المسلة:
2025-04-11@04:09:47 GMT

كركوك مثلث الاستقرار والانهيار

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

كركوك مثلث الاستقرار والانهيار

3 سبتمبر، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

عمر الناصر

لم يشهد البيت الكوردي استقرار سياسي حقيقي منذ انشقاق الراحل جلال الطالباني عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني في عام 1967، تصاعدت على اثر ذلك وتيرة الخلافات بين البارتي واليكتي والتي بلغت ذروتها عندما انتقلوا الى مرحلة طحن العظام بدلا من كسرها في عام 1996، ودخول بعض الدول الاقليمية على خط الازمة لفض النزاع الدائر بينهما ، التي لعبت فيه بعض العوامل السياسية واختلاف الموروثات التاريخية والاجتماعية والثقافية دوراً بتأجيج الحساسية بين السليمانية واربيل ، بسبب تقاطع طبيعة تركيبة البنية العشائرية والعائلية المحافظة، مع الفكر اليساري والعلماني المنفتح والصراع من اجل الوصول الى النفوذ والسلطة.

عملية التخلي عن كركوك من قبل اليكتي واعادتها لحضن المركز هي العقدة التي لن ينساها البارتي، وسيدونها في التاريخ لكونها سقطة وانتكاسة وخيانة كما وصفها الاخير ترتقي لمستوى نكسة 1967،بل يفسرها بأنها طعنة في الظهر لا تقل اهميتها وخطورتها وبشاعتها عن مجزرة حلبجة والبرزانيين ، كما يراها فريق كبير من الشارع في كوردستان، معللين ذلك بانها قوضت المساعي الرامية لنيل الاستقلال الذي كانت قاب قوسين او ادنى من تقرير المصير ، بينما يجد فريق اخر منهم بأن صراع الفيلة لن ينتهي وعملية اقحام الشارع الكوردي في الصراعات السياسية خطأ استراتيجي يفقد الجماهير المؤمنة بفكر هذين الحزبين العريقين ،لان حرب الاخوة ستبقى مستمرة وان كانت حرب باردة تحت الرماد وفيها مناوشات كلامية بين الحين والاخر ، ادى الى تصدع جدران البيت الكوردي رغم مروره مر بفترة هدوء نسبي وتحالفات اضطرارية ذهبوا بها لبغداد من باب مجبراً اخاك لا بطر بين عامي 203 وحتى عام 2018 بأحسن الاحوال ، نزولاً لمقتضيات المصلحة القومية وللتخفيف من حدة التوترات بين المركز والاقليم نتيجة الصراعات السياسية التي تولد الازمات.

اسوء ما يمكن ان نراه بعد فترة طويلة من الاستقرار الامني والهدوء السياسي النسبي في كركوك ، هو محاولة ايجاد ثغرات او حجج وذرائع لغرض اللعب على الورقة الامنية والعنصرية والقومية من جميع الاطراف بغية تحقيق غايات ونوايا سياسية ، الهدف منها تمكين الدور الغائب لبعض الاطراف السياسية قبيل اجراء انتخابات مجالس المحافظات ، والتي ترى احقيتها في سياسة ملئ الفراغ من خلال بدعة الشراكة السياسية ، بعد ان تم سحب البساط من تحت اقدامها نتيجة عدم وجود قدرة فعلية على احتواء الشارع الكركوكي بين عام 2005 وعام 2015، وخصوصاً فشل بعض الاحزاب الكوردية في عملية اعادة التوازن لمدينة يعتبرها الجميع مدينة للتأخي التي تجنع كل اطياف النسيج الاجتماعي.

ان عدم الذهاب لحل المشاكل العالقة بين المركز والاقليم بصورة جادة ربما سيعقد من المشهد ويزيد من عمق الخلافات بين الطرفين، بل ان ترحيل الازمات هي اخطر التحديات التي ستذهب باتجاه اضعاف الدولة التي ينبغي اليوم ان تكون سيادتها حاكمة على الجميع دون استثناء ،سواء كان ذلك في بغداد او اربيل او البصرة او الانبار ، والجلوس لتصفير عداد الازمات هو مفصل يفرض هيبة الدولة ومكانتها بين شعوب دول المنطقة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

غزة عندما يستعملها خائنوها

لا جديد يأتي من الشارع التونسي، فكلما اشتد أوار القصف على غزة يخرج التونسيون متظاهرين يعربون عن تضامن، وكلما هدأ القصف أو تقطع يسكنون إلى مهاجعهم ويكتفون ببعض الكلام، لكنهم إذا خرجوا لم يخرجوا مع غزة فعلا، بل يخرجون ضد بعضهم البعض مستعملين غزة خاصة وفلسطين عامة موضوعا للتكايد السياسي والمزايدة بالصوت.

في الهجوم التدميري الجاري (أول شهر نيسان/ أبريل 2025) خرج التونسيون للشوارع متفرقين يكيدون لبعضهم بغزة. ولا شك أن الصهيوني يرى ويضحك ويطمئن بأن هذا الشارع وأمثاله لا يخيفه بل يقدم له الصورة التي يرغب. يمكن لمن يكتب في الغرض أن يجزم بأن كل الشوارع العربية متشابهة وتنتج نفس الممارسات. غزة ومآسيها ذريعة حرب داخلية؛ لا نافذة لوحدة شعبية ولتضامن مبدئي، لقد احتربوا قبل غزة بالديمقراطية حتى خربوها..

شرخ اليأس المطلق..
قضية فلسطين فرقت النخب العربية في الوقت الذي كان يجب أن توحدهم في معركة تحرير، والنخب مزقت الشعوب التي جمعتها فلسطين منذ النكبة
قضية فلسطين فرقت النخب العربية في الوقت الذي كان يجب أن توحدهم في معركة تحرير، والنخب مزقت الشعوب التي جمعتها فلسطين منذ النكبة. منذ أكثر من نصف قرن ذهبت نقاشات النخب إلى صورة فلسطين بعد تحريرها (دولة علمانية أو دولة إسلامية)، وهي لا تزال ترزح تحت الاحتلال. كل الذين قالوا لنحررها أولا ولنترك لشعبها حرية الاختيار رُجموا بالطفولية السياسية وقُمعت أصواتهم وهذا أسوأ من وضع العربة أمام الحصان.

نقرأ الآن في مواقع كثيرة أن حركة حماس لم تستشرنا عندما أطلقت معركتها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وليس لها علينا الآن أن نتضامن معها. الغريب أن من يقول ذلك كتب آلاف الصفحات في شرعية الكفاح المسلح طريقا وحيدة للتحرير، وعندما يواجَه هؤلاء بعبثية الحل السلمي الذي نراه في الضفة (مخرجات أوسلو السلمية) يهربون إلى أن حماس ورطت الشعب الفلسطيني في معركة الإخوان المسلمين، وهو النقاش الذي يعيدنا إلى العام سبعين بل إلى ما قبله.

كثيرون ممن يقول ذلك الآن يمجدون شجاعة تونسيين هاجروا سنة 1948 سيرا على الأقدام إلى فلسطين لإسناد جهادها. ما الفرق بين أولئك وحماس الآن؟ كثيرون يكتبون الآن أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على حق إذ تشارك في معركة الطوفان وأن موتاها شهداء، لكن أن تكون حماس في المعركة فهذه معركة الإخوان المسلمين العملاء وصناعة الإمبريالية، وأن كل المعركة تأتي ضمن أجندة منسقة مع الأمريكي بل مع العدو لتخريب معركة التحرير. مظاهرات تونس يوم الخامس من نيسان/ أبريل أعادت التعبير عن هذه المواقف الثابتة مند أكثر من نصف قرن، فتمزق الشارع الشعبي الذي نزل يتضامن بقلبه.

وصف عبد الوهاب المؤدب، وهو مفكر تونسي يعيش في باريس وكان يكتب بفرنسية متينة في جريدة لوموند سنة 2014، أن حروب غزة ليست إلا صناعة برنوغرافيا سياسية تروجها حماس؛ لأن حماس جسم غريب عن الشعب الفلسطيني وعن نضاله. والمؤدب هذا مصدر إلهام دائم للموقف النخبوي التونسي الذي خرج يتعاطف مع غزة ويرفع شعار: يا غنوشي يا سفاح.

هذا الشرخ الذي يعاود الظهور مع كل تجدد لمأساة فلسطين غير قابل للتجسير، فقد توسع حتى دمر كل فعل وكل أمل في أن يكون هناك شارع عربي يقف فعلا في معركة تحرير فلسطين. والعدو يراقب ويسعد بالشرخ.

غزة ذريعة للاستئصال

هذه قناعة تترسخ كل يوم وتجليها المواقف الظرفية. كتب المؤرخون وسيكتبون دوما أن الربيع العربي انطلق من خارج حوانيت اليسار العربي ومن خارج حوانيت الإسلاميين، ولكن أصحاب هذه الحوانيت أفلحوا في اصطياد اللحظة الشعبية وجرها إلى معاركهم الأزلية، فأُفرغ الربيع العربي من مضمونه الاجتماعي وتطلعاته الديمقراطية، وطُمست المعارك البينية في كل قُطر واختفى شعار الشعب يريد تحرير فلسطين، وهو شعار خرج من قلوب الشعوب لا من عقول النخب المتقاتلة.

تحريف المعركة أعاد نظام العسكر في مصر (وتونس)، ونظام العسكر كما يشاهد الجميع لا يقف على الحياد بل يحارب مع العدو ويتفوق عليه في الحصار وقطع أسباب الحياة عن غزة. نظام العسكر المصري قطع رأس الإخوان في مصر وتونس، لذلك يحظى بتقدير عال عند تونسيين لا يرون في حرب غزة إلا احتمال قوة للإخوان وتوابعهم في تونس (إذا انتصرت حماس في غزة استقوى الإخوان في مصر وتونس)؛ هذه هي خلفية التحركات الانفصالية الاستئصالية، الآن وأمس وغدا.

إنهم يكذبون على غزة
نهم يكذبون على غزة، فهم لا يخرجون من أجل غزة ولا من أجل قضية إنسانية، إنهم يتخذون غزة ذريعة لرفع شعارات استئصالية تسبق كل احتمال ظهور إسلاميين في الشارع
كيف يستقيم الأمر عند من يقف مع السيسي منذ 30 يونيو ويبارك فعله ويقف مع غزة؟ وكيف يستقيم الأمر عند من ساند انقلابا على الديمقراطية في تونس، والانقلابات كانت عمليات كسر لظهر غزة؟

عندما ذاع نبأ استشهاد محمد مرسي في سجنه تداعى تونسيون إلى حفلات شواء ونبيذ للاحتفال بالحدث، بعض هؤلاء ظهروا في مظاهرات الخامس من نيسان/ أبريل مساندين لغزة. إنه التناقض الراسخ بين اليسار ونخب التحديث أو العلمانيين العرب (وهي أجسام هيولية مشبوهة الولاء) وبين الإسلاميين.

أحد الموقفين يلغي الآخر، فمع أي طرف يقف الذين يخرجون نصرة لغزة الطوفان فيصرخون بقتل الغنوشي (الإسلامي) ويرقصون على جثة مرسي الإخواني؟ إن المنطق الذي يوجه هذه المواقف يصيب المتابع بالجنون، وينتهي بإفقاده الأمل في قيامة شارع عربي موحد حول فلسطين وحول الديمقراطية.

إنهم يكذبون على غزة، فهم لا يخرجون من أجل غزة ولا من أجل قضية إنسانية، إنهم يتخذون غزة ذريعة لرفع شعارات استئصالية تسبق كل احتمال ظهور إسلاميين في الشارع. فأي ظهور قد يتعاطف فيه الناس مع غزة، فيجدون أنفسهم غير معادين لحماس (الإخوانية)، وهو التعاطف الذي قد يشمل إسلاميين آخرين فيزيدهم قوة. غزة ليست هدفا هنا، غزة وسيلة لحرب استئصالية محلية نراها في تونس ونتوقعها في أكثر من موضع، والعدو يتابع ويسعد ويقر..

وتونس خاصة والعرب عامة مكبلون بهذا التناقض لا يجدون منه فكاكا، وقد أفشل عملية التحول نحو الديمقراطية التي أطلقها الربيع العربي، ويُفشل كل عملية تضامن في قضايا التحرر والانعتاق من الاحتلال في فلسطين وفي تونس.

لن نتوقف عن فضح هذا التناقض الذي أزرى بكل أمل في الديمقراطية والتحرر، ولن نتوانى عن اتهام النخب اليسارية والقومية بخيانة المعركة القومية فقد نجونا من خطابهم وتحررنا من وهم أنهم طليعة تحرير. لقد حررتنا غزة إذ عرّفتنا بمن معها ومن عليها في صدام الشوارع الصادقة.

مقالات مشابهة

  • غزة عندما يستعملها خائنوها
  • الزراعة: الطب البيطري أحد أضلع مثلث الحفاظ على الإنسان
  • بيع الكيف وسط الشارع.. القبض على إمبراطور الكيف بالعاصمة
  • أبوزريبة يوجّه بتعزيز الأمن في بنغازي ويبحث التحديات الميدانية
  • من كركوك إلى واشنطن.. وحدة الكرد تتشكّل خارج البرلمان
  • مثلث الصيد والعمائر الغامضة في البادية.. تحير المستكشفين في الزرقاء الأردنية
  • صفقة كركوك المليارية.. تفاصيل شراء 20 سيارة تاهو ولاند كروزر ولكزس
  • حالة طبية نادرة.. وفاة طالب في كركوك إثر جلطة قلبية مفاجئة
  • نائب عن الحكمة: قانون الانتخابات الحالي هو الأفضل والغالبية السياسية ترفض تعديله
  • الإطاحة بـ 4 عناصر إرهابية في كركوك