صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-03@10:14:52 GMT

انقلابات أفريقيا: ابحث عن فرنسا

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

انقلابات أفريقيا: ابحث عن فرنسا

 

انقلابات أفريقيا: ابحث عن فرنسا

د.فيصل محمد صالح

 

فتح انقلاب الغابون جرحاً جديداً في جسد القارة الأفريقية التي ضربتها موجة الانقلابات بشدة في الفترة الأخيرة، حيث بلغ عددها 8 انقلابات في ظرف 3 سنين، تركزت في حزام وسط وغرب أفريقيا، وبتركيز أكبر على المستعمرات الفرنسية السابقة، حيث شملت السودان، تشاد، غينيا، بوركينا فاسو، مالي، النيجر، الغابون.

وعندما يشير الناس إلى فرنسا لا يعني هذا بالضرورة أن فرنسا هي التي دبرت الانقلابات، لكنها طرف حاضر بقوة في معظم هذه الانقلابات، سواء أكانت وراء واحد من هذه الانقلابات، أو أن بعضها الآخر استهدف النفوذ الفرنسي في المنطقة.

ليست خافية المصالح الفرنسية الكثيرة في موارد المنطقة، من البترول والموارد المعدنية المختلفة، للمنتجات الزراعية الرخيصة والمواد الخام التي يتم تصنيعها في فرنسا، وبطبيعة الاستعمار الفرنسي الاستيطاني، فإن النفوذ الفرنسي بعد الاستقلال لم يتقلص كثيراً، فقد صنعت فرنسا في هذه البلدان طبقات سياسية مرتبطة سياسياً وثقافياً واقتصادياً بباريس، يدرس أبناؤها ويقيمون بفرنسا، ولا يأتون إلى بلدانهم إلا ليحكموا، ثم بعد ذلك يقضي بعضهم معظم حياته في فرنسا ويدير البلاد بالريموت كونترول.

ولو أدرنا النظر في ما تبقى من الحكام الأبديين فسنجد أن معظمهم مرتبط بفرنسا ويتمتع بدعمها وتأييدها، من رئيس الكونغو دينيس ساسو نجيسو الذي يحكم منذ عام 1979، وغاب لفترة رئاسية واحدة، ثم عاد عام 1997 ولا يزال يحكم، ثم ثيودور أوبيانج أونجيما الذي يحكم غينيا الاستوائية منذ عام 1979، وبول ببا الذي يحكم الكاميرون منذ عام 1982، وفور أياديما غناسينغبي الذي يحكم توغو منذ عام 2005.

في حالة الغابون التي وقع فيها الانقلاب العسكري يوم الأربعاء الماضي، فإن أسرة بونغو ورثت البلاد والعباد، وحكمت لمدة 56 عاماً، بدأها الرئيس عمر بونغو، وبعد وفاته خلفه ابنه علي بونغو الذي أعلنت لجنة الانتخابات قبل أيام فوزه في الانتخابات الرئاسية بنسبة 64.27 في المائة. بعيداً عن الوراثة والاحتكار وقصص الفساد، فإن الرئيس علي بونغو أصيب بجلطة وشلل وغاب عن البلاد 14 شهراً تحت العلاج، وعاد ليترشح ويفوز بالانتخابات التي قالت بعثات المراقبة الدولية من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إنها تفتقد معايير الحرية والنزاهة المطلوبة.

وجود أنظمة وراثية فاسدة تجد دعماً فرنسياً ودولياً أثار غضب كثير من الشعوب وأثار حنقها وعداءها لفرنسا، وفي كل بلد أفريقي لا يزال هناك ضباط طامعون في السلطة وقادرون على مغازلة طموحات ورغبات الشعوب وإقناع الناس أن السبيل الوحيدة للتخلص من الحكام الفاسدين هو الانقلاب العسكري، رغم أن تاريخ الانقلابات في أفريقيا لا يقل سواداً عن تاريخ الأنظمة الوراثية. ومثلما استثمر الحكام الأبديون في تقوية العلاقات مع فرنسا لضمان بقائهم في السلطة، فإن الأنظمة الانقلابية الحالية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغيرها تستثمر في العداء لفرنسا، وتقدم خطاباً شعبوياً جاذباً للجماهير، وخادعاً لها بالتأكيد، وإن كان خداعه لا يظهر الآن.

وللسبب نفسه، فإن دولاً أخرى دخلت اللعبة، مثل روسيا، التي بدأت أيضاً في الاستثمار في روح العداء لفرنسا وتغذيتها لدرجة أن هذه الشعوب المقهورة تخرج في مظاهرات مؤيدة للانقلابات وترفع علم روسيا وصور زعيم «فاغنر» المغدور به يفغيني بريغوجين، وكأنه هو مخلص الشعوب.

مرت فرنسا بحركة تغيير ضخمة حين انتخبت الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون عام 2017، ثم أعقبت ذلك انتخابات نيابية قبل وقتها، وأخرجت أكثر من 70 في المائة من الطبقة السياسية القديمة لصالح وجوه جديدة، لكن هذا التغيير لم ينعكس على سياسة فرنسا الخارجية وعلى علاقاتها بمستعمراتها السابقة والطبقة السياسية الحاكمة، وهي الآن تجني ثمار الفشل والعجز عن قراءة التغيرات الكبرى في العالم وفي أفريقيا.

الخطوة الأولى في تغيير هذه الصورة هي تفهم فرنسا لرغبات وطموحات الشعوب، ثم رفع يدها عن دعم الحكام الطغاة، والاستثمار في العلاقات مع الشعوب الأفريقية واحترام رغباتها، عند ذلك قد يتلاقى هذا التغيير مع حركة وعي جماهيرية أفريقية تعرف أن هناك طرقاً ووسائل للتغيير غير الانقلابات العسكرية.

رغم ما قلناه عن الدور المحوري لفرنسا في معظم هذه الانقلابات، معه أو ضده، فإنه بالتأكيد توجد عوامل أخرى تتسبب في حالات الانقلابات وعدم الاستقرار في القارة البكر، منها كما ذكرنا طموحات القيادات العسكرية التي لا تشبع من السلطة، ثم سيادة روح القبلية والجهوية والعنصرية التي تجهض محاولات التحول الديمقراطي، مثلما حدث في النيجر التي وصل الرئيس محمد بازوم، وهو من الأقلية العربية، للسلطة فيها عبر عملية ديمقراطية مشهود لها، لكن لم يرضِ هذا الأمر بعض المجموعات الأخرى في البلاد، فدبرت الانقلاب، ثم وفرت له قاعدة شعبية قبلية بالأساس.

يبدو أن طريق الديمقراطية والحريات العامة والعدالة والسلام والتنمية المتوازنة في أفريقيا لا تزال بعيدة، لكنها ليست مستحيلة، ببساطة لأنه لا توجد طريق بديلة.

 

الوسومإنقلاب عسكري الغابون النيجر فرنسا فيصل محمد صالح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إنقلاب عسكري الغابون النيجر فرنسا

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: الحوار الإسلامي أطلق محاولة لتشكيل وحدة علمائية ورؤية مشتركة بين الشعوب

(أ ش أ):

كشف فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، عن استراتيجية الأزهر لبناء جسور التعايش، التي انطلقت من تأسيس "بيت العائلة المصرية" عام 2011 بعد الاعتداء الأليم على كنيسة القديسين بالإسكندرية، مشيرا إلى أن هذا البيت يُدار بالتناوب بين شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية كل 6 أشهر، وروعي في تشكيله ألا يترجم أي شيء يدل على تفرقة أو تمييز بين دين ودين.

وأضاف شيخ الأزهر، خلال حديثه اليوم بأولى حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أنه بعد نجاح تجربة بيت العائلة المصرية داخليا، والتي كانت تجربة رائدة وملهمة، تم التفكير في كيفية محاولة زرع السلام بين طوائف الأمة في عالمنا الإسلامي والعربي، وأن تكون هناك «وحدة علمائية» كبداية، بحيث تشكل هذه الوحدة في وجدان الشعوب رؤية واحدة أو هدف واحد مشترك، قائلا:"من هذا المنطلق فكرنا في أن نلتقي نحن علماء المذاهب الإسلامية، وأن يكون بيننا لقاءات، وأن تكون بلادنا مفتوحة للعلماء".

وأكد شيخ الأزهر، أن مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي في البحرين نجح نجاحا كبيرا، معربا عن خالص تقديره لجلالة الملك حمد بن عيسى، ملك مملكة البحرين، الذي استضاف هذا المؤتمر الجامع لممثلي المذاهب المختلفة من أكثر من ثلاثين دولة، فكان فيه أهل السنة والشيعة الإمامية والإباضية والزيدية، وكان الجميع يشعر بالأخوة والصداقة والمصارحة.

كما خرج المؤتمر بتوصيات مهمة جدا، وناقش المؤتمرون فيه الأسباب التي أوجدت هذه الفرقة أو هذا التعصب للمذهب، قائلا: "نحن نقبل التمذهب، وهو أمر لا مفر منه، ولكن نرفض التعصب للمذهب، وعلى الجميع أن يؤمنوا بمبدأ الوحدة في مواجهة العدو».

وشدد الإمام الطيب على ضرورة تقديم المصالح العليا للمسلمين على الخلافات المذهبية، موضحا أن الاختلاف "سُنة إلهية" استنادًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾، لكنه حذَّر من تحوُّل الخلاف إلى تعصُّب يُضعف الأمة، مؤكدا أنه ليس بمعقول أن تكون أمانة التمذهب بأكبر من أمانة الوحدة والحفاظ على حياة الأمة، فيجب تقديم واجب الأمة على واجب المذهب، وأن يكون للأمة موقف واحد عند النوائب، كما يحدث مع الاتحادات الموجودة الآن، كالاتحاد الأوروبي والتحالفات الآخرى، قائلا «نحن أولى بها، وما معنا وما بيننا من مقومات التحالف أكثر بكثير جدا مما لديهم».

هذا المحتوى من

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

شيخ الأزهر أحمد الطيب مجلس حكماء المسلمين كنيسة القديسين بالإسكندرية برنامج الإمام الطيب مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة شيخ الأزهر ينعى الدكتور محمود توفيق سعد، عضو هيئة كبار العلماء أخبار شيخ الأزهر يبحث مع رئيس تيار الحكمة الوطني العراقي سبل تعزيز الوحدة الإسلامية أخبار بحضور شيخ الأزهر.. المشاركون بمؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي يوقِّعون أخبار "شومان": شيخ الأزهر يوجه لجنة المصالحات الثأرية بإعداد مذكرة لتخفيف عقوبة أخبار

إعلان

رمضانك مصراوي

المزيد دراما و تليفزيون محمد رمضان يقُبل "رأس ويد" سيدة جاءت لزيارة نجلها في المستشفى ويهديها 100 سفرة رمضان 7 فئات ممنوعة من تناول الفول في السحور.. يسبب مخاطر صحية كارثية أخبار وتقارير 10 صور.. مائدة إفطار عالمية بالأزهر في أول أيام شهر رمضان 2025 جنة الصائم ليه أغلب أهل النار من النساء؟.. علي جمعة يجيب أول أسئلة برنامجه «نور الدين دراما و تليفزيون إياد نصار يفجر مفاجأة.. رفضت التمثيل أمام ممثل إسرائيلي

هَلَّ هِلاَلُهُ

المزيد دراما و تليفزيون محمد رمضان يقُبل "رأس ويد" سيدة جاءت لزيارة نجلها في المستشفى ويهديها 100 سفرة رمضان 7 فئات ممنوعة من تناول الفول في السحور.. يسبب مخاطر صحية كارثية أخبار وتقارير 10 صور.. مائدة إفطار عالمية بالأزهر في أول أيام شهر رمضان 2025 جنة الصائم ليه أغلب أهل النار من النساء؟.. علي جمعة يجيب أول أسئلة برنامجه «نور الدين دراما و تليفزيون إياد نصار يفجر مفاجأة.. رفضت التمثيل أمام ممثل إسرائيلي

إعلان

أخبار

شيخ الأزهر: الحوار الإسلامي أطلق محاولة لتشكيل "وحدة علمائية" ورؤية مشتركة بين الشعوب

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك صحتك في رمضان| 4 علامات تشير إلى إصابتك بمرض السكري والكوليسترول حالة الطقس.. ارتفاع الحرارة وتقلبات جوية بنهاية الأسبوع دراما وتليفزيون| أول منشور من ياسمين عبدالعزيز بعد حديث أحمد العوضي عنها مع رامز جلال الخريطة الكاملة.. مواعيد عرض مسلسلات رمضان 2025 على جميع القنوات (مُحدث) 23

القاهرة - مصر

23 13 الرطوبة: 39% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الهوية الثقافية في ظل المتغيرات
  • مؤشرات الضعف التدريجى للذراع الأيمن لقهر الشعوب “ الإمبريالية الأمريكية”
  • لو بتشرب سجاير .. 5 خطوات للإقلاع عن التدخين نهائيا
  • لماذا توقفت الحياة في تركيا للاستماع إلى بيان أوجلان؟
  • شيخ الأزهر: الحوار الإسلامي أطلق محاولة لتشكيل وحدة علمائية ورؤية مشتركة بين الشعوب
  • رمضان 2025.. بين أمل الشعوب وألم الفقد في غزة وسوريا والسودان
  • برج الميزان حظك اليوم السبت 1 مارس 2025.. ابحث عن التوازن
  • ليلة ألقى أوجلان بندقيته.. تداعيات إقليمية وأشياء حدثت خلف الكواليس
  • حزب صوت الشعب يستنكر بشدة تواصل الحملة العدائية والتصعيدية التي تخوضها فرنسا ضد الجزائر
  • مسيحيو سوريا.. حق فرنسا الذي تريد به باطل