من المهم أن تستمر الولايات المتحدة في بذل جهودها الدبلوماسية لستوية النزاع الحدودي البحري بين العراق والكويت، بما يحرم إيران من ورقة ضغط يمكن أن تستغلها لإجبار الكويت والسعودية على منحها حصة في حقل الدرّة للغاز الطبيعي المتنازع عليه في شمال غربي مياه الخليج العربي.

تلك القراءة قدمتها الدكتورة يريفان سعيد، وهي باحثة زائرة في معهد الخليج العربي بواشنطن، عبر تحليل في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد".

ولفتت إلى أنه في 30 تموز/يوليو الماضي، بدأ وزير الخارجية الكويتي سالم الصباح زيارة إلى بغداد هدفت إلى معالجة العلاقات بين البلدين والتعامل بشكل عاجل مع النزاع الحدودي البحري الطويل الأمد والمثير للجدل، والذي يدور حول ممر خور عبد الله المائي.

وتابعت أن الزيارة حملت "أهمية خاصة نظرا لتزامنها مع الذكرى الثالثة والعشرين للغزو العراقي للكويت عام 1990، والذي لا يزال صداه يتردد في ذاكرة المنطقة"، كما جاءت الزيارة "في سياق تحولات عميقة في السلطة الداخلية في العراق، حيث هيمنت الجماعات الشيعية (موالية لإيران)".

و"النزاع الحدودي بين العراق والكويت عمره قرون (..) وحتى قبل اكتشاف النفط، ظل هذا الصراع الحدودي قضية مثيرة للجدل، وعلى الرغم من توقيع اتفاقيات والاعتراف بالكويت في الماضي، فإن الحكومات العراقية المختلفة، سواء المملكة الهاشمية أو دكتاتورية صدام حسين (1969-2003)، لم تتنازل قط عن مطالباتها بأجزاء من الأراضي الكويتية"، بحسب يريفان.

وأوضحت أنه "في قلب هذا الخلاف يقع مصب نهر خور عبد الله ذو الأهمية الاستراتيجية، وهو ممر حاسم لـ80% من واردات وصادرات العراق. ومنذ 2003، أبرمت بغداد والكويت اتفاقيات متعددة لتسوية النزاع، وشملت الصفقات جهود الملاحة التعاونية والتدابير الأمنية لحماية المنطقة، لكن تنفيذ بغداد كان بطيئا في كثير من الأحيان، متأثرا بالاعتبارات التجارية والعوامل الجيوسياسية".

اقرأ أيضاً

العراق ينفي التنازل عن أم قصر الحدودية إلى الكويت

حقل الدرّة

و"هناك مواجهة أخرى بين الكويت وإيران حول حقل الغاز البحري المعروف باسم "آراش" في إيران و"الدرّة" في الكويت والسعودية، وبالتالي، يمكن لطهران استغلال النزاع الحدودي المستمر بين الكويت والعراق لتعزيز مصالحها الخاصة"، كما أضافت يريفان.

وهذا الحقل يقع في المنطقة المحايدة المغمورة بالمياه بين الكويت والسعودية، ويعد بعائدات اقتصادية كبيرة، مع احتياطيات تقدر بنحو 30 مليار برميل من النفط و60 تريليون قدم مكعب من الغاز.

وتقول إيران إنها تشترك في جزء من الحقل مع الكويت، بينما تُصر السعودية والكويت، بحدودهما المرسومة، على حقوقهما الحصرية المشتركة في الحقل، لاسيما في ظل عدم ترسيم الحدود البحرية بين الكويت وإيران.

يريفان تابعت أنه "من خلال الاستفادة من التراجع الملحوظ في النفوذ الأمريكي (في الشرق الأوسط)، اتخذت إيران موقفا إقليميا أكثر حزما، وقد أثار تأكيد وزير النفط الإيراني جواد أوجي مؤخرا على حقوق طهران في الحقل ردود أفعال قوية من دول الخليج العربي".

ويقول مراقبون إن الشرق الأوسط تراجع في قائمة أولويات الولايات المتحدة لصالح مواجهة ما تعتبره نفوذا صينيا متصاعدا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتصدي لروسيا التي تشن منذ 24 فبراير/ شباط 2022 حربا في أوكرانيا تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة واشنطن، تهدد الأمن القومي الروسي.

اقرأ أيضاً

بسيناريو لبنان وإسرائيل.. هل تتقاسم الكويت وإيران حقل "الدرّة"؟

أولويات أمريكية

و"بالنظر إلى النفوذ السياسي والعسكري الكبير الذي تمارسه إيران بالوكالة في (جارها) العراق، فإن المخاوف الأمنية الكبيرة بالنسبة للكويت تلوح في الأفق"، بحسب يرفيان.

وأضافت أن "التلاعب المحتمل بمجموعات مثل قوات الحشد الشعبي (عراقية شيعية موالية لطهران) لزعزعة استقرار الحدود الكويتية يمثل سيناريو مثير للقلق".

وزادت بأن "هذا السيناريو قد يؤدي إلى توريط الولايات المتحدة في صراع آخر في الشرق الأوسط، مما يحول الموارد والاهتمام عن الأولويات الاستراتيجية الحاسمة الأخرى، بما في ذلك إدارة المنافسات التي تشمل الصين وروسيا".

يريفان رأت أن "حل النزاع الحدودي الطويل الأمد بين بغداد والكويت يمكن أن يقوض نفوذ طهران ووكلائها بينما يساهم في الاستقرار الإقليمي، مما يسمح للولايات المتحدة بتحديد أولوياتها".

وتابعت أنه "في منطقة تتميز بنزاعات تاريخية وديناميكيات السلطة المتغيرة والمشهد السياسي المتطور، فإن حل قضية الحدود العراقية الكويتية يشكل ركيزة حيوية للاستقرار، وتؤكد تجارب الماضي على مخاطر ترك الصراعات الإقليمية دون حل".

و"احتمال قيام الجهات الخارجية باستغلال هذه التوترات يسلط الضوء على الطبيعة الملحة لإيجاد حل، ولذلك من المهم بالنسبة للولايات المتحدة أن تواصل جهودها الدبلوماسية لتسوية نزاع الحدود العراقية الكويتية، وبالتالي المساهمة في السلام والأمن الدائمين في المنطقة"، وفقا ليرفيان.(

اقرأ أيضاً

المهمة صعبة.. هل توقف واشنطن تآكل نفوذها في الشرق الأوسط؟

المصدر | يريفان سعيد/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الكويت العراق إيران السعودية حقل الدرة الشرق الأوسط بین الکویت

إقرأ أيضاً:

«الوزاري الخليجي» وأميركا: دعم إنشاء دولة فلسطينية على طول حدود 1967

نيويورك (وام) 

أخبار ذات صلة عبدالله بن زايد: حريصون على توسيع دائرة شراكاتنا العالمية الإمارات: ملتزمون بالتعاون مع الشركاء لمواجهة التحديات العالمي

أكد الاجتماع الوزاري بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة الأميركية، التزام الأطراف المشاركة بالشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة وبالبناء على إنجازات الاجتماعات الوزارية السابقة، بما في ذلك أحدث اجتماع عقد في الرياض في 29 أبريل 2024، وبتعزيز المشاورات والتنسيق والتعاون في مختلف المجالات.
وأعرب الوزراء خلال الاجتماع الذي عقد في نيويورك يوم 25 سبتمبر الجاري، وشارك في رئاسته وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري والرئيس الحالي للمجلس الوزاري التابع لمجلس التعاون، بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون والأمين العام للمجلس جاسم محمد البديوي، عن دعمهم لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن على طول حدود 1967، مع تبادل أراض متفق عليها بين الطرفين، ووفقاً للمعايير المعترف بها دوليا ومبادرة السلام العربية للعام 2002.
وشدد الوزراء على ضرورة عودة كافة المدنيين النازحين بعد 7 أكتوبر إلى منازلهم، وأعادوا التأكيد على اعتقادهم بأن السلام الدائم سيشكل ركيزة لمنطقة أكثر تكاملا واستقرارا وازدهارا. وشدد الوزراء على ضرورة تكثيف الجهود الرامية إلى تعزيز قدرة السلطة الفلسطينية وفعاليتها وشفافيتها بموجب آليات متفق عليها، وأكدوا على ضرورة أن يكون ثمة حوكمة موحدة بقيادة فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية تحت مظلة السلطة الفلسطينية،  وأعادوا الالتزام بدعم طموحات الفلسطينيين بتقرير المصير وضمان أن يكون الفلسطينيون في صلب الحوكمة والأمن في غزة في مرحلة ما بعد الصراع. وأعرب الوزراء أيضا عن دعمهم لتحسين نوعية حياة الفلسطينيين، بما في ذلك من خلال المساعدات الإنسانية وجهود تسريع النمو الاقتصادي الفلسطيني.
وأعرب الوزراء عن قلقهم البالغ إزاء المستويات المتزايدة لأعمال العنف على يد المستوطنين وغيرها من أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وشددوا على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الأعمال، وعلى ضرورة الامتناع عن التدابير أحادية الجانب، بما في ذلك عمليات توسيع المستوطنات، لأنها تعيق إمكانية تحقيق السلام والأمن الحقيقي للإسرائيليين والفلسطينيين.
وأشار الوزراء إلى أهمية حماية كافة الأماكن المقدسة ودور العبادة والحفاظ على الوضع الراهن التاريخي للقدس والاعتراف بالدور المميز الذي تلعبه المملكة الأردنية الهاشمية في هذا الصدد.
والتزم الوزراء بالعمل معاً للتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم والإفراج عن الرهائن والمعتقلين، بما يتوافق مع الخطوط التي حددها الرئيس بايدن يوم 31 مايو 2024 وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735. ودعا الوزراء الأطراف إلى الامتناع عن التدابير التي تقوض جهود رسم مسار دبلوماسي نحو المستقبل، وأثنوا على جهود الوساطة التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة في هذا الصدد، على النحو المبين في البيان المشترك الصادر بتاريخ 8 أغسطس بشأن ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق نار والإفراج عن الرهائن والمعتقلين بشكل طارئ، وشددوا على ضرورة التزام الأطراف كافة بالقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والالتزامات ذات الصلة بحماية المدنيين.
وأشار الوزراء إلى الدعم السخي الذي يقدمه مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة، لعمليات تسليم المساعدات إلى غزة، مشددين على الدور الحيوي الذي تلعبه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في عمليات توزيع المساعدات المنقذة للحياة.
المساعدات الإنسانية
دعا الوزراء إلى زيادة عمليات تسليم المساعدات الإنسانية بشكل سريع وغير مقيد وعلى نطاق واسع، بما في ذلك الغذاء والمياه والرعاية الطبية والوقود والمأوى، وشددوا على ضرورة استعادة الخدمات الأساسية وضمان حماية العاملين في المجال الإنساني، وأكدوا أيضا على ضرورة قيام أصحاب المصلحة كافة بتسهيل شبكات توزيع المساعدات الإنسانية في أنحاء غزة لإيصال ما يخفف معاناة الفلسطينيين، وأكدوا على ضرورة ضمان سلامة وأمن العاملين في مجال الإغاثة والذين يؤدون عملا منقذا للأرواح وفعالية العمليات الإنسانية.
وأكد الوزراء على أهمية توصل مصر وإسرائيل إلى اتفاق لإعادة فتح معبر رفح بغرض تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، والتزموا بمواصلة العمل المشترك بشأن جوانب الحوكمة والأمن والتعافي المبكر في غزة.
وأعرب الوزراء عن قلقهم البالغ إزاء التصعيد الأخير في المنطقة وتأثيره السلبي على الأمن والاستقرار الإقليميين، كما شددوا على أهمية الامتثال للقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة واحترام سيادة الدول واستقلالها السياسي وسلامة أراضيها.
وأعرب الوزراء عن قلقهم البالغ إزاء نشر الصواريخ الباليستية المتقدمة والطائرات المسيرة لتهديد الأمن الإقليمي وتقويض السلام والأمن الدوليين.
وجدد الوزراء التزامهم بضمان حرية الملاحة والأمن البحري في المسارات المائية في المنطقة وعزمهم على ردع التحركات غير المشروعة من قبل الحوثيين، والتي تهدد حياة وأمن البحارة ومسارات الشحن والتجارة الدولية والمنشآت النفطية في دول مجلس التعاون.
وشدد الوزراء، على دعمهم لدعوة الإمارات العربية المتحدة إلى التوصل إلى حل سلمي للنزاع حول جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى من خلال مفاوضات ثنائية أو محكمة العدل الدولية، وذلك بما يتوافق مع قواعد القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
وأعرب الوزراء عن قلقهم العميق إزاء الوضع الإنساني للمدنيين اليمنيين، وشددوا على ضرورة أن يتيح الحوثيون وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع وبدون عوائق إلى المحتاجين كافة، مشيرين إلى أن هجمات الحوثيين - داخل اليمن وخارجه - تضر بالشعب اليمني قبل أي طرف آخر، كما دعوا إلى الإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والدبلوماسيين، كافة، الذين يحتجزهم الحوثيون بشكل غير قانوني.
وطالب الوزراء بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2722، وشددوا على أهمية الحفاظ على الأمن البحري، مطالبين الحوثيين بوقف الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن. وأكدوا على أهمية العمل الجماعي لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر والرد على الأنشطة التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
وأعاد الوزراء التأكيد على دعمهم القوي ومشاركتهم المتواصلة من أجل عملية السلام الشاملة ذات المغزى ضمن إطار مبادرة مجلس التعاون ونتائج الحوار الوطني في اليمن وقرار مجلس الأمن رقم 2216 لحل الصراع الطويل الأمد في البلاد.
وأشاد الوزراء بالجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لتشجيع الحوار اليمني الشامل وتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية لليمن.
وشدد الوزراء على أهمية مبادئ الإدماج والتسامح والتعايش السلمي في العلاقات بين الدول، وذلك على النحو الوارد في إعلان البحرين الصادر في 16 مايو 2024، وعلى أهمية توفير الخدمات التعليمية والصحية للمتضررين من الصراعات في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • العراق يستقبل الدفعة الأولى من النازحين اللبنانيين عبر المنفذ الحدودي مع سوريا
  • الأمم المتحدة حذرت من انهيار كارثي في لبنان: لتدخل دولي سريع وحاسم
  • العراق يستقبل 144 مواطناً لبنانياً عن طريق منفذ القائم الحدودي
  • وزير الخارجية يترأس وفد دولة الكويت باجتماع التحالف الدولي ضد داعش في نيويورك
  • هل تحاول إسرائيل جر أمريكا إلى حرب ضد إيران؟
  • ورقة نصرالله السرية..هل يلجأ حزب الله إلى "وحدة الظل" لضرب إسرائيل؟
  • ارتفاع صادرات العراق النفطية إلى أمريكا خلال أسبوع
  • «الوزاري الخليجي» وأميركا: دعم إنشاء دولة فلسطينية على طول حدود 1967
  • «أكسيوس»: إسرائيل طلبت من أمريكا اتخاذ إجراءات لمنع إيران من مهاجمتها
  • دول الجنوب العالمي تحذر من مخاطر تصاعد الأعمال العدائية المستمرة في أوكرانيا