فيما يظهر مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي تعثراً، فإن ما يثير الاهتمام في اتفاق التطبيع المتوقع، وما سيحدد مصيره هي اعتبارات السياسة الداخلية الإسرائيلية، لأن عواقبه ستترك تأثيراتها على السياسات الداخلية للاعبين الرئيسيين، وتصنيف من الناجح منهم والفاشل.

الجنرال تامير هايمان هو مدير معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ذكر أن "اتفاق التطبيع الناشئ يتضمن عدة مطالب سعودية من الولايات المتحدة: تحالف دفاعي ثنائي، وهذا مطلب بالغ الأهمية، سيعزز المملكة إلى حد كبير، واستعراض قوتها الإقليمية، ويمنع إيران من مهاجمتها مرة أخرى، ومن وجهة النظر الأمريكية فإنه قد يؤدي لدخولها في حرب مع إيران، بما يتعارض مع سياستها الحالية بالتركيز على الصين وروسيا، كما يتطلب هذا التحالف موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية 67 عضوا، مما يعني أن موافقة الحزبين مطلوبة للموافقة على الصفقة".



وأضاف في مقال نشرته "القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "المطلب السعودي الثاني يشمل الموافقة على تخصيب اليورانيوم على أراضيها، مع أن المقصود ليس بناء مفاعل نووي، كما أن مطلب المملكة مختلف، لأنها ترغب بالسيطرة على إنتاج الوقود النووي، وهذه بالضبط القدرة التي تسعى إيران لتحقيقها منذ سنوات عديدة، ولهذا السبب عارضت إسرائيل الاتفاق النووي، أما المطلب الثالث فتتعلق بحصول المملكة على مزيد من الأسلحة النوعية الأمريكية، وهي بالتأكيد ليست أفضل مما لدى إسرائيل، مما سيضع المملكة في أفضلية نسبية مطلقة أمام أعدائها، وفي توازن نوعي معين ضد إسرائيل".


وأشار إلى أن "المطلب الرابع يتضمن الملف الفلسطيني، سواء إعلان الالتزام بحل الدولتين، أو حق الفلسطينيين بتقرير المصير، وفتح قنصلية أمريكية في شرقي القدس، وقنصلية فلسطينية في واشنطن، وتغيير وضعية الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة، وإجراءات مماثلة لتسريع التنمية الاقتصادية الفلسطينية، بما فيها تطوير حقل الغاز أمام غزة، وإنشاء ميناء بحري وجوي في أراضي غزة، وتسهيل الإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل على المعابر الحدودية، وتسهيل التنقل بين المناطق، والمناطق الصناعية المشتركة، وتجديد النقاش حول بروتوكول باريس الاقتصادي".

وأوضح أن "المطلب السعودي الخامس يتضمن وقف النشاط الإسرائيلي الأحادي الجانب بعدم ضم الأراضي الفلسطينية، وتجميد البناء في المستوطنات، ومنع إنشاء بؤر استيطانية إضافية، وتجنب الدخول للأراضي الفلسطينية خاصة المنطقة "أ" قدر الإمكان، ونقل مزيد من الأراضي لسيطرة السلطة الفلسطينية، وفصل الكيان الفلسطيني عن إسرائيل، أي إنجاز اتفاق جديد لخريطة الطريق، من خلال عملية تدريجية، مع أنه على عكس الاتفاق مع الإمارات العربية المتحدة، فلن يتم هذه المرة تجميد الضم "فقط" إرضاء للمملكة، رغم أنه في ظل الظروف الحالية لا يتعلق الأمر بـ"دولة فلسطينية داخل حدود 67 وعاصمتها شرقي القدس".

وأشار إلى أنه "كلما زاد عدد البنود المتفق عليها، أصبح من الأسهل الموافقة على التطبيع مع السعودية، مما يستدعي طرح الأسئلة: ما الدافع، وحجم الثمن، ومدى أهمية الاتفاق، وما يفسر الجهد الكبير والاستعداد لـ"ابتلاع هذه الضفادع"، مع أن السعودية في وضع اقتصادي جيد للغاية دون التطبيع مع إسرائيل، فقد نظمت علاقاتها بإيران، وحرب أوكرانيا تزيد الطلب العالمي على النفط، وهيمنتها في العالم العربي تتزايد، لكن سياستها الداخلية أكثر تعقيدا، ويسعى لتعزيزها موقفه لتتويجه ملكاً، ولا يستطيع خسارة التأييد في الشارع السعودي، وفي هذا الوضع الحساس لا يستطيع التخلي عن الفلسطينيين، مما سيضطره للإصرار على المكون الفلسطيني".

وأكد أن "إسرائيل في المقابل، تحتاج للتطبيع أكثر من أي طرف آخر، فهي في أزمة داخلية، والتوازن الأمني أصبح غير مستقر بشكل متزايد، ليست أمام حرب مفاجئة متعددة المجالات، والوقت لا يعمل لصالحها، واقتصادها يتضرر، وكفاءة الجيش آخذة بالانخفاض، وهناك خطر أن نموذج التجنيد على وشك الانهيار، حتى لو تم إقرار قانون الإعفاء من التجنيد، وباتت إسرائيل معرّضة لخطر هجرة الأدمغة، مما قد يجعل من التطبيع مع السعودية طريق الهروب الاستراتيجي، لأنها أكبر وأهم دولة عربية، وبعدها ستأتي المزيد من اتفاقات التطبيع، وتتمتع بمكانة خاصة باعتبارها حامية الأماكن المقدسة ومهد الإسلام".


الخلاصة الإسرائيلية أن المكونات الأمنية للتطبيع مع السعودية ثقيلة وصعبة الهضم على الاحتلال، لأن الموافقة على تخصيب اليورانيوم ستضع حدّاً للمحرمات النووية في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن سباق التسلح النووي سيصبح أمرا قائما، وهذا الثمن الباهظ الذي يعرفه الكثيرون، رغم أن تضمّنه للقضية الفلسطينية من شأنه تقليل خطر التحول إلى دولة واحدة، وتقليص نفوذ إيران في الشرق الأوسط على خلفية التحالف الدفاعي السعودي الأمريكي، والأهم من وجهة نظر الإسرائيليين هو إعادة استقرار دولة الاحتلال، ووقف الفوضى التي تسير نحوها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة التطبيع السعودية الاحتلال السعودية الاحتلال تطبيع صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع السعودیة التطبیع مع

إقرأ أيضاً:

جنرال إسرائيلي يشكك بنجاح مخطط الاحتلال لإقامة حكم عسكري في غزة والقضاء على حماس

أكد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق تمير هايمان أن فرض حكم عسكري في قطاع غزة حسب المخططات الحالية، لن يؤدي إلى تحقيق هدفي إسرائيل الرئيسيين في الحرب على غزة.

 

ولفت الرئيس الحالي لـ"معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب هايمان إلى أن الهدفين هما "إعادة الرهائن المحتجزين في القطاع والقضاء على حركة حماس".

ورأى أن المؤشرات الحالية تظهر أن "الجيش الإسرائيلي لن يغادر غزة في السنوات القريبة. والواقع الأمني الحالي في غزة هو الواقع الذي سيرافقنا في المستقبل المنظور"، وفق ما جاء بمقاله المنشور في الموقع الإلكتروني للقناة 12 العبرية.

 

وأضاف أنه "من الناحية العملياتية، ينتشر الجيش الإسرائيلي، حاليا، حول قطاع غزة وداخل مناطق في القطاع على طول الحدود، ويشكل منطقة عازلة. كما أن الجيش الإسرائيلي يسيطر بشكل دائم على محور فيلادلفيا، وبتموضع في منطقة واسعة تقسم القطاع في منطقة محور نيتساريم".

 

ولفت إلى أنه "على ما يبدو اتخذ قرار بالبقاء لفترة غير محدودة في هذه المنطقة، واستغلالها كقاعدة لانطلاق توغلات وعمليات خاصة للجيش الإسرائيلي وقوات الأمن إلى داخل المناطق المبنية، إلى حين إنهاء وجود حماس العسكري".

 

وشدد هايمان على أنه "لا توجد أي إمكانية عسكرية لإعادة جميع الـ101 مخطوف ومخطوفة بواسطة عملية عسكرية، ومعظم الخبراء والمفاوضين يدركون أن صفقة مخطوفين (تبادل أسرى) هي الطريقة الوحيدة لإعادتهم إلى الديار، الأحياء والأموات".

 

وأضاف في ما يتعلق بإسقاط حكم "حماس"، أنه "ليس هناك خطة فعلية قابلة للتنفيذ تعتزم إسرائيل إخراجها إلى حيز التنفيذ. وذلك لأن السلطة الفلسطينية تعتبر من جانب صناع القرار وفي أوساط واسعة في الجمهور الإسرائيلي أنها غير شرعية، ولأن الدول العربية في الخليج والمجتمع الدولي لن يدخلوا إلى القطاع بدون تعهد بأن تكون السلطة الفلسطينية عنصرا مركزيا في السيطرة في القطاع".

 

واعتبر هايمان أن "الحكم العسكري، وهو خطة ناجعة من الناحية التكتيكية، لكنها خطة سيئة جدا من الناحية السياسية والإستراتيجية – وكذلك ثمنها الهائل من حيث الميزانية ومن حيث رصد قوى بشرية لتنفيذها".

 

وأضاف أن فرض حكم عسكري هو "فوضى متعمدة، بمعنى استمرار الوضع الراهن فعليا، وإسرائيل لن تعيد إعمار القطاع. وعلى الرغم من أن سيطرة حماس على توزيع المساعدات الإنسانية تعزز قوتها، فإن العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي تضعفها. والأمر الذي سيحسم بين هذين الاتجاهين المتناقضين هو الفترة المتاحة لنا. وإذا كان لإسرائيل نفس طويل للعمل، سيتحقق وضع تتحول فيه حماس إلى حركة ليست ذا صلة بالواقع، وتنقرض كتهديد. والسؤال هو هل سيسمح المجتمع الإسرائيلي والأسرة الدولية لحكومة إسرائيل بالحصول على هذا الوقت؟".

وفيما يدعون في إسرائيل، ومن ضمنهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أنه لا توجد نية بفرض حكم عسكري، "فقد بقينا مع الخيار الثاني الذي سيطبق على ما يبدو"، حسب هايمان، الذي أشار إلى "أفضلياته" وسلبياته، مضيفا "إحدى الأفضليات هي حرية العمل العسكري. وهذه حرية عمل ستؤدي إلى تآكل قدرات حماس العسكرية مع مرور الوقت، وعلى ما يبدو ستقلص صفوفها".

 

وتابع: "وأفضلية أخرى، بنظر الحكومة الإسرائيلية، هي أن الامتناع عن اتخاذ قرار حول الجهة السلطوية التي ستدير الشؤون المدنية في قطاع غزة سيقلل الأزمات السياسية (داخل الحكومة)، وكذلك عدم دفع ثمن لقاء صفقة المخطوفين الذي سيخفض التوتر داخل الائتلاف. وأولئك الذين يتطلعون إلى سيطرة إسرائيلية مدنية في قطاع غزة – إعادة الاحتلال والاستيطان – سيحسنون مواقفهم، لأن استمرار الوضع الراهن يعزز احتمالات ذلك".

 

وأشار هايمان إلى أنه من الجهة الأخرى، وبين "سلبيات الخيار الثاني"، سيحدث "تآكل عسكري لقوات الجيش الإسرائيلي بصورة دائمة وفي جميع المناطق: إصابات جسدية ونفسية، تآكل (قدرات) جنود الاحتياط، وتدهور الطاعة وأخلاقيات القوات النظامية نتيجة الأعباء الهائلة". ‏مضيفا أن أمرا سلبيا آخر سيتمثل "باستمرار عزلة إسرائيل مقابل ديمقراطيات ليبرالية – غربية، وخاصة في أوروبا وفي الحيز التجاري الاقتصادي مقابل الولايات المتحدة أيضا". محذرا من "موت المخطوفين في الأسر، طالما تستمر الحرب بموجب هذا المفهوم لن تكون هناك صفقة".

 

ولفت هايمان إلى أنه "رغم أفضليات البديل الذي جرى اختياره، فإن سلبياته أكثر. والثمن الذي سندفعه في تآكل الأمن القومي أكبر من الإنجاز العسكري الذي سنحققه. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى التضحية بالمناعة الاجتماعية، وتآكل قدرات الجيش الإسرائيلي، وتشكيل خطر على الاقتصاد، وتقويض مكانة إسرائيل الدولية، مقابل تعميق الإنجاز في أحد أهداف الحرب – القضاء على حماس – وخلال ذلك تنازل مطلق عن الهدف الآخر للحرب – إعادة المخطوفين".

 

وخلص إلى أنه "بالرغم من تعقيدات البديل الذي أهملناه (أي اقتراح إدارة بايدن)، ففي حال اقترحت إدارة ترامب العودة إلى حل في غزة يشمل تطبيع علاقات مع السعودية، وحكم فلسطيني بديل في غزة لا يشمل حماس، فإنه من الأجدى لنا أن نوافق عليه".

مقالات مشابهة

  • عقوبات أمريكية على جنرال كولومبي سابق بسبب انتهاكات حقوقية
  • سفير بريطاني سابق يدعو بلاده لتخفيف تحذير السفر إلى ليبيا
  • هل التطبيع السعودي مع الاحتلال ممكن رغم تصريحات ولي العهد الأخيرة؟
  • جنرال إسرائيلي: الجيش في وضع صعب.. حذر من التفكك ومزيد من القتلى
  • وزير مغربي سابق يدعو إلى تحرير الفلسطينيين من الاحتلال والصهيونية
  • جنرال إسرائيلي يشكك بنجاح مخطط إسرائيل لإقامة حكم عسكري في غزة والقضاء على “حماس”
  • "حزب الكتاب" المغربي يطالب بإنهاء التطبيع مع إسرائيل
  • جنرال إسرائيلي يشكك بنجاح مخطط الاحتلال لإقامة حكم عسكري في غزة والقضاء على حماس
  • الرئاسة الفلسطينية: نرفض خطط إسرائيل لإنشاء منطقة عازلة في شمال غزة
  • جنرال إسرائيلي: فرض حكم عسكري بغزة لن يعيد الأسرى ولن يقضي على حماس