أقامت المنظمة العالمية لخريجى الأزهر الشريف فرعي الغربية وجنوب سيناء محاضرة توعوية بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم بمحافظة جنوب سيناء في إطار جهود القافلة الدعوية لفرع المنظمة بالغربية وفعاليات أعمالها الدعوية والتوعوية بمدينة الطور

بدأ الحفل بتلاوة قرآنية لفضيلة الشيخ محمد عبد الموجود وكيل وزارة الأوقاف الأسبق ومشرف عام مسجد السيد البدوي وعضو مجلس نقابة القراء الجمهورية، وقدم الندوة الشيخ عبد المنعم زكريا مدير شؤون القرآن بجنوب سيناء

وتحدث فضيلة الشيخ سعيد خضر رئيس الإدارة المركزية لمنطقة جنوب سيناء ورئيس فرع المنظمة مرحبًا بوفد المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالغربية برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور سيف رجب قزامل رئيس فرع المنظمة مثمناً جهود الفرع في نشر الفكر الوسطي المستنير ومحاربة الأفكار والظواهر السلبية، التي تهدد أمن وسلامة المجتمع ودعم قيم الولاء والإنتماء لدى الشباب، والتعاون المثمر مع فرع جنوب سيناء لتنفيذ عدد من القوافل التي تهدف إلى تحقيق رسالة الأزهر الشريف في خدمة قضايا المجتمع والشباب وحفظ الدين وتحقيق مقاصد الشريعة السمحاء.

وتحدث فضيلة الأستاذ الدكتور سيف رجب قزامل رئيس فرع خريجى الأزهر بالغربية والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بطنطا وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن فضل العلم في بناء الأمم ومنزلة العلماء عند الله سبحانه وتعالى مشيراً إلى قوله تعالي (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً" (النساء: 113)، ومتن الله على عباده إذ بعث فيهم من يعلّمهم إياها فقال: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 151)، وقال تعالى (يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ ﴾ (المجادلة: 11) وقال تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ"(الزمر:9) وَعَنْ أَبي الدَّرْداءِ، قَال: سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ، يقولُ: منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ. رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ. وعلينا أن نحصن أولادنا بالعلم والأخلاق وحسن التربية من أجل رضي الله عزوجل وتوفيقه لهم في مستقبلهم ليكونوا افراداً نافعين لأنفسهم وأسرهم ووطنهم.

وقال الأستاذ الدكتور ناصرالنشوي استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بطنطا أن الكلمةمسؤولية عظيمة، فكم من كلمة أفرحت وأخرى أحزنت، وكم من كلمة فرقت وأخرى جمعت، وكم من كلمة واست جروحا، وأخرى نكأت وأحدثت حروقا وعلينا بتقوي الله ومراقبة مايخرج من سيء الأقوال، وبذيء الألفاظ قال: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ (الأحزاب: 70، 71) وعلى المعلم ان يغرس في عقول تلاميذه القيم والأخلاقيات المثلى وحب العلم والمعرفة والإنتماء لهذا الوطن الذي ينهض بسواعد أولاده وعلماءه في كل مكان وزمان.

وأشارت الأستاذة الدكتورة بديعة الطملاوي استاذ الفقه المقارن والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية عضو خريجي الأزهر بالغربية أن للأم دورا عظيما في بناء الأسرة وتحقيق السلم والأمن المجتمعي، والتاريخ لم يعرف ديناً ولا نظاماً كرم المرأة باعتبارها أماً وزوجة وبنتاً كما فعل الإسلام والذي انصفها وأعلى من شأنها واعطاها من الحقوق والمكان مالم تعطها إياها الحضارات والثقافات الغربية والمنظمات الحقوقية الدولية عبر التاريخ القديم والمعاصر، وأقر تعالى بالإحسان إليهما في قوله عز وجل.. "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ "الأنعام 151"فهي المدرسة الأولى التي تؤثر في النشأ، فدورها لا ينتهي عند كونها نصف المجتمع، بل يمتد إلى النصف الآخر، فإذا صلحت الأم صلحت الأسرة والمجتمع، وإذا فسدت فسدت الأسرة والمجتمع فهي الحاضنة لأبنائها والمؤتمنة عليهم.

وهي قدوة الأجيال، لذا اهتم بها زوجة وأماً، بأن تكون صالحة ذات الأصل الطيب فالمرأة المسلمة الواعية أساس المجتمع فهي مؤثرة ومتأثرة به ولها مكانتها في المجتمع الذي يدعوا إلى الحفاظ على الكليات الخمس وهي: حفظ الدين، والعقل، والنسب، والنفس، والمال، والتاريخ الإسلامي يذخر بالعالمات الفقيهات، والطبيبات، والأديبات وغيرهن في كل مجال: كالسيدة خديجة رضي الله عنها والسيدة عائشة والسيدة أم سلمة والسيدة نسيبة بنت كعب، والخنساء، وتماضر الشاعرة، والسيدة أم سليم بنت ملحان، أم أنس بن مالك خادم رسول الله، والسيدة صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله وابنها الزبير بن العوام حواري رسول الله وغيرهن كثير كان لهن الأثر البارز في الحياة الأسرية والإجتماعية، ، فالواجب علي كل زوجة مراعاة حقوق زوجها وأسرتهاوأن تحفظ أسراره وأن يكون هناك حواراً وموده ورحمة ومسئولية مشتركة بين الزوجين للحفاظ علي ديمومة الحياة الزوجية.

وقال الدكتور حسن محمد عيد مدرس الفقة المقارن بشريعة طنطا عضو خريجي الأزهر بالغربية ان الاهتمام بالتربية والتعليم من المبادئ العظيمة التي اهتم بها الإسلام ودعا إليها. وقد أكد القرآن الكريم على أهميتهما وأشار في عدد من الآيات إلى ذلك. فكانت اولى آيات القرآن المنزلة على الرسول خمس آيات من سورة العلق تتحدث حول قراءة العلم والتعليم. كما ان الله يقسم في سورة القلم بالقلم إلماعاً إلى مكانة القلم والكتابة في الإسلام: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) فان الدين الإسلامي هو دين العلم والتعلم للقضاء على الجهل الذي كان سائدا في العصر الجاهلي، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه على تحمل المسئولية، لقد كان لا يدع فرصةً للتعليم إلا اغتنمها، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كنت يومًا خلف النبي على الدابة، فقال: (يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك.. ) الحديث رواه الترمذي وهذا كان النهج النبوي في التربية والتعلم المبنى على الحوار والإحتواء والفهم والعناية بالشباب والتوجيه والإرشاد وإعدادهم لمواقف الحياة.

وأكدالدكتور محمد عقل وكيل وزارة التربية والتعليم بجنوب سيناء على اهتمام الدولة بالتعليم والتدريب وتحقيق رؤية مصر الجديده ٢٠٣٠ وتنميةمهارات التعلم الذاتى وإكساب الطالب المهارات التي تساعده فى تكون شخصية متعلمه باحثه ومتفتحه تتكيف مع كل التطورات والقفزات التكنولوجيه السريعة وعصر الإنترنت والسماوات المفتوحة والتي تتطلب برامج وتدريبات لثقل الطلاب والحفاظ على الهوية والثوابت الدينية، شارك في اللقاء عدد من قيادات التربية والتعليم بجنوب سيناء والأستاذ أحمد حميد مدير إداري بأفرع المكاتب الداخلية لخريجي الأزهر، الأستاذ سعيد صقر منسق عام بفرع الغربية، الأستاذه راجيه موسى المنسق الإداري لفرع المنظمة بالغربية، د.علاء عبد العظيم منسق إداري فرع جنوب سيناء، الأستاذ طارق محمود منسق عام بفرع جنوب سيناء، الأستاذه أمل الشوربجي عضو خريجي الأزهر ولفيف من العاملين بتعليم جنوب سيناء.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: تعليم جنوب سيناء المنظمة العالمية لخريجي الأزهر التربیة والتعلیم الأزهر بالغربیة خریجی الأزهر جنوب سیناء

إقرأ أيضاً:

بين التربية والرعاية يتجلّى بناء الأجيال

 

 

سلطان بن ناصر القاسمي

كانت تلك الأوقات من أجمل ما عشته، عندما اجتمعت مع جيرانٍ أحبّة في أجواء من المرح والبهجة، حيث كنا نتشارك أحاديث الأخوّة وننهل من دروسٍ عفوية تلقيها علينا خبرات الحياة. من بين تلك الجلسات، كانت هناك لحظات مميزة، حيث انبرى أحد الآباء ليحدثنا عن الفرق بين التربية والرعاية. بحديثه العميق والعفوي، جعلنا نتأمل في معاني هذه المصطلحات التي كثيرًا ما نستخدمها دون إدراك الفرق الدقيق بينهما.

في البداية، لا بد أن نوضح المفهومين بمزيد من الدقة. فالتربية، كما يمكن تعريفها، هي العملية التي يسعى من خلالها الأهل إلى تهيئة بيئة آمنة تُساعد أبناءهم على التكيف مع المجتمع الذي يعيشون فيه بعاداته وتقاليده. إنها تشمل تعزيز المهارات، وترسيخ القيم، وصقل الشخصية ليتفاعل الأبناء بوعي وثقة مع محيطهم. أما الرعاية، فهي تتعلق بتوفير متطلبات الحياة الأساسية، من مأكل وملبس ومسكن، بما يضمن حياة صحية وكريمة لأفراد الأسرة.

وحين نعود لتلك الجلسة الدافئة، نجد أن ذلك الأب المربي لم يكن يحمل شهادات أكاديمية عليا في التربية، لكنه كان خريج "مدرسة الحياة العمانية الأصيلة". كانت القيم والعادات والتقاليد هي معلمه الأول، فانعكست خبراته على أبنائه الذين بدوا كأنهم نتاج فلسفة تربوية متعمقة. من خلال كلماته ومواقفه، أدركنا أنه يرى التربية ضرورة اجتماعية لا يمكن إغفالها، خاصة في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تُعرف بـ"السمت العماني". كان لأبنائه سلوكيات راقية، ومواقف اجتماعية نبيلة، تنم عن استثمار عميق في غرس قيمٍ تستحق الإشادة.

إن التربية ليست مجرد تدريب الأبناء على السلوكيات الإيجابية أو تعريفهم بالعادات والتقاليد؛ إنها بناء متكامل يبدأ من الصغر، حيث يتعلم الأبناء التمييز بين الصواب والخطأ، والتعامل مع الحياة برؤية واضحة. أما الرعاية، فهي مكمّلٌ لهذه العملية، تتجلى في توفير الاحتياجات اليومية من طعام ولباس، والاهتمام بالمظهر العام، وضمان بيئة مستقرة. هنا يأتي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم ليجسد مفهوم الرعاية بوضوح: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته..."، ليشمل الحديث جميع جوانب الرعاية، من الأدوار الأسرية إلى المسؤوليات المجتمعية. ولكن ما هي التربية في جوهرها؟ يمكن تلخيصها في خمسة محاور رئيسية:

أولًا: بناء القناعات: تعد القناعات البنية الأساسية التي تشكل رؤية الإنسان للعالم وتوجهاته في الحياة. يبدأ بناء هذه القناعات منذ السنوات الأولى من عمر الطفل، حيث يكون للآباء الدور المحوري في غرس القيم والمبادئ التي ستشكل شخصيته. إن غرس قناعات راسخة لا يعني فرض الآراء بقدر ما يعني تقديم نموذج يحتذى به، والحديث مع الأبناء بطريقة تحفزهم على التفكير والتساؤل. على سبيل المثال، يمكن للوالدين تعزيز قيمة الصدق عبر مواقف يومية تعكس هذه القيمة، مما يجعلها جزءًا أصيلًا من منظومة القناعات لدى الطفل. إضافة إلى ذلك، يُسهم التعليم والتثقيف في توسيع آفاق الطفل وتعريفه بمفاهيم الحياة المختلفة، مما يعزز لديه فهمًا أعمق للمبادئ والطموحات التي يجب أن يسعى لتحقيقها.

ثانيًا: توجيه الاهتمامات: يعد توجيه اهتمامات الأبناء نحو أنشطة مفيدة خطوة أساسية في تطويرهم. فالأطفال يمتلكون طاقة كبيرة تحتاج إلى التوجيه الصحيح حتى لا تُهدر في أمور غير مثمرة. يمكن للوالدين تقديم بدائل إيجابية لأوقات الفراغ مثل الرياضة، القراءة، والأنشطة الفنية، مع الحرص على معرفة ميول الطفل ودعمها. ومن المهم أن يتم هذا التوجيه بطريقة تشجع الطفل على اكتشاف شغفه الخاص، وليس بطريقة تفرض عليه اهتمامات بعينها. على سبيل المثال، إذا كان الطفل مهتمًا بالرسم، يمكن دعمه من خلال توفير الأدوات المناسبة وتشجيعه على المشاركة في ورش عمل تُنمي مهاراته. إن التوازن بين التوجيه والتشجيع الذاتي يضمن أن يصبح الطفل قادرًا على استثمار وقته فيما يفيده على المدى الطويل.

ثالثًا: تنمية المهارات: تمثل المهارات بأنواعها المختلفة (العقلية، الرياضية، الفنية، الاجتماعية، الإدارية) أحد الأعمدة الأساسية في بناء شخصية الإنسان وتمكينه من مواجهة تحديات الحياة. هنا، يظهر دور الآباء في توفير بيئة تحفز النمو الطبيعي لتلك المهارات. على سبيل المثال، يمكن تنمية المهارات العقلية من خلال تشجيع الطفل على حل الألغاز أو قراءة القصص التي توسع مداركه. أما المهارات الاجتماعية، فيمكن صقلها من خلال توجيهه للمشاركة في الأنشطة الجماعية التي تعزز مفهوم التعاون والاحترام المتبادل. ومن الجدير بالذكر أن تنمية المهارات تتطلب الصبر والمثابرة؛ حيث إن تطوير أي مهارة يحتاج إلى وقت وتكرار. علاوة على ذلك، يجب أن يكون الوالدان قدوة في الاستفادة من مهاراتهما، لأن الأطفال يتعلمون بشكل كبير من خلال الملاحظة.

رابعًا: فهم قواعد العلاقات: إن فهم الأبناء لطبيعة العلاقات الاجتماعية يعد من أهم الفنون التي يجب أن يتقنوها منذ الصغر. يبدأ ذلك من خلال تعلم كيفية اختيار الأصدقاء، والتمييز بين العلاقات الإيجابية والسلبية. هنا يأتي دور الآباء في توجيه أبنائهم بأسلوب حكيم وداعم، حيث يمكنهم أن يوضحوا أهمية الصداقة الحقيقية التي تبنى على الاحترام المتبادل والمساندة. إضافة إلى ذلك، يجب أن يتعلم الأبناء كيفية إدارة الخلافات داخل العلاقات، سواء بحل النزاعات بطرق ودية أو باتخاذ قرار بإنهاء العلاقة إذا كانت تضر بمصالحهم. إن توضيح هذه القواعد يمنح الأبناء الأدوات اللازمة لبناء شبكة اجتماعية داعمة تساندهم في مختلف مراحل حياتهم.

خامسًا: اختيار القدوات: اختيار القدوة المناسبة هو أمر في غاية الأهمية لأنه يحدد الإطار الذي يسعى الأبناء لتشكيل شخصياتهم من خلاله. يجب أن يتعلم الأبناء أن القدوة ليست بالضرورة شخصية مشهورة، بل يمكن أن تكون شخصًا عاديًا يتميز بأخلاقه، علمه، أو إنجازاته. يمكن للآباء مساعدة أبنائهم في هذا الجانب من خلال تسليط الضوء على شخصيات تاريخية أو معاصرة لها تأثير إيجابي، مع توضيح سبب اختيار هذه الشخصيات. كذلك، من المهم أن يفهم الأبناء أن القدوة لا تعني التقليد الأعمى؛ بل الاستلهام من الصفات الجيدة والعمل على تطويرها بما يتناسب مع شخصياتهم. إن اختيار القدوات يشكل رؤية الأبناء للأهداف التي يطمحون لتحقيقها والطريق الذي يسلكونه في حياتهم.

هذه المحاور الخمسة هي جوهر التربية، فهي التي تشكّل العقول وتصقل النفوس، وتُبنى عليها القيم والمبادئ التي تُرسي دعائم حياة الأبناء. أما ما عداها فهو رعاية تُعنى بتوفير احتياجات الجسد، ويمكن تفويضها للآخرين عند الضرورة. لكن التربية أمرٌ لا يُفوض ولا يُنقل، فهي أمانة عظيمة وواجب أصيل يقع على عاتق الأب والأم في المقام الأول، يعاونهم فيها المربون المخلصون.

وأخيرًا.. إنَّ التربية هي الرسالة التي يتركها الآباء في أبنائهم، فهي الأثر الذي لا يمحوه الزمن، والإرث الذي يمتد نفعه إلى الأجيال القادمة، فبها يُصنع الإنسان الذي يعانق المجد ويساهم في بناء المجتمع برؤية صائبة وروح ملهمة.

مقالات مشابهة

  • «أوقاف شمال سيناء» تعقد 53 ندوة علمية في المساجد حول «الإسراء والمعراج»
  • مكانة المرأة في الإسلام.. ندوة لـ”خريجي الأزهر” بالمنيا
  • بين التربية والرعاية يتجلّى بناء الأجيال
  • محافظ جنوب سيناء يوجه الشكر لشيخ الأزهر لدعم أبناء المحافظة عن طريق بيت الزكاة والصدقات
  • فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر يستقبل محافظ جنوب سيناء لبحث سبل التعاون
  • مركز الأزهر العالمي للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك مُحرَّم
  • الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق
  • الأزهر للفتوى يوضح مدى حرمانية الغش في الامتحانات
  • "خريجي الأزهر" بمطروح تشارك الرقابة الإدارية في ندوة الوقاية من الفساد
  • الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانا مُحرَّم ويؤثر على مستقبل الأمة