صحيفة التغيير السودانية:
2024-07-05@09:57:31 GMT

انقلابات أفريقيا: ابحث عن فرنسا

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

انقلابات أفريقيا: ابحث عن فرنسا

 

انقلابات أفريقيا: ابحث عن فرنسا

د.فيصل محمد صالح

 

فتح انقلاب الغابون جرحاً جديداً في جسد القارة الأفريقية التي ضربتها موجة الانقلابات بشدة في الفترة الأخيرة، حيث بلغ عددها 8 انقلابات في ظرف 3 سنين، تركزت في حزام وسط وغرب أفريقيا، وبتركيز أكبر على المستعمرات الفرنسية السابقة، حيث شملت السودان، تشاد، غينيا، بوركينا فاسو، مالي، النيجر، الغابون.

وعندما يشير الناس إلى فرنسا لا يعني هذا بالضرورة أن فرنسا هي التي دبرت الانقلابات، لكنها طرف حاضر بقوة في معظم هذه الانقلابات، سواء أكانت وراء واحد من هذه الانقلابات، أو أن بعضها الآخر استهدف النفوذ الفرنسي في المنطقة.

ليست خافية المصالح الفرنسية الكثيرة في موارد المنطقة، من البترول والموارد المعدنية المختلفة، للمنتجات الزراعية الرخيصة والمواد الخام التي يتم تصنيعها في فرنسا، وبطبيعة الاستعمار الفرنسي الاستيطاني، فإن النفوذ الفرنسي بعد الاستقلال لم يتقلص كثيراً، فقد صنعت فرنسا في هذه البلدان طبقات سياسية مرتبطة سياسياً وثقافياً واقتصادياً بباريس، يدرس أبناؤها ويقيمون بفرنسا، ولا يأتون إلى بلدانهم إلا ليحكموا، ثم بعد ذلك يقضي بعضهم معظم حياته في فرنسا ويدير البلاد بالريموت كونترول.

ولو أدرنا النظر في ما تبقى من الحكام الأبديين فسنجد أن معظمهم مرتبط بفرنسا ويتمتع بدعمها وتأييدها، من رئيس الكونغو دينيس ساسو نجيسو الذي يحكم منذ عام 1979، وغاب لفترة رئاسية واحدة، ثم عاد عام 1997 ولا يزال يحكم، ثم ثيودور أوبيانج أونجيما الذي يحكم غينيا الاستوائية منذ عام 1979، وبول ببا الذي يحكم الكاميرون منذ عام 1982، وفور أياديما غناسينغبي الذي يحكم توغو منذ عام 2005.

في حالة الغابون التي وقع فيها الانقلاب العسكري يوم الأربعاء الماضي، فإن أسرة بونغو ورثت البلاد والعباد، وحكمت لمدة 56 عاماً، بدأها الرئيس عمر بونغو، وبعد وفاته خلفه ابنه علي بونغو الذي أعلنت لجنة الانتخابات قبل أيام فوزه في الانتخابات الرئاسية بنسبة 64.27 في المائة. بعيداً عن الوراثة والاحتكار وقصص الفساد، فإن الرئيس علي بونغو أصيب بجلطة وشلل وغاب عن البلاد 14 شهراً تحت العلاج، وعاد ليترشح ويفوز بالانتخابات التي قالت بعثات المراقبة الدولية من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إنها تفتقد معايير الحرية والنزاهة المطلوبة.

وجود أنظمة وراثية فاسدة تجد دعماً فرنسياً ودولياً أثار غضب كثير من الشعوب وأثار حنقها وعداءها لفرنسا، وفي كل بلد أفريقي لا يزال هناك ضباط طامعون في السلطة وقادرون على مغازلة طموحات ورغبات الشعوب وإقناع الناس أن السبيل الوحيدة للتخلص من الحكام الفاسدين هو الانقلاب العسكري، رغم أن تاريخ الانقلابات في أفريقيا لا يقل سواداً عن تاريخ الأنظمة الوراثية. ومثلما استثمر الحكام الأبديون في تقوية العلاقات مع فرنسا لضمان بقائهم في السلطة، فإن الأنظمة الانقلابية الحالية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغيرها تستثمر في العداء لفرنسا، وتقدم خطاباً شعبوياً جاذباً للجماهير، وخادعاً لها بالتأكيد، وإن كان خداعه لا يظهر الآن.

وللسبب نفسه، فإن دولاً أخرى دخلت اللعبة، مثل روسيا، التي بدأت أيضاً في الاستثمار في روح العداء لفرنسا وتغذيتها لدرجة أن هذه الشعوب المقهورة تخرج في مظاهرات مؤيدة للانقلابات وترفع علم روسيا وصور زعيم «فاغنر» المغدور به يفغيني بريغوجين، وكأنه هو مخلص الشعوب.

مرت فرنسا بحركة تغيير ضخمة حين انتخبت الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون عام 2017، ثم أعقبت ذلك انتخابات نيابية قبل وقتها، وأخرجت أكثر من 70 في المائة من الطبقة السياسية القديمة لصالح وجوه جديدة، لكن هذا التغيير لم ينعكس على سياسة فرنسا الخارجية وعلى علاقاتها بمستعمراتها السابقة والطبقة السياسية الحاكمة، وهي الآن تجني ثمار الفشل والعجز عن قراءة التغيرات الكبرى في العالم وفي أفريقيا.

الخطوة الأولى في تغيير هذه الصورة هي تفهم فرنسا لرغبات وطموحات الشعوب، ثم رفع يدها عن دعم الحكام الطغاة، والاستثمار في العلاقات مع الشعوب الأفريقية واحترام رغباتها، عند ذلك قد يتلاقى هذا التغيير مع حركة وعي جماهيرية أفريقية تعرف أن هناك طرقاً ووسائل للتغيير غير الانقلابات العسكرية.

رغم ما قلناه عن الدور المحوري لفرنسا في معظم هذه الانقلابات، معه أو ضده، فإنه بالتأكيد توجد عوامل أخرى تتسبب في حالات الانقلابات وعدم الاستقرار في القارة البكر، منها كما ذكرنا طموحات القيادات العسكرية التي لا تشبع من السلطة، ثم سيادة روح القبلية والجهوية والعنصرية التي تجهض محاولات التحول الديمقراطي، مثلما حدث في النيجر التي وصل الرئيس محمد بازوم، وهو من الأقلية العربية، للسلطة فيها عبر عملية ديمقراطية مشهود لها، لكن لم يرضِ هذا الأمر بعض المجموعات الأخرى في البلاد، فدبرت الانقلاب، ثم وفرت له قاعدة شعبية قبلية بالأساس.

يبدو أن طريق الديمقراطية والحريات العامة والعدالة والسلام والتنمية المتوازنة في أفريقيا لا تزال بعيدة، لكنها ليست مستحيلة، ببساطة لأنه لا توجد طريق بديلة.

 

الوسومإنقلاب عسكري الغابون النيجر فرنسا فيصل محمد صالح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إنقلاب عسكري الغابون النيجر فرنسا

إقرأ أيضاً:

ثروت الخرباوي: منتخب العالم للإرهاب يرتدي العالم ثياب الإسلام ويتسلل لإفريقيا

تحدث الدكتور ثروت الخرباوي المفكر والكاتب، عن تسلل الإرهاب إلى دول أفريقيا وذلك بعد ان تم محاصرة تلك الإرهاب من قبل مصر ودول الخليج وعدد من دول العالم والشرق الأوسط، مؤكدًا أن منتخب العالم للإرهاب والتطرف الذي يرتدي العالم ثياب الإسلام دخل في أفريقيا.

خطر الإرهاب

وشدد “الخرباوي”، خلال حواره ببرنامج “الخلاصة”، الذي تقدمه الإعلامية هبة جلال، على قناة “المحور”، أن مصر أمن قومي بالنسبة إلى قارة أفريقيا، وبالتالي، فقد أصبحت الدولة المصرية معرضة لخطر داهم من وجود هذه الجماعات والقواعد العسكرية الغربية، منوهًا بأنه ينبغي أن يكون هناك وعي ليس في مصر فقط مثلما كنا ننشر من قبل الثقافة والعلم والمعرفة في أفريقيا وكانت تذهب الكثير من البعوث الأزهرية في أفريقيا.

وتابع ثروت الخرباوي، :"الآن نريد هذا الوجود القوي لأننا عنصر قوي وفاعل في القضاء على التطرف والإرهاب".
 

وأكد الدكتور ثروت الخرباوي، المفكر والكاتب، أن ملف الإرهاب هو واحد من الملفات التي تأتي في منتهى الاهمية؛ لأن الإرهاب يتسلل ولا يباغت وكان قد حوصر من قبل في الخليج ومصر ودول كثيرة.

تصريحات ثروت الخرباوي

وشدد “الخرباوي”، خلال حواره ببرنامج “الخلاصة”، الذي تقدمه الإعلامية هبة جلال، على قناة “المحور”، على أنه بعد محاصرة الإرهاب في مصروالخليج والعديد من دول العالم أخذ يتسلل إلى أفريقيا، مضيفًا: “عندما أنشئت بوكو حرام او تسللت جماعات إرهابية متطرفة، لم يكن هناك هدفا إلا السيطرة والاستحواذ على مناطق الصراعات، إذ إن أفريقيا قارة بكر بها الكثير من الثروات التي لم يستطيع أحد الوصول إليها”.

وأشار إلى أنه أصبح هناك قواعد عسكرية لكثير من الدول الكبرى في جيبوتي وغيرها من الدول الافريقية بعدما أحدثت الجماعات الإرهابية الفتن والصراعات الإثنية وكان ذلك مبررا للدول الكبرى لتتدخل بقواعدها في البداية تحت مظلة الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام.

مقالات مشابهة

  • أوليفر إيغلتون يكشف رئيس وزراء بريطانيا القادم.. كيف يتوقّع له أن يحكم؟
  • وقفات في ذمار تنديداً باستمرار المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين
  • السقوط المخيف.. صحف غربية تتوقع انقلابا سياسيا في فرنسا
  • صحف غربية تتوقع انقلابا سياسيا في فرنسا.. السقوط المخيف
  • ذمار.. وقفات شعبية تنديداً باستمرار المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين
  • الصحافة الأجنبية تشير إلى نهاية عهد ماكرون وتتوقع زلزالا سياسيا
  • ثروت الخرباوي: منتخب العالم للإرهاب يرتدي العالم ثياب الإسلام ويتسلل لإفريقيا
  • وقفات تضامنية في مدينة ذمار نصرة للشعب الفلسطيني
  • طريق بري بين إثيوبيا وجنوب السودان يكلف 738 مليون دولار
  • مدرب بلجيكا يعلق على الخروج المبكر من يورو 2024