ما زال المثل الشائع الذي يقول : (سُلطة للساق و لا مال للخناق) يسيطر على الكثيرين من الذين تفسحوا و وجدوا ضالتهم في كراسي المؤسسات العامة الدستورية ، التشريعية و التنفيذية ، و بإتحاد هذا المثل مع المثل الشعبي الآخر الذي يقول : (فلان عمدة من غير أطيان) ، فإننا نجد أن هنالك درجة من التعاضد بين المثلين في الحالة السودانية ، و التي تتميز بالرغبة الجامحة و الحماس الزائد لامتلاك القرار و إبراز النفوذ و إظهار القوة و بسط السيطرة و أحياناً تكون هذه السلطة ضعيفة كالمكيف الخربان تصدر إزعاجاً بدون برودة و لكنها من الناحية الشكلية و الإجرائية موجودة ، و من البديهيات أن هذا الأمر يعد من أخطر أنواع أمراض النفوس التي تسيطر عليها شهوة التملك و نيل كل شيء و بأي وسيلة كانت و إن كان ذلك في حساب المعدوم .

في الحالة السودانية نجد ان معظم الذين يتحكمون في القرار متعطّشين جداً للسُّلطة لدرجة تفوق حدود الوصف ، الشي الذي جعل الشعب في حالة خوف و ترقب شديدين من المجهول الذي يتمثل في القرار الأهوج الذي يصعب على صانعه تصحيح مساره إذا ظهرت عليه عيوب عند التنفيذ ، و قد أثبتت التجربة العملية أنّ الترهيب بمثل هذه القرارات يعد وسيلة لتحقيق الأهداف الخالية من الموضوعية بصورة أنجع من الترغيب في اصل الموضوع .

أريد أن يخبرني أحدهم عن السبب الذي يجعل إستخراج ورقة بحجم الA4 بمبلغ 60 ألف جنيه ، لماذا يا من وضعت هذا القرار الذي بموجبه تكون رسوم شهادة الميلاد بهذا المبلغ الخرافي الذي لم يراعي فيه الحد الأدنى للأجور ، ماذا يفعل الفقراء و من أين لهم بهذا المبلغ الذي يقف أمامهم كعائق ضخم بحجم جبل أشم ، فمعظم الناس يهربون من إقامة سنة العقيقة (السماية) بسبب الفقر و العوز و لو إمتلك أحدهم هذا المبلغ لأدخل به الفرحة في بيته بإحياء هذه السُنة التي أصبحت مهجورة للظروف التي يعلمها الجميع ، و كما اريد ان أفهم أيضاً لماذا رسوم إصدار الرقم الوطني بواسطة إستدعائه من معلومات مأرشفة في الحاسوب يتجاوز حدود الوطنية نفسها التي بموجبها يتم إستصداره ، أيعقل أن تكون هذه الورقة بمبلغ 35 ألفاً من الجنيهات ، فلماذا دائماً يتم إصدار القرار بكل إهمال و لا يراعي فيه قراءة حالة الشعب ، و فور إصداره ينال درجة من القداسة المفرطة تحصنه من المراجعة و يعتبر و كأنه قراراً منزلاً ، مثل هذه القرارات تتم دائماً برأي فردي و لكن لا يتم رفع حصانتها إلا عبر لجنة … لماذا ؟!! . الله و رسوله أعلم .. فلماذا كل هذا التعنت و هذه الهالة القدسية المحصنة للقرارات المتعلقة بشأن المواطنين و و التي يكون مصدر قوتها هو شهوة السلطة التي تشعر أصحابها بالخيلاء والكبر ، فشهوة الإمارة والسلطة هي شهوة مرتبطة بنوع الشخصية و درجة تقبلها للرأي و الرأي الآخر ، و النقد البناء من أجل المصلحة العامة .

إهمال قرار سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام لقوات الشعب المسلحة و رئيس مجلس السيادة بشأن مراجعة رسوم الجوازات يجعله في خانة (العمدة من غير أطيان) و هذا ينتقص من سيادة الدولة و لن نسمح بأن يكون رئيسنا بهذا الوصف ، و من لم يستجب لهذا القرار ، أو يحاول تأخير تنفيذه ، أو يساعد على ذلك (بالصهينة) على أن يتم تنفيذه على التراخي يريد قتل الرجل معنوياً و هذا (لا يجوز) في حقه ، فمن المؤسف تنكيس التراتبية الهرمية لسيادة الدولة بحجج واهية كتكوين اللجان و التسويف غير المبرر ، فمن المؤكد أن هذه الأفعال ستخصم من شخصية الرئيس الإعتبارية أمام مواطنيه لا محال ، و بالقياس نجد في وقت سابق أن السيد نائب القائد العام و عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي وجه بإلغاء قرار وزير الطاقة الخاص بزيادة أسعار المحرقات مراعاة للأوضاع الانسانية والمالية التي يعاني منها المواطن في كل بقاع السودان بسبب الحرب ، و تم تنفيذ القرار في نفس اليوم و بدون أي تأخير ، يا ترى ما هو الفرق بين قرار المساعد و قرار الرئيس ، و كذلك ما هو الفرق في الإستجابة من عدمها عند الجهازين التنفيذيين … و الله المستعان .

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: عمدة البرهان الحروف همس

إقرأ أيضاً:

حمّاد عبدالله حمّاد – الدندر !!

زار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، يوم أمس الشيخ السوداني الجسور *حمّاد عبدالله حمّاد* في منزله بمدينة الدندر ضمن جولته التفقدية لمناطق متفرقة من ولاية سنار. الزيارة أثارت ردود أفعال متباينة حيث عبّرت منصات تابعة لقوى “صمود” وداعمي مليشيا آل دقلو وغيرهم من الامعات عن استنكارهم للخطوة معتبرين أنها تكريم للإساءة.

غير أن منتقدي الزيارة اختزلوا الموقف في كلمات قيلت تحت تأثير الغضب وتجاوزوا – أو تناسوا عمداً – فداحة ما ارتكبته المليشيا من انتهاكات جسيمة شملت الاغتصاب والتعذيب والقتل والنهب والتهجير وهي جرائم لا يطويها الزمن ولا تمحوها العبارات.

الشيخ حمّاد الذي عرف بمواقفه الرافضة لجرائم المليشيا لم يكن يملك غير صوته يوم دخل الجيش مدينة الدندر محرراً إياها من المرتزقة فصرخ بفرح وغضب وكانت تلك كلماته سلاحه الوحيد في تلك اللحظة. وكم من كلمةٍ غاضبة كانت أبلغ من الرصاص حين تُقال في وقتها!
زيارة البرهان لم تخرج عن إطار اللياقة السياسية والاعتراف الرمزي بأدوار شعبية كان لها أثرها في رفض وجود المليشيا والتصدي لها بكل ما أمكن حتى *بالكلمة*. الرجل لم يطلق ناراً _ لكنه لم يسكت عن الباطل وأمثاله لا يُلامون إن خانهم التعبير تحت وطأة الألم والغيظ.

محاولات التقليل من شأن الزيارة أعطتها زخماً أكبر وجعلت من حمّاد رمزاً للمقاومة الشعبية العفوية. والتحية له على ثباته وشجاعته *وللرئيس البرهان على وفائه*. أما أولئك الذين أغضبتهم كلماته فليتذكروا ما أطلقته ألسنة “الدعامة” من إساءات فظة مستمرة بحق الشعب بأسره ثم يسألوا أنفسهم:
*أفللدعامةٌ غفورٌ رحيم، ولحمّادٌ شديد العقاب؟! مالكم كيف تحكمون؟*
*عبدالله اسماعيل*

25 أبريل 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حمّاد عبدالله حمّاد – الدندر !!
  • شاهد بالفيديو.. خلال مخاطبته مبادرة دعم أسر الشهداء والنازحين.. البرهان يمازح الحاضرين: (نرجو أن يتسع صدر أهلنا وما يبقوا زي حماد عبد الله الذي ضاق صدره وتكلم بما في خاطره)
  • كربلاء المقدسة .. مدينة النور التي أخرست ألسنة التشاؤم وأضاءت دروب الأمل
  • عمدة مونبولييه الفرنسية يرفع العلم الوطني من قلب الصحراء المغربية
  • عمدة مونبلييه يحل بالداخلة في إطار تعزيز الشراكة الفرنسية المغربية ودعم مغربية الصحراء
  • عمدة كييف: قد نضطر للتنازل عن أجزاء من أراضينا كجزء من اتفاق سلام مع روسيا
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • الخطُّ العربيُّ.. الجماليّاتُ الفلسفيَّة والسحرُ الخفيّ
  • وزير السياحة والآثار يبحث التعاون المشترك مع نائب عمدة بلدية شنغهاي
  • ترامب يعلنها ويجدد المخوف.. العد التنازلي بدأ للدول التي لم تتوصل لاتفاق تعرفة مع أمريكا