فتدق في دواخلي الطبول بكل ايقاعات الدنيا، بيتهم يطل على خط السكة الحديد، ووالدها يعمل في ذات القطار…
يالجمال ابتسامتها وهي تطل بوجهها الصبوح ترقب نزول الوالد من أحدى عرباته،
وياللفراش الذي يتخلّق من جبينها لينطلق صوب عيون القاش يتعبد الله…
وتحين منها التفاتة تجاهي فتصلني سهام نظراتها، ويقتحمني الصوت من البعيييد متحدثا بلسان حالي:
اقابلك وكلي حنية
واخاف من نظرتك ليا
واخاف شوق العمر كلو
يفاجأك يوم في عينيا.
وتنصرم سنوات العمر كحال حبات مسبحة في يد شيخ وقور لأعود إلى سنار وأقف بجوار الخزان ذات مواقف سبقت، وسنار كلها موقف…
السوح مافتئت يبللها المطر، والفضاءات تعبق بروائح الليمون المتناثر شرق الضفة، تخالطه روائح الموز المنداحة من الضفة الأخرى حيث يرقد الشيخ فرح ود تكتوك…
هنا كان مجلسنا…
انها لعمري ذات الصخرة تطل على الأمواه هياما بهذا النهر الذي نحبه ويحبنا، ولم تزل عصافير الخريف وطير الجنة تشقشق محتفية بزيفة المطر…
أمواهٌ تكتنف مد الرؤية سوحا وفضاءات، وشلالات تنهال من بوابات السد تعلوها سُحُبٌ تنثال منها حبات المطر لتغازل وجوه الناس والأزاهر…
وينداح النسيم وينسرب بلطف فترتوي الأعماق…
لعله ذات النسيم الذي خاطبه ذاك وقال:
أرجوك يانسيم روح ليهو
بي اشواقي صرح ليهو
وأذكر صبوتي وسهاد…
والنسيم دوما مطواع مطواع…
وبين يدي اتشاح الشمس بقرمصيص أشعة الغروب ململمة اطرافها شروعا في الرحيل أتذكر سبتنا ذاك…
لقد كان السبت الذي يسبق شروعنا في امتحانات الشهادة الثانوية بأيام…
كأني بها قمر منير، بل كوكب درّي، أو لعلها شمس إبراهيم التي خالها ربّا…
تتسامى الروح مني وتتغشاني مشاعر جميلة، وإذا بصورة وجهها الملائكي يرتسم على صفحات كتب الكيمياء، والفيزياء، والأحياء…
وإذا بكل الرموز ليلى، وكل المعادلات ليلى، واذا بكل الرسوم ليلى…
جلست انظر إلى قبة الشيخ فرح ود تكتوك وليلاي تبتعد في ركب الشمس التي شرعت في الغروب…
قبة فرح ودتكتوك ليست ككل القباب، وقد جُبلتُ على شنآن القباب طرا، بل احسبني من أكثر الغامطين لمآلات الإعتقاد الذي يلج من كوّته الشيطانُ إلى قلوب ووجدان أهلنا الطيبين بسبب تلك القباب، لكن يقيني راسخٌ بأن الراقد تحت هذه القبة أمرؤ مات وانقطع عمله الاّ من ثلاث…
وما أدراك مافرح ود تكتوك!…
لقد عاش الرجل في سنار مئة سنين وازداد عشرا، فبقيت سنار في وجداني طفلة بِمَدِّ عمر هذا الشيخ الجليل، ولم أفتأ أستروح عبق ماضي المدينة التليد كلما ذُكر اسمه، وكم استهوتني كتابات عديدة كتبت عن مآثره وأقواله فكانت مدخلا و مثارا لنقاشات وأحاديث لرفاق فكر ومنهج يضوع مسكا وتصالحا مع النفس…
والأمكنة يااحباب تزداد جمالا كلما ذخرت بما يتصل بماضِ لها تليد…
لنلق نظرة الى من حولنا من الشعوب،
أليس الأحباش أكثرهم جمالا من حيث الطبع والتراث والأنسنة؟!
حتى اللغة عندهم أجدها أوقع موسقة في الأذن عن سواها من لغات الشعوب من حولنا، وما ذاك إلا لكونهم شعب له تاريخ تليد وحضارة ضاربة في القدم، وكان مسك ختامها الاسلام ومن قبلها المسيحية، ولاغرو إن توالي السنون يعجم من عود الشعوب فينضجها لتخطو السعوب على درب النضج الجمال فراسخ وأشواطا…
سنار المدينة تستمد من قبة الشيخ ودتكتوك أصالة وتجذرا، تتبين ذلك منذ أول ولوج لك اليها…
حتى المطر في سنار له رائحة دون سواه في بقية مدننا، تحس بالارتواء وانت تتنسم زيفة المطر في سنار، أنسامها تكتنفها أخلاط من رائحة الطين الممزوج بعبق الليمون والموز والمانجو وكثير من شجر الحراز، وكل ذلك يحيط بالمدينة في ضهاريها التي ترفد المدينة بلواري الفحم كل يوم…
يالهذه الذكريات التي مافتئت تسكنني وتهبش فيّ مواطن العذابات والأوجاع!!
ذكريات قد تذكيها نفحة عطر، أو صورة وجه جميل، أو نبرة صوت حنين…
وتظل سنار المدينة بشخوصها في الخاطر والوجدان مدينة من نور.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • متظاهرون إسرائيليون يغلقون شارع رئيسي قرب صفد بسبب الأوضاع الأمنية
  • محافظ بني سويف ينيب رئيس المدينة لافتتاح مسجد الرحمن الغربي بقرية الدوية بعد تجديده
  • إمام الحرم: طلب العلم سبيل لنيل الرشد
  • لجنة نصرة الأقصى تحدد ساحات مسيرات “لا عزة لشعوب الأمة دون الانتصار لغزة”
  • عبدالمنعم إمام يكتب: 30 يونيو.. يوم الجماعة الوطنية
  • لائحة اتهام ضد إمام وخطيب المسجد الأقصى من النيابة العامة الإسرائيلية
  • النيابة العامة الإسرائيلية تقدم لائحة اتهام ضد إمام وخطيب المسجد الأقصى
  • عادل عسوم: سنار المدينة
  • حملات لرفع القمامة والتجميل بمراكز ومدن محافظة الشرقية
  • قوة الأوطان.. الأوقاف تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة